تحقيق - نشوة الشربيني - اشراف: نادية صبحى 21 ألف شائعة فى 3 أشهر فقط.. ومطالبات بحماية العقول والمصالح من مخاطر «مواقع التواصل» تطوير الأساليب الرقابية «ضرورة» لعودة الأمان المعلوماتى وترسيخ دولة القانون 21 ألف شائعة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى، خلال فترة ال 3 أشهر الماضية، بهدف إثارة البلبلة والقلاقل داخل المجتمع.. هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن التحدى الأخطر الذى واجهته مصر مؤخراً، خصوصاً بعدما اشتمل على الكثير من الأعمال الإجرامية والجنائية، والتى أصبحت أكثر تنظيماً، جاءت ذلك أثناء حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية والاحتفال بثورة 23 يوليو. وتنوعت الجرائم ما بين التشهير والإساءة للسمعة وتلفيق الجرائم اللاأخلاقية وترويج الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والأفكار المضللة أو الهدامة للمجتمع، والتهجم على الآخرين وإشاعة الكراهية بين الشعوب، والدعوة للخروج على الثوابت المجتمعية، وتكدير السلم والأمن الاجتماعى، وقد تزايدت خطورة هذه الشائعات مع التأثيرات السريعة والتغيرات المتلاحقة التى تحدثها هذه الشبكات على مستخدميها، لتتحول إلى أداة للهدم والتخريب، وهو ما يؤرق الوطن ويهدد أمنه واستقراره، ويعرقل مسيرة التنمية المستدامة. وتعتبر هذه الأفعال جرائم يعاقب عليها قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، فى مواده ال 45، المقدم مؤخراً من الحكومة، ووافق على صدوره مجلس النواب الحالى، ويحاكم بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن عامين، ولا تجاوز خمسة أعوام، وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى، أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير، لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه. كما شمل القانون التزامات مهمة، منها مراعاة حرمة الحياة الخاصة، وأن يلتزم مقدمو خدمات تقنية المعلومات ووكلاؤهم وموزعوهم التابعون لهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على بيانات المستخدمين، وأيضاً المحافظة على سرية البيانات التى تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، أو أية بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التى يدخل عليها المستخدمون أو الأشخاص والجهات، وتأمين البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها وعدم اختراقها أو تلفها. وتضمن القانون الإجراءات والقرارات الصادرة بشأن طلبات حجب المواقع، حيث نص على أن لجهة التحقيق المختصة متى توافرت لديها أدلة على قيام موقع يبث من داخل الدولة أو خارجها بوضع أية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية أو ما فى حكمها، تعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون وتشكل تهديداً للأمن القومى أو تعرِّض أمن البلاد، أو اقتصادها القومى للخطر أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث. واشتملت الجرائم المنصوص عليها فى القانون أيضاً القيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة. وربما كان أكثر الأسئلة إلحاحاً هو: إلى أى مدى سيؤثر القانون الجديد بشكل إيجابى فى معالجة جرائم الإنترنت المنتشرة بصورة مقلقة داخل المجتمع.. ومتى ستتوقف؟! إننا نحتاج إلى الإسراع فى تفعيل قانون مكافحة جرائم الإنترنت، وذلك بالاستفادة من التجارب الناجحة لدول الخليج وأمريكا، فى شأن عودة الانضباط الإلكترونى. محمد عبدالفتاح: هيبة الدولة تبدأ بعودة «الانضباط» الإلكترونى الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم الاجتماع السياسى، ومدير معهد إعداد القادة سابقاً بجامعة عين شمس، يرى أهمية عودة الرقابة على وسائل الإنترنت، وتغليظ العقوبات على مرتكبى الجرائم المدبرة، لما تؤثر تأثيراً مباشراً على أمن وسلامة المواطن، وأيضاً تضر بالمصالح العامة والخاصة للجميع، ما يشكل خطورة كبيرة، مع الحرص على ثبات القيم الأخلاقية والمثل العليا وصحوة الضمير، واعتدال العقل البشرى والإحساس بالواجب والقوانين الملزمة، وتدعيم العلاقات الإنسانية والاجتماعية المنضبطة، واستخدام التقنية الحديثة فى المعرفة والتحليل والإبداع والابتكار والتقدم، والبعد عن الأفعال المجرمة والمخربة، حتى تنصلح حال الأمة. شريف الوردانى: مكافحة التطرف الفكرى وحماية البرمجيات النائب شريف الوردانى، أمين سر لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، قال: إن شبكة الإنترنت تحوى فى طياتها المفيد أكثر من الضار، وهنا يجب إرشاد الأبناء للاستفادة منها بشكل إيجابى لما يضم نشر العلم النافع، والاستفادة منه فى الأبحاث العلمية، والإعلان عن محاضرات العلماء والمتخصصين ومتابعتها عبر الإنترنت، لإتاحة المعلومات بلا حدود، والتعرف على أحدث التقارير والدراسات والإحصاءات فى شتى المجالات، وسهولة التواصل بالعلماء لأخذ الفتوى عنهم والاستنارة بآرائهم. وأضاف - أمين سر لجنة حقوق الإنسان - أن الأفعال الإجرامية انتقلت من الشارع إلى العالم الافتراضى نظراً لعدم وجود رقيب، حيث يلجأون إلى مواقع التواصل الاجتماعى لنشر الشائعات والتشهير عن طريق استخدام أسماء وحسابات وهمية، وهو ما يزيد من خطورة المشكلة. وطالب - أمين سر لجنة حقوق الإنسان - بتطبيق القانون الرادع على مثل هؤلاء، وفقاً لقانون «مكافحة الجرائم الالكترونية»، الذى لم يغفل مثل هذه الجرائم. مشدداً على ضرورة وجود جهة محايدة تتولى مسئولية إصدار التصريح بمراقبة هؤلاء بعد توافر أدلة كافية على تورطه فى قضايا ضد الأمن القومى. سعيد اللاوندى: «مواجهة المخاطر» تنتظر الوعى والعقوبة معاً الدكتور سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يؤكد ضرورة تفعيل صيغة واضحة لرصد وتتبع مثيرى الفتن والقلاقل فى المجتمع واكتشاف التهديدات من دون خرق خصوصية المواطن، والتى هدفها الإخلال بأمن المواطن والمجتمع، كما يجب إعادة الاعتبار للمفاهيم الثقافية والسلوكية والفكرية بشكل جاد وعاجل، وبالتالى المتابعة والمراقبة الإلكترونية أصبحت أمراً ضرورياً فى المرحلة المقبلة، خاصة مع تفاقم الجرائم الإلكترونية، بما يتفق مع هذه المتغيرات الحالية، حتى يمكن مواجهة الأفكار المضللة والمغلوطة، ومكافحة جرائم التسلل والتطرف السلوكى، وعودة الأمان المجتمعى، وترسيخ دولة القانون. أحمد عودة: إجراءات عقابية أحمد عودة، أستاذ القانون، الرئيس الشرفى لحزب الوفد، يرى أن جرائم الحاسوب تطورت بتطور تكنولوجيا المعلومات الإلكترونية، وتوحش الأزمنة، وانتشرت تلك الشائعات والأكاذيب عبر المواقع الإلكترونية من قبل منعدمى الضمائر، من أجل السيطرة على عقول الأبرياء، وأيضاً الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، والتشهير، والإساءة للسمعة، والإهانات أو التطاول، والتهديدات المستمرة، والمساس بالأديان، أو توظيفها لخدمة أغراض سياسية، ومن ثم قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بما يشتمل عليه من 45 مادة، يمكنه حماية حرية الأفراد والعائلات المصرية ومواقع التواصل الاجتماعى أو الشبكة العنكبوتية، والتصدى فوراً لكل ما يهدد الأمن القومى أو السلم الاجتماعى، ومكافحة عمليات التسلل والاختراق لمنشآت الدولة بصفة عامة، والمؤسسات الأمنية خاصة، التى يشنها قلة ممن يمتلكون أحدث الأجهزة التكنولوجية لإتمام مثل هذه العمليات التخريبية، من أجل الإضرار بالوطن، أو إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة، فقد نص القانون على العقاب إما بالحبس أو الغرامة أو كليهما معاً، وقد ثبت نجاحه فى دول خليجية عديدة، وأيضاً فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وطالب – أستاذ القانون - بضرورة تغليظ العقوبات على مثيرى الفوضى على الشبكة المعلوماتية، وذلك بفرض غرامات تبدأ من 100 ألف جنيه إلى 500 ألف جنيه، إلى جانب تطبيق عقوبة الحبس مدة لا تقل عن عامين، وتصل إلى السجن المؤبد أو المشدد، أو كليهما، لكل من تعمد استعمال التقنية المعلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير، لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه، أو أتلف أو عطل أو دمر أو شوه أو ألغى جزئياً أو كلياً، المعلومات المخزنة أو البيانات على أى نظام معلوماتى، وغلق المواقع والروابط التى تقع على شبكة المعلومات، وساعدت على تسهيل ارتكابها. خسائر مفزعة..800 مليار دولار خسائر الشركات فى العالم.. والخبراء يتوقعون تضاعفها فى السنوات المقبلة بدأ استخدام الإنترنت فى مصر عام 1992، حين تم تمديد بنية تحتية بين شبكة الجامعات المصرية وشبكة «بت نت» الفرنسية، إلى جانب بدء استخدام شبكة اتصالات الإنترنت. واقتصر توفير الخدمة وقتها على جهتين فقط هما شبكة الجامعات المصرية ومركز المعلومات. ومع بداية عام 1994 بدأ مركز المعلومات فى إدخال خدمة الإنترنت للوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات المختلفة، وتخصصت شبكة الجامعات فى إمداد المعاهد الأكاديمية والجامعات بالخدمة. وبداية عام 1997 بدأ المركز فى خصخصة خدمات الإنترنت من خلال إتاحة الخدمات لعدد من الأشخاص الذين يقومون بدورهم ببيع الخدمة «اى اس بى اس» للشركات الخاصة كمزودين للخدمة للمواطنين والشركات، ومن وقتها توافرت العديد من الشركات الخاصة بتقديم خدمات الإنترنت والتى ارتبطت من خلال بوابات «المصرية للاتصالات». وعن حجم خسائر الشركات العالمية بسبب الجرائم الإلكترونية، نجدها تمثل أعلى مصادر التكاليف الخارجية، وأوضحت دراسة حديثة أجراها معهد «بونيمون» حول تكاليف الهجمات الإلكترونية للشركات من أستراليا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة: أن الشركات الأمريكية سجلت أعلى معدل للتكاليف الإجمالية للجرائم الإلكترونية، الذى بلغ 11.6 مليون دولار، فيما سجّلت الشركات الأسترالية أقل معدل، وبلغ 3.7 مليون دولار. وفى يونية 2018، أشار تقرير للمستشارين الاقتصاديين فى الولاياتالمتحدةالأمريكية أن خسائر عام 2016 جراء الجرائم الإلكترونية تراوحت من 57 إلى 109 مليارات دولار. أما خسائر الاقتصاد الروسى لعام 2016، نتيجة الجريمة عبر الإنترنت والقرصنة بلغت 600 مليار روبل روسى، أى ما يوازى نحو 9.06 مليار دولار. وفى أبريل 2015، أشارت دراسة جديدة إلى أن جرائم الإنترنت تكلف الاقتصاد الخليجى نحو 850 مليار دولار كل عام، جراء قرصنة البرمجيات التى باتت تهديداً حقيقياً للهيئات الحكومية ومجتمع الأعمال على السواء، وأن الأضرار التى لحقت بقطاع الأعمال، نتيجة سرقة الملكية الفكرية تتسبب بخسارة الأفراد نحو 160 مليار دولار.