تعتبر وسائل الإعلام، هي المنبر المتحدث، الذي يشكل وعي وثقافة المجتمعات، ويرتقي بها، لذا يجب تقديم محتوى لائق بالجمهور، وبما أن الدولة المصرية، تسعى لإعادة بناء نفسها، وتنمية الموارد في كل المجالات، إذًا يجب ألا نغفل أيضًا ضرورة الارتقاء بمستوى الإعلام، الذي بدوره يرتقي بالسلوكيات العامة للأفراد. وفي هذا الصدد، رصدت بوابة الوفد، آراء عدد من خبراء الإعلام، لتحديد كيف يقوم الإعلام بتطوير السلوك الإنساني للشعب المصري، بما يخدم عجلة التنمية الشاملة في الدولة... فقال الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامي، إن التأثير الحالي لغالبية المحتوى المقدم في وسائل الإعلام المختلفة، سلبي، ولا يلتزم بمعايير المهنية. وأضاف عبدالعزيز، أنه يتطلب لاستعادة الدور الإيجابي للإعلام من جديد، تنظيم للمجال الإعلامي باختصاصاته المختلفة، بشكل محكم، بالإضافة إلى تطوير العمل بالمعايير المهنية، والإلتزام بتطبيقها. وأشار الخبير الإعلامي، إلى أن عودة وزارة الإعلام، ليست الحل لعودة المحتوى الإعلامي الجيد، إذ أن الدستور المصري لا يمنع وجود وزير للإعلام، ولكنه لا يسند إليه اختصاصات وصلاحيات التطوير والتغيير من الأداء الإعلامي، بينما المادة 211 من الدستور، جعلت المجلس الأعلى للإعلام، هو الجهة المنوط بها تطوير الأداء الإعلامي في مصر، مؤكدًا أن وفقًا لهذه المادة دور الوزير يكون ثانوي وليس رئيسي. ومن جانبه، قال الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن استعادة الدولة الدور الإيجابي للإعلام، يجب أن يتم في اتجاهين، الأول إعلام ينشر قيم إيجابية، والثاني نقد الجوانب السلبية. وتابع علم الدين، يجب أن يتم تقديم محتوى إعلامي ينشر قيم إيجابية، وأخلاقيات صحيحة، ومن جهة أخرى، يجب نقد السلبيات السائدة، وإبراز تأثيراتها الخطيرة على الفرد والمجتمع، مستعينين في تحقيق ذلك، بالدراما والبرامج الهادفة. وأضاف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الأفلام والمسلسلات التي يتم عرضها، يجب أن تساهم في نشر القيم الإيجابية والأخلاقية، واختيار نماذج ناجحة، وسرد قصة حياتها وكفاحها، كنموذج محترم يحتذى به. ولفت عضو الهيئة الوطنية للصحافة، إلى أن عصر السيطرة على المحتوى الإعلامي انتهى، ولكن المعالجة تحتاج للتنسيق بين أجهزة إعلام الدولة، والإعلام الخاص، وهذا يتطلب عودة وزارة الإعلام من جديد، ليكون دورها الرئيسي هو ضبط الإيقاع الخاص بوسائل الإعلام كافة، مؤكدًا أن الهيئة الوطنية للإعلام يقتصر دوره على المتابعة والمراقبة للمحتوى فقط، ولكنه لا يملك سلطات التحديد أو التغيير فيه، مما يجعله لا يغني عن وجود وزارة للإعلام. أما الدكتور حسين عماد مكاوي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، رأى أن تطوير المحتوى الإعلامي بالشكل الذي نرجوه، بحاجة لتطوير الإعلام ذاته، وإيجاد المقومات الأساسية فيه. وتابع مكاوي، أن الإعلام المصري الآن يفتقد لوجود قانون محدد، إذ أن قانون الهيئات الإعلامية الحالي، لايزال غير واضح، وبه تخبط بين البرلمان والحكومة، كما أن التشريعات الحالية معرضة لتغييرها في أي وقت، موضحًا أن هذا الوضع انعكس على المحتوى المقدم، وجعله ليس جيدًا. وأضاف أستاذ الإعلام، أن قيام الإعلام بدوره الصحيح، يحتاج لصدور قانون حرية تداول المعلومات، الذي يسمح بعرض المشكلات والمعلومات بشفافية كاملة، على الشعب، ليكون مطلعًا بشكل كامل على الأحداث، كما أن الأمر يتطلب إعادة وزارة الإعلام مرة أخرى، أو إيجاد هيئة بديلة تكون هي "رأس الإعلام"، يكون دورها وضع خطة ورؤية واستراتيجية عامة للإعلام المصري بشكل عام، سواء على القطاع العام أو الخاص. ولفت أستاذ الإعلام، إلى أن الآليات التي يمكن للدولة أن تلجأ إليها الآن، لإصلاح المحتوى المقدم قدر المستطاع، هو الهيئة العامة للاستعلامات، والصحف القومية، ولكن سيكون من خلال تعليمات وتوجيهات محددة، ولكن هذه الطريقة يمكن تسميتها ب"الرسائل المعلبة"، ولا يكون تأثيرها قوي، وقد تكون غير مجدية أيضًا. وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام سابقًا، إن ضبط المحتوى الإعلامي، لا يعتبر مسئولية جهة واحدة، ولكن آن الأوان لاستيقاظ مؤسسات عديدة، من أجل تقديم محتوى إعلامي ينشر الأخلاقيات والقيم الإيجابية في المجتمع. وأضافت عبدالمجيد، أن العصر الحالي يشهد غيابًا لدور الأسرة في التنشئة السليمة، وافتقاد لدور المدرسة في غرس القيم الأخلاقية الصحيحة، كما أن الدراما المقدمة، لا تعمل على نشر القيم النبيلة، مثلما كان سابقًا، إذ كان المحتوى المقدم دائمًا له رؤية ويتناول فكرة إيجابية، إيمانًا بدور هذه الأعمال في تنمية أخلاقيات المجتمع والسلوكيات الإيجابية، ولكن كل هذا اندثر الآن، لاسيما في ظل سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبارها مصدرًا للأخبار والمعلومات. ولفتت عميدة كلية الإعلام سابقًا، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، تعد دربًا من دروب التقدم التكنولوجي، ولكنها تحث على نشر قيم غير أخلاقية في المجتمع، يأتي في مقدمتها العنف اللفظي، ما يتطلب ضرورة مخاطبة الفئات المعتمدة عليها، ببرامج وأعمال تليفزيونية تواكب هذا التقدم التكنولوجي، الأمر الذي يجعل مهمة ضبط المحتوى الإعلامي غير سهلة ولكنها غير مستحيلة أيضًا، بينما تحتاج إلى عمل جاد من جانب الدولة. وأكدت الدكتورة ليلى أن ضبط المحتوى الإعلامي المقدم، يجب أن يكون بناء على استراتيجية واضحة يتعاون فيها وزارة التعليم والثقافة والهيئات الإعلامية، لتشكيل رؤية كاملة، عن القيم المراد زرعها، كما عليهم أيضًا الاستفادة من الخبراء في هذه المجالات، لعمل رؤية على أسس سليمة، تحدد لكل وسيلة إعلامية الهدف المنوط منها بشكل واضح، يؤدي لتأثير إيجابي في النهاية.