أثار قيام جهاز حماية المستهلك بوقف بث بعض الإعلانات التى لا تتناسب مع الذوق العام فى رمضان وغيره من الشهور قضية الإعلان عبر الفضائيات والصراع بين القنوات على الاستئثار بكعكة الإعلانات ..والتى قدرها الخبراء بما لايقل عن 2 مليار جنيه خلال رمضان من إجمالى 4 مليارات طوال العام . وقال الخبراء الذين استطلعنا آراءهم إنه فى الدول المتقدمة .. يكون من حق الجمهور تحرير محاضر ضد أى قناة تبث ما يتعارض مع الأخلاقيات وممنوع منعا باتا عرض أى إعلان من شأنه الإضرار بالجمهور أو تضليل الجمهور.. ولا يمكن بث إعلان لمنتجات مقدمة للأطفال قبل التأكد من صلاحيتها ومن المواد الحافظة بها وخلوها من الألوان الصناعية والتأكد من سلامتها على صحة الأطفال فأين نحن من كل هذا؟ وفى ظل الأسئلة المشروعة عن حجم الإنفاق الإعلانى لشركات كبرى نجدها لا تقوم بدورها من منطلق مسئوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع خاصة أن هناك شركات امريكية تمثل قمة الرأسمالية تعمل وتكسب وتربح ولكن تقوم بدورها الاجتماعى ،أما هنا فى مصر فيوجد العديد من جمعيات المجتمع المدنى التى تستجدى التمويل والدعم من الخارج. وأكد الخبراء أنه من حق البرلمان أن يناقش الجمعيات والمستشفيات المعلنة عن تبرعات لها وهل يتم توجيه أموال المتبرعين بعد إعلانات التبرعات إلى مقاصدها؟ يؤكد حازم درع رئيس الجمعية المصرية للإعلان سابقا أن حجم الإعلانات تجاوز هذا العام 4 مليارات جنيه فى كل القنوات الفضائية منها 2 مليار جنيه حجم الإنفاق الإعلانى فى شهر رمضان مبررا ذلك بتقلص حجم الإعلان فى الإعلام المقروء نتيجة انخفاض معدلات التوزيع التى تشهدها كثير من الوسائل المقروءة كالصحف والمجلات وهو ما ظهر من خلال انخفاض معدل الإعلان على صفحاتها ، مشيرا إلى أن هناك عوامل مؤثرة على سوق الإعلان ترجع إلى عوامل جذب الجمهور من خلال كيفية تقديم المادة الإعلامية وتفعيل دور المؤثرات الصوتية والموسيقية والتمثيلية كما تقدمها وتنجح فيها الوسائل الإعلامية الأخرى له . وأشار درع إلى أن الوسائل الإعلامية المرئية تتميز بالانتشار علاوة على كونها مرئية ومسموعة غير الصحف مقروءة فقط فالفضائيات حلت محل الصحف فى قراءة الخبر وتحليله ومناقشة أهم القضايا فى خلال لحظات من وقت حدوثه عكس الصحف التى ستناقشه وتنشره فى اليوم التالى من وقوعه. - حرب شرسة بين الفضائيات وتقول سعاد الديب - رئيس الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك - على الرغم من أن الإعلان يعتبر العامل الأساسى للترويج عن المنتج وكونه عاملا أساسىا لإدرار دخل كبير للشركات أو الجهات المعلنة إلا أن هذا لا يمنع من أن الإعلان لابد وأن يراعى ظروف المجتمع الاجتماعية والأخلاقية وما يملكه المجتمع من موروث قديم من العادات والتقاليد ولكننا نفاجأ اليوم بإعلانات تتضمن إيحاءات وأشياء غير أخلاقية ويتم استغلال الأطفال فى مختلف الوسائل الإعلامية سواء فى الإعلان أو الأغانى بالإضافة إلى خلو المادة الإعلانية من الجوانب الإيجابية وهذا كله له تأثير فى ذات الوقت سلبى كبير على أخلاقيات الجيل الجديد وعلى الرغم من وجود ميثاق الشرف الإعلانى وميثاق رسائل الإعلان وميثاق رسائل إعلانات الأطفال والذى يتم من خلالها محاسبة الخارج عن بنود هذه المواثيق إلا أن صناعة الإعلان تنقصها ضوابط ,مشيرة إلى أن قانون حماية المستهلك نص صراحة عند ثبوت مخالفة الإعلان وخروجه عن إطار الأخلاقيات أو كونه مضللا أو خادعا وكاذبا تقع على المعلن غرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف جنيه . وعن حجم الإعلانات أشارت إلى أن الإعلان طغى على المادة الإعلامية فالمسلسل الواحد يوجد به كمية إعلانات أكثر من مدة بثه وتكلفة الإعلان الواحد تصل للمليون جنيه فى بعض الفضائيات الشهيرة خاصة عند تقديم شخصية مشهورة للإعلان . وأوضحت أنه لابد عند تقديم الإعلان مراعاة أخلاقيات المجتمع وظروفه الاجتماعية وألا يتعارض الإعلان مع القيم وعادات المجتمع لأن المسئولية يفترض أنها مسئولية تضامنية تقع على المعلن مع الوسيلة . أضافت أنه من المفترض أن يوجد بمصر رقابة على الإعلانات التى تبث عبر شتى الوسائل الإعلامية ولابد من متابعة ومراقبة الإعلانات قبل بثها على الشاشة فأين القانون من تنظيمها وأين الرقابة منها ؟ أضف إلى ذلك أن الفضائيات تحارب بعضها وتقوم العديد من الفضائيات بحرق أسعار الإعلان الحقيقية فى سبيل الحصول على أكبر عدد من التعاقدات الإعلانية وبالتالى تحقق نسبة أرباح اعلى وبالتالى يتم قبول الإعلان بسعر أقل من القناة المنافسة لها . - الهروب إلى الانترنت وترى د.علياء سامى أستاذ الإعلان بكلية إعلام القاهرة أن الإنفاق على الإعلانات يتزايد سنويا رغم حالة الانكماش المسيطرة على السوق كما أن زيادة وتكرار الإعلانات أثناء مشاهدة الجمهور لمسلسل درامى واحد أو البرنامج ينتابهم حالة من الملل ويضطرون إلى غلق القناة لحين انتهاء مدة الإعلانات أو كتم الصوت وقد لجأ الكثير من الجمهور لتجاهل قنوات كثيرة نتيجة لبثها مجموعة كبيرة من الإعلانات وثبت علميا أنه عند بث القنوات لفقرات قليلة إعلانية فالجمهور يشاهدها بصدر رحب ولا يشعرون وقتها بأى ملل على عكس ما يحدث عند بث إعلانات كثيرة تمتد لما يزيد على الربع والنصف ساعة خاصة عند تكراره أكثر من مرة داخل العمل الواحد وكلها تكاليف إضافية ولا أحد من المعلنين يعلم بأن كثيرا من الجمهور يمتنع عن شراء المنتج المعلن عنه تكرارا ومرارا كنوع من أنواع العناد والكراهية للمنتج المعلن عنه لشعوره بإجبار المعلن الجمهور على شراء منتج بعينه والدليل على هذا فإن جمهور الناس أصبح يلجأ للانترنت لمشاهدة المسلسلات خاصة فى شهر رمضان هروبا من إقحام وتكرار الإعلانات فى القنوات الإعلامية فكلما طالت مدة الإعلانات هرب الجمهور من القناة وهو مايعد إهدارا لأموال المنتج . وتطالب د.علياء بالتصدى إلى التجاوزات الأخلاقية بالأخص التى يتم بثها فى شهر رمضان ، وهذا الاستغلال للمشاهدين يعد ظاهرة سيئة جدا لذلك يجب التصدى بقوة من خلال جهاز رقابى ومن الخطورة أيضا تكرار إعلانات مسيئة لعادات وقيم مجتمعنا يؤدى لتعليم الأطفال قيم معينة فيجب تفعيل الدور الرقابى من الدولة لتقنين المنظومة الإعلانية من حيث حجم وكم ومضمون الإعلانات ومن ناحية أخرى وضع حدود لملابس وألفاظ الموديلز مع ملاحظة أن كل عام تزداد نسب الإعلانات الموجهة للجمهور وتكرارها للضعف وهذا العام تحتل المادة الإعلانية كافة القنوات الفضائية بلا استثناء بنسبة تصل إلى 80% مقارنة ب 70% العام الماضى وأصبح الإعلان يحتل مساحة أكبر من مساحة المادة الإعلامية المقدمة . وأشارت إلى أن تكلفة الإعلان مرتفعة جدا خاصة الإعلانات التى تقدمها شخصية استرشادية معروفة ولها تاريخها الفنى أو الطبى أو شهرتها مثل دكتور القلب المشهور مجدى يعقوب وهذا له دلالة أخرى فى كيفية عمل جهات ومستشفيات معينة لكميات كبيرة من الإعلانات المكلفة فى حين احتياجها وجمعها للتبرعات فهذا ينم على أهمية الإعلان فى جذب أموال طائلة تغطى تكلفة بثه عبر هذه القنوات وتغطية حجم التبرعات السنوية للجهة المعلنة . وأوضحت د.علياء أن الإعلان فى أمريكا البلد الرأسمالى المتبع لسياسة الاقتصاد الحر يخضع لضوابط أخلاقية ولا يوجد كم الإعلانات هذه بأى دولة كما فى مصر والجمهور الأجنبى لديه وعى كبير تبعا لنظرية علم نفس تنص على أن الإنسان يكره إجباره على أى شىء وعند شعوره بالإجبار يمتنع عن تلقى ءى شىء. أضافت أن جمعيات حماية المستهلك فى الدول الغربية تحكم الإعلام بضوابط صارمة أكثر منها فى مصر، ففى الدول الغربية من حق الجمهور أن يحرر محضرا ضد أى قناة تبث ما يتعارض مع الأخلاقيات وأيضا فى هذه الدول ممنوع منعا باتا عرض أى إعلان من شانه الإضرار بالجمهور أو تضليل الجمهور ولا يمكن بث إعلان لمنتجات مقدمة للأطفال قبل التأكد من صلاحيتها ومن المواد الحافظة بها وخلوها من الألوان الصناعية والتأكد من سلامتها على صحة الأطفال فأين نحن من كل هذا وأين دور الوسيلة الهام فى مراقبة ومعاينة المنتج للتأكد من صلاحيته ومطابقته للمواصفات قبل بثه لجمهور الأطفال والكبار على السواء .. هنا يجب تفعيل عقوبة وغرامة مادية تمكن الجمهور من رفع قضية على الوسيلة المعلنة قبل المنتج المعلن عنه وبالنسبة لجهاز حماية المستهلك المصرى فله دور ولكن يبدأ دوره بعد بث الإعلان وظهور سلبياته أى بعد وقوع الأضرار. - لم يلتزم أحد أما د. ليلى عبد المجيد العميد الأسبق لإعلام القاهرة فقالت أتفق مع ما قام به جهاز حماية المستهلك بمنع بث إعلانات منتجات «جهينة « و «قطونيل « لأن تقديم مثل هذه الإعلانات بمثابة تجاوزات أخلاقية وجزء كبير منها يتسم بالسخافة فضلا عن محتوى الإعلان الذى يهدم القيم وفيه استغلال للطفل وللمرأة , مشيرة إلى أن المادة الإعلانية فى مصر تختلف عن كثير من الدول الأخرى والأجانب يمتلكون جانبا إبداعىا هادفا عند تقديم إعلاناتهم فهناك ضوابط وأصول أخلاقية وقانونية واجتماعية يجب أن تحكم الإعلان . أضافت : منذ عدة سنوات كانت هناك جهود من جمعية الإعلان التى وضعت ميثاق شرف للإعلان مشتق من ميثاق الشرف العالمى ويضم كل من يعملون فى مجال الإعلان سواء المنتج أو المعلن أو الوسيلة أو وكالات وشركات الإعلان وللأسف لم يلتزم أحد بمثل هذه المواثيق. وتتساءل عن حجم الإنفاق الإعلانى لشركات كبرى ومع ذلك لا تقوم بدورها من منطلق المسئولية الاجتماعية لهذه الشركات تجاه المجتمع وهناك شركات امريكية داخل مجتمع فى قمة الرأسمالية تعمل وتكسب وتربح ولكن عليها مسئولية اجتماعية . أما هنا فى مصر فيوجد العديد من جمعيات المجتمع المدنى التى تستجدى التمويل والدعم من الخارج وتلتزم بأجندة الممول فى حين أن شركات الاتصالات فى مصر قادرة على أن تنتج إعلانا فى حدود مبالغ مالية غيرمكلفة بهذا الشكل وتدفع مبالغ لجمعيات المجتمع المدنى لخدمة مجتمعنا المصرى فنحن نلقى اللوم على شركاتنا المحلية وبدلا من أن نقدم إعلانا يكلفنا الملايين لابد أن ندعم كل ما يحتاجه المجتمع لحل مشاكلنا المحلية كالتعليم على سبيل المثال فعلى مثل هذه الشركات أن تدعم مراكز بحثية وجامعات وتقدم إعانات لقرى الصعيد الفقيرة. ومن حق البرلمان المصرى أن يناقش الجمعيات والمستشفيات المعلنة عن تبرعات لها وهل يتم توجيه أموال المتبرعين بعد إعلانات التبرعات إلى مقاصدها ؟ فكيف تطلب جهة تبرعات وعلى جانب آخر تناقض نفسها بدفع أموال طائلة للإعلان عنها فى الفضائيات؟! ومن جهة أخرى من حق الجمهور أن يتساءل إذا كانت الشركة تقدم إعلانا بهذا الحجم والتكلفة فما بال أرباحها المحققة من بيع أسعار وخدمات بشكل مبالغ فيه ؟.