قال الدكتور حسن علي أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة المنيا، ورئيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء "قمم" وعضو لجنة المهنية وجودة الأداء بمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون إن مؤسسات المجتمع المدني يجب أن تقف في وجه الإسفاف الإعلامي ، لا سيما في قطاع الإعلانات الذي يمر بحالة من التردي الشديد وقدم علي خلال محاضرته ب "المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر" بلاغا للنائب ضد الإسفاف الشديد الذي بات عليه قطاع الإعلانات، تحت عنوان "تقرير المرصد الإعلامي للجمعية حول الإعلانات المضللة المذاعة خلال شهر رمضان للعام 1433ه والتي بثت يتعارض مع القيم المجتمعية، ساردا أمثلة عديدة لذلك. وقدم علي بعض التوصيات للحد من السلبيات في قطاع الإعلانات تتضمن التعاون الفوري لإنشاء مرصد دائم علي مدار العام يموله جهاز حماية المستهلك مع إنشاء لجنة استشارية فنية لمعاونة رئيس جهاز حماية المستهلك، والسعي لإصدار قانون تنظيم الإعلانات يتضمن كافة الإجراءات التي تحافظ على حقوق المستهلك والدفاع عنه. وفيما يلي النص الكامل لمحاضرة الدكتور حسن علي في " المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر": في زيارة للولايات المتحدةالامريكية عام 1991 لجمع مادة علمية لرسالة الدكتوراه الخاصة بي فوجئت بعد وصولي بيومين بمباراة قانونية علي شاشات التليفزيون الامريكي نتيجة قيام جمعية حماية المشاهدين برفع قضية ضد احدي الشبكات الامريكية اذاعت فيلما يحتوي علي مشاهد للكبار دون ان تنوه عنها قبيل بث الفيلم ودون وضع الكود (أس) لتنبيه اولياء الامور ، فحكمت المحكمة الفيدرالية بغرامة مالية كبيرة كادت الشبكة ان توشك علي الافلاس بسببها . يومها وجدتني في حالة من الدهشة الممزوجة بالاعجاب بيقظة المجتمع المدني الامريكي ودفاعه عن حقوق المشاهدين امام سطوة الالة الاعلامية الامريكية التي تسلع كل شئ حتي القيم .. حتي رئيس الدولة .. ، اعلام يبيع ويشتري ويتاجر كما كنت أظن في كل شئ ، فوجدت مؤسسات المجتمع المدني تقف وجه الاسفاف وتحارب التدني ووجدت قضاء ينحاز للقيم في وجه تغول راس المال في دولة راسمالية ..!! وعدت إلي مصر عاقدا العزم علي إنشاء جمعية مماثلة في عام 1992 ، حال دون إشهارها السيد وزير الاعلام آنذاك صفوت الشريف وكنت أعمل في ذلك الحين مذيعًا بالاذاعة المصرية ولم أستطع الوقوف في وجه الوزير ونسيت الجمعية . حتي إذا أشرقت ثورة يناير وأزاحت نظاما استطال عمره أكثر مما ينبغي سارعت بمراجعة الشئون الاجتماعية مرة اخري وعرضت فكرتي علي زملائي من هيئة التدريس بالجامعات المصرية علي سبيل المثال من جامعة القاهرة الدكتور العميد حسن عماد ومن جامعة حلوان الدكتورة نائلة عمارة ومن جامعة المنصورة الدكتور احمد عثمان ومن جامعة قنا الدكتور عبد العزيز السيد ومن جامعة بني سويف الدكتور أنس جعفر المحافظ ورئيس الجامعة الاسبق وجامعة الاسكندرية الدكتور طه نجم ومن جامعة عين شمس الدكتور محمد معوض والدكتور محمود اسماعيل ومن كلية الاعلام كان الانطلاق والدعم من الزملاء الدكتور عدلي رضا والدكتورة نجوي كامل والدكتور محمود علم الدين . كما عرضتها علي زملائي من كبار الاعلاميين الاستاذ المخرج علي عبد الرحمن رئيس قطاع المتخصصة والاستاذ ابراهيم الصياد رئيس قطاع الاخبار والاستاذ خالد جبر نائب رئيس تحرير الاخبار والخبراء امثال لويس جريس وماجدة موريس ووجدت تشجيعا كبيرا من الزملاء .. زملاء المهنة وزملاء الجامعة وانضم لنا مجموعة من شباب المحامين المحترمين من حلوان ( الاستاذ خالد حسني والاستاذ ياسر والاستاذ احمد ) الذين تكفلوا باجراءات الاشهار وأشهرت الجمعية في اغسطس 2012 بعد ستة اشهر من الصراع مع البيروقراطية الحكومية والاجراءات الامنية !! وأود هنا أن أقدم نموذجا لجمعية تقوم بدورها قبل الاشهار وتقاتل من اجل حماية المصري من الغش والخداع وتدافع عن قيمه واخلاقه في مواجهة اباطرة الاعلام المصري المطبوع والمرئي تحديدا وخلال مدة قصير قمنا بالاتي : إقامة المرصد الاول للحملات الانتخابية الرئاسية المصرية وقدمنا تقارير المرصد الي حملة الدكتور مرسي والدكتور شفيق والسيد حمدين صباحي والسيد عمرو موسي ودار نقاشي بيني وبين حملة مرسي وشفيق تحديدا في الجولة الثانية . إقامة المرصد الثاني للاعلانات المضللة وخصصناه لاعلانات الادوية والاغذية واجرينا الرصد لخمس وعشرين قناة تليفزيونية منها خمس حكومية وعشرين للقنوات الخاصة وانتهينا الي طلبا احالة 10 قنوات للنيابة العامة بعد تعاون مع جهاز حماية المستهلك ووزارة الصحة . إقامة ندوة بكلية الاعلام جامعة القاهرة حول تقرير الاعلانات المضللة المرفق مع هذه الورقة ونشرتها معظم الصحف المصرية الكبري يجري حاليا الاتفاق مع وزارة الصحة لإقامة مرصد دائم للاعلانات والبرامج الطبية ومتابعة مايمس صحة المواطن المصري مع مقاضاة بائعي الوهم . يجري التحضير لاتفاق وندوة مع المجلس القومي لحقوق الانسان للتتكاتف الجهود من اجل قيم الانسان المصري والوقوف في وجه الاعلام المخادع المضلل ولسنا اكثر ديموقراطية وحرية من امريكا التي بها مثل جمعيتنا وتقاضي الاعلام المنحرف عن الجادة المخالف لقواعد المهنية والجودة . أهداف الجمعية: نشر الثقافة الإعلامية من خلال إنشاء معاهد عليا للدراسات الإعلامية . تنظيم دورات تدريبية مجانية للعاملين في المؤسسات الإعلامية من غير خريجي كليات ومعاهد الإعلام. إقامة ندوات وورش عمل بأجر رمزي لطلاب الإعلام وللجمهور العام لتعريفه بطبيعة عمل المؤسسات الإعلامية . إصدار مطبوعات شهرية وسنوية لمتابعة أخبار المؤسسات الإعلامية. نقد وتقييم الأعمال الفنية الإذاعية والتليفزيونية والمسرحية والسينمائية. متابعة مدي التزام المنتج الإعلامي بمواثيق الشرف والقواعد المهنية المعروفة لأهل الاختصاص . تلقي شكاوي الجمهور من المنتج الإعلامي المخالف لمواثيق الشرف وقوانين النشر وقواعد المهنة . مقاضاة المؤسسات الإعلامية المنفلتة والتي تبتز الجمهور. مساعدة الجهود النقابية في ضبط مسيرة العمل الإعلامي وإبلاغ الجهات الرسمية عن المخالفات . إنشاء مرصد لمتابعة ما ينشر ويذاع ويبث عبر وسائل الإعلام المختلفة . الارتقاء بالمهنة ودعم الجهود النقابية العاملة في الميدان . نشر الثقافة القانونية المرتبطة بتشريعات الإعلام بين العاملين في الإعلام وكذلك الجمهور. اللجان النوعية: لجنة المرصد الإعلامي لجنة شكاوي الجمهور والمتابعة اللجنة القانونية وشئون التقاضي لجنة العضوية لجنة العلاقات الخارجية والمؤتمرات لجنة البحوث والرأي العام لجنة التقارير والإصدارات العلمية والصحفية تقرير المرصد الإعلامي للجمعية حول الإعلانات المضللة المذاعة خلال شهر رمضان للعام 1433ه مقدمة : في إطار التعاون والتنسيق بين الجمعية (وهي منظمة شعبية حيادية تطوعية لا علاقة لها بالدولة ويؤسسها نشطاء المجتمع من كافة فئاته(.. ، وجهاز حماية المستهلك من أجل مكافحة الإعلانات المضللة المذاعة خلال شهر رمضان المبارك ، قامت الجمعية بإنشاء مرصد إعلامي لمتابعة الإعلانات التليفزيونية التجارية والخدمية المذاعة عبر الفضائيات المصرية الحكومية والخاصة خلال المدة من الأول من رمضان وحتى نهايته . وقد أشرف علي المرصد الأستاذ الدكتور حسن علي محمد أستاذ الإعلام بجامعة المنيا ورئيس مجلس إدارة الجمعية وشارك في الرصد كل من الدكتورة غادة سيف مدرس الإعلان بجامعة المنيا والدكتورة لمياء محمود نائب رئيس شبكة صوت العرب بالإذاعة المصرية بالقاهرة بالإضافة إلي عدد من الخبراء ومعاونو هيئة التدريس بالجامعات المصرية الحكومية والخاصة وعدد من طلاب الدراسات العليا بأقسام وكليات الإعلام . ومن حيث المبدأ لسنا كجمعية ضد الإعلانات بصفة عامة إنما نحن ضد التضليل الإعلاني ، وضد الكذب ، وبيع الوهم للناس وتقديم السلعة على أنها أجود وأفضل وأنسب وأرخص ..!! ، وعندما يشتري المستهلك السلعة أو يلجأ إلى خدمة معينة نتيجة الإعلان الذي أبهره وربما أقنعه يكتشف أنه قد غرر به وأن مواصفات السلعة التي تم الإعلان عنها غير متوفرة وهي مخالفة من حيث الجودة والالتزام بالمواصفة المتبعة ومعايير الجودة المعروفة ، لهذا نحن ندعم الإعلان المتوافق مع مواثيق الشرف والمعايير الدولية الإعلانية لأنه: يساعد القنوات التليفزيونية المصرية والعربية على أداء مهمتها في خدمة الصالح العام وتقديم أفضل خدمة لجمهورها حيث يحقق الإعلان مورداً مالياً يمكنّها من مواجهة الأعباء المتزايدة و لتكون قادرة على التصدي للبث الأجنبي المباشر عبر الأقمار الصناعية وعلى كسب معركة الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل ظروف جديدة لم تعد فيها التلفزيونات الوطنية قادرة على الحفاظ على احتكارها للفضاء التلفزيوني الوطني. يساعد على رفع ذوق الجمهور وزيادة وعيه وتحسين مهارات استخدامه للسلع الجديدة، كما يعمل الإعلان على زيادة التطلعات بما يدفع لزيادة العمل لرفع مستوى الدخل لتوفير هذه المتطلبات الجديدة مما يحقق في النهاية الارتقاء بمستوى المعيشة. يلعب دوراً اجتماعياً حيث يوفر للناس مادة للحديث عنها، وبذلك فهو يقوي علاقاتهم الاجتماعية، كما أنه يوفر مادة مسلية سواء في مشاهدتها أو التعليق عليها مع الغير. وقد كان من الضروري رفع الستار عن الجوانب الخفية التى تتوارى خلفها هذه الإعلانات المضللة التي تهدد المشاهد فى صحته وماله وذوقه العام باستخدام العرض المكثف الذي اعتمد علي التكرار والإلحاح عبر الفضائية بقصد إقناع المشاهد الشراء ودفعه للسقوط فى (فخ) إغراءاتها المزيفة ليصبح ضحية لجريمة عمديه هى (النصب) عن (بعد) تحت سمع وبصر الجميع ..!! عينة الدراسة : تم رصد وتقييم الإعلانات المذاعة خلال شهر رمضان المعظم علي شاشات عينة مكونة من 20 قناة فضائية ( حكومية وخاصة عامة ومتخصصة ، دينية وثقافية ومنوعات ) موزعة علي النحو التالي : 6 قنوات حكومية هي: الأولي ، المصرية2 ، بانوراما دراما ، كايرو دراما ،النيل الثقافية، نايل لايف. ولقد كان التليفزيون المصري هو الأكثر التزاما بالكود الدولي ومواثيق الشرف ولم تسجل مخالفات إعلانية إلا في قناتي نايل لايف وكايرو دراما بقطاع المتخصصة . 6 قنوات دينية إعلانية تجمع بين بث القران الكريم بأصوات المشاهير من القراء وبين الإعلان المكتوب أو المصور علي رول متحرك وهي : العراب ، جنة ، كنوز الطبية ، الدوائية الإعلانية ، ماجيك ، جرين لايف . ( وهذه القنوات مجتمعة نقدم فيها اليوم بلاغا للنائب العام ولرئيس هيئة الاستثمار لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها لتجاوزها كل الأخلاقيات ومواثيق الشرف بإذاعة أدوية ومقويات جنسية غير مرخص بها من وزارة الصحة او من أي جهة حكومية في المنطقة العربية ) 6 قنوات عامة هي : دريم ، المحور ، سي بي سي ، وصدي البلد ، الخليجية ، الحياة 2 قناة منوعات ترفيهية متخصصة في الرقص الشرقي هما : التت والفرح . وقد لاحظنا أثناء الرصد والتحليل ما يلي: أن نظام الباقات الإعلانية الذي اتبعته كثير من الشبكات والقنوات أدي إلي انخفاض حاد في أسعار الإعلانات ، ترتب عليه تراجع كبير في عوائد الإعلانات بالتليفزيون الحكومي الأمر الذي يزيد من الأزمة المالية لاتحاد الإذاعة والتليفزيون. أن هذا النظام أدي الي تكثيف الحملات الإعلانية خلال رمضان عبر الإلحاح المستفز والتكرار المبالغ فيه واقتحام المسلسلات والبرامج والأفلام والقطع علي المسلسل دون مبرر مما افسد متعة المشاهدة بشكل لم يسبق له مثيل نتيجة الصراع بين المعلنين وكذلك بين المسئولين عن القنوات. برزت ظاهرة غريبة لا تليق بمصر مطلقا وهي( إعلانات التبرع ) التي انتهزت روحانية شهر رمضان واستعداد الناس لفعل الخيرات فهوجم الجمهور بعدد من هذه الإعلانات مثل : مستشفي مجدي يعقوب للقلب، مستشفي الحصري، المعهد القومي للأورام ، جمعية الأورمان ، صناع الحياة ، اتحاد الأطباء العرب ، مستشفي علاج السرطان 57357 وغير ذلك ، ورغم طيب المقصد وحسن النية إلا أن هذه الإعلانات حولت شعبا بأكمله إلي متسولين وكأن مصر ليست دولة بها حكومة ترعي مصالح شعبها ، كما تحول المفتي وبعض شيوخ الأزهر الي نجوم إعلانات وهو ما لا يليق بجلال منصب المفتي والعلماء الأجلاء. أدي الصراع بين المعلنين الي تحطيم قواعد المهنة و مواثيق الشرف مثلا..(إعلان اتصالات الأخير) يحض المشاهد علي ترك شبكته والانتقال إليهم ..!! أدي الصراع بين القنوات الي اجتذاب اكبر عدد من الإعلانات علي حساب المشاهدين ومتعة المشاهدة بشكل يتنافي مع المعايير و النسب الدولية في مدد الإعلانات الي وقت الإرسال فقد وصل في بعض القنوات الخاصة إلي 30 دقيقة إعلانات لكل ساعة بث (في ألمانيا 5 دقائق) في بريطانيا بحد أقصي 10 دقائق كان التليفزيون المصري حتي عام 1990 فقط يحافظ علي ربع ساعة إعلانات لكل ساعة بث . وفي تعد وتحد سافر لحقوق الأداء وحقوق الملكية الفكرية ، استغنت كثير من المحطات عن بث تترات بعض المسلسلات لإفساح المجال أمام الإعلانات بما يخل بحقوق الأداء العلني وحق التأليف أن الإعلان التليفزيوني الرمضاني يمر بأطوار الاندفاع الكّمي العشوائي الذي لا يعنيه حماية المشاهد بقدر حرصه على العائد المالى عن الدعاية لمنتجات مجهولة المصدر، يتهرب من ينتجها ويبيعها من الضرائب، ويروج لها بلا تصريح من أى جهة مسئولة عن تداولها فى ظل عدم وجود ضوابط تحكم عرض الإعلانات على شاشاتها وفى مقدمتها ضرورة الحصول على تصريح بسلامة المنتج المعلن عنه من الجهات المسئولة . ظهور فئات اجتماعية تبحث عن ربح آني مضمون بعيداً عن هموم التنمية وتفتقر في معظمها إلى خلفيات علمية وثقافية ومعرفية والى خبرة في مجال المعطيات الحديثة لاقتصاد السوق، وتروّج هذه الفئات لمنتجاتها وخدماتها عبر بث رسائل إعلانية تعكس عقليتها وسلوكياتها وقيمها الاجتماعية، مما أدّى إلى اقتران الكم العشوائي بالكيف الرديء. أن أكثر القائمين على صناعة الإعلان التليفزيوني منبهرون بالفكر الإعلاني الأمريكي مما أدي إلي هذا الكم المنفلت والمضمون الغربي صوراً ورموزاً تسهم في طمس الثقافة العربية، لتعّمم أنماطاً حياتية مشوهة. تتسرب عبر شاشة التلفزيون أحياناً مواد إعلانية أجنبية لا يتلاءم بعضها مع خصوصية مجتمعاتنا وتقاليدنا الدينية أخذت من سياقاتها كما هي وخير مثال لها (قنوات التسوق عبر التليفزيون ذات الطابع الدولي). غياب تشريعات إعلانية واضحة تنظّم الظاهرة الإعلانية وتحدّد المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية والجمالية.