من حق الجمهور أن يسائل الاعلامى والوسيلة إن أخطأت فى حقه هذا، وأن يحاسبه من خلال كيانات مؤسسية مستقلة، ومن حقه أن يعلم عنه وان يكون صوته مسموعا ورأيه معروفا، ومن حق الجمهور أيضا أن يعلم كيف تدار مؤسسات الإعلام وكيف تمول، وكذلك ضوابط العمل الاعلامى ومؤهلات من يعمل ومن حق الجمهور أن يكون له رأى فيما يقال عبر وسائل الإعلام ومن يقول فهؤلاء يشكلون وعيه ووعيه يكون اتجاهاته ووجدانه ومنظومة قيمة ثم صنع الرأى العام الذى يحرك السلوك الجمعى فى المجتمع ومن حق الدولة أن يحافظ الإعلام عليها، ويساهم فى دعمها وحمايتها، وأن يكون عنصرا من عناصر قوتها تضاف لها ولا تخصم من رصيدها، لا معول من معاول هدمها. ويبقى السؤال كيف يمكن الوفاء بكل تلك الحقوق التى قد تبدو متناقضة شكلا ولكنها متسقة ومنتظمة من حيث الهدف والمضمون النهائى للعمل الاعلامى.. يمكن الوفاء بكل تلك الحقوق من خلال تنظيم الإعلام Media Regulation وتنظيم الإعلام هو المدى المتسع من الآليات الرسمية وغير الرسمية المصنوعة بواسطة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الذى يهدف إلى تنظيم المؤسسات الإعلامية بطريقة معينة. التنظيم يتكون من تطبيق قواعد قانونية شكلية رسمية توضع بواسطة السلطات العامة وأيضا القواعد أو الضوابط أو الأكواد غير الرسمية للسلوك Codes of Ethics التى تطور وتطبق بواسطة المؤسسات الإعلامية فى علاقتها بالدولة. وتنطلق فكرة تنظيم الإعلام من إدراك الجميع لمدى القوة التى تتمتع بها وسائل الإعلام وكيف تؤثر تلك الوسائل فى طريقة تفكير الأشخاص بل وفى تصرفاتهم وسلوكياتهم، ويكون تنظيم الإعلام فى الأطر الديمقراطية بهدف تعزيز النظام الديمقراطى ودعم التكامل الاجتماعى. فالهدف من ذلك التنظيم هو التأثير على وسائل الإعلام لتقوم بتوفير مساحات عامة وبيئة تواصلية لإتاحة وتيسير الوصول إلى حالة توازن بين الجماعات المتنازعة والمصالح المختلفة فى المجتمع بشكل سلمى. ومن هذا المنطلق فإن وسائل الإعلام تقوم بدور مدنى وتعليمى من خلال تقديم معلومات وتعليقات لها أهميتها كمصدر أساسى لعملية صناعة قرار المواطن. فى الديمقراطيات الليبرالية ينبغى لوسائل الإعلام أن تتمتع بالحرية والاستقلال عن سيطرة الدولة وتأثيرها.. وبالتالى أيضًا فإن الإعلام الليبرالى - الديمقراطى بدوره - هو نظام لا تتمتع فيه سلطة بمفردها بالسيطرة على الإعلام ووسائل نشره، ويأخذنا ذلك إلى القول بأن التنوع هو عنصر جوهرى فى نظام الإعلام الديمقراطى والذى يعكس التعددية التى يتمتع بها المجتمع الحديث «تعددية سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو دينية...الخ».. وفى النظام الليبرالى الديمقراطى لا تكون الحرية - أبدا - مطلقة بلا أية حدود. لذا ينطوى تنظيم الإعلام على الضوابط القانونية التى تحول دون وقوع المظاهر السلبية مثل التحريض وممارسة العنف ضد مكونات المجتمع - أفراد أو مجموعات - أو التسبب فى وقوع ضرر مادى لحديثى السن.. ويلاحظ أن وسائل الإعلام فى بعض الدول الليبرالية تشهد تجاوزات أخلاقية فى الممارسة بشكل يؤثر على المسئولية الاجتماعية للإعلام وكذلك فى الدول التى تمر بفترات انتقالية ، وهنا يظل السؤال عن السياسة الإعلامية وعمليات التحكم فى وسائل الإعلام فى ظل تطورات يشهدها المجال السياسى تضغط من اجل المزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان والتى تعد حرية الإعلام أهم مرتكزاتها. فبريطانيا منذ أكثر من أربع سنوات تبحث عن إجابة لهذه الأسئلة منذ الكشف عن فضيحة تصنت جريدة نيوز أو ف ذى ورلد على هواتف أكثر من أربعة آلاف من المواطنين الانجليز وخلال تلك السنوات انتقلت المشكلة إلى البرلمان حيث شكل لجنة عرفت بلجنة ليفيسون بعد تحقيقات طويلة قام بها البرلمان مع ثلاثة من رؤساء الوزراء البريطانيين وعدد من الوزراء والناشر روبرت مردوخ وقيادات مؤسسته وصحيفته المتورطة، كما قامت النيابة بالتحقيق وصدرت إحكام قضائية بالسجن على عدد من القيادات الصحفية والأمنية. وبعد مداولات ومناقشات مازالت تشغل الرأى العام البريطانى اتفقت الأحزاب البريطانية على إصدار أول ميثاق ملكى للصحافة بهدف تنظيم الصحافة فى بريطانيا حماية للديمقراطية ولحقوق الجمهور ولحرية الصحافة.وانتهى إلى إنشاء هيئه تكون مسئوليتها الاعتراف والتصديق على اى هيئة تعمل فى مجال تنظيم الصحافة فى بريطانيا. وفى استراليا أوصى تقرير للجنة تحقيق بشأن وسائل الإعلام فى أستراليا بإنشاء هيئة جديدة لتحديد المعايير الصحافية ومراقبة الالتزام بها. ويدعو التقرير المستقل الذى أصدرته الحكومة الأسترالية إلى إنشاء «مجلس لوسائل الإعلام الإخبارية» لتحديد المعايير الإعلامية والنظر فى شكاوى الجمهور. ووسائل الإعلام فى أستراليا من بين الأكثر تركزاً فى العالم مع سيطرة شركة نيوز كورب المملوكة لقطب الإعلام روبرت مردوك على٧٠٪ من ملكية الصحف فى البلاد.. وأجرى التحقيق فى أعقاب أنباء فضيحة تنصت صحيفة «نيوز أوف ذى وورلد» المملوكة لمردوك على الهواتف وبعد شكاوى لبعض السياسيين من تغطية منحازة لسياسات الحكومة.. وقال التقرير «إنشاء مجلس لا يهدف إلى زيادة سلطة الحكومة أو فرض شكل ما للرقابة». وفرنسا مؤخرا انتبهت إلى مخاطر الإعلام الرقمى الجديد على شبكة الانترنت وتدرس الآن أن يدرج أمر تنظيمها إلى المجلس الأعلى لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية إلى جانب مسئولياته عن الراديو والتليفزيون. وروسيا قررت أن يسجل أى مدون بياناته كاعلامى حتى يمكن محاسبته أن اخطأ واصدر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قانونا يقلص حصة مشاركة ملكية الأجانب فى وسائل الإعلام ب20٪ فقط مع عام 2016. وحكومة الهند تدخلت حين رأت شبهة احتكار وفساد فى الشركات التى تقوم بدراسة معدلات الاستماع والمشاهدة وقررت تحديد حجم العينة القومية فى بحوث المستمعين ودعت إلى إنشاء شركات وطنية لدراسة معدلات الاستماع والمشاهدة. فمن الصعب على تلك الدول أن تقوم الدولة مرة أخرى بالسيطرة على الإعلام وتنهى ميراثا طويلا من حرية الإعلام حتى لو فقدت وسائل الإعلام الإحساس بمسئولياتها الاجتماعية. وبالنسبة للدول النامية، والدول التى تمر بمراحل الانتقال من أنظمة شمولية أو تعددية منقوصة إلى مراحل بناء نظام سياسى جديد يقوم على الحرية والديمقراطية والتعددية من الصعب الآن الاستمرار فى سيطرة الدولة على قطاع الإعلام وتوجيهه فى إطار سياسات التعبئة والحشد وتوجيه الإعلام لخدمة العملية التنموية لان ذلك عادة ما يصطدم بحق من الحقوق الأساسية التى تسعى لتحقيقها تلك الدول وهو الحق فى حرية التعبير الذى اتسع ليشمل الحق فى الاتصال. ومن هنا ظهرت مفاهيم جديدة لتنظيم قطاع الإعلام تتجاوز فكرة تنظيمه بواسطة الدولة ليصبح هناك سعى نحو طريق ثالث هو التنظيم الذاتى لوسائل الاعلام فى إطار مفهوم اشمل هو حوكمة الإعلام Media Governance الذى أصبح مدخلا مبشرا فى إدارة أو تنظيم مشترك للإعلام. وحوكمة الاعلام وفقا لرؤية دينيس ماكويل تعنى كل الأدوات التى تحدد، توجه، تشجع، وتدير وسائل الإعلام او تستدعيها للسؤال أو الحساب وهى مدى متسع يتدرج من الأكثر تقييدا إلى الأكثر قابلية لمقاومة الضغوط والأنظمة المختارة ذاتيا. وتشمل حوكمة الإعلام وضع قواعد مع تطبيقها وفرض عقوبات كمخرجات من خلال التفاوض مع الأطراف الفاعلة مع النظم وأصحاب المصلحة فى المجتمع. وتهدف حوكمة الإعلام إلى إقامة بناء أو نظام اجتماعى جديد خلال الوظيفة الخاصة لوسائل الإعلام فبدلا من ضمان الاستقلال لوسائل الإعلام، فقط، تتاح الفرصة للفاعلين المدنيين فى المجتمع للمشاركة فى عملية صنع السياسة الإعلامية فمن جانب تحاول وسائل الإعلام إتباع سياسات إعلامية تقيد تأثير الدولة على الوسائل، ومن جانب آخر تؤمن الوسائل التوجه نحو احتياجات المجتمع فى كلمات أخرى حوكمة الإعلام عليها أن تؤكد استقلال وسائل الإعلام ولكن تأخذ فى الوقت نفسه فى اعتبارها أن وسائل الإعلام تمارس مسئولية خلال ذلك الاستقلال وهذا يعنى أن مؤسسات الإعلام والجماعات المهنية مجبرة على إقامة حوار وعمليات تفاوض وإشكال من التنظيم الذاتى مثل وضع السياسات، صياغة أكواد للممارسة المهنية، واكواد أخلاقية لكى تؤدى ذلك. أن حوكمة الوسائل الإعلامية تعنى إقامة نظام اجتماعى لوسائل الإعلام تنغمس فيه أطراف من المجتمع فى وضع سياسة، مراقبة ومحاسبة الوسائل الاعلامية المختلفة. كل الممارسات السابقة تدخل تحت عنوان واحد هو السعى لتنظيم الإعلام Media regulation أو حوكمة الإعلام «إدارته بشكل رشيد» Media Governance، حيث انتقلت الممارسات فى الإعلام فى العالم من فكرة كيفية وضع السياسات الإعلامية إلى فكرة وضع اطر لتنظيم عمل الإعلام. المبادئ العشر للتنظيم الديمقراطى لوسائل الاعلام انطلاقا من المقررات والقيم الدولية لحرية التعبير والاعلام التى اقرها المجتمع الدولى خلال نصف القرن الأخير أمكن بلورة المبادئ التالية للتنظيم الديمقراطى لوسائل الاعلام المبدأ الأول: حرية الصحافة ووسائل الاعلام وفقا لما تم اقراره دوليا ويكون ذلك من خلال القوانين التى تضمن حرية الصحافة ووسائل الاعلام وضمانات دستورية لها. المبدأ الثانى: استقلالية وسائل الاعلام وذلك كأساس لديمقراطية الاتصال والتنمية الاقتصادية ويتحقق نظريا من خلال استقلال وسائل الإعلام عن الحكومة، والتحرر من الضغوط الاقتصادية للملاك والمعلنين والسياسيين فضلا عن الاستقلال التحريرى، وهذا يتطلب أيضا عدم تدخل الحكومة فى عمل الوسائل التى تمتلكها. المبدأ الثالث: التنوع والتعددية فى وسائل الإعلام ويتطلب ما سبق منع الاحتكارات، ضمان مدى متسع من الآراء، خيارات لمنع الاحتكار ومنع التركيز فى الملكية، تنوع الملكية ما يبن وسائل إعلامية خاصة، وأخرى تعمل وفقا لنظام الخدمة العامة، وثالثة مجتمعية، فضلا عن تغطية الريف والحضر، ويتطلب ذلك قوانين لتنظيم تنوع ملكية الوسائل. المبدأ الرابع: مهنية واحترافية وسائل الإعلام ويرتكز ذلك على ثلاثة محاور الأول: وجود كيانات تمثل الإعلاميين وملاك الوسائل الإعلامية فى شكل نقابات، اتحادات، جمعيات، غرف تجارية، والثانى سياسات ومؤسسات وبرامج متخصصة للتدريب والتطوير والتنمية الإعلامية بشكل مستمر، والتعاون فى مجالات التدريب والثالث: تطبيق آليات التنظيم الذاتى من خلال تصميم وتنفيذ أبنية وكيانات للأخلاقيات والممارسات الصائبة والأخلاقية للصحفيين المبدأ الخامس: حماية سرية المصادر وهو مبدأ مهم لاينبغى اختراقه إلا فى الأمور المرتبطة بسير تحقيقات فى قضايا ذات طبيعة خاصة وجماهيرية، أو ترتبط بالأمن القومى بشكل محدد ودقيق وغير فضفاض المبدأ السادس: النفاذ للمعلومات وهى ببساطة تعنى أن لكل شخص الحق فى النفاذ للمعلومات ، الحكومة عليها أن تحترم هذا الحق، تتخذ إجراءات فعلية ومناسبة للأعراف بهذا الحق ، لتوفير المعلومات للمواطنين ن وان تتحول من وصية على المعلومات، إلى راعية وميسرة للوصول إليها، والنفاذ للمعلومات عنصر ضرورى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودعم اتخاذ القرار وبناء مجتمع المعلومات، وذلك من خلال إصدار القوانين التى تعرف بذلك وتنظم من خلال الضوابط حصول الأفراد على المعلومات التى تملكها المؤسسات العامة، ونشر فئات منها، وإدارة مرافق المعلومات بشكل يحقق ذلك. المبدأ السابع: الالتزام بالشفافية والقابلية للمساءلة فوسائل الإعلام لها دور مهم فى تحقيق الشفافية والقابلية للمساءلة كعنصرين من عناصر الحوكمة أو الإدارة الجيدة من خلال ممارستها لدورها الاخبارى والتفسيرى والاستقصائى الرقابى، وهى مهمة أيضا فى توصيل مبادئ الحوكمة الجيدة إلى المواطنين، وعلى الحكومات فى المقابل احترام دور وسائل الإعلام ودعمه المبدأ الثامن: الالتزام بأن تكون منبرا للجدل والنقاش العام فدور وسائل الإعلام هنا ينصب على دعم المشاركة الجماهيرية فى إدارة الشئون العامة عبر الحوار السياسى والاجتماعى وبناء الثقة بين القادة السياسيين والاقتصاديين والجماهير بما يدعم الديمقراطية والسلام الاجتماعى وعلى الحكومة أن تعترف بان البنية التنظيمية الديمقراطية للإعلام القائمة على الحوار النقاش ضرورية وحيوية لتفعيل قدرتها على التواصل مع الجمهور، حيث أن عمل وسائل الإعلام فى بيئة لاتحترم دورها تجعل المشاركة العامة الحقيقية والنقاش العام أمورا غير ممكنة. المبدأ التاسع: إتاحة المحتوى المحلى المنوع على وسائل الإعلام أن تحرص على تنمية الثقافة الوطنية من خلال التركيز فى الأساس على المحتوى الوطنى بشكل يشجع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفى تنوع يحافظ على هوية مجتمعاتها فى ظل العولمة والاستلاب الثقافى الراهن. المبدأ العاشر: التأكد من عدم توظيف الحكومة للإعلان الرسمى كقوة للتأثير على توجهات الوسائل الإعلامية الوطنية وذلك من خلال تعهد الحكومة بالا تستخدم الإنفاق الاعلانى الحكومى كمكافأة لبعض وسائل الإعلام الموالية لها، وتمنعه كعقاب عن المؤسسات التى تعتبرها عدائية بالنسبة لها حتى لا تهدد حرية واستقلال وسائل الإعلام. متطلبات نجاح أى عملية تنظيم للنشاط الاعلامى تشير التجارب العالمية فى هذا الصدد إلى المبادئ التالية: المبدأ الأول: استقلالية الهيئات التنظيمية ويلاحظ هنا أن فكرة استقلالية الهيئات التى تتمتع بصلاحيات تنظيم الإعلام عن الحكومات وأن تكون محمية من التدخلات السياسية والتجارية هى فكرة متعذرة فى المعايير الدولية ومثبته من خلال مقارنة ممارسة هذه الهيئات فى المجتمع الديمقراطى، كما أنه من الضرورى أن تكون هيئات تنظيم الإعلام مستقلة عن القطاعات التى تنظمها. المبدأ الثانى: الإتاحة والنفاذ للجمهور لتلك الهيئات من خلال إمكانية الوصول إليها والتقدم بشكاوى أو تعليقات أو تساؤلات حول أداء وممارسات وسائل الإعلام المختلفة. المبدأ الثالث: الشفافية فى الممارسة بحيث يتاح للجمهور متابعة عملها وأساليب تعاملها مع رسائل الإعلام، وآليات إداراتها للأزمات الإعلامية. المبدأ الرابع: الفعالية فى الأداء التى يمكن أن تقاس بالتطور النسبى فى ممارسات وسائل الإعلام المبدأ الخامس: وجود مجموعة من المواثيق أو الأكواد الأخلاقية المهنية الحاكمة للعمل الاعلامى. المبدأ السادس: تفعيل تلك الهيئات للجزاءات أو الآليات العقابية لمن يخترق الأكواد الأخلاقية المهنية الموضوعة. المبدأ السابع: إمكانية الاستئناف لأحكام أو قرارات الهيئات التنظيمية أمام جهات أخرى أنماط التنظيم الصحفى والإعلامى هناك أكثر من رؤية بينها رؤية تقسمه إلى ستة أنماط التنظيم الذاتى Self Regulation التنظيم الطوعى المستقل بدون ضوابط قانونية Voluntary Independent Non-Statutory Regulation التنظيم الطوعى الذاتى المستقل باعتراف قانونى Voluntary Independent Self-Regulation with Statutory Recognition التنظيم بدعم قانونى Regulation with Statutory Underpinning التنظيم القانونى Statutory Regulation تنظيم الدولة State Control وهناك مجموعة من التساؤلات والإشكاليات التى لابد وان يحسمها أى تنظيم للإعلام تتضمن الآتى على سبيل المثال لا الحصر. من يعمل فى الإعلام وما متطلبات العمل. من يستثمر فى الإعلام وما حدوده. من يحاسب الاعلامى إذا أخطأ. من يحمى حقوق الجمهور. ما ضمانات حرية الاعلامى. ما ضمانات حرية تداول المعلومات. ما ضمانات حرية الإعلام. ضمانات نفاذ الجمهور إلى وسائل الإعلام. طبيعة العلاقة بين السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام. القيم الأخلاقية المهنية الواجب احترامها فى العمل الإعلام. الإعلام وقضايا الأمن القومى. ضوابط حماية الأطفال والنشء من مخاطر الإعلام. طبيعة المحتوى المعروض فى التليفزيون والسينما وهل ينبغى تصنيفه إلى فئات سنية. النظام الإعلامى المصرى الجديد فى ظل التحولات التى يشهدها المجتمع المصرى بعد ثورتى 25 يناير2011 و30 يونيو 2013 وفى سعيه لتطبيق المبادئ الأساسية للثورتين تأتى قضية بناء نظام اعلامى مصرى جديد يتسق مع تلك التحولات السياسية فى مقدمة الأولويات، وأتى الدستور المصرى الجديد (عام2014)ليؤكد ويعظم قيم حرية الإعلام واستقلاليته وتعدديته من خلال مجموعة من الضمانات والهياكل التى تضع الأسس للشروع فى التحول إلى نظام اعلامى مصرى جديد. الضمانات الدستورية جاءت تلك الضمانات فى المواد 70و71و72 من الدستور على النحو التالي: الآليات التنظيمية: حدد الدستور الجديد ثلاثة هياكل تنظيمية جديدة لتنظيم الاعلام فى مصر. تهيئة البيئة الاعلامية لتنظيم الاعلام. إن اعادة تنظيم الاعلام فى مصر يحتاج إلى تهيئة البيئة الاعلامية لتلك العملية ، ويقترح ان تتضمن عملية تهيئة البيئة اتخاذ مجموعة خطوات تشمل خمسة مستويات وتتم بشكل متواز المستوى الأول: القوانين الحاكمة للعمل الاعلامى. وهنا لابد من تحديث عدد من القوانين الحالية التى تقادمت ولم تعد تتناسب مع تطورات الواقع الاعلامى فى مصر، وإصدار قوانين جديدة، تغطى المجالات التالية الصحافة كصناعة وكمهنة «قانون الصحافة، قانون نقابة الصحفيين» البث الاذاعى والتليفزيونى الأرضى والفضائي معايير مزاولة المهن الإعلامية تنظيم الملكية ومنع الاحتكار الاعلامى حرية تداول المعلومات صناعة المحتوى والنشر الالكترونى المستوى الثانى : النقابات والاتحادات والكيانات الممثلة للإعلاميين فهناك قطاعات من الكوادر الإعلامية المصرية لا يضمها كيان تنظيمى يضع الضوابط لعملهم ويحدد آليات العمل مثل العمل الاذاعى والتليفزيونى، النشر الالكترونى، العمل فى الهيئة العامة للاستعلامات والمكاتب الإعلامية للهيئات والمصالح والمؤسسات الحكومية والخاصة. المستوى الثالث: وضع مجموعة من المواثيق والأكواد الأخلاقية المنظمة للعمل الاعلامى على مستوى مهنة الإعلام بمجالاتها المختلفة، وكذلك نشر ثقافة التنظيم الذاتى داخل المؤسسات الإعلامية بما تتضمنه من آليات للتطوير والمساءلة وكذلك قيم الشفافية والإفصاح. المستوى الرابع: إنشاء مجموعة الهيئات الداعمة للعمل الاعلامى بحيث تعمل بشكل احترافى وفقا للمعايير المهنية والعلمية المتفق عليها عالميا وتتضمن مراكز بحوث الرأى العام، مراكز بحوث قراء الصحف والمستمعين والمشاهدين، مكاتب التدقيق فى أرقام التوزيع للصحف، مراكز التدريب الاعلامى، مجلس قومى للتدريب الاعلامى، لجنة لمنح الهوية الوظيفية للإعلاميين المستوى الخامس: إعادة تنظيم قطاع الإعلام الحكومى من خلال مراجعة أوضاع اتحاد الاذاعة والتليفزيون بكافة قطاعاته، والمؤسسات الصحفية القومية بشكل يوفر لها امكانية العمل كمؤسسات خدمة عامة تقدم اعلاما يعمل وفق اطار احترافى كاعلام دولة وليس كاعلام يمثل الحكومة فقط ويدافع عنها. ويدخل فى إطار ما سبق معالجة الأوضاع الاقتصادية لمؤسسات الإعلام المملوكة للدولة التى تضم ثمانى مؤسسات صحفية يعمل بها حوالى 30 ألف صحفى وإدارى وعامل، واتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يعمل به ما يقارب ال 40 ألفا مابين إعلاميين وتقنيين وإداريين وعمال.، ويشكل قطاع الإعلام الحكومى القوة الضاربة والمحورية فى الإعلام من النواحى البشرية وكذلك من حيث امتلاكه للبنية الأساسية لمعظم الأنشطة الإعلامية فى مصر.. ولكن هذا القطاع ونتيجة للممارسات الادارية خلال العقود الثلاثة الماضية يعانى من نقص فى السيولة وديون تجاوزت 20 مليارجنيه بالنسبة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون و13 مليار جنيه بالنسبة للمؤسسات الصحفية القومية.. ويحتاج الأمر خطة اسعافية عاجلة توفر السيولة اللازمة للمؤسسات الإعلامية الحكومية لكى تمارس عملها، ثم رؤية إستراتيجية مستقبلية للتعامل مع تلك المشكلات. النظام الإعلامى المصرى الجديد النظام المثالى لحرية الإعلام يندر وجوده بشكل مثالى فى ظل ما تواجهه مصداقية وسائل الاعلام فى دول العالم من تحديات بسبب الانتقادات الموجهة لها فى ضوء الممارسات غير المسئولة والضغوط التى تتعرض لها واى نظام للاعلام لابد وان يقوم على عدة أركان أساسية هى: الحرية والاستقلال، العدالة والانصاف، الاتاحة والنفاذ من قبل الجمهور العام، المسئولية المهنية والأخلاقية ،الشفافية، القابلية للمساءلة الجماهيرية. النظام الاعلامى المصرى لابد وأن يؤكد على دعم حرية الإعلام بكل أشكاله الاقتصادية والإدارية «إعلام الخدمة العامة، إعلام القطاع الخاص، إعلام الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص»، فى إطار من المسئولية الاجتماعية والمهنية، وأخلاقيات العمل الاعلامى المقرة عالميا، ويستند إلى فلسفة التنظيم المشترك لوسائل الإعلام ، وتطوير آليات للتنظيم الذاتى والمنافسة فى صناعة الصحافة والإعلام، وتدعيم بيئة تحترم فيها الصحافة ووسائل الإعلام والاتصال قيم المجتمع ، وتستجيب لاحتياجات الجمهور والمستخدمين، وإدارة النفاذ إلى تلك الوسائل. و يقترح ان يستند النظام الإعلام المصرى فى عمله إلى القوانين والتشريعات المنظمة للعمل الاعلامى والتى تشمل : قانون الصحافة المطبوعة قانون البث المسموع والمرئى قانون الإعلام الالكترونى «أو قانون موحد للصحافة والاعلام وهنا نجد أن اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والاعلامية قد انتهت منذ عدة شهور من اعداد قانون يغطى قطاعات الصحافة والاذاعة والتليفزيون والنشر الاليكترونى». قانون منع الاحتكار الإعلامى لوائح مزاولة العمل الإعلامى قوانين النقابات الإعلامية إضافة إلى مدونات السلوك «أكواد أو مواثيق الشرف المهنية Codes of conduct Ethics»: التى يتم إعدادها والاتفاق عيها وإقرارها بواسطة الجماعة الإعلامية والإعلانية وتتضمن. مدونة السلوك الصحفي مدونة سلوك للعاملين فى الإذاعة والتليفزيون مدونة سلوك للعاملين فى الإعلام الالكتروني مدونة السلوك الإعلانى فضلا عن توظيف بعض أنظمة الشفافية والمساءلة الداخلية مثل الامبودسمان او امين المظالم الصحفية، اضافة إلى الأدلة التحريرية والأسلوبية ، ومدونات السلوك الداخلية. وقد حددت مجالس الصحافة شروطا مفصلة للوائح العمل الصحفى الداخلى تستخدمها الصحف كدليل لإصدار قراراتها فيما يتعلق بالقيم المهنية والأخلاقية ويمكن تلخيصها بالآتي: 1 - احترام حق الجمهور فى المعرفة والدقة فى جمع الأخبار وكتابتها. 2 - الأمانة والإنصاف، وواجب عدم تزييف الصور أو استخدامها بطريقة مضللة. 3 - حق الرد والتصويب: إعطاء فرصة الرد على الآراء التى تتضمن انتقادا وعلى التحقيقات الصحفية التى تنتقد وقائع. 4 - توخى الموضوعية شكلا ومضمونا 5 - التمييز بين الوقائع والآراء. 6 - احترام حرمة الحياة الخاصة. 7 - عدم استخدام وسائل غير أمينة للحصول على معلومات والنزاهة فى وسائل الحصول على الأخبار والصور والوثائق الحساسية فى التقارير للفئات المعرضة للخطر مثل الأطفال وضحايا الجريمة. 8 - عدم التمييز أو إشعال الكراهية على أساس العنصر أو القومية أو الدين أو الجنس، وبعض اللوائح تحض الصحافة على الامتناع عن ذكر الأصل العنصرى أو الدينى أو القومى للأفراد الذين تدور عنهم القصص الإخبارية ما لم يكن لذكر هذه المعلومات أهمية موضوعية للقصة، بينما يحث بعضها على تغطية الموضوعات التى تشجع روح التسامح. 9 - عدم تعريض حياة الناس للخطر. 10 - توفر معايير الآداب والذوق العام. 11 - عدم الكشف عن المصادر التى لا ترغب فى الكشف عن نفسها. 12 - عدم الحكم مسبقا بإدانة أى متهم، ونشر نفى التهم عن أو إعلان براءة أى شخص تكون الجريدة قد سبق أن نشرت انه اتهم أو حوكم بالفعل.. احترام مبدأ افتراض براءة الشخص عند الكتابة حول الوقائع الجنائية. 13 - ضرورة الامتناع عن التشهير والاتهام الباطل والقذف. 14- احترام حقوق الملكية الفكرية من خلال التزام الصحفى بذكر اسم الصحيفة المنافسة فى حالة نقل معلومات أو حقائق توصلت إليها. 15 - عدم الجمع بين العمل الصحفى والاعلامى «التحريرى»، والعمل الاعلانى سواء داخل مؤسسته الصحفية أو الاعلامية أو خارجها. ويمكن أن يعتمد تنظيم النظام الاعلامى المصرى فى تحقيق مبادئ الاستقلال والمسئولية والشفافية والمساءلة والتعددية ومنع الاحتكار والمهنية والالتزام بقيم المجتمع وبالمعايير المهنية على الآليات أو الكيانات التنظيمية الثلاث التى حددها الدستور الجديد لعام 2014.