تحقيق - مصطفى عبيد: هزة جديدة يشهدها سوق الحديد فى مصر؛ تأثراً بارتفاع تكلفة الإنتاج، كان أبرز دلائلها إعلان بعض الشركات زيادة الأسعار بمبالغ تراوحت بين 200 و350 جنيهاً فى الطن، واستيراد نحو 50 ألف طن حديد سعودى لأول مرة. دخول الحديد السعودى، على وجه الخصوص أثار حالة من القلق بين الشركات المحلية التى حسبت أن دخول 50 ألف طن خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالى قد يتطور، فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج إلى أرقام قد تصل إلى مائة طن شهرياً، وهو ما يمثل حصة سوقية تزيد على 15%. بالطبع يقل سعر الحديد السعودى عن المصرى نحو ألف جنيه فى الطن، غير أن التجار والمستوردين يبيعونه بأقل بنحو 200 جنيه فقط، لتحقيق ربح أكبر. ويرجع الخبراء فى صناعة الحديد الفارق فى السعر إلى وجود فارق فى التكلفة ناتج عن الفارق فى سعر الغاز المباع للمصانع فى كلا البلدين. وطبقاً للمهندس محمد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية، فإنَّ الشركات المصرية تحصل على الغاز من الحكومة بسعر سبعة دولارات للمليون وحدة حرارية، بينما تحصل الشركات السعودية على الغاز بسعر 1.7 دولار لكل مليون وحدة حرارية. المشهد يستدعى ما جرى فى العام الماضى، وتحديداً فى شهر نوفمبر عندما قامت مصر بفرض رسوم إغراق على وارداتها من الحديد التركى والصينى والأوكرانى؛ بهدف حماية الصناعة الوطنية، غير أن تكرار الإجراء مع الحديد السعودى صعب؛ نظراً إلى صعوبة إثبات الإغراق، وارتباط البلدين باتفاقية تيسير مشتركة تسمح بدخول المنتجات السعودية إلى مصر دون رسوم جمركية. وطبقاً لمصادر بالسوق، فإنَّ لدى وزارة التجارة والصناعة من أسباب عديدة تمنعها من فرض رسوم إغراق على الحديد السعودى، ربما أهمها المخاوف من اتباع سياسة المعاملة بالمثل، وحظر دخول سلع مصرية إلى السوق السعودى. غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات تبرر الارتفاع الأخير فى أسعار الحديد بثلاثة أسباب؛ أولها ارتفاع سعر البيليت عالمياً بنحو 15 دولاراً للطن، والثانى ارتفاع مصروفات النقل نحو مائة جنيه فى الطن؛ نتيجة قرار زيادة أسعار الوقود. أما السبب الثالث فيتمثل فى ارتفاع أسعار الكهرباء الخاصة بالمصانع بنسبة 40%. والتحرك الذى ستتبعه الغرفة لن يكون موجهاً ضد الحديد السعودى بشكل مباشر، وإنما هو مركز على ضرورة خفض تكاليف الإنتاج المحلية. ويكشف محمد حنفى، مدير الغرفة ل«الوفد»، أنَّ الغرفة بصدد إعداد مذكرة تفصيلية حول أسعار الغاز والكهرباء لتقديمها إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، تتعهد فيها الشركات بخفض الأسعار حال خفض سعر الغاز إلى أربعة دولارات للمليون وحدة. كما تتناول آثار تقسيم محاسبة الكهرباء إلى شرائح، موضحاً أن المصانع التى تستورد البيليت تستخدم ضغطاً منخفضاً ينتج عنه ارتفاع تكلفة الطن بالزيادة الأخيرة 40 جنيهاً، بينما ترتفع التكلفة لدى المصانع متوسطة الضغط إلى مائتى جنيه فى الطن، و300 جنيه فى المصانع التى تعمل بضغط عال. ويعنى ذلك أن تحول المصانع إلى درفلة الحديد بعد استيراد البيليت أفضل لها من صناعة الحديد بالكامل لديها. وطبقاً لبيانات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فإنَّ إجمالى حجم الطاقات الإنتاجية للمصانع المحلية يبلغ نحو 11.5 مليون طن سنوياً، فى الوقت الذى يتراوح فيه حجم الاستهلاك المحلى بين 8 و9 ملايين طن سنوياً. ويُمكن ترتيب الشركات المنتجة كالتالى: حديد عز الدخيلة فى المركز الأول بإنتاج يتراوح بين 3.5 و4 ملايين طن سنوياً، وبحصة سوقية تقترب من نصف حجم الاستهلاك المحلى، ويليها مجموعة «بشاى للصلب» فى المركز الثانى، وتنتج نحو 2 مليون طن سنوياً، ثُم مجموعة «حديد المصريين» (أبوهشيمة) فى المركز الثالث بما يقارب ال2 مليون طن بعد تشغيل مصانعه الجديدة. وفى المركز الرابع، تأتى شركة السويس للصلب بطاقة إنتاجية تبلغ نحو 800 ألف طن، وكانت المجموعة تابعة للقطاع الخاص قبل أن يستحوذ عليها جهاز الخدمة المدنية فى العام الماضى. أما المركز الخامس فى الإنتاج فتحتله مجموعة الجارحى التى تمتلك مصنع عتاقة، والمصرية للصلب ويبلغ إنتاجها نحو 700 ألف طن. وتشير الدراسات المستقبلية إلى توقع ارتفاع حجم الطلب على الحديد فى مصر إلى أكثر من 12 مليون طن بحلول سنة 2020، وهو ما يتطلب زيادة الطاقات الإنتاجية خلال السنوات القادمة. وتؤكد الدراسات، أنَّ هناك ثلاثة أجنحة للطلب على الحديد داخل مصر اثنان منهما يخصان الحكومة، وهما الطلب الخاص بمشروعات وأعمال البنية التحتية والطرق والكبارى، والطلب الخاص على الإسكان الحكومى وكلا الجناحين يعملان جيداً، أما الجناح الثالث فيخص مشروعات الاستثمار العقارى التى ينفذها القطاع الخاص، وتعانى كساداً شديداً ينعكس على حجم الطلب على حديد التسليح.