العائلة المصرية في برلين: مشاركة إيجابية للجالية المصرية في انتخابات «النواب»    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير محور 30 يونيو    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة موقف مشروعات مبادرة "حياة كريمة"    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    وزير المالية: إجراءات استثنائية لخفض الدين مع الحفاظ على الانضباط المالي    بعد حادث رئيس الأركان.. رئيس المباحث الجنائية الليبي يزور مكتب المدعي العام في أنقرة    إسرائيل تتحدى العالم: لن ننسحب أبدًا وسنحمى مستوطناتنا    باجو المدير الفني لمنتخب الكاميرون : لن أحفز اللاعبين قبل مواجهة كوت ديفوار    الكرملين: موسكو قدمت عرضا لفرنسا بخصوص مواطن فرنسي مسجون في روسيا    انطلاق مباراة الزمالك وسموحة بكأس عاصمة مصر    تأييد حبس عبد الخالق فاروق 5 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة    إصابة 6 أشخاص إثر مشاجرة بالشوم والعصي بقنا    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    مصطفى شوقي يطرح «اللي ما يتسمّوا» من كلماته وألحانه | فيديو    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    قائمة الإعفاءات الجديدة لدخول قاعات المتحف المصري الكبير    استشاري: الربط بين التغذية والبروتوكول العلاجي يسرّع الشفاء بنسبة 60%    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات في المنصورة ويقرر غلق جميع المحال المخالفة لاشتراطات السلامة المهنية    فيديو B-2 وتداعياته على التحرك الإسرائيلي المحتمل ضد إيران ( تحليل )    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسميًا بعد أكثر من 25 عام زواج    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ماء النار».. قاتل بلا عقاب
نشر في الوفد يوم 22 - 06 - 2018


تحقيق - حسام أبوالمكارم:
«اللى تعرف ديته اقتله».. مثل نعرفه جميعاً، لكنه أصبح شعاراً للبلطجة والفوضى عندما تتسلل الأفكار الشيطانية إلى البعض للانتقام، بأقل من عشرة جنيهات يستطيع من يملكها أن يشوه وجه وجسد الشخص الذى يريد الانتقام، بفعل «ماء النار»، أو كما تعرف علمياً بحمض الكبريتيك المركز، وبينما يظل وجه المجنى عليه مشوهاً، يقضى الجانى عقوبة لا تتجاوز 10 سنوات يخرج بعدها من السجن أشد إجراماً وأكثر خطورة، وخشية الجميع الاقتراب منه حتى لا يكون ضحية.
كعادات المصريين فى وضع بصمامتهم على كافة المنتجات، لم يسلم «ماء النار» التى صنعت لإذابة المعادن المختلفة، من أعمال الفوضى والبلطجة وترويع المواطنين لسكبها على الضحايا خلال المعارك والمشاجرات بدافع الانتقام، بعد أن أصبحت سلاحاً سهل الحصول عليه من المحال التجارية التى لا يخلو منها شارع داخل الحوارى والأزقة.
وسرعات ما امتدت هذه الكارثة التى لا تكلف معتادى العمل الإجرامى سوى بضع جنيهات، حتى طالت واتسعت رقعتها فى المجتمع لتصبح وسيلة الانتقام بين الأزواج، ما يتطلب سرعة سن قوانين تحظر منع الحصول على تلك المواد دون تراخيص، ووضع عقوبة رادعة لاستخدام «ماء النار» فى غير أغراضه.
الجرائم التى بطلتها مياه النار لا تكاد تنقطع، فقبل أيام وتحديداً فى 30 مايو الماضى تعرضت طفلة بمحافظة الشرقية لحروق فى الوجه والجسد، نتيجة إلقاء موظف بالأوقاف «ماء نار» على جسدها النحيل، بسبب خلافات على الميراث مع والدها فى مركز أولاد صقر.
وفى ذات الشهر شهد شارع مصر والسودان، بمنطقة حدائق القبة، جريمة بشعة ظلت حديث سكانه لأيام، راح ضحيتها رجل أعمال شاب، شوهت زوجته وجهه ب«ماء نار»، بعد خروجه من شركته.
وكشفت التحقيقات أن الزوجة استعانت بأحد الأشخاص الذى ارتبطت به عاطفياً، وطلبت منه تشويه وجه طليقها مقابل 10 آلاف جنيه، لرفضه تسليمها مؤخر صداق، وقائمة منقولات تقدر ب 350 ألف جنيه.
وبدوره استعان بموظف بشركة خاصة، لتنفيذ مخططه الإجرامى مقابل 200 جنيه، وأحضر المتهم مياه النار «مركزة وخام» وجربها على الأرض، وطلب من المتهم الثانى معاينة مقر شركة المجنى عليه الكائنة بشارع مصر والسودان بحدائق القبة، تمهيداً لتنفيذ الجريمة.
وفقدت سيدة بصرها وانسلخ جلدها بعد أن نزعت ربة منزل الرأفة والرحمة من قلبها، وشوهت «ضرتها»
بإلقاء «ماء نار» على رأسها، ما أدى إلى إصابتها بتشوهات فى الظهر والصدر وباقى الجسد، للانتقام منها بسبب خلافات عائلية بينهما، عندما قرر الزوج الارتباط بعشيقته منذ 17 عاماً.
واشتد غيظ الزوجة الأولى عندما أنجبت ضرتها طفلاً لزوجها بعدما عجزت هى عن الإنجاب منه طيلة عدة سنوات، ما زاد من غيرتها وحقدها على ضرتها، وأصبحت تعاملها بمنتهى القسوة وتفتعل معها المشادات الكلامية وتقذفها بأشد أنواع الشتائم بقصد تطفيشها وابتعادها عن زوجها وبيتها.
وإثر مشادة بين راكب وسائق توك توك، بمركز بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، أصيب السيد عزت محمد سالم بتشوه فى الوجه لإلقاء «ن. غ. ى» مياه النار عليه، عندما طلب الأول من المتهم خفض صوت الكاست بالتوك توك الذى يقوده، برفقته زوجته ونشبت بينهما مشادة، فتوجه لمنزله ثم عاد وهو يحمل معه ماء النار، ألقى ماء النار على وجهه، ما أدى لتشوهه وفر المتهم هارباً.
قالت الدكتورة فوزية عبدالستار، أستاذ القانون بجامعة القاهرة: إن القانون لا يعلق على نوع المادة المستخدمة فى المشاجرات التى تحدث فى الشوارع وتسبب عاهة مستديمة، ويعلق الأثر على مدى الإصابة أو الجرح الذى تعرض له الضحية.
وأكدت أن المشرع هو من يملك الحق فى وضع قانون يجرم تداول المواد الحارقة واستخدامها فى غير أغراضها التى صنعت من أجله.
ولفتت عبدالستار، أن المادتين 240، 241 من قانون العقوبات تنصان على أن كل من أحدث بغيره جرحاً أو ضربة نشأ عنه قطع أو انفصال عضو وفقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه أى عاهة مستديمة يستحيل درؤها يعاقب بالسجن من ثلاث سنوات إلى 5 سنوات.
أما إذا كان الضرب أو الجرح صادراً عن سبق إصرار أو ترصد فيحكم بالسجن المشدد من ثلاث سنوات إلى 10 سنوات, ويضاعف الحد الأقصى للعقوبات المقررة فى المادة 240 إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابى، وتكون العقوبة
السجن المشدد إذا نشأ عن الفعل وفاة المجنى عليه.
ويشترط لتوقيع العقوبات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة أن يقع الفعل المشار إليه خلسة.
ونرى أن نص المادة 240 من قانون العقوبات لا يعالج وضع حالات معينة قد لا يترتب عليها وفاة المجنى عليه بل تحدث إصابات تجعله عاجزاً عجزاً كلياً عن مباشرة حياته وقد لا يستطيع أن يتناول الطعام أو يؤدى الصلاة.
وقد يترتب على الإصابات إصابة المجنى عليه فى أكثر من جزء من جسده أو فقد أكثر من عضو من أعضاء جسده، ولذلك نرى ضرورة تدخل المشرع لمعالجة مثل هذه الحالات التى تكون أقسى من الموت.
وقال اللواء مجدى البسيونى، الخبير الأمنى ومدير أمن المنيا الأسبق: إن المواد الملتهبة من مياه النار، لا تقل خطورة عن الأسلحة النارية، فى الاستخدام الجنائى ضد المواطنين، مشيراً إلى أن تجريم حيازتها دون تراخيص يحد من التشوهات والعاهات المستديمة التى يحدثها الخارجون على القانون فى المشاجرات.
وشدد الخبير الأمنى على أهمية سن تشريعات تعمل على تقنين تداول المواد وكيفية الحصول عليها بالطرق الرسمية ومعرفة أغراضها فى الاستخدام قبل منحها للأشخاص، قائلاً: «المواد حارقة قد تؤدى إلى الوفاة، فضلاً عن التسبب فى عاهة وتشوهات، لذا لا يجب الحصول عليها إلا من خلال تصريح، وتوضيح عقوبة استخدامها دون الغرض التى بيعت له».
وأوضح البسيونى، أن المواد الكاوية تساوى المواد المتفجرة فى البلاد، مطالبًا بأهمية خضوعها للرقابة والتفتيش من قبل جهاز الحماية المدنية حتى ينخفض معدل الجريمة فى الشارع ومنع أى مواد تساهم فى انتشارها.
عصمت الميرغنى، رئيس اتحاد المحامين الأفروآسيوى لحقوق الإنسان، ترى أن المجتمع يحتاج إلى قانون لديه أظافر ومخالب تقضى على الجرائم التى يرتكبها الخارجون وتحمى المواطن المصرى، مضيفة: أن هناك كثيراً من الضحايا سقطوا نتيجة لغياب الرقابة على بعض المواد التى يتم تداولها بشكل قانونى، لكن يتم استخدامها فى أعمال البلطجة والانتقام التى انتشرت فى الفترة الأخيرة.
وتابعت: «يجب معرفة وسائل الأمان لدى المحال التجارية التى تقوم بترويج تلك المواد، والاطلاع على كيفية تخزينها حتى لا تتسبب فى الكوارث»، مضيفة أنه يجب تسجيل المواد الحارقة والملتهبة ومعرفة الكميات التى تباع وما سبب الاستخدام حتى تتمكن الدولة من بسط يدها على منابع الإجرام والعمل على انخفاض معدل الجريمة والبلطجة فى الشارع.
اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمنى، يؤكد أن المياه الملتهبة والحارقة لا يمكن حظرها فى الشارع المصرى، ولا تستطيع الدولة حظرها لأنها تدخل فى العديد من الاستخدامات والصناعات التى تحتاجها الدولة لتحسين الاقتصاد المصرى.
وأكد الخبير الأمنى أن الحصول على تلك المواد «ماء نار» مشكلة تواجه البلاد، وتبعث الرعب فى النفوس، مشددًا على أهمية خضوعها للرقابة ولا يتم استخدامها إلا تحت إشراف الحماية المدنية مثلها مثل حصص المتفجرات التى تخصص للمحاجر لإنتاج الرخام أو المواد الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.