الحقيقة أن شيئاً غير مفهوم ومجبر يطرح تساؤلاً.. كيف أن لجهة ما «وهي أعضاء مجلسي الشعب والشوري غير المعينين» طلب منهم انتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد كما نصت المادة 60 من الإعلان الدستوري، وللمفاجأة غير المتوقعة أنهم انتخبوا أنفسهم.. بحيث أصبحت نسبة المنتخبين من داخل المجلس 50 عضواً يشكل التيار الإسلامي لحزب الحرية والعدالة والسلفيين ما يزيد علي 70٪ من أعضاء البرلمان.. فهل هذا أمر منطقي أن يتبقي لجميع فئات المجتمع ومؤسساته 50٪ فقط من خارج البرلمان.. وفوق ذلك أن من في يدهم الأكثرية في البرلمان حددوا مسبقاً من يريدون انضمامهم إليهم.. بدون توافق وطني عليهم.. وبدون وضع أي معايير تضمن اختيار شخصيات وطنية، مؤهلة لإعداد دستور، لما بعد ثورة 25 يناير، الثورة التي نظر إليها العالم بكل إكبار وتبجيل.. وأيضاً ليكون حقاً دستور يليق بأن يطلق عليه «كتاب الوطن» وأبوالقوانين. فالعديد مما اختيروا.. بعيدون كل البعد عن إعداد دستور مستقبل مصر!! ولا يخفي علي أحد أن أداء مجلس الشعب خلال الشهرين الماضيين كان ضعيفاً، وصادماً، وعلي غير المتوقع لم يطرح أياً من أهداف الثورة، ولا مطالب الشعب الذي صبر وتحمل الكثير من الصعوبات علي أمل أن يحقق برلمان ما بعد الثورة ما يعيد للشعب حقوقه المغتصبة والوقوف أمام الثورة المضادة بكل حزم والتركيز علي استرداد ما اغتصبته «عصابة» الحكم السابق.. ولكن نجد أن أداءه لم يختلف عن أداء مجلس الحزب الوطني.. إلا من قلة تكاد لا تزيد علي أصابع اليد الواحدة! والسؤال المطروح.. أين المجلس وتشريعاته لتحقيق المطالب الأساسية للثورة التي طالبت بإسقاط النظام.. ولكن لم يسقط إلا رأسه.. ومازال هيكل النظام بكل مساوئه وفساده قائماً ومنتشراً في جميع مؤسسات الدولة بصورة واضحة.. ومع ذلك لم يؤد مجلس الشعب مسئولياته تجاه استكمال التخلص من بقايا النظام.. ومازال هناك العديد من الأحداث الفاجعة تشير إلي «أياد خفية» مرجعها بقايا النظام ولم يتدخل بالرقابة والتشريع لإحداث أي تغيير مؤثر بالنسبة لتحقيق العدالة الاجتماعية التي هي أحد المطالب الأساسية التي قامت عليها الثورة! ولقد أصاب حزب «الحرية والعدالة» الشعب المصري، حقاً بصدمة لم تكن متوقعة.. فما يصرح به اليوم ينقلب عليه اليوم التالي، ويتجسد ذلك في المبدأ المستمرين في رفعه وهو «المشاركة.. لا المغالبة» الذي ينقلبون عليه في كل المواقف بدون استثناء.. وكأنه يستخدم ستاراً لما يضمرون. أما المجموعة «السلفية» التي تمثل ما يزيد علي 20٪ من أعضاء البرلمان المختارين لإعداد الدستور فكيف لهم أن يشاركوا في إعداد دستور لمصر المستقبل.. وهم - علي حسب تصريحاتهم - يريدون إرجاعنا إلي عصور الظلام التي انتهي عهدها منذ قرون.. ومازالت أعلام «قندهار» التي رفعوها لترفرف في ميدان التحرير، ماثلة أمام أعيننا.. ولم يرفعوا العلم المصري.. واأسفاه. كذلك لا ينسي الشعب المصري الحديث الذي أدلي به أحد أعلي القيادات في جماعة الإخوان.. الذي يعتبر حزب «الحرية والعدالة» المهيمن علي الأكثرية في مجلس الشعب، أنه الذراع السياسية لها.. بأنه «طظ في مصر» ولا تفرق معه إذا حكمها شخص ماليزي.. فماذا يمكننا أن نعلق علي هذا القول النابع من فكي قيادات الجماعة؟ الكلمة الأخيرة: الأيام القادمة.. حتي يونيو القادم.. هي مرحلة مصيرية غاية في الخطورة.. وعلي القوي الوطنية الشريفة أن يكون لها موقف موحد وحازم.. أمام العبث غير المسئول بمستقبل البلاد.. من تيار توهم أن مصير البلاد في أيديهم فلن يسمح الشعب المصري بدستور «قندهار» يطبق علينا.. ولا لشخصية ماليزية تحكمنا.. لك الله يا مصر!!