اليوم.. يمكن أن ننقذ الأم والجنين والأب كمان بقرار حكيم للبرلمان يعلن فيه إعادة حق الشعب في إعداد دستوره، فمصر ليست ضيعة يملكها فصيل ولا بدلة يتم تفصيلها علي مقاس تيار معين، هي قلب وشرايين 85 مليون مصري، وعندما نعيد الحق لأصحابه فإنه واجب لا يجوز معه الشكر. إن العناد يولد الصدام فإن الاصرار علي عقد أول اجتماع للجمعية التأسيسية للدستور اليوم للتحضير لجدول أعمالها في إعداد الدستور الجديد رغم توالي انسحاب القوي الوطنية منها احتجاجا علي استئثار الأكثرية علي معظم مقاعد لجنة المائة وتجاهل تمثيل فئات الشعب فيها، ورغم الطعون التي نظرتها محكمة القضاء الإداري ضد تشكيلها يؤكد أن التأسيسية تسير والقوي السياسية تضرب دماغها في البلاط! لكن إذا أصر البرلمان علي موقفه ولم يعد الحق لأصحابه بارادته فقد يضطر إليه مرغما إذا تجاوز عدد المنسحبين من التأسيسية الممثلين للمجتمع المدني من خارج برلمان عدد الأعضاء الاحتياطيين! إن العودة إلي الحق فضيلة وليس اعتداء علي قرار للأكثرية. مطلوب تضحية وتنازلات للوصول إلي توافق حقيقي علي الدستور الذي يرسم ملامح الدولة الحديثة التي نريدها بعد ثورة 25 يناير لا نريد في اجتماع التأسيسية اليوم بالقاعة الفرعونية في البرلمان أن نسمع كلمة خليهم يتسلوا هذه الكلمة اسقطت نظاما بالكامل عندما ركب الغرور الرئيس المخلوع واستسلم للشيطان يبول في أذنيه وهو يوزع نظراته بين نواب حزبه أو خدمه في قاعة البرلمان وبين أسرته في شرفة الزائرين وقال في رده علي سؤال حول الموقف من القوي السياسية التي قررت إنشاء برلمان مواز لبرلمانه المزور «خليهم يتسلوا» وبعد أيام من تلفظه بهذه الكلمة ثار الشعب وأسقط دولة الظلم، وجعل مبارك هو اللي بيتسلي!! لا نريد أن نقول ما اشبه الليلة بالبارحة ولا نتمني أن نسمع من يقول في اجتماع التأسيسية اليوم خليهم يتسلوا علي القوي الوطنية التي رفضت التنازل عن حق الشعب في كتابة دستوره كما رفضت توريطها في المشاركة باعداد دستور طائفي تعده أغلبية بالمخالفة لدساتير الدول الديمقراطية التي تأتي عن طريق التوافق وقررت بعض القوي السياسية الوطنية البحث عن صيغة تحمل اسم «دستور لكل المصريين» تشارك فيه فئات الشعب دون اقصاء لطائفة. إن انسحاب القوي السياسية من هذه اللجنة «الخبيثة» ليس عملا سلبيا، وأعتبره قراراً ايجابياً كان يجب اتخاذه بعد إعلان البرلمان عن انتخاب لجنة المائة بواقع 50 عضوا من نواب مجلسي الشعب والشوري و50 آخرين من خارجه لأنه كان علي البرلمان أن ينأي عن المشاركة في إعداد الدستور، ويتركه للشعب صاحب الحق الأصيل ان استناد البرلمان علي المادة «60» في انتخاب أعضاء التأسيسية حق أراد به باطلاً وكان يجب انتخاب أعضاء اللجنة من الشعب لأنه لا يجوز أن ينتخب النواب أنفسهم أعضاء في لجنة الدستور، ولا أن يعد النواب الكيان الذي ينشئ سلطتهم إن الدستور هو الذي ينشئ السلطات وليس السلطات هي التي تنشئه. هناك مؤامرة مفضوحة ومكشوفة لتمرير دستور مكتوب مسبقاً تسيطر عليه أغلبية تمارس دورها بصورة تتجاوز الأعراف الديمقراطية، وهي خليط بين جماعة دعوية وحزب سياسي! الحل هو أن ينسحب نواب البرلمان من الجمعية التأسيسية ويتركوا الحق لأصحابه من الكفاءات والخبرات وفئات الشعب، وأن يمارس البرلمان دور الرقيب لأنه لا يصح أن يحدد النواب سلطاتهم في الدستور ولا أن تتحكم الاغلبية في تحديد بنود العقد الاجتماعي الذي يؤسس للدولة.