كتب - أحمد سلامة: «ناهد» سيدة فى العقد الثالث من عمرها، من أسرة متوسطة الحال، الأب يعمل سائقًا والأم ربة منزل، لها من الأخوات ثلاث «نجلاء» و«عزة» و«هبة»، وأخ وحيد «محمد». سافر الأب إلى عدة دول عربية لتحسين المستوى الاقتصادى للأسرة وتوفير كافة متطلباتها، وبالفعل استطاع شراء منزل حديث وبعض قطع الأرض الزراعية وسيارة. ارتفع المستوى المعيشى للأسرة وأصبحوا يتمتعون برغد العيش، وتقدم «أحمد»، الذى يعمل مدرسًا للغة الإنجليزية للابنة الوسطى «عزة»، وبالفعل تم الزفاف، ثم تقدم «على» الذى يعمل فى أحد الفنادق فى مجال السياحة للابنة الكبرى «نجلاء»، وأيضًا تم الزفاف. بلغت «ناهد» الثمانية عشر ربيعًا وأنهت دراستها بدبلوم التجارة، لكنها بدأت تشعر بالوحدة، حيث إنها بعيدة تمامًا عن المجتمع، تعيش دائمًا فى وحدة وعزلة ليست لها صديقات حتى الجيران قلما تتبادل معهم الزيارات. تمر الأيام والشهور ويتقدم «جمال» ل«ناهد» وهو صاحب الأربعين عامًا وابن عم والدها. تنقسم الأسرة لفريقين أحدهما يؤيد الزواج، حيث إن العريس يعتبر فردًا من أفراد العائلة ويعمل بأحد المطاعم فى بلد عربى وميسور الحال وسيحافظ على البنت ويرعاها. اعترض الفريق الآخر من الأسرة بسبب الفرق الكبير فى السن بين «ناهد» و«جمال» فهو تقريبًا فى سن والدها وستكون هناك فجوة كبيرة بينهما. بعد العديد من الجلسات والمناقشات وافقت الأسرة على العريس، وفى بضعة أسابيع وجدت «ناهد» نفسها مع رجل لا تعرفه ولا يعرفها ولم تآلفه ولم يألفها. مرت أيام شهر العسل دون مشاكل، فأسرة «ناهد» دائمة الزيارات للعروس، ومعهم ما لذ وطاب من مأكل ومشرب. لم تشعر «ناهد» فى البداية بفارق السن بينها وبين «جمال»، كان لطيفًا ودودًا حميماً. قضى «جمال» مع «ناهد» قرابة الشهرين وهما فى سعادة بالغة دون مشاكل أو أى خلافات. سافر «جمال» مرة أخرى لعمله فى الأردن وبدأت المشاكل تدب بين أشقائه ووالدته من جانب، و«ناهد» من جانب آخر. وتمر الأيام وتزداد مضايقات أسرة «جمال» للعروس، لكنها تتحمل دون أن تخبر أحدًا من أسرتها ودون أن تخبر زوجها، خاصة بعدما بدأت علامات الحمل تظهر عليها وبدأ الجنين يتحرك فى أحشائها. تمر الشهور وتأتى علامات الولادة وتذهب «ناهد» إلى بيت والدها وتضع مولودتها الأولى، ويتحمل الأب كل نفقات الولادة دون أن يعرض الزوج أى مبالغ مالية لولادة زوجته. تمر الأيام ويعود «جمال» ويصطحب زوجته وابنته إلى منزله، وتفاجأ الزوجة بأنه لم يحضر أى هدايا لها ولا للمولودة. بدأت علامات التعجب تظهر على وجه الزوجة، وعندما سألته عن سبب عدم إحضاره هدايا لطفلته؟.. أجاب: «هناك غالى، هديكى 200 جنيه ليكى وليها تنزلوا تشتروا اللى أنتوا عاوزينه». مرت عدة أيام ونفد الطعام الذى جاءت به أسرة «ناهد» فى زيارتهم وبدأت الزوجة تطلب من زوجها مصروف البيت، فوجئت بشخص ثائر عصبى هائج: «ما تطلبيش منى فلوس خالص اتصرفى». أصبحت «ناهد» فى حيرة من أمرها كيف تتصرف ومن أين تدبر نفقات منزلها وطفلتها.. أسئلة عديدة بدأت تدور فى رأس «ناهد» ووقفت عاجزة تمامًا لا تدرى ماذا تفعل. بدأ «جمال» يخرج رويدًا رويدًا أقل القليل من الأموال لمصروف البيت، لكن كل ما يخرجه لا يكفى بأى حال من الأحوال نفقات المنزل، اكتشفت «ناهد» شخصية زوجها فهو رجل بخيل. بدأت المشاكل تدب بين «ناهد» و«جمال» بسبب نفقات المنزل، واضطرت «ناهد» لمغادرة منزل الزوجية إلى بيت أبيها. روت لأسرتها معاناتها مع رجل بخيل فى كل شىء. مرت الأيام و«ناهد» وأسرتها فى انتظار حضور الزوج لإرضاء زوجته وإعادتها وطفلتهما إلى منزل الزوجية ولكن دون جدوى. أرسل والد «ناهد» إليه يطلبه لأمر مهم، ولكنه رد قائلاً: «خليها عندكم هى والبنت لأنى مسافر ولما أرجع نبقى نتفاهم». ظلت «ناهد» وطفلتها فى منزل أبيها وقلما تتلقى اتصالًا من زوجها، وتمر الشهور وانقطع الزوج عن الإنفاق عليها. وفجأة تتلقى «ناهد» اتصالًا من زوجها يخبرها فيه بأنه سيعود، وطلب منها انتظاره بمنزل الزوجية، فطلبت من أسرتها السماح لها بالعودة لمنزل الزوجية لعل الله يصلح من شأن الزوج. عادت «ناهد» لمنزل الزوجية وأحضرت من بيت والدها كل ما لذ وطاب من طعام وشراب وأعدت الشقة إعدادًا جيدًا وانتظرت عودة الزوج، لم يتغير بخل الزوج وحرصه على المال، بارد المشاعر والأحاسيس. فكرت «ناهد» فى الانفصال وتعود إلى بيت والدها ومعها طفلتها، أم تتحمل لعل الزوج يفيق من غفلته ويعود لرشده وصوابه. قررت «ناهد» أن تتحمل وتمر إجازة «جمال» سريعًا، لكنها كلها صراعات وشجار بسبب نفقات المنزل. سافر «جمال» لعمله وعادت «ناهد» لبيت أبيها كالعادة. وتشعر «ناهد» بأعراض الحمل الثانى. أخبرت «ناهد» زوجها بأنها حامل وطلبت منه إرسال بعض الأموال لتنفق على نفسها وطفلتها إضافة إلى متابعة الحمل عند الأطباء، ولكنه لم يستجب لطلبها. وضعت «ناهد» طفلها الثانى. بدأ الزوج يشكك فى سلوك زوجته ويتابع هاتفها الخاص ويسأل عن الأرقام والمكالمات التى تتلقاها. وبدأت «ناهد» تفقد صوابها لأنها تحملت منه الكثير والكثير، ولكنه لم يتغير ولم يشعر يومًا بالمسئولية وأنه رب أسرة. اتصلت والدة «ناهد» بها للاطمئنان عليها أثناء نوم «جمال» وعندما استيقظ سألها «بتكلمى مين؟».. فردت «ماما». فصفعها على وجهها دون أن يتأكد من صدقها وبدأ يجرها من شعرها على الأرض ويضربها. استيقظ الأطفال على صوت صراخ الأم وهربت «ناهد» تطلب المساعدة من الجيران لكنه أمسك بها محاولًا قتلها. انتابت «ناهد» حالة هستيرية، ذهبت مسرعة إلى المطبخ والتقطت سكينًا وطعنت «جمال» طعنة أودت بحياته فى الحال وبدأت فى الصراخ ليتجمع الجيران ويجدوا جثة «جمال» غارقة فى الدماء.