كتبت - مونيكا عياد: يخشى عليها من قسوة الزمان، يحاوطها دائماً بحنانه وحبه كان دائماً يجلس معها ليضحكا سوياً وهما يتذكران المواقف اليومية بين أولاد الجيران، هكذا كان يحب «مصطفى» شقيقته «منى» التى كانت تصغره بسنوات قليلة، حيث اعتادت أن يكونوا مع بعضهما البعض يتشاركان كل شىء منذ بداية الحياة، كانا يذهبان سوياً للمدرسة ويلعبان مع أولاد الجيران ويدافعان عن بعضهما فى أى مشكلة. كانت إذا عاقبت والدتهما أحدهما يبكى الآخر، يعيشان فى جسدين لكن بروح واحدة، يشعر كل منهما بالآخر دون أن يتحدث، ومرت الأيام ولم يكن يعرف أن هذا الحب الأخوى سيقوده إلى حافة الإعدام. جاء اليوم الذى تنتظره كل فتاة فى الصعيد بعدما انتهت «منى» من مرحلة الدراسة. تقدم ابن الجيران للزواج منها واتفق مع أسرة العروس أن تسكن ابنتهما مع والدته، ووافقت العروس لأنها كانت تحبه منذ الصغر، حيث لم يكن فى مقدرته أن يشترى شقة، إلا أنه وعدها بأنه سيشترى لها شقة خاصة عندما تتحسن ظروفه. وأقيم الفرح وسط الزغاريد والطبول وودعت «منى» أسرتها وانهالت الدموع وهى تودع توأم روحها شقيقها «مصطفى». وفى صباح أول يوم زواج طرقت والدة العريس على غرفتهما قائلة لهما «الفطور جاهز يا عروسة»، وجلس الجميع على السفرة لتناول الفطور الذى أرسلته أم العروسة، وقالت والدة «محمد» موجهة حديثها للعروس «ماتخديش على كده يا عروسة.. أنا مش جوزتكم معايا عشان أخدمكم، أنا سنى كبير ومحتاجة اللى يخدمنى»، لترد «منى»: أنا فى خدمتك يا أمى.. ده كفاية أنك جبتيلى العسل ده، وهى تشير إلى زوجها، لتنظر حماتها إليها نظرة غيرة على ابنها قائلة: «ده محمد ابنى آخر العنقود حبيب قلب أمه تعبت جداً عشان أربيه وأخيله راجل بعد ما أبوه مات وهو كان لحمة حمرا». وبدأت الزيارات تهل لتهنئة العروسين من الأقارب والأصدقاء، لتصرخ حماتها فى وجه العروس «مش هينفع كده.. أنا ست تعبانة ماقدرش على الزيارات والدوشة دى من أصحابك وعيالهم»، تحاول «منى» أن تمتص غضب حماتها «ربنا يديكى الصحة.. بس هى الفترة دى بس عشان الناس كلها عايزة تبارك لنا على الجواز»، لتحتد حماتها صارخة «قابليهم بره.. لكن ده بيتى وأنا عايزة أستريح فيه»، تغضب «منى» من أسلوب حماتها وتحاول أن تفضفض مع زوجها ليجد حلاً مع والدته. وعلى الجانب الآخر تقوم والدته بالشكوى منها لزوجها وتصفها بأنها متكبرة وعديمة الرحمة، واتهمتها بأنها دفعتها وحاولت إسقاطها، وبثت السم فى أذن ابنها حتى شحنته ضد زوجته، وجعلته يضربها فى شهر العسل حتى لا يعلو صوتها مرة أخرى على والدته، ولم تجد «منى» أى كلام تدافع به عن نفسها بعد أن تسممت أذنى زوجها بكلام والدته المزيف. وفى زيارة شقيقها «مصطفى» لاحظ علامات الحزن والكآبة على وجه «منى» حاول أن يعرف ما بها، لكنها كانت دائماً تطمئنه وترفض أن تشكو حالها، اقترح عليها أن يأخذها للتنزه، إلا أنها رفضت متحججة أنها مرهقة، لتدخل حماتها عليهما قائلة: «منى» لا تستطيع أن تخرج إلا بعد إذن زوجها.. غير أن فى حاجات فى الشقة لازم تخلصها النهارده، ليشعر «مصطفى» أن شقيقته فى سجن مع حماتها وزوجها. وبعد شهرين من الزواج علمت بأنها حامل وفرحت كثيراً وتجدد فيها الأمل بأن يكون هذا سبباً فى كسب حُب زوجها مرة أخرى، وأن تجعل حماتها تسعد بها، ولكن هيهات لأن الطباع لا تتغير فى ليلة وضحاها بل تشتد قسوة مع العند، حيث لم ترحمها حماتها وأثقلت على كاهلها أعمال المنزل بأكمله وأصرت أن تجعلها تقوم بجميع أعمال المنزل، شعرت «منى» بتعب شديد وتوجهت بصحبة زوجها إلى الطبيب الذى حذرها من بذل أى مجهود لأن وضع الجنين غير مستقر، لكن حماتها لم ترحمها من طلباتها، فاقترحت «منى» أن يأتى زوجها بخادمة تساعدها فى أعمال المنزل حتى تكتمل شهور الحمل، رفضت حماتها: «أنا مفيش حد يدخل بيتى غريب.. وكلنا خلفنا وكنا بنشتغل أكتر منك.. ده كله كلام دكاترة مش فاهمين حاجة»، وأوصت ابنها ألا يترك لزوجته أى أموال حتى لا تنفقها فى تفاهات. ولم يستمر الحمل سوى شهرين وحدث لها نزيف حاد بسبب إصرار حماتها على قيامها بكل أعمال المنزل، وشعرت بكآبة شديدة بعد فقد جنينها واتهمت حماتها بأنها السبب فى أنها جعلتها تخسر جنينها، اختلقت الحماة المشاكل حتى تجعل ابنها يضرب زوجته ويهينها، ولم تتحمل «منى» هذا الوضع فى صمت كثير، وتوجهت إلى منزل أسرتها وأخذت تبكى لأخيها وتشكو حالها وأنها لم تذق يوماً سعيداً منذ زواجها بسبب حماتها التى كانت تتعمد إهانتها، واختلاق المشاكل والكذب على زوجها بمواقف لم تحدث حتى يصل زوجها لدرجة أن يقوم بضربها وأنها كانت لا تشكو أملاً فى أن ينصفها زوجها ويعرف الحقيقة، لكن خابت كل آمالها بعد أن فقدت جنينها ولم تتحمل الصمت أكثر من ذلك. لم يتمالك «مصطفى» نفسه مع بكاء شقيقته، وخطط أن يتخلص من مصدر عذاب شقيقته، فطلب من «منى» أن تأتى وزوجها صباحاً إلى منزله بحجة تناول الغداء دون أن يوضح لها نيته وبالفعل حضرا إليه وتركهما لنصف ساعة وتوجه إلى منزل شقيقته حيث تسكن حماتها وقرر التخلص منها وقتلها حتى يرحم «منى» من العذاب. وقال «مصطفى»: طرقت الباب فردت المجنى عليها وقالت: عايز إيه يا «مصطفى» فقال لها أنا جاى أسلم عليكم علشان بقالى فترة ماجيتش.. وبعد تكرار السؤال قامت بإلقاء المفتاح لى فقمت بفتح الباب وجلست معها قليلا فقالت لى: تشرب إيه؟ فقلت لها أشرب شاى فدخلت إلى المطبخ لإعداد الشاى وأثناء تجهيزها الشاى قمت بذبحها وطعنها عدة طعنات ووجدت بعض إكسسوارات حريمى فقمت بأخذها حتى تظهر الجريمة كأنها سرقة. وسريعاً تم اكتشاف الجريمة وألقى القبض على مصطفى الذى برر جريمته لسوء علاقة المجنى عليها مع شقيقته، مما تسبب لها بآلام نفسية ونظراً لارتباطه الشديد بشقيقته وأنه لم يتحمل أن يرى دموعها وفقدانها لجنينها حتى تكمل حياتها مع زوجها الذى تحبه قرر الخلاص من حماتها التى هى مصدر عذابها.