كل مصري مخلص.. يتمني لثورة 25 يناير أن تنجح.. وهو نجاح لا يمكن ان يقتصر علي تغيير حزب بحزب آخر.. ولا تغيير دستور بدستور آخر.. ولا استبدال لتجميع السلطات في حزب.. بحزب آخر!! أما وقد كشف الستار عن النوايا.. فإن القليل من الضوء الذي كان يبدو في نهاية النفق.. فقدناه بفعل فاعل..!! لقد قامت الثورة - ومن بين أهدافها - التحول إلي الدولة المدنية..!! ولكن أين نحن من هذا..؟! حددنا التاريخ في إطار «خريطة طريق» مضللة..!! وهنا أقول لشباب الثورة.. ليس المهم تحديد التاريخ.. ولكن المهم «التحول الفعلي» إلي الدولة المدنية.. القادرة علي إضاءة مستقبل مصر.. وليس القادرة بمصر إلي عصور.. ما قبل العقل والفكر والنوايا الحسنة..!! أقول للشباب .. ليس المهم خروج «العسكر» في ذاته.. وإنما المهم أن يسلموا «الحكم» إلي دولة مدنية حديثة «حقيقية» .. نعم «حقيقية»..!! ومن هذا المنطلق أقول للمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وأقول لرئيسه المشير حسين طنطاوي.. وأقول لنائبه الفريق سامي عنان.. وأقول لكل عضو فيه.. «كما كنت»..!! وهو تعبير عسكري أظن أنه يستخدم عندما تحتم الأوضاع العودة إلي ما قبل صدور قرار بذاته..!! نعم يا سادة .. «كما كنت».. وهو «أمر» يتطلب مراجعة «كل» الخطوات التي تمت - عن حسن نية أو سوء استشارة..!! ثم العودة إلي صحيح الطريق..!! علما بأنه - إذا حسنت النوايا، وإذا آمن كل المصريين.. بمصر المستقبل.. فإن الأمر لن يستغرق أكثر من شهر أو شهرين إطالة في مهلة بناء أسس «الدولة المدنية». أسس سليمة.. صحيحة.. من أجل «مصر» وشباب مصر.. ورجال مصر.. وسيدات مصر.. وأطفال مصر..!! وهنا أتذكر مقولة قداسة البابا شنودة. وهو الآن في الجنة مع القديسين والملائكة - كل هذا لنبني «مصر التي هي ليست وطنا نعيش فيه.. ولكنها وطن يعيش فينا».. أناشد هذا القديس أن يصلي «هو» من أجلنا!! و«كما كنت».. أمر يستلزم من المجلس الأعلي للقوات المسلحة - انطلاقا من شرعيته الثورية - ان يتخذ القرارات التالية.. دون تردد.. ودون استماع لمن يريدون «تخليص الحسابات».. وهي حسابات - لو راجعناها - ستصل إلي إدانة كبري لأصحاب الأصوات العالية..!! القرارات تتمثل في: 1- إصدار إعلان دستوري جديد - يلغي كل ما قبله - يستمد مواده من: من دستور 1923، دستور 1954، دستور 1971، دستور تركيا، وثيقتي الأزهر الشريف..!! 2- «اختيار».. نعم «اختيار» جمعية تأسيسية لوضع دستور الدولة المدنية مستنيرة في ذلك بأسانيد الإعلان الدستوري التي وردت فيما سبق..!! ويشترط في الدولة الجديدة أن تكون «رئاسية برلمانية» مع تطبيق حاسم لمبدأ «فصل السلطات».. وضمان «تداول السلطة»!! والمفترض أن ذلك لن يستغرق أكثر من شهرين!! 3- بعد موافقة الشعب علي «الدستور الجديد».. يتم انتخاب «رئيس الجمهورية» وبالتوازي يتم انتخاب السلطة التشريعية «مجلس أو مجلسين»..!! وتبدأ مسيرة «الدولة المدنية» عن حق...!! ولي كلمة عن الهيئة أو السلطة القضائية.. إن قضاء مصر كان شامخا.. العمر كله.. وسيظل شامخا.. حتي ولو كانت هناك بضعة تسللات..!! لا تعرضوا قضاء مصر لمهاترات الصحف.. والإعلام.. والأحزاب!! إن القاضي المصري يتحرر من أية أيديولوجيات.. أو انتخابات. ليجلس علي المنصة - ويصدر حكمه عن قناعة.. وضمير.. واحترام للقانون!!! كفوا أيديكم عن «قضاء مصر الطاهر»!!! كلمة أخيرة أوجهها إلي الدكتور كمال الجنزوري - الرجل الشجاع- استمروا في مسيرة الإصلاح الفوري الأمني والاقتصادي...!! لا تهتز.. ولا تتأثر.. ولا تتراجع..!! إن إنجاز حكومتك هو الذي سيقرر إمكانية نجاح الانتقال إلي «الدولة المدنية».. وفق الروشتة الواردة أعلاه...!!! وفي نهاية الحديث.. أقول للأحزاب.. وللشباب ولكل مصري يؤمن «بمصريته».. ابدوا الاقتراح.. فإن الأمر يتعلق بمصير «مصر».. وأنتم.. كنتم - ومازلتم - في مقدمة المضحين من أجل مصر.. وعليكم الصمود.. وعليكم الانتباه!! وفي النهاية سيعود النور.. ليس بصيصا.. وإنما ساطع..!! وستعود مصر إلي ريادتها إقليميا وعالميا.. حضاريا وثقافيا.. اقتصاديا وعلميا..!! وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر...!! بقلم: د. فؤاد إسكندر