تلقيت الكثير من ردود الفعل على مقال نشر لى فى «الوفد» الغراء بتاريخ 5/2/2012 بعنوان «أفيقوا.. حتى لا يدينكم التاريخ».. بعضها يوافق على حرفية ما جاء فى المقال، والبعض يعترض بل ومنهم من بلغ حد الاتهام وهو أمر أصبح مكتسباً لدينا وغالبية الردود أيدت ما جاء فى المقال من استهداف العودة للأمن وانضباط الشارع.. مع مراعاة الابتعاد عن العنف واحتمالات الالتحام الدموى.. وهم على حق تماماً!! واليوم أود أن يتفهم الجميع أن ذلك المقال استهدف إبراز ما يأتى: 1 إن ثورة 25 يناير استهدفت «تقوية بناء الدولة» من خلال إسقاط «نظام» فشل فى علاج أمراض كانت واضحة تماماً للجميع!! وللأسف أصبحنا الآن فى موقف «تقويض الدولة» ذاتها.. وهو موقف خطير.. ولابد من الخروج منه بأى ثمن.. مادمنا نستهدف الحفاظ على ما قامت من أجله ثورة 25 يناير!! 2 السبب الرئيسى للموقف الخطير الحالى هو الانفلات الأمنى.. وبالتالى فإن إعادة الأمن والانضباط هو المفتاح لبوابة المستقبل!! وبأى ثمن!! والثمن هنا ليس بالضرورة دماء وإنما هناك وسائل أخرى كثيرة.. فلماذا لا نطبقها حتى ولو اضطررنا للاستعانة بخبرات آخرين!! 3 تتم استعادة الأمن من خلال تكامل «مطلق» بين القوات المسلحة وقوات الأمن مع تدعيمها بشرياً ومادياً وتسليحاً وتنظيماً. الشعب بأكمله وفى المقدمة الشباب! والبحث هنا هو عن كيفية القيام بهذا «التكامل المطلق» فى فترة لا تتعدى أياماً معدودة.. بعيداً عما انساق إليه البعض، من أن هذا استعداء للجيش على الشعب.. فالجيش جيشنا.. والشعب شعبنا.. ومصر مصرنا!! أفهمتم يا «محترفى الوقيعة»؟!! 4 الأمر برمته يتعلق بمستقبل هذا الوطن الغالى «مصر» وبالتالى فإن المطلوب أكبر وأغلى بكثير من مجرد الاتجاه إلى «الاستيلاء» على الحكم وعلى الدولة.. أو الرغبة فى المزايدة والمتاجرة فى بعض تداعيات الثورة وفى مقدمتها دماء الشهداء!! كما أن الأمر أهم وأغلى من الإلحاح على القصاص الفورى وإصدار الأحكام مقدماً.. فهذا متروك تماماً للقضاء، وهو مؤسسة كبرى من مؤسسات الدولة لابد أن نحافظ عليها وندعمها ونعمل على تقويتها!! ولا يمكن أن نعلق مستقبل «مصر الغد» على المصير الذى يتقرر بشأن «أفراد الأمس»!! وبالتوازى مع ما سبق لابد أن نعى أن الحالة المتدهورة التى توصلنا إليها هى نتيجة عدد من العوامل.. بعضها يدخل فى نطاق «الفكر الخارجى» وبعضها يدخل فى نطاق التآمر «الأمنى».. وكلاهما يطعن أمن الوطن واستقراره فى مقتل!! اسألوا أنفسكم وأمام الله هل تستفيد بعض الدول الشقيقة؟ هل تستفيد فلسطين عامة وحماس خاصة؟ هل يستفيد حزب الله؟ هل تستفيد إيران؟هل تستفيد إسرائيل ومن ورائها أمريكا؟ الإجابة فى كل الأحوال هى «نعم».. وإذن فعلينا أن نواجه ذلك بكل «الوطنية» وبكل الحسم!! وفى جميع الحالات لم نقل ولا نقول أن نتحول إلى «ليبيا» أو «سوريا» أو «اليمن»!! إننا مصر.. جيشنا مصرى.. وشعبنا مصرى.. وشبابنا مصرى.. وترابنا مصرى..!! هل وصلت الرسالة؟!! لدينا 4 مؤسسات نستطيع أن نعمل من خلالها: 1 المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. مع تطوير الفكر والأسلوب.. ومعه تشكيل جديد للمجلس الاستشارى.. وأقول.. برياسة «منصور حسن» فالرجل مصرى أصيل ولديه خبرة راجحة!! المجلس «رأس» الدولة فى هذه الفترة المصيرية!! 2 مجلس وزراء يتولى مسئولية «العمل التنفيذى» برياسة د. كمال الجنزورى.. فالرجل مصرى أصيل.. ولديه الفكر والخبرة الضروريان فى هذه المرحلة الحاسمة!! 3 مجلس الشعب المنتخب.. وبصرف النظر عن الآراء التى تختلف بشأنه.. فإن المصلحة الوطنية تتطلب أن ننظر بقناعة تامة إلى المجلس على أنه الكيان الأكبر فى المؤسسة التشريعية.. وأن مهمته الأصيلة هى التشريع والرقابة.. مع مراعاة الالتزام بمبدأ «الفصل بين السلطات».. حيت لا تتداخل الأمور وتتعقد النتائج!! 4 الهيئة القضائية.. ومازلت أقول إن هذه المؤسسة على الرغم من بعض الشوائب شامخة.. ويجب أن تظل هكذا!! ورجائى لأعضائها أن يزيدوا من تضحياتهم ولو من خلال الإسراع فى البت فى عدد من الأمور الشائكة!! وإلى جانب هذه المؤسسات هناك «قوة» خامسة هى رمانة الميزان، وهى السلاح الحاسم والباتر.. وهى بر الأمان، وهى المستقبل وأعنى «الشباب المصرى» بعيداً عن الانتماء الحزبى.. التزاماً بمصر «حصرياً»!! أقول لهذا الشباب التزموا بالأمن أولاً وافرضوه ثانياً. ودعموا السلطات فى استعادة أمن الشارع ثالثاً.. ثم.. دعموا العمل من أجل بناء مصر.. مشاركة ومتابعة وتقويماً!! فالأمر فى النهاية تعود ثماره عليكم.. وعلى أبنائكم وأحفادكم من بعدكم!! ننتقل بعد ذلك إلى الإجراءات المطلوبة فورياً (3 5 أيام).. والتى علينا جميعاً أن نساندها.. علماً بأن المخالفة عقوبتها «الإعدام».. نعم «الإعدام» على الأقل فى هذه المرحلة: 1 تطبيق خطة أمنية فورية وفى توقيت محدد على مستوى الجمهورية.. لجميع الخارجين على القانون سواء من الخارج أو المصريين وكذا السلاح الحديث المستورد.. وذلك باشتراك كل المؤسسات المعنية ومجموعات الشباب المصرى الحر!! كيف؟!! اسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون!! 2 تأجيل جميع الوقفات والاحتجاجات والمطالبات لمدة 6 أشهر على الأقل!! 3 «التحفظ المشدد» على المحرضين الفعليين والمشتبه فيهم.. أينما كانوا.. ومهما كانوا فإن سلامة مصر ليست رهناً بأهدافهم!! لا تقولوا إنهم غير معروفين.. نحن جميعاً نعرفهم.. سواء الأجانب منهم أو العملاء فى الداخل!! 4 فرض رقابة صارمة وشفافة على الأموال التى تتلقاها الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية داخلياً وخارجياً مصادر هذه الأموال.. وأوجه إنفاقها!! المخالفة تستتبع المصادرة الكاملة.. ثم المساءلة القانونية المغلظة!! تبقى خريطة الطريق، ولكن «بعد» نعم أكرر «بعد» استعادة الأمن!! آخذين فى الحسبان ما يأتى: 1 المهم الوصول إلى نقطة الانطلاق الصحيحة.. وليس المهلة الزمنية.. خاصة إذا كان الاختلاف هو مجرد أيام أو شهور معدودة.. مادمنا فى النهاية نصل إلى نقطة البداية المثلى لبناء المستقبل.. الذى يرتكز على أسس قوية.. سليمة.. وصحيحة!! 2 أيهما يسبق: الدستور.. أم انتخاب بالرئيس؟!! المهم أن نحدد شكل الدولة (ولتكن رئاسية/ برلمانية) وأن نحدد مسئوليات كل من السلطات الرئيسية فى الدولة.. فمن غير المعقول أن ننتخب رئيساً لا نعرف صلاحياته، وحدودها فى مواجهة السلطات الأخرى!! كما أنه من غير المعقول وضع دستور «حربى»!! 3 يمكن اعتبار ما سبق إجراء مؤقتاً لمدة 4 سنوات.. يتم خلالها وضع «الدستور الدائم»!! ويتم الآن انتخاب رئيس للجمهورية ونائب للرئيس لمدة سريان الدستور «المؤقت».. ويشترط فيهما ألا يكونا منتخبين لأى من الأحزاب السياسية، وأن يتم موافقة مجلس الشعب عليهما (أى الترشيح) وفى حالة الاعتراض يوضح السبب مع توثيقه، وتبت المحكمة الدستورية العليا فى صحته!! 4 أما عن «الدستور المؤقت» فيتم صياغته خلال 10 أيام بالاستعانة بدستور 1971 مع تعديل بعض أحكامه الخاصة بالمسئوليات والصلاحيات!! وأهم من ذلك أن يتضمن هذا الدستور المؤقت ما صدر عن الأزهر الشريف: وثيقة مستقبل مصر بيان منظومة الحريات الأساسية!! ولا أظن أن المسيحيين لهم اعتراض على أى منها!! بقى «الاقتصاد» وما أدراكم ما الاقتصاد.. مصدر القوة والحياة.. مصر «العيش، الحرية، العدالة الاجتماعية»، ويجب هنا أن نأخذ فى الحسبان: 1 ليس لدينا مصادر وفرة كالبترول.. وإنما نعتمد بنسبة 100٪ على جهدنا.. وهى أغنى بكثير وأطول دواماً عن البترول! 2 نهضة الاقتصاد تتوقف على «حسن إدارة الموارد» وعلى «التوزيع العادل» لناتج هذه الموارد!! 3 إمكانياتنا هائلة.. ولدينا بنية أساسية متينة وراسخة فى الزراعة والصناعة والخدمات والسياحة.. علينا أن نستثمرها.. على أعلى مستوى!! 4 العقبات الموضوعة أمامنا.. عربياً وأجنبياً وداخلياً.. يمكن عبورها بسهولة.. إذا خلصت النوايا.. وقوى العزم وشحذت الهمم والجهود!! لابد فى النهاية من كلمة شكر.. لأسرة «الوفد» الغراء وعلى رأسها رئيس التحرير «سليمان جودة» ذو الأعصاب البلاتينية لنشرهم مقالات الرأى التى أكتبها دون تعديل!! وشكراً ل«الوفد» ورئيسه الدكتور السيد البدوى لسماحهم بهذه الحرية الكاملة لجريدة الحزب!! لقد جعلتمونى أشعر بأن الوفد يعود ويعود بقوة!! وأخيراً.. أكتب هذا وأنا غير مستفيد.. لا الآن، ولا مستقبلاً، فالصحة والعمر أصبحا لا يسمحان للنظر إلى المستقبل قريباً أو بعيداً!! ونحمد الله تعالى على كل ما يمن به علينا!! وتحيا مصر.. تحيا مصر.. وتحيا مصر!! ---------- د. فؤاد إسكندر