لاأحد ينكر مكانة البابا شنودة فى قلوب المصريين ، ولاأحد ينكر كيف شارك الأخوة المسلمون إخوانهم المسيحيين فى أحزانهم ، وكيف كان للقوات المسلحة والشرطة العسكرية اليد الطولى فى مرور هذا اليوم بسلام ، وكان يوما عصيبا مرهقا ، استطاعت كل الأجزة المعنية تأمين جنازة تليق بمكانته كقامة كبيرة ، وقيمة دينية ووطنية سامقة ، خاصة مع حضور هذا العدد الهائل من الضيوف من شتى أنحاء العالم ، فشكر واجب لكل من له اسهام وتعب محبة من أجل مصر .لكل يظل هناك سؤالا ملحا ، لماذا هذا الحزن الدفين الذى وصل الى حد الإنهيار ؟ لماذا أظلمت الدنيا فى عيون كل الأقباط ، لماذا شعرنا باليتم من بعده ؟ أسئلة تدور فى الأذهان ، وكلما حاورت الفضائيات بعض المواطنين أجابوا إجابة واحدة ....كان يحمينا ، كان الملاذ الآمن ...كان الظهر الذى نستند اليه وكان ..........وكان أما النخبة فأجابوا أن البابا رحل فى توقيت عصيب ، كانت مصر أحوج لوجوده هذه الفتر ة ، وللحقيقة أن الأعمار بيد الله أجمعوا أن حكمة البابا هى التى حافظت على وحدة النسيج الوطنى ، رجاحة عقله وصبره حميا مصر من فتن طائفية عديدة ، كادت تودى بأمن واستقرار الوطن ، فكم تحلى بضبط النفس مع كل كارثة تحل بنا فهل معنى ذلك أننا حقا معرضين للأخطار ؟ لأن رأس الحكمة غاب عنا ؟ الحل أن نعود للحب والوئام ، الحل دولة مدنية ، المواطنة ، العدالة إحترام عقيدة الآخرين ، عانى الأقباط من التمييز عقودا طويلة ، وكنا نعتقد أن الثورة ستعيد للمصرى المسيحى حقوقه المسلوبة التى انتقصها منه النظام السابق ، لكن التهميش أصبح هو سيد الموقف ، بعد تشكيل برلمان به عدد ليس بالقليل من المتشددين الذين يرون ان المسيحى كافر ، يلعبون على الوتر الدينى مستغلين جهل نسبة كبيرة من الشعب المصرى تقدر بحوالى 40 % ، وكان للموقف الجارح الذى قام به حزب النور ، بتركه قاعة البرلمان ، حتى لايجامل ويقف لحظة حداد من أجل الإنسان ، كما فعل الرسول الكريم وهوالقدوة الحسنة ، ومنهم من ظل جالسا مستهترا ومحتقرا جلال الموت ، خاصة إذا كانت شخصية إنسانية لم يختلف عليها إثنان فى المحبة والتسامح والوطنية ، لم يراعوا مشاعر الشركاء ، والرجل لم يدفن بعد ، كما أطل علينا أحد هؤلاء الإسلاميين والإسلام منه براء ، فى إحدى الفضائيات ليهنئ مصر والنيل والزرع برحيل البابا لأنه عميل ورأس للفتنة ورأس للكفر، وكأنه يزف بشرى للمواطنين مايرعب الأقباط حقا أنه ربما لن يأت من يمتلك صبر وحكمة البابا شنوده فهل على اعتبار أنه تحمل مالا طاقة لبشر فى تحمله ؟ أم على اعتبار أن الحال سيبقى على ماهو عليه ، بل على العكس القادم أسوأ ، خاصة بعدما تعالت العديد من الأصوات المتشددة التى طالبت الأقباط بالهجرة الى أمريكا وكندا ، لأن مصر إسلامية ، ومن طالب بالجزية ، ومن طالب بعدم تهنئتهم فى الأعياد أو تعزيتهم فى الأحزان ، ولن يكتب لأى قبطى المشاركة حتى وإن كان كفئا فى المناصب القيادية ، وكان خير دليل ماحدث لمحافظ قنا الذى لم يدخل مكتبه أساسا لأنه مسيحى ، ولن تبنى الكنائس فكما قالوا أن المنارة والصلبان تثير مشاعر الأغلبية ، ولن يعاد ترميم أى منها ، يخشى الأقباط قوع حوادث عنف طائفى لاتحمد عقباها ، وقد تتحول الى حرب أهلية ، كان البابا رمانة الميزان ، لكنه رحل عن الأرض نبكى الظلم منذ أحداث الكشح والخانكة ونجع حمادى والقديسين وماسبيرو ، نبكى عدم صدور قانون دور العبادة الموحد ، والذى لم يعد هناك أملا فى تطبيقه بعد وصول التيارات الدينية الى البرلمان ،لتشرع بما يتلاءم مع توجهاتها التى تقصى الآخر ، الى متى ينظر للأقباط على أنهم أقلية عديمى الإنتماء لتر اب هذه الأرض من هنا كان بكاء الأقباط رحيل أبيهم بكاء مرا يمزق الأفئدة ، إنه بكاء الخوف على الأرض والوطن