حسين أبو حجاج يعلق على واقعة محافظ المنيا ومدير المدرسة: «الدنيا بخير»    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    محافظ الفيوم: النزول بالحد الأدنى للقبول بالتعليم الثانوي إلى 221 درجة    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية للعام الدراسي 2025-2026    طلعت مصطفى تسجل أداءً ماليًا تاريخيًا في النصف الأول من 2025 بمبيعات 211 مليار جنيه وأرباح قياسية    إصدار 1188 ترخيص إعلان.. والمرور على 1630 محلا ضمن حملات إزالة الإعلانات العشوائية بالمنيا    الحجز متاح الآن.. شروط التقديم على شقق سكن لكل المصريين 7    رجل السياحة الأول في مصر.. هشام طلعت مصطفى يواصل التألق في قائمة فوربس    لأول مرة من أسبوع.. هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بختام التعاملات اليوم    محافظ الإسكندرية يتفقد بدء تنفيذ مشروع توسعة طريق الحرية    رئيس الوزراء البولندي يعلن تخوفاته من لقاء بوتين وترامب بشأن الحرب مع أوكرانيا    حزب الله: لن تستطيع الحكومة اللبنانية نزع سلاحنا    «تضم 27 لاعبًا».. مسار يعلن قائمة الفريق استعدادًا ل دوري المحترفين    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    تعرف علي موعد مباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو فى تصفيات كأس العالم 2026    الشربيني رئيساً لبعثة الشباب إلى المغرب    مصرع شخص في تصادم على الطريق الزراعي بطوخ    إحباط تهريب 32 طن بنزين وسولار بمحطات تموين بالإسكندرية (صور)    لحمايتهم من ارتفاع درجات الحرارة.. وقف عمل عمال النظافة خلال ساعات الذروة في المنيا    جدل بعد مشاركة محمد رمضان في حفل نظّمته لارا ترامب.. دعوة خاصة أم تذكرة مدفوعة؟    ذكرى رحيل نور الشريف.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته وموقف عائلته من السيرة الذاتية    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    هل يُسبب الشاي أعراض القولون العصبي؟    نجم الدوري الألماني يختار النصر السعودي.. رفض كل العروض من أجل كريستيانو رونالدو    "هل الخطيب رفض طلبه؟".. شوبير يفجر مفاجأة بعد مكالمة وسام أبو علي    15 صورة وأبرز المعلومات عن مشروع مروان عطية الجديد    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    "رٌقي وجاذبية".. ناقد موضة يكشف أجمل فساتين النجمات في حفلات صيف 2025    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. المفتي يوضح    فريق مصري في طريقه.. الاتحاد الليبي يتأهل للكونفدرالية بمشاركة كهربا    «عبدالغفار»: «100 يوم صحة» قدّمت 40 مليون خدمة مجانية خلال 26 يومًا    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر بالشرقية    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



94 قضية لقلب نظام الحكم في عهد عبدالناصر
التنظيمات السرية في الجيش المصري
نشر في الوفد يوم 22 - 03 - 2012

«عبدالناصر» و«عامر» و«كمال الدين حسين» و«خالد محيي الدين» كانوا أعضاء في الجهاز السري للإخوان المسلمين
«سعد الشاذلي» و«حسني مبارك» و«صفوت الشريف» و«سامي شرف» أعضاء في تنظيم سري بقيادة «ناصر» .. والترقية للمناصب العليا مكافأة التجسس علي زملائهم
إنشاء التنظيم الطليعي بالقوات المسلحة أدي لنكسة 67
ضابط طيار أخبر «هيكل» برأيه في هزيمة 67 فحوكم بتهمة قلب نظام الحكم
لم ينتبه أحد من المؤرخين الي أهمية إلقاء الضوء علي جانب مهم جدا من جوانب التاريخ المصري المعاصر وهو التنظيمات السرية السياسية داخل القوات المسلحة المصرية، لقد لعبت هذه التنظيمات دورا في غاية الخطورة في تاريخ مصر فمن هذه التنظيمات بدأت حركات سياسية علنية لها أهداف ثورية شاملة وإذا كان التاريخ يؤكد أن أول تنظيم سري داخل القوات المسلحة بدأ في عام 1881 الذي كان أحمد عرابي أهم مؤسسه مع علي فهمي وعبدالعال حلمي هؤلاء الثلاثة كانوا النواة لتنظيم عسكري سري سرعان ما انتشرت دعوته وتحول من السرية الي العلنية نتيجة قبول مطالبة من السواد الأعظم من ضباط القوات المسلحة ثم الجيش كله. وفي البداية كانت المطالب فئوية وذلك بالمطالبة بإصلاحات داخل القوات المسلحة والاعتراض علي أسلوب ترقية القيادات الذي كان يميز الأتراك، ثم الظلم الواقع علي الجيش من هذه القيادات، تطورت هذه الاحتجاجات الي ثورة لها مطالب وطنية شاملة كما يرويها التاريخ بعد ذلك حتي وقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني.
في الحقيقة أنا شخصيا لم أنتبه الي موضوع التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة بعد ثورة 52 الي أن عرفت معلومة في غاية الخطورة من شمس بدران عن طريق المرحوم اللواء طيار حسن زكي فقد كنت مسجونا في السجن الحربي في قضية أمن دولة وأقضي مدة الحكم وهي الأشغال الشاقة المؤبدة بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في أواخر الستينيات وكان اللواء طيار تحسين زكي يقضي مدة عقوبة الأشغال الشاقة أيضا في قضية المشير عبدالحكيم عامر. وكان شمس بدران والفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية الأسبق يقضيان عقوبات مماثلة وقد سجنوا في أحد السجون الفرعية الصغيرة في السجن الحربي وكان اللواء تحسين زكي همزة الوصل بيني وبينهم فقد كان يحمل أسئلتي اليهم، وكان أهم سؤال سألته للواء تحسين لكي أحصل علي إجابة ما هو عدد القضايا السياسية في عصر عبدالناصر بعد 52 وكانت الإجابة التي حملها اللواء تحسين مفاجأة لي حيث قال لي: إن شمس بدران يقول: إن عدد القضايا السياسية «أمن دولة» وهي قضايا محاولات قلب نظام الحكم ضد نظام يوليو كانت 94 قضية.
الحقيقة الرقم فاجأني علي الرغم من أنني كنت في قضية من هذه القضايا وإن لم تكن من أهمها علي الإطلاق.
إذن الحقيقة أن هناك 94 محاولة انقلابية ضد نظام يوليو وضد عبدالناصر تحديدا تحولت الي قضايا ودخل المتهمون فيها السجون أو اعدموا وهذا الرقم كما قال تحسين زكي يشمل القضايا المدنية والعسكرية وهذا أيضا شيء صادم فإن ذلك يعني أن هناك قضايا عسكرية داخل القوات المسلحة، لم يعلن عن معظمها وهذا يعني أن الجيش كان رافضا تماما لأسلوب الحكم العسكري الذي يؤسس لديكتاتورية عسكرية، هذه حقائق وهنا أنا لست شاهدا بل أنا كنت عضوا في تنظيم سري كان تحت التأسيس بل كنت أحد مؤسسيه ولم يعلن أبدا حتي الآن عن هذا التنظيم وقد حرصت أنا ألا أعلن عنه بتاتا ولا عن دوافعه وأسراره أو الإفصاح عن ذلك التنظيم وأهدافه والذي كان قوامه ضباطا من الرتب الصغيرة لا تزيد عن نقيب كلهم كانوا من المقاتلين ومتميزون في أعمالهم كضباط محاربين في وحدات مقاتلة في الميدان وكان ذلك مصدر حرج شديد للنظام وقتها، فلا مكاسب شخصية ولا رغبات نريد أن نحققها كان الهدف تحقيق النصر علي إسرائيل بأي ثمن، لقد حرصت علي عدم الإفصاح منعا لتعرضي لمشاكل قد تعرقل حياتي، ورغم ذلك تعرضت طوال حياتي لمشاكل لا حصر لها واعتقلت في عصر مبارك وأعيش دائما في شبه حصار وحرمان من الحقوق إذن قضية التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة قضية في غاية الأهمية ولكن لطبيعتها لم تأخذ حقها، وإذا تركنا مرحلة عرابي فإن التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة كانت منعدمة تقريبا وإذا شارك ببعض ضباط القوات المسلحة في الأحداث السياسية فإنها كانت مشاركة فردية محدودة، وكان الفريق عزيز المصري من الضباط المصريين الكبار الذين ظهروا داخل القوات المسلحة كرمز وطني اعتبره الضباط الأحرار فيما بعد الأب الروحي لهم.
إلا أن أول تنظيم سري حقيقي كان هو التنظيم الذي شارك فيه السادات ومعه مجموعة من الطيارين المصريين عام 1942 وهم حسن عزت وعبدالمنعم عبدالرؤوف الذين خططوا ونفذوا عملية محاولة الاتصال بالألمان بواسطة الطيار أحمد سعودي الذي كان هدفها إيصال رسالة من الضباط المصريين الي القائد الألماني روميل، وهذه الرسالة حررها السادات بنفسه، «كما ذكرها في كتابه عن البحث الذات» وبالفعل أقلع الطيار سعودي بالطائرة متجها الي مرسي مطروح حيث تتواجد القيادة الألمانية ولكن تعطلت الطائرة في الجو وسقطت في الصحراء الغربية ونجا الطيار سعودي من الموت.
وقد مارس هذا التنظيم أعمال اغتيالات عديدة ضد ضباط في جنوب الجيش البريطاني إلا أن نفس عملية اغتيال ناجحة كان لها صدي كثير جدا وقتها وهي عملية اغتيال أمين عثمان الوزير الذي كان يؤيد الاحتلال البريطاني، سجن السادات علي ذمة هذه القضية لمدة عامين منذ عام 1946 الي 1948 وخرج من السجن مرة أخري مطرودا من الجيش، وعاش حياة تشرد حقيقية وعمل في العديد من الأعمال المتواضعة الي أن تمت إعادته للقوات المسلحة عام 1950 بوساطة يوسف رشاد طبيب الملك فاروق.
أما عبدالناصر كانت قضيته مختلفة تماما فقد اقتنع في مرحلة من حياته بضرورة وجود تنظيم ينفذ اغتيالات سياسية لبعض الشخصيات التي كان يري أنه لابد من الانتقام منها لولائها للاحتلال وعدائها للحركة الوطنية وبالفعل نفذ محاولة اغتيال مع مجموعة من تنظيم الضباط الأحرار الذين اقتنعوا بفكرة الاغتيال وهم حسن التهامي وكمال رفعت ويضيف صلاح نصر في مذكراته (حسن إبراهيم وصلاح دسوقي» وهما اللذان شاركاه في هذه العملية، ولخطورة هذه العملية فإنني أضع شهادة عبدالناصر نفسه التي ذكرها في كتاب فلسفة الثورة الذي صدر عام 1954 وصاحب فكرته وكتابه:
يقول عبدالناصر في كتابه «فلسفة الثورة» ص34:
الحماسة لا تكفي: «وجاءت الحرب العالمية الثانية وما سبقها بقليل علي شبابنا فألهبته، وأشعلت النار في خلداته فبدأ اتجاهنا، اتجاه جيل بأكمله يسير الي العنف وما أكثر الخطط التي رسمتها في تلك الأيام وما أكثر الليالي التي سهرتها، أعد العدة للأعمال الإيجابية المنتظرة.
كانت حياتي في تلك الفترة كأنها قصة بوليسية كثيرة كانت لنا أسرار هائلة وكانت لنا رموز، وكنا نتستر بالظلام وكنا نرص المسدسات بجوار القنابل وكانت طلقات الرصاص هي الأمل الذي نحلم به.
الرصاص يتكلم:
وأذكر ليلة حاسمة في مجري أفكاري وأحلامي في هذا الاتجاه كنا قد أعددنا العدة للعمل، واخترنا واحدا قلنا، إنه يجب أن يزول من الطريق ودرسنا ظروف حياة هذا الواحد ووضعنا الخطة بالتفاصيل، وكانت الخطة أن نطلق الرصاص عليه وهو عائد الي بيته في الليل.
ورتبنا فرقة الهجوم التي تتولي إطلاق النار، ورتبنا فرقة الحراسة التي تحمي فرقة الهجوم، ورتبنا فرقة تنظيم خطة الإفلات الي النجاة بعد تنفيذ العملية بنجاح، وجاءت الليلة الموعودة وخرجت بنفسي مع جماعات التنفيذ وسار كل شيء طبقا لما تصورناه.
كان المسرح خاليا كما توقعنا، وكمنت الفرقة في أماكنها التي حددت لها، وأقبل الواحد الذي كان يجب أن يزول وانطلق نحوه الرصاص. وانسحبت فرقة التنفيذ، وغطت انسحابها فرقة الحراسة وبدأت عملية الإفلات الي النجاة وأدرت محرك سيارتي وانطلقت أغادر المسرح الذي شهد عملنا الايجابي الذي رتبناه، وفجأة دوت في سمعي أصوات صراخ وعويل وولولة امرأة ورعب طفل، ثم استغاثة متصلة محمومة.. هذه كانت تجربة عبدالناصر السرية.
تنظيم الضباط الأحرار
تعددت التواريخ التي تحدد البداية الحقيقية لتنظيم الضباط الأحرار، ولكن صلاح نصر يؤكد أنه حتي بداية حرب 48 لم يكن تنظيم الضباط الأحرار قد تشكل بعد ولم تكن قد تكونت بعد هيئته التأسيسية «مذكرات صلاح نصر» وقد انضم صلاح نصر الي تنظيم الضباط الأحرار بعد حرب 48 بعد أن فاتحه عبدالحكيم عامر في ذلك.
وبالفعل كانت حرب 48 عنصرا مهما جدا في دفع فكرة تنظيم الضباط الأحرار الي العمل علي اكتمال هياكله وضم العديد من الضباط إليه ويؤكد خالد محيي الدين في مذكراته أن أول خلية تكونت في تنظيم الضباط الأحرار كانت تتكون من جمال عبدالناصر وعبدالحكيم وعامر وكمال الدين حسين وخالد محيي الدين كان تحمس الضباط لإنشاء التنظيم بسبب هزيمة 48 التي أثرت في نفوس الضباط الشبان وأتاحت لهم الحرب مزيدا من التعارف وتبادل الأفكار والآراء.
ويقول اللواء جمال حماد المؤرخ الكبير في كتابه (ثورة يوليو 52) إنه لم يتم تكوين تنظيم سري داخل القوات المسلحة يستحق أن يطلق عليه كلمة تنظيم سوي تنظيم الضباط الأحرار الذي أنشأه عبدالناصر في سبتمبر 1949 عقب عودة الجيش من حرب فلسطين ويقول اللواء جمال حماد: إن السادات أكد هذه المعلومات في كتاب «أسرار الثورة المصرية» حيث قال: في هذا العهد عادت القوات المصرية من فلسطين ودُعي عبدالناصر لمقابلة إبراهيم عبدالهادي برفقة عثمان المهدي رئيس هيئة أركان حرب الجيش لتحذيره من نشاطه مع الإخوان المسلمين «وكانت المقابلة في 25 مايو 1949» ويقول السادات في كتابه: بدأنا في تكوين القاعدة وفي الأيام التي تلت ذلك فرغ جمال من وضع أسس التنظيم كله واختار جمال للتشكيل اسم الضباط الأحرار وظهر الاسم لأول مرة ووضعت أهداف التشكيل وطبقت وتم توزيعها فعلا علي الضباط الأساسيين فيه.
علي هذا الأساس أصبح تنظيم الضباط الأحرار السري أكبر التنظيمات السرية في القوات المسلحة خاصة أن هناك عددا من التنظيمات كانت داخل الجيش تعمل في نفس هذه الفترة منها تنظيم أخبرني به المرحوم اللواء حسن فهمي عبدالمجيد عندما سألته عن سبب عدم انضمامه لتنظيم الضباط الأحرار فقال لي إنه كان مراقبا من أجهزة الأمن بسبب اعتقاله والتحقيق معه لشكوك السلطات في اشتراكه في تنظيم سري كان من أعضائه مصطفي كمال صدقي وعلي علاقته برشاد مهنا لهذا كان من الصعب الاشتراك في تنظيم الضباط الأحرار.
وكذلك كان هناك تنظيم يضم الضابط جمال منصور والكفافي وبعض ضباط الفرسان وكان لهم نشاط سري مؤثر ويذكر أن عبدالناصر لم يشركهم في عملية تنفيذ الانقلاب العسكري ليلة 23 يوليو. انتهت هذه المرحلة باستيلاء تنظيم الضباط الأحرار علي السلطة وأصبح بعد نجاح الاستيلاء علي السلطة «هيئة القيادة» ثم «مجلس قيادة الثورة».
التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة بعد الثورة
هنا لن أتحدث عن حركة ضباط الفرسان ضد قيادة الثورة التي يترأسها عبدالناصر فقد كانت حركة داخل الجيش تنادي بالديمقراطية وإنشاء الأحزاب والدستور وعودة الجيش لثكناته التي كان يمثلها محمد نجيب وكان ضد إرادة الجناح الذي ينادي باستمرار الجيش في السلطة واستمرار الثورة «أي الديكتاتورية العسكرية».
فالمجال لا يسمح بالكتابة عن علاقة ضباط الجيش بالإخوان المسلمين خاصة جمال عبدالناصر ومجموعة عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وخالد محيي الدين الذين كانوا أعضاء في الجهاز السري للإخوان المسلمين وساهموا في تدريب بعض عناصره علي السلاح فهذا الملف يحتاج الي فصل خاص.
ومن الجدير بالذكر أنني التقيت بما لا يقل عن عشرين قضية محاولة قلب نظام الحكم في السجن الحربي كلها كانت بعد حرب 67 ففي هذا العصر كانت كلمة واحدة يمكن أن تعتبر محاولة لقلب نظام الحكم والمؤسف والمضر أن هناك أفرادا اتهموا بهذه التهمة وحوكموا وصدرت ضدهم أحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة ولا يوجد أحد في القضية إلا فرد واحد، بمعني أن الانقلاب المتهم به كان سيقوم به وحده، وسأضرب أمثلة لذلك قضية الطيار البطل علي ماسخ طيار مقاتل من أبطال القوات الجوية كان أول من أسقط طائرة ميراچ بعد حرب 67 ونال عن ذلك وساما من عبدالناصر شخصيا ولكن أثناء مظاهرات الطلبة عام 1968 عبر عن رأيه في ضرورة حدوث تغيير في القيادة التي تسببت في الهزيمة، قال ذلك لمحمد حسنين هيكل شخصيا عندما قابله مصادفة علي كوبري الجلاء ووعده هيكل بتوصيل مطالبه في التغيير الي الرئيس فاعتقل بعدها مباشرة، وحوكم وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات قضاها كاملة في السجن الحربي، نفس الشيء لضابط اسمه جوهر شعبان من المظلات وضابط من المدرعات اسمه عطية عبدالمجيد وضابط اسمه حسن رفعت ثم ضابط مهندس اسمه عبدالمنعم نعيم علي كان في قضية انقلاب من فردين فقط هو العسكري الوحيد ومعه مدني وهكذا.
كانت هناك قضايا لم يسمع عنها الشعب مثل قضية ضباط مدرسة المشاة العظام الذين كان لهم رأي مخالف لرأي القيادة في حرب اليمن وكتبوا تقارير بذلك للقيادة التي قبضت عليهم وحاكمتهم وصدر ضدهم أحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة، ثم قضية ضباط البحرية أربعة ضباط رفضوا تبريرات النظام للهزيمة العسكرية وطالبوا بالتغيير الشامل، عذبوا وسجنوا وصدرت ضدهم أحكام قاسية، كذلك قضية مدرسة الصاعقة وفيها عدد من ضباط المخابرات العامة كمال زين وحسين مرسي وعدد آخر من أفضل ضباط الصاعقة منهم أربعة أشقاء هم: حسين وعلي وحسن وشاكر مرسي وكان الفريق الشاذلي وراء الإبلاغ عنهم وسجنهم، قضايا عديدة لم يسمع بها أحد هذا غير القضايا الكبري مثل قضية المشير عامر، وكان علي رأسها شمس بدران وعباس رضوان وجلال الهريدي وأحمد عبدالله وتحسين زكي ومنسي الحسامي وحوالي خمسون آخرون.
فقد استغل الفريق فوزي هذه القضية وقبض علي عشرات الضباط وزج بهم في القضية لمعارضتهم هزيمة يونيو وضرورة تغيير القيادة المتسببة في الهزيمة.
كانت التهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدر ضدهم أحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة وكانت قضيتي أنا إحدي هذه القضايا وتعرضنا لما توجهت لهم باقي القضايا من اعتقال وتعذيب مبرح إجرامي، واعترافات مزورة تحت الضغط والتعذيب ولقد واجه أعضاء القضية وعددهم 9 هذه المأساة بشجاعة نادرة وقضيت أنا وزملائي وأيضا عن باقي القضايا السياسية والعسكرية الأخري لقد كنا وقودا لمقاومة الظلم ولم نستسلم أبدا، وسوف أكتب عن ذلك بالتفصيل.
لقد كانت القوات المسلحة قلعة حصينة للوطنية منذ عرابي ولم ينخدعوا ولم يستسلموا لنظم الحكم وضحي العديد منهم بحياته، هذه صفحة نادرة من تاريخ مصر.
وهنا سأصل لأخطر نقطة في هذا الموضوع وأطرحها بإيجاز لنعرف الي أي كارثة كانت تقودنا الي الديكتاتورية العسكرية، ذكر اللواء محمد نجيب في مذكراته أن عبدالناصر أنشأ تنظيما سريا داخل القوات المسلحة بعد الثورة عام 1954 وكان تابعا له شخصيا، يقول محمد نجيب في مذكراته «الآن أتكلم» ص 117:
وكان جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر يبذلان كثيرا من الوقت والجهد لعمل تنظيم خاص بهما داخل القوات المسلحة.. ليس هو تنظيم الضباط الأحرار السابق.. ولكنه تنظيم جديد من الموالين لهم شخصيا والذين كانوا يعينونهم في مراكز قيادية، ومعلوماتي من شهادات متعددة تؤكد أن عبدالحكيم لم يعلم بهذا التنظيم عند توليه قيادة الجيش وفوجئ به وعندما علم كان ذلك سببا في أول خلاف بينه وبين عبدالناصر وقد كان من ضمن أعضاء هذا التنظيم السري ضباط صغار الرتبة في تلك الفترة مثل حسني مبارك في القوات الجوية وضباط مثل سعد الدين الشاذلي وصفوت الشريف وسامي شرف وأدي نجاحهم في التجسس علي زملائهم - وليس علي إسرائيل - الي تصعيدهم الي مناصب أعلي وانتقال بعضهم لأجهزة المخابرات والشهادة التالية تؤكد ذلك.
لم يكن هذا التنظيم هو التنظيم الوحيد الذي أنشأه عبدالناصر فقد كرر المحاولة بصورة أخطر عندما أنشأ تنظيما طليعيا داخل القوات المسلحة برئاسة شمس بدران وأيضا كان المشير عامر بعيدا عنه حيث اعترف عبدالناصر وقال للوزير السابق عصام حسونة: إن شعراوي جمعة قد شكل تنظيما طليعيا سريا من ضباط الشرطة المؤمنين بالثورة وكذلك فعل شمس بدران في القوات المسلحة فلماذا لا تفعل ذلك في القضاء، وفوجئت بهذا الاقتراح ورأيت فيه تناقضا مع كلام الرئيس معي في أول لقاء. (عصام حسونة - «شهادتي» - ص 193).
كان قرار عبدالناصر بإنشاء تنظيم طليعي في القوات المسلحة أخطر القرارات علي مستقبل القوات المسلحة وكان كفيلا بتدميرها، كان ذلك عام 1965 وبعد عامين حدثت هزيمة 67 فتوقف مشروع تدمير القوات المسلحة من الداخل، الذي كان المستفيد منه بالتأكيد إسرائيل علي المدي البعيد.
----------
المؤرخ العسكري: عصام دراز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.