يقلقني بشدة الهجوم الحاد على الدول العربية الشقيقة، وتحميل بعض النخب لها مسئولية الانفلات الأمني في البلاد، أو التخطيط لإسقاط الثورة بمنع المساعدات المالية، والمؤسف أن معظم النخب يعتقدون أن الدول الشقيقة تنفذ هذا المخطط لصالح الرئيس السابق، وبمناسبة وبغير مناسبة يصرح أحدهم للفضائيات أو للصحف بتصريحات تسيء للدول الشقيقة خاصة النفطية منها، حتى ان الخيال وصل بالبعض إلى التأكيد ان دولة قطر وربما كذلك المملكة السعودية قامتا بضخ مليارات الدولارات لإجهاض الثورة، ومليارات أخرى لتمويل بعض المرشحين للرئاسة، خاصة بعض المنتمين للتيار الديني. وكانت آخر هذه التصريحات للمتحدث الرسمي لجماعة الإخوان، حيث هاجم بشدة حكومة دولة الإمارات العربية، لقيامها بترحيل بعض السوريين من أراضيها، وهذا التصريح أقلق كثيرا حكومة الإمارات، واعتبرته ولها الحق فى ذلك تدخلا في شئونها الداخلية، فمن هو د. محمود غزلان، ومن الذى أعطاه هو وجماعة الإخوان المسلمين الحق في التدخل بشئون بلادهم؟، وهل هذه التصريحات تمثل الشعب المصري وحكومته؟، وهل مصر سيديرها المرشد العام للإخوان والمتحدث الرسمي له؟، وهل منحوا حق إدارة الدول العربية وتسيير أمورها؟، وهل سائر التيارات والأحزاب السياسية فى مصر توافق على ما وجهه غزلان لدولة الإمارات؟. السفير محمد بن نخيرة الظاهري، سفير دولة الإمارات بالقاهرة أبدى لحزب الوفد قلق بلاده الشديد تجاه هذه التصريحات، وجاء خصيصا لمقابلة رئيس الحزب لكي يوضح موقف بلاده مما يشاع ضد حكومة الإمارات، وقد حضرت مساء أمس الأول هذا اللقاء، وشرح ابن نخيرة موقف بلاده من الثورة المصرية، وأكد مساندة الإمارات حكومة وشعبا للشعب المصري، وأشار إلى أن الحكومة الإماراتية تقدمت إلى نظيرتها المصرية بتحديد بعض المشروعات الاستثمارية للبدء فيها فورا ولم ترد الحكومة المصرية حتى هذه اللحظة، وذكر أن نفس الشيء قام به بعض المستثمرين الإماراتيين، تقدموا إلى الحكومة المصرية وطالبوا بإقامة بعض المشروعات، ابن نخيرة كان يعتقد أن القوى السياسية في مصر توافق على هجوم غزلان على دولة الإمارات وتدخله في شئون بلاده، وأبدى انزعاجه الشديد متسائلا: هل سندمر علاقات شعبين بهذه السهولة؟، هل سيقوم البعض لأغراض سياسية ضيقة بقطع صلة حميمة وأخوية مثل مصر والإمارات؟، ونفى ابن نخيرة ما أشيع عن قيام حكومة الإمارات بترحيل الأسر المصرية وإنهاء عقود العاملين بها، كما نفى ما تردد حول رفض السفارة منح تأشيرات جديدة للمصريين، وأكد أنه بصدد نشر إحصائية توضح حركة الطيران بين البلدين، وعدد التأشيرات التى منحت من جميع إمارات الدولة خلال السنة الماضية. أظن للسفير الإماراتي الحق في انزعاجه، كما أظن أن له أيضا كل الحق في رفض تصريحات غزلان وغيره من النخب الذين يهاجمون الدول العربية الشقيقة، السعودية والامارات والكويت وقطر، لأنها لم تفتح خزائنهم ويدفعوا للحكومة المصرية، ونظن أن هذه الاتهامات تسيء إلى مصر وإلى هيبتها وقامتها، الشعب المصري لن يتسول لكي يعيش، ولن يرضى أبدا بأن تُهاجم دول شقيقة وقفت معه في محنه لسنوات طويلة، كما أنه لن يقبل كذلك أن يقوم بعض النخب بمعايرة الشعوب الشقيقة بنغمة التعليم والطب والبناء وغيرها، فهذه النغمة المشينة قد كرهتها هذه الشعوب وكرهت معها من يتغنون بها، فكما قدمت أخذت وأكثر، ومازلت تأخذ باسم الأخوة والدين والعرق، وباسم ما قدمته. لهذا أطالب بعض النخب وبعض المتبنين للخطاب الديني بأن يكفوا عن الإساءة للأشقاء العرب، وان يرحمونا من هذه المراهقات السياسية التي ستخسرنا الشقيق قبل الصديق، مصر أكبر من أن تتسول، وشعبها لا يقبل أبدا أن تهينوه إلى هذه الدرجة، عيب.