منذ قيام ثورة 25 يناير العام الماضي وهناك حالة من الانفلات الإعلامي بسبب ارتفاع سقف الحريات حتي وصل الحال بنا الي الفوضي.. سباب شتائم علي صفحات الصحف وشاشات التليفزيون الخاص والعام.. تصفية حسابات بشتي الطرق المشروعة وغير المشروعة.. انفلات ما بعده انفلات مذيع هنا ومقدم برامج هناك في حالة تراشق غير أخلاقي في غيبة من المعايير الأخلاقية والإعلامية التي تردع من تسول له نفسه الخروج علي قيم المجتمع.. وصل الحال بين المتبارين الي الردح واستخدام الألفاظ النابية واستعداء السلطات علي بعضهم البعض واتهامات بالعمالة للمجلس العسكري والحكومة وأنظمة عربية وأجنبية.. أزمات متلاحقة للوطن يتنافس فيه إعلاميون كثيرون من أجل الإثارة والتهييج، لدرجة أن بعضهم كنا نظنهم علي خلق كشفوا حقيقة ولائهم لمن يدفع ومن يعطيهم علي حساب الوطن وعلي حساب القيم والأخلاق!! كذب وفبركة شعار محطات فضائية وصحف خاصة لا يهمهم إلا التهييج والإثارة.. ينفثون من أجل حرق الوطن تلبية لحسابات خارجية من أمريكا وأوروبا وبعض البلاد العربية التي تمولهم بسخاء.. 13 شهرا منذ رحيل نظام مبارك وتخليه عن رئاسة مصر والبلاد في حالة احتقان سياسي وانهيار اقتصادي وغياب أمني وانفلات مجتمعي ومطالب فئوية وإضرابات واعتصامات.. كل هذا والإعلام يزيد الأزمات اشتعالا وإثارة وتهييجا تنفيذا لأجندات خاصة داخليا وخارجيا. لم يتوقف الانفلات عند حالة الإعلام التي لابد من وضع منظومة مستقلة عن الحكومة لضبط الأداء والتزام بقيم المجتمع وثوابته الأخلاقية.. ظهرت عدوي الانفلات في جنبات مجلس الشعب من خلال نواب حديثي العهد بالتمثيل البرلماني.. نائب يؤذن للصلاة داخل قاعة البرلمان وكأنه يزايد علي كل النواب في المجلس رغم أن أغلبية النواب ينتمون الي الحرية والعدالة الذراع اليمني للإخوان المسلمين وحزب النور المعبر عن الجماعة السلفية.. ونواب آخرون كل همهم الحديث في البرلمان بأي كلام للخروج في نهاية اليوم للظهور علي شاشات الفضائيات من أجل إثبات بطولاتهم الوهمية أمام الناخبين.. لم يتوقف الأمر عند حد تحول شاشات الفضائيات الي برلمان مواز لمجلسي الشعب والشوري.. بل قام بعض النواب بسب بعض الرموز سواء في السلطة أو المعارضة لها.. ماذا يمكن أن نسمي ما قام به النائب زياد العليمي عقب أحداث مجزرة بورسعيد عندما سقط 74 ضحية وعشرات المصابين بعد مباراة الأهلي والمصري؟ لقد ذهب زياد العليمي الي بورسعيد للوقوف الي جانب شعبها ومؤازرته.. أخذته الجلالة خلال أحد الاجتماعات الجماهيرية حيث قام بسبب وقذف في حق المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري والشيخ محمد حسان أحد الأئمة والدعاة المحترمين في هذا الوطن.. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الانفلات بل راح النائب العليمي للتأكيد علي ما صرح به مرة أخري ورفض الاعتذار عما بدر منه في حق المشير.. وقام الشيخ محمد حسان بالصفح عنه ابتغاء وجه الله.. فما كان من البرلمان إلا تحويله للجنة القيم لاتخاذ قرار في شأنه.. بعد أن أعلن المجلس العسكري إنه لن يتخذ أي إجراء ضد العليمي وترك الأمر لمجلس الشعب. واستمرارا لحالة الانفلات والكذب وحب الظهور الإعلامي كانت الفضيحة الكبري وبطلها النائب أنور البلكيمي عضو مجلس الشعب حين ذهب بمحض إرادته الي أحد مستشفيات التجميل لعمل عملية تجميل في أنفه وإزالة «لحمية».. وكان له ما أراد ولكن وجهه احمر وتورم.. وخشي النائب من الفضيحة فهو عضو في حزب النور السلفي.. وهو أحد الأحزاب المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وله رأي خاص في عمليات التجميل حيث يرفضها.. وكانت التمثيلية التي أداها بكذب وغير اتقان حيث خرج من المستشفي التي أجري فيه العملية وذهب الي أحد المستشفيات الحكومية في مدينة الشيخ زايد في 6 أكتوبر وادعي أنه أثناء سفره الي مدينته السادات في الطريق الصحراوي طاردته إحدي السيارات الخاصة وبها أشخاص ملثمون.. وعندما ضيقوا عليه الطريق توقف بسيارته علي جانبه ليقوموا بضربه بمؤخرة السلاح الذي كان في حوزتهم.. ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بسرقة مائة ألف جنيه كانت لديه وهو في طريقه لشراء سيارة.. وكانت الكارثة الأمنية حيث سبق هذه «الكدبة» تعرض الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسي للضرب وسرقة سيارته علي الطريق الدائري.. وحدث استنفار للأمن وعادت السيارة وضبط الجناة.. وكذلك تعرض النائب حسن البرنس لحادث سيارة علي الطريق الزراعي.. مما وطد فكرة أن مصر لم يعد بها أمن ولا أمان.. وهنا خرج صاحب مستشفي جراحة التجميل ليعلن كذب النائب البلكيمي وفضحه علي صفحات الصحف وشاشة الفضائيات.. وتجري الداخلية تحرياتها ليظهر كذلك النائب وخطأه في حق الشعب وترويع المواطنين.. فما الذي اضطر النائب للكذب وافتعال هذه التمثيلية الكاذبة رغم أن المواطنين انتخبوه اعتقادا بأنه شيخ وسلفي وفي كل الحالات فهو مسلم، والمسلم يجب ألا يكذب. النائب البلكيمي اعتذر عن كذبه وقدم استقالته من حزب النور وكتب استقالته الي مجلس الشعب «بل إن حزب النور قرر التضحية بهذا الكرسي تماماً وعدم المنافسة عليه في حالة قبول استقالة النائب من مجلس الشعب.. حين كذب النائب وروع المواطنين باتهامه الأمن بالتقصير كان حسابه لدي حزبه وربما بفقد كرسيه في البرلمان.. ولكن النائب زياد العليمي أخذته العزة بالإثم ورفض الاعتذار عما بدر منه تجاه المشير طنطاوي.. فلماذا كل هذا الانفلات داخل مجلس الشعب ومن نواب اختارهم الشعب لتمثيله ولكنهم خانوا أمانة الوطن وأمانة الشعب.. فهل يستحقون ان يستمروا نواباً في البرلمان؟ هل تتذكرون ما قامت به الإعلامية هالة سرحان منذ 4 سنوات حين استضافت مجموعة من الفتيات علي شاشة قناة الوليد بن طلال وادعين انهن فتيات ليل.. وقمن بالحديث كذباً عن كيفية اصطياد الزبائن ووقوعهم في براثنهن.. ولكن الحقيقة ظهرت وتكشفت كذب إعلامية الإثارة وكان قرار النيابة بالتحقيق معها انحيازاً لقيم المجتمع وحفاظاً عليها.. ولكن هالة سرحان هربت إلي خارج البلاد وظلت علي قوائم انتظار القادمين من الخارج حتي قامت ثورة 25 يناير وتم العفو عن هالة سرحان بعد تنازل الوليد بن طلال عن 75 ألف فدان من المائة ألف التي كان قد خصصها له النظام السابق.. هذا هو إعلام الإثارة إعلام التهييج إعلام الفجور المرفوض شعبيا ودينيا وسياسيا وقانونيا. واستمرارا لإعلام الإثارة قام مجدي الجلاد مقدم برنامج «لازم تفهم» باستضافة أحد الأشخاص مدعيا ان مفتاح لص السيارات.. وأخذ الجلاد في التحقيق مع «مفتاح» في كيفية سرقة السيارات وفتحها وتشغيلها وتحريكها من أماكنها إلي الأوكار المشبوهة التي يعيشون فيها.. ولكن الحقيقة لابد وان تظهر.. فكان ان أعلن الشخص مفتاح عن قيامه بالحصول علي ألف جنيه مقابل الظهور في برنامج الجلاد.. ليكشف حقيقة كذب الجلاد من أجل تحقيق الإثارة وجذب إعلانات ورفع نسب المشاهدين علي برنامجه الأسبوعي!! العليمي.. البلكيمي.. هالة والجلاد حالات واضحة ومكشوفة تعبيراً عن حالة الانفلات سواء داخل البرلمان أو خارجه علي شاشات الفضائيات.. وكأن البلد ناقص هذا الانفلات من جانب النواب والإعلاميين.. لقد تسببت حالة الانفلات الأمني المستمرة منذ أكثر من عام عن تصاعد دور البلطجية وسيطرتهم علي الشارع.. رغم المحاولات الجدية لوزير الداخلية وجهاز الشرطة التصدي لهم وعودة الأمن والأمان في الشارع.. لقد تسبب الانفلات الإعلامي إلي جانب الأمن إلي انهيار الاقتصاد حتي أصبحنا علي حافة الإفلاس والانهيار الاقتصادي.. الانفلات سيد الموقف في الشارع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والإعلامي.. لابد من محاسبة كل من يخطئ في حق الوطن والمواطنين وكل من يروع وكل من يكذب سواء كان سرحانا أو جلادا، مصر لم تعد تحتمل المزيد من الانفلات ولابد من عودة الأمن والأمان والاستقرار الي البلاد.. تعالوا نوقف الانفلات ونتوقف عن الكذب والتهييج والإثارة.