خسر النائب أنور البلكيمي الجميع، وكسب أنفا جميلة، ووضع حزبه والبرلمان في موقف لا يحسدا عليه، لكن سرعان ما تفوق الحزب على نفسه وأقال النائب الذي كذب على الشعب، وبقي موقف البرلمان منه. حادثة البلكيمي ستؤثر حتما على مصداقية النواب، وسيكون تأثيرها أكبر على حزب النور، رغم الموقف القوي الذي اتخذه الحزب تجاهه. الأخطاء التي تراكمت في شهر واحد من عمر البرلمان بدءا من الإصرار على إضافة عبارة "بما لا يخالف شرع الله" إلى قسم المجلس، مرورا باتهام الثوار بالبلطجة وتعاطي الترامادول، والدعوة إلى عدم تدريس المواد باللغة الانجليزية، وصولا إلى أزمة أنف البلكيمي ستخصم حتما من رصيد الحزب في الشارع المصري، وستصور نوابه بالمنفصلين عن القضايا الحقيقية التي تشغل بال المواطن، ولتدرك هذه الحقيقة، ما عليك إلا أن تتابع ردود الأفعال عبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال شاشات الفضائيات وكلها ترصد هدية البلكيمي للسلطة المحظوظة، المستفيد الوحيد من موقعة الأنف، حيث أنست المصريين، ولو قليلا، ركوع السلطة أمام رامبو الأمريكي. الأداء البرلماني في مجلس "الثورة" في مجمله لم يرق إلى تطلعات الشعب المصري الذي يتهم نوابه بالإصرار على خطف الكاميرات وتصدر مشاهد البطولة الزائفة بمزايدات وصياح ورغي وأذان وهولز تاركين الوطن غارقا في بحر أزمات كان من الأولى التركيز على مناقشتها والعمل على حلها. فإصرار النواب على مخالفة لوائح المجلس وعدم اتباع سلوكيات حضارية في المناقشة والإصرار على لفت الأنظار يكشف عن مراهقة برلمانية قد تودي ببعضهم لارتكاب كوارث أقلها القيم التربوية والرسائل السلبية التي يصدرونها بسلوكياتهم للأجيال الصغيرة القابعة أمام التلفاز. بدا واضحا أن الموقف الذي تعرض له حزب النور بسبب أنف البلكيمي لا يتعلق فقط بواقعة كذب نائبه لكنه يؤكد أن بعض النواب كاذبون رغم اليمين الذي أقسموه بعدم مخالفة شرع الله وأن الأمر حينها كان من باب المزايدة والشو الإعلامي. الطريف أن أنف البلكيمي هي من دلت عليه، بعد أن كادت تخرج من المشهد تماما وتنتهي الحادثة بسيناريو "السطو المسلح وسط حالة انفلات أمني واضحة"، لكن أطباء مستشفى سلمى تمكنوا من التعرف على سيادة النائب من خلال ما ربطته أيديهم على أنفه من شاش وقطن ليثبتوا من خلالهما أن النائب يكذب..... والقطنة ما بتكدبش.