إبراهيم سعده الانفلات الأمني هو الهاجس المشترك الأعظم الآن في كل ما نسمعه ونشاهده ونقرأه. لم يتوقف البلطجية عند مهاجمة هذا أو ذلك من عامة الشعب وإنما وصل إجرامهم إلي منازل ومكاتب من يفترض لديهم وسائل وأفراد أمن خاصة بهم. ليس هذا فقط.. بل صعد اللصوص وقطاع الطرق من إجرامهم عندما اختاروا ضحاياهم من بين الأكثر ظهوراً علي المسرح السياسي في هذه الأيام، أبرزهم المترشحون للانتخابات الرئاسية القادمة.
أولي الضحايا كان الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي أنقذ بأعجوبة من براثن من قطعوا الطريق علي سيارته وسيارة مرافقيه. وهو الحادث الذي أفزع المصريين سواء من أنصاره أو من معارضيه. والبلطجة ليست مقصورة علي الاعتداء أو السرقة وإنما مارسها البعض هجوماً بالشتائم والاتهامات في وجه بعض المترشحين للرئاسة في لقاءاتهم بالجماهير في هذه المدينة أو تلك. حدث هذا مع عمرو موسي، ومع أحمد شفيق، ود. سليم العوا، والإعلامية بثينة كامل والمستشار مرتضي منصور.. وغيرهم من ضحايا بلطجة الاختلاف مع الرأي ورفض الآخر! ومن ترصد مترشحي الرئاسة وسعت البلطجة من نشاطها مستهدفة نواب البرلمان الجدد. سمعنا عن نواب أكدوا تعرضهم للاعتداءات والتحرشات والسرقات.. وهي حوادث وجرائم توقف الرأي العام المصري كثيراً أمامها متابعاً تفاصيلها ومتعاطفاً مع ضحاياها. وشهدت إحدي جلسات مجلس الشعب هجوماً شديداً من النواب علي وزارة الداخلية لفشلها في تأمين الطرق. وقال النائب أسامة سليمان:" إن حوادث الطرق منذ حادث د.عمرو حمزاوي مرورا بحوادث د. عبدالمنعم ابوالفتوح ، والبرنس، والبلكيمي .. وكلها وقعت بعد العاشرة مساء، ورغم ذلك لم تضع الداخلية خطة للمواجهة والمنع، ولماذا لم تكشف اذا كانت هناك صلة بينها أم لا؟ وهل الطرف الثالث مشارك فيها أم لا ؟". هجوم نواب المجلس علي وزارة الداخلية كان كاسحاً، مما اضطر اللواء أحمد حلمي عزب مدير مباحث وزارة الداخلية للاعتذار عن حادث الاعتداء علي النائب "البلكيمي" قائلاً: "نأسف لما حدث للنائب ونحن نتتبع خط سيره لكشف غموض الحادث". ويبدو أن اللواء أحمد عزب تسرع في تقديم الاعتذار بعدما تكشفت الحقيقة بالنسبة للاعتداء علي النائب أنور البلكيمي. فقد اتضح طبقاً لأقوال الدكتور محمود ناصف، أخصائي تجميل بمستشفي "سلمي" أن الإصابات الموجودة في وجه البلكيمي هي نتيجة عملية تجميل للأنف وليس نتيجة السطو المسلح".. كما زعم السيد النائب وأقام الدنيا ولم يقعدها حتي الآن! وأضاف الدكتور ناصف في أقواله أمام النيابة أنه أجري للبلكيمي عملية تجميل في أنفه استغرقت عدة ساعات وانتهت حتي الواحدة والنصف من منتصف الليل، وعقب انتهاء العملية غادر المستشفي نحو الساعة الثانية صباحا، بعدما دفع مبلغ 10 آلاف جنيه تكاليف العملية، مطالبا إدارة المستشفي بعدم إبلاغ وسائل الإعلام بهذه الجراحة لأن حزب النور الذي ينتمي إليه يحرّم مثل هذه الجراحات (..). وبالأمس أكدت صحيفة "الشروق" أن "النيابة العامة سوف تتخذ الإجراءات القانونية ضد النائب أنور البلكيمي، حيث سيرسل النائب العام المستشار د. عبدالمجيد محمود، مذكرة إلي الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب للمطالبة برفع الحصانة عن البلكيمي، لمثوله للتحقيق معه في اتهامه بإزعاج السلطات وإثارة الرأي العام بأخبار غير صحيحة".
السيد النائب أراد أن يضرب بضعة عصافير بحجر واحد. فهو يريد التخلص من إعوجاج خلقي في أنفه بعملية جراحية يحرّمها حزبه، ويريد في الوقت نفسه ألاّ يغضب قيادات الحزب، ولتحقيق الهدفين لم يجد حلاً غير الظهور بالقطن والشاش علي وجهه والزعم بأنه تعرض للاعتداء الوحشي من عصابات "اللهو الخفي" التي تستهدف نواب الشعب، وسيجد كثيرين يتعاطفون معه ويشاركون في التهجم علي وزارة الداخلية المطلوب منها حماية المصريين من الاعتداءات الفعلية والاعتداءات المزعومة معاً.
أرجو أن نسمع من نواب البرلمان اعتذاراً للداخلية عما قالوه في حقها.