تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال في محافظة المنيا بمثابة القنبلة الموقوتة التي ينتظر انفجارها بين حين وآخر. ألقى الوضع الاقتصادي السلبي بظلاله على كافة نواحي الحياة، وهو ما دفع الأطفال في سن مبكر للبحث عن العمل لإعالة أسرهم، فهذا يبيع المناديل على مفارق الطرقات، وآخر يبيع الدخان، وذاك يبيع بعض الحلوى والبسكويت. يذكر أن عمالة الأطفال بالمحافظة قد وصلت لأكثر من 5 آلاف طفل وهذا رقم مخيف، له أسباب كثيرة أهمها الفقر، والبطالة، والتفكك الأسري، والإهمال، والتسرب من المدارس وعوامل أخرى اجتماعية ونفسية لها صلة بالمحيط الاجتماعي. وكان أخطر النتائج التي تم التوصل إليها هي رضا الأطفال عن عملهم وأصبح الحصول علي المال في حد ذاته قيمة لديهم حيث إن80% يحبون عملهم في حين يبحث64% منهم عن عمل آخر بحثا عن المكسب الأكبر وكانت النسبة الغالبة من الأطفال يعملون عدد ساعات طويلة تتراوح ما بين11 : 13 ساعة وأن43% منهم يعمل في المحاجر كلهم أطفال لا يزيد عمر أكبرهم علي15 سنة ومكانهم الطبيعي هو المدرسة ورغم وجود قانون الطفل الذى يحظر عمالة الأطفال أقل من 16 سنة. أولياء الأمور يبررون ازدياد ظاهرة عمالة الأطفال إلى تردي الوضع الاقتصادي وعدم توفر عمل للآباء، ويرون أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها المواطنون هي التي تدفع بالأطفال إلى أن يحلوا محل الكبار، ويقر الآباء أن هذه الظاهرة خطيرة على النشء، لكن ما يزيد من انتشارها أن الكبار باتوا لا يجدون عملا يعملون به في ظل انتشار البطالة واستفحالها في المجتمع، مما يدفع بالأبناء إلى لعب دور الآباء وتحمل المسؤولية مبكراً من خلال النزول إلى سوق العمل. ويوضح الدكتور محسن فارس أستاذ بكلية الآداب جامعة المنيا أنه لا يجوز عمل الأطفال في بعض المهن والصناعات المحظورة، والتي لا تتناسب مع أعمارهم وظروفهم الصحية في تلك المرحلة، كصهر المعادن والزجاج، وكل أنواع اللحام، وصنع الكحوليات والمشروبات والمحاجر، كما أن قانون الطفل حدد المهن المسموح بها لتشغيل الأطفال كالنسيج وبعض الأعمال غير المرهقة. وبذلك يتضح أن عمالة الأطفال تنعكس سلباً على أطفالنا وأجيالنا، وأن العامل الاقتصادي يلعب الدور الأساسي والرئيسي في وجوده هذه الظاهرة، مما يتطلب من الجهات المختصة إيجاد الحلول الملائمة لمشكلة البطالة أولاً، ومن ثم سن قوانين تحرم عمالة الأطفال في سن مبكر وذلك لحماية النشء من مخاطر الضياع.