بقدر ما اعترضت على فكرة تسليح المعارضين السوريين أجد نفسي مؤيداً بحماسة فكرة الاتحاد الخليجي. مجلس التعاون الخليجي نجح لأنه لم يكن خانقاً فيفر الأعضاء منه، ولم يكن مهلهلاً ليصبح «حارة كل من إيدو ٳلو» كما يقول السوريون. والاتحاد المقترح، كما فهمت من كلام وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في افتتاح الدورة 122 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، لن يمسّ من قريب أو بعيد سيادة أي من الدول الأعضاء أو أن يكون مطية للتدخل في شؤونها الداخلية، وإنما سيكون وسيلة تتيح لدول المجلس العمل من خلال هيئات ومؤسسات فاعلة ومتفرغة تتمتع بالمرونة والسرعة والقدرة على تحقيق ما يرسم لها من سياسة وبرامج. بكلام آخر، الاتحاد المقترح سيكون خطوة متقدمة على مجلس التعاون، ولكن مع المحافظة على حرية عمل كل دولة عضو في الداخل والخارج بما يناسب مصالحها، ضمن إطار المصلحة المشتركة للدول الأعضاء كافة. أريد أن يرى الاتحاد النور غداً. إلا أنني أعرف أن المفاوضات ستكون مضنية معقدة وستطول إذا كان للأعضاء أن يتجنبوا أي مطبات مستقبلية، فالوحدة الاندماجية غير المدروسة بين مصر وسورية بين 1958 أو 1961 فشلت وقضت على فكرة كل وحدة مماثلة بعدها. الاتحاد سيكون له أعداء يحاولون منع قيامه، وإحباطه إذا قام، ووكالة «اسوشيتدبرس» وزعت خبراً خالياً من أي توازن أو اتزان عن الموضوع نشرته «واشنطن بوست» خلاصته أن «السعودية وسعت الرد (أو الارتداد) على الربيع العربي بخطط اتحاد مع البحرين». أولاً، الاتحاد هو لدول مجلس التعاون الست، وثانياً لا حاجة لرد أو ارتداد على الربيع العربي فدول مجلس التعاون نجت من آثاره، وما حدث في البحرين كان محاولة انقلاب بتحريض من إيران وليس طلباً لحرية رأي أو ديموقراطية، وثالثاً فآخر دولتين في الخليج تحتاجان إلى اتحاد بينهما هما السعودية والبحرين، لأن اتحاداً غير مكتوب وحلفاً وعلاقات سياسية واقتصادية قديمة ومستمرة كله موجود بين البلدين. أتكلم عما أعرف في شكل مباشر عن قيادتي البلدين على امتداد 40 سنة، وما سمعت من حكام البلدين وكبار المسؤولين فيهما تركني دائماً بانطباع عن أن العلاقة بين البلدين هي في النفوس وقبل النصوص. الاتحاد سيجعل من دول الخليج قوة سياسية واقتصادية وعسكرية قادرة على الدفاع عن حقوق العرب في الخليج، ودعم الدول العربية الأخرى، وانتظار دعم عربي عام لها في المقابل. أرجو أن أرى اليمن يوماً عضواً في الاتحاد الخليجي ففيه قوة عاملة كبيرة لها سوق مفتوحة في دول مجلس التعاون، وأرجح أن تكون للأردن والمغرب علاقة خاصة مع الاتحاد كتلك التي يجري التفاوض في شأنها الآن مع المجلس. وأهم من هذا وذاك أن تقوم علاقة وثيقة مباشرة مع مصر، فهي العمق السنّي لدول الخليج، ووجودها إلى جانب الاتحاد سينهي أي أطماع حقيقية أو متوهمة من هذا الجار أو ذاك. أكتب بحماسة لأنني وحدوي منذ وعيت معنى الكلمة ولم أتغير يوماً رغم كل النكسات، وأشعر بأن الاتحاد الخليجي هو الحل الأمثل للمشاكل التي تواجهها دول مجلس التعاون، وبأن قيامه على أسس سليمة قد يكون بداية اتحاد عربي أكبر. هذا الاتحاد ليس ضد أي طرف داخلي أو خارجي، وإنما يمثل مصلحة الدول الأعضاء، وقرأت في خبر «اسوشيتدبرس» كلاماً منسوباً إلى زعيم حركة الوفاق المعارضة في البحرين الشيخ علي سلمان خلاصته الترحيب بالاتحاد شرط ألا يحوّل البحرين إلى إمارة سعودية. هذا مستحيل ولا تريده السعودية أصلاً أو تطلبه البحرين، والاتحاد سيعكس واقعاً خليجياً رفضت الوفاق قبوله ودفعت الثمن، هو باختصار أن الشيعة في الخليج، وفي الجزيرة وبين العرب، عشرة في المئة فقط من المسلمين، نقلا عن صحيفة الحياة