بقرار من مجلس التأديب.. فصل صاحب أغرب قضية تزوير في تاريخ الجامعات    «التنسيقية».. 6 سنوات من العمل والأمل    رفع الحد الأقصى لبطاقات العلاج لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة المنيا (تفاصيل)    مصدر رخيص لإنتاج الكهرباء.. أبرز تصريحات رئيس هيئة المحطات النووية    وزيرة التعاون الدولي: القطاع الخاص ركيزة رئيسية لتحقيق النمو وخلق فرص العمل    أسعار الكتاكيت اليوم الجمعة 14-6-2024 في البورصة    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    الاحتلال يحرق جنوب لبنان «بالمنجنيق».. وحزب الله يمطر مواقع إسرائيلية بوابل غير مسبوق من الصواريح والدرونز    تأثيراتها الاقتصادية تضرب دول المنطقة |90% انخفاضًا فى عدد الحاويات العابرة للبحر الأحمر    نوري شاهين مدربا لبوروسيا دورتموند حتى عام 2027    وزير الشباب والرياضة ومحافظ الغربية يطمئنان على الحالة الصحية للسباحة شذى نجم    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    الرئيس السيسى يؤدى فريضة الحج ويزور قبر النبى الكريم    مهرجان القاهرة التجريبي يكرم «بانوراما برشا» المسرحي    بعد الإعلان عنه.. كيف علق أحمد فهمي على تقديم مسلسل «سفاح التجمع»؟ (خاص)    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2024.. كلمات بسيطة لإسعاد زوجتك    إسعاد يونس تكشف ل«الوطن» كواليس ظهورها بالحلقة الأخيرة من دواعي السفر    اليوم عرفة.. لندعُ الله    "خلي بالك".. ضوابط صلاة عيد الأضحى 2024    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل    جيش السودان: مقتل أحد قادة "الدعم السريع" في معركة "الفاشر"    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    طيبة التكنولوجية تُشارك في ورشة عمل لتعزيز قدرات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة    الفيلم الوثائقي "أيام الله الحج": بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    صيام عرفة سنة مؤكدة ويكفر ذنوب عامين.. المفتي: من لا يملك ثمن الأضحية فلا وزر عليه    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    لبنان يدين الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب البلاد    السعودية تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين في غزة    بجمال وسحر شواطئها.. مطروح تستعد لاستقبال ضيوفها في عيد الأضحى    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    حج 2024| النقل السعودية تطلق مبادرة «انسياب» لقياس حركة مرور حافلات الحجاج    تردد قناة الحج السعودية 2024.. بث مباشر للمناسك لمعايشة الأجواء    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة بغداد تعمق الانقسام العربي
نشر في شباب مصر يوم 14 - 02 - 2012

(جدير بالحراك الشعبي العربي ان يستثمر قوة زخمه لوقف تدمير البيت العربي على كل من فيه، فهذه مهمة تتعلق بوجود الأمة نفسها لا بنوعية انظمة الحكم في دول تجزئتها)
بقلم نقولا ناصر*
سواء انعقدت قمة بغداد العربية أم لم تنعقد، فإن كل المقدمات والمؤشرات والدلائل تؤكد أنها ستكون محطة فاصلة في تعميق الاستقطاب والانقسام العربي الذي استفحل بتداعيات الأزمة السورية.
ومن الواضح أن الأسباب التي سيقت لتأجيل عقد القمة في بغداد عام 2010 ونقل مكان انعقادها آنذاك الى سرت الليبية، وبخاصة الوضع الأمني غير الملائم في العراق ذاته في ظل قوات الاحتلال الأميركي وتطورات ما سمي ب"الربيع العربي" في عدد من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، ثم تأجيل استضافة العاصمة العراقية لها في السنة التالية قبل انسحاب قوات الاحتلال الأميركي وترحيلها إلى عام 2012 الجاري بعد هذا الانسحاب، لا تزال هي الأسباب ذاتها، لا بل إن الأزمة السورية قد ضاعفت هذه الأسباب وأضافت اليها.
إن أربعة من دول مجلس التعاون الخليجي العربية، وهي السعودية وقطر والكويت والامارات، تدفع (80%) من اجمالي الميزانية السنوية لجامعة الدول العربية التي تتجاوز المليار دولار أميركي، وفي الأوضاع العربية الراهنة لم يعد يوجد شك في انها تمسك بمفتاح تفعيل الجامعة أو شل عملها أو تحريك قرارها في الاتجاه الذي تريده، ويشمل ذلك قرار عقد أو عدم القمة العربية، في بغداد أو في غيرها.
ومشروع القرار المقدم من العربية السعودية المقرر أن تناقشه الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، الاثنين، "لإنهاء" الأزمة السورية، والقرار الأخير لدول المجلس الست بسحب سفرائها من دمشق وطرد السفراء السوريين من عواصمها، هما مؤشران لا يتركا مجالا للشك في أن لدى هذه الدول قرار مسبق غير قابل للتفاوض بشأن الأزمة السورية، وبالتالي فإن وجود أو عدم وجود هذه الأزمة على جدول أعمال قمة بغداد لا ينفي أن هذه الأزمة سوف تكون في رأس جدول أعمال القمة، بل ربما تقرر عقدها أو عدم عقدها، وأن دول مجلس التعاون تفرض مسبقا ولا تتوافق على أي جدول أعمال للقمة، المفترض أن تكون الملتقى الأرفع مستوى للتوافق عل حد أدنى للتضامن العربي، وبذلك يصبح أي تضامن عربي منشود مشروطا بالموافقة المسبقة على جدول الأعمال الخليجي.
ولا شك ان مجلس التعاون الذي طلب عدم انعقاد القمة في بغداد عام 2010 لأسباب عراقية – إيرانية آنذاك يجد اليوم فرصة لمساومة العراق على موقفه من الأزمة السورية مقابل انعقاد قمة عربية في بغداد تشير كل الدلائل إلى تصميم المجلس على تحويلها إلى قمة لعزل سورية في سياق سعيه المعلن إلى تغيير النظام السياسي فيها.
وهذا الموقف الخليجي يهدد بعزل قطرين عربيين مؤسسين لجامعة الدول العربية، هما العراق وسورية وليس سورية فقط، وفي ضوء الأوضاع الراهنة التي تمر بها عدة دول عربية أخرى كمصر وليبيا واليمن تبدو الجامعة على شفا انفرط عقدها، ومن المؤكد أن الاقتراح السعودي بتحويل مجلس التعاون إلى "اتحاد" عربي لن يخلق بديلا للجامعة العربية حتى لو تغلبت دول المجلس على ترددها بشان ضم الأردن والمغرب إلى المجلس أو إلى الاتحاد المقترح، ومن المؤكد أيضا أن انفراط عقد الجامعة سوف يفسح المجال لظهور منظمات اقليمية بديلة تكون دولة الاحتلال الاسرائيلي عضوا فيها إن لم تكن العضو الوازن فيها.
ومع أن العراق قد أعلن رسميا أن توجيه الدعوة إلى سورية للمشاركة في القمة في التاسع والعشرين من آذار / مارس المقبل متروك لقرار جامعة الدول العربية التي علقت عضوية سورية فيها، فإن هذا الإعلان كما يبدو حتى الآن لم يخفف من الأسباب "العراقية – الايرانية" التي جعلت العربية السعودية تقاوم الضغوط الأميركية لفتح سفارتها في بغداد وتطبيع علاقاتها مع العراق منذ الغزو فالاحتلال الأميركي عام 2003، فهذه الأسباب في حد ذاتها لا تزال قوية لتحفظ السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى على استضافة بغداد للقمة العربية، في معزل عن الموقف العراقي المتصادم مع الموقف السعودي – الخليجي من الأزمة السورية. وتتضح قوة هذه الأسباب "العراقية – الايرانية" في استبعاد وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، لحضور البحرين القمة المرتقبة، أو المؤمل عراقيا انعقادها، "في بلد تأتينا منه المشاكل كل يوم"، كما قال. ويبدو تلهف الحكومة العراقية المنبثقة عن الاحتلال الأميركي في العراق على انعقاد القمة حرصا على منحها شرعية عربية توحي بتعزيز سيادة العراق واستقلاله، خصوصا بعد انسحاب قوات الاحتلال الأميركي، أمرا متناقضا مع حضور الكويت لهذه القمة وهي التي ما زالت تحاصر سيادة العراق واستقلاله بوصاية الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. والامارات العربية المتحدة التي أعلنت عن إعفاء العراق من ديون مستحقة لها عليه بما يزيد على خمس مليارات دولار أميركي، والتي تحتفظ بسفارتها في المنطقة الخضراء ببغداد منذ وقت مبكر، تبدو صوتا شاذا في مواقف دول مجلس التعاون الخليجي من العراق بعد الاحتلال.
في الرابع من الشهر الجاري، كتبت صحيفة "ذى سعودي غازيت" الرسمية باللغة الانكليزية في افتتاحية لها أنه "من المستحيل عقد قمة في بغداد". وحسب البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي سربها موقع ويكيليكس نسب إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القول إن الولايات المتحدة قدمت العراق إلى إيران "على طبق من ذهب" ووصفه رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي بأنه "إيراني 100%" ودعا إلى "قطع رأس الأفعى" في إيران. وهذه التصريحات، إن صدقت، إنما تؤكد فقط السياسات الممارسة فعليا للعربية السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، وهي سياسات تتمحور حول ترتيب للأولويات الاقليمية يكمن في صلب الاستقطاب والانقسام العربي الراهن، وبخاصة حول الأزمة السورية التي يتحمل المجلس ودوله مسؤولية رئيسية عن استفحال الأسباب الداخلية المشروعة لها حد تعريبها في الظاهر كمخرج عربي محتمل لتدويلها يلتف على تكرار استخدام "الفيتو" المزدوج الروسي – الصيني مرتين لمنع تدويلها عبر مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا الترتيب للأولويات الاقليمية يكمن الاستقطاب العربي الراهن الذي يهدد بانقسام يطول أمده يعطل أي عمل عربي مشترك في المدى المنظور.
وإذا انعقدت قمة بغداد الشهر المقبل ونجحت دول مجلس التعاون في استصدار قرار منها بالاستمرار في تعليق عضوية سورية في الجامعة، فإنها ستكون مفارقة تاريخية حقا، تذكر بان الأولوية العربية في عزل دولة الاحتلال الاسرائيلي التي جعلت الجامعة تعلق عضوية مصر فيها إثر توقيعها اتفاقيات كامب ديفيد في قمة بغداد عام 1978 قد انقلبت الآن على تلك الأولوية لتمنح الأولوية لعزل إيران وتعلق عضوية سورية في الجامعة بسبب تحالفها معها في مواجهة دولة الاحتلال الاسرائيلي.
فالاستقطاب العربي الراهن ينقسم بين المجموعة العربية التي تقودها العربية السعودية برأس رمح قطري وتعتبر أن الأولوية العربية يجب أن تمنح ل"قطع رأس الأفعى" الايرانية وبين مجموعة أخرى تقودها سورية تعتبر أن الأولوية العربية يجب أن تمنح لتحرير الأراضي العربية التي تحتلها دولة الاحتلال الاسرائيلي في سورية وفلسطين ولبنان، ومن الواضح أن الأولوية الأولى تسالم دولة الاحتلال الاسرائيلي حد التنسيق المعلن أو المستتر معها بحكم الأمر الواقع ضد إيران، وأن الأولوية الثانية تكاد تتحالف مع إيران حتى ضد المجموعة العربية الأخرى، وليس ضد دولة الاحتلال الاسرائيلي فحسب، طالما لم تجد حلا عادلا سلميا لتحرير أراضيها المحتلة.
إن الصراع العربي – العربي بين الأولويتين كما يبدو يسوغ لمجلس التعاون الخليجي تحويل سورية إلى ساحة حرب اقليمية ودولية بالوكالة العربية أو المحلية تنطوي على خطر ملموس يتفاقم على الدولة السورية ووحدة أراضيها الاقليمية، ولا يسع المراقب إلا أن يتساءل عما إذا كان هذا الصراع ذاته يسوغ لسورية أيضا أن تقوم بدور مماثل في أي من دول مجلس التعاون الخليجي !
وإذا كانت المخاوف العربية الخليجية من خطر إيراني هي مخاوف مشروعة في ضوء وراثة إيران الاسلامية للهيمنة الأميركية في العراق ووراثتها لاحتلال نظام الشاه للجزر العربية الاماراتية في الخليج العربي، ناهيك عن احتمال لم يتأكد حتى الآن من تحول إيران إلى قوة عسكرية نووية، فإن المخاوف الأمنية الايرانية، وبخاصة السورية، من مخاطر وجود نظام سياسي في بغداد موال للولايات المتحدة، الراعي الاستراتيجي لدولة الاحتلال الاسرائيلي، هي أيضا مخاوف مشروعة كذلك، والاصطفاف الخليجي إلى جانب الولايات المتحدة اقليميا لن يخفف من المخاطر الايرانية التي تستشعرها دول الخليج العربية ولا من المخاطر الأميركية – الاسرائيلية التي تكتوي سورية بنارها منذ سنين ولا تستشعرها فقط، وهذا الاصطفاف الخليجي يقود المنطقة إلى حافة الحرب، ويوسع فجوة الخلاف العربي – العربي بحيث يتحول الحد الأدنى لأي تضامن عربي ضحية له، واصطفاف العراق الحالي ضد الموقف الخليجي من الأزمة السورية بدافع علاقاته الايرانية الوثيقة هو دليل دامغ على النتائج العكسية لموقف مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الأزمة السورية، التي ربما ما كانت لتتحول إلى أزمة محلية واقليمية ودولية لو كان هذا الموقف مختلفا.
وفي هذا السياق يلفت النظر تصريح للمعارض السوري هيثم مناع قال فيه: "في الخليج توجد حملة ضد الايرانيين. وهذا قد يعني أن بلدان الخليج سوف تحاول تحويل سورية إلى ساحة معركة ضد إيران. لكننا نرفض أن نصبح ضحايا لحرب بالوكالة".
لقد حان الوقت لتدخل الحكماء العرب والدوليين لوقف عملية الانتحار العربي الجماعية الجارية هذه، فهي إن استمرت لن تبقي للأمة وشعوبها لا دولا مستبدة ولا ديموقراطية، ولا ملكية ولا جمهورية، وجدير بالحراك الشعبي العربي الذي يجري حرفه عن مساراته المتوقعة المشروعة وزجه في هذا الصراع الذي لا مصلحة له فيه ان يستثمر قوة زخمه لوقف تدمير البيت العربي على كل من فيه، فهذه مهمة تتعلق بوجود الأمة نفسها لا بنوعية انظمة الحكم في دول تجزئتها.
لقد فوت قطبا الاستقطاب العربي الراهن فرصة تاريخية للبناء على الأرضية المشتركة لاعتبار الاحتلال الأميركي للعراق "احتلالا أجنبيا غير مشروع" كما صرح العاهل السعودي الملك عبد الله عام 2007، يعزز الاحتلال الآخر الاسرائيلي غير المشروع غربي المشرق العربي، لكن الصراع بين الأولويتين السعودية والسورية فوتت فرصة التضامن العربي على ترتيب موحد للأولويات العربية.
إن تصريح سفير الولايات المتحدة في بغداد، جيمس جيفري، أواخر الشهر الماضي بأن العراق "يظل البلد الأكثر ديموقراطية في الشرق الأوسط"، وهذا وصف أميركي كان دائما حكرا على دولة الاحتلال الاسرائيلي، يتناقض تماما مع التقويم السعودي للوضع في العراق، هو تصريح يجب ان يذكر كل أطراف الاستقطاب العربي الراهن بأن التحريض الأميركي على تاليف جبهة أميركية – إسرائيلية - عربية ضد إيران يظل في صلب الانقسام العربي الذي يتفاقم عشية قمة عربية مقررة قد تنعقد وقد لا تنعقد في بغداد، فأولوية "قطع راس الأفعى" الايرانية هي أولوية اميركية – إسرائيلية قبل أن تكون أولوية لبعض العرب، وتقاطع المصالح الخليجية مع هذه الأولوية ليس مسوغا كافيا لاقناع الرأي العام العربي بتحويله إلى حرب عربية – عربية تستهدف إضعاف إيران عبر سورية بانتظار حرب أميركية – إسرائيلية على إيران تشير كل المعطيات إلى أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الاسرائيلي ليستا على استعداد لخوضها في المدى المنظور.
لقد نشرت صحف بريطانية مؤخرا أجزاء من تقرير طبي عن بكتيريا فتاكة جديدة آكلة للحوم البشر تنتقل بالعدوى حيث يزدحم البشر، وهي آخذة في الانتشار، وكون الاسم الذي يطلق على هذه البكتيريا هو "يو اس ايه - 300"، وهذه ذاتها هي الأحرف الأولى للولايات المتحدة الأميركية، لافت للنظر، ويذكر العرب بأن جرثومة فتنة سياسية تحمل الاسم ذاته قد استفحل انتشارها بينهم وهي تنخر في أجسامهم حتى العظم حتى تكاد تقضي عليهم إن لم يتداركوا أمرهم قبل فوات الأوان.
*كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.