تقرير: منى أبوسكين المصانع تحولت لأبراح سكنية.. ومزاد لبيع أرض «الدلتا» سلط قرار الدكتور أشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال العام، بترسية المناقصة الخاصة بتطوير محالج الأقطان التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، على إحدى الشركات الهندية، الضوء على ما آلت إليه محالج القطن فى محافظة الغربية والتى كانت تتصدر باقى المحافظات فى عدد محال القطن، إلا أن السياسات الحكومية المتعاقبة بتعاقب الأنظمة تسببت فى ضياع ثروات قومية من خلال إهمالها والتخريب المتعمد لها ليتم بيع الآلات خردة وبيع أراضى تلك المحالج التى تقدر قيمتها بمليارات للمستثمرين بأبخس الأسعار. وادعت وزارة قطاع الأعمال العام، إعدادها خططاً لإعادة الهيكلة ومشروعات التطوير بالشركات التابعة لها، خاصة الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، فعن أى خطط تطوير يتحدثون بعد أن تحولت أغلب المحالج إلى أماكن مهجورة وعشش العنكبوت على المحالج وأعلن عن بيع أراضيها فى المزاد العلنى رغماً عن أنف المواطنين؟ فقد نجح طلعت باشا حرب بمعاونة رجال المال والصناعة داخل المدينة فى أن يحول المحلة من مجرد إقليم زراعى متواضع إلى قلعة صناعية ضخمة لها مكانتها على الخريطة العالمية، عندما شرع فى بناء أول محلج مصرى للطن تابعة لشركة مصر لحليج الأقطان، وقام بافتتاحه رسمياً مع رئيس وزراء بلجيكا عام 1924 من أجل مواجهة احتكار الأجانب لهذه السلعة الاستراتيجية حيث كان الإنجليز واليهود واليونانيون هم المسيطرين على محالج وتجارة القطن ثم أنشأ بعدها شركة مصر للغزل والنسيج عام 1927، لتصبح ثالث شركة على مستوى العالم فى صناعة المنسوجات. ولم تعد تضم محافظة الغربية سوى 9 محالج بعد أن كانت مدينة المحلة الكبرى وحدها بها 10 محالج جعلت من مدينة المحلة قلعة للنسيج على مدار عصور طويلة، وهى محلج العربية بطنطا، و4 محالج بكفر الزيات: محلج النيل ومحلج الدلتا ومحلج الدلتا 1 و2 وهناك محلج النيل بزفتى و4 محالج بمركز ومدينة المحلة الكبرى وهى محلج النيل 1 و2 ومحلج مصر. وقد شهدت المحالج فى الغربية تخريباً ممنهجاً للاستغلال أراضيها فى بناء عمارات سكنية، خاصة أن معظم المحالج مقامة فى مناطق حيوية مثلما حدث مع محلج الدلتا بالمحلة حيث تم الإعلان عن بيع أراضيه فى مزاد علنى فى يناير الماضى ولم تفلح الدعاوى القضائية فى وقف البيع وما يشوبه من بطلان. قال شريف صبرى إنه قدم طعناً أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا قيد برقم 8704 لسنة 24 قضائية، وطعناً آخر أمام محكمة الأمور المستعجلة بالمحلة لوقف إجراءات المزاد العلنى لبيع أرض ومحلج شركة الدلتا لحليج الأقطان بالمحلة الكبرى. وأضاف أن محلج شركة الدلتا بالمحلة الكبرى، هو ثروة قومية وكنز ثمين على مساحة 36925 م2 تقريباً، إلى أن قام البنك الأهلى المصرى وبنك مصر بالحجز عليه وانتقال ملكيته للبنكين، وقام البنكان بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون بعرض أرض المحلج للبيع عن طريق المزاد بنظم المظاريف المغلقة بالمزاد. وأكد «صبرى» مقدم الطعن أنه يريد بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار البيع والتنازل عن محلج شركة الدلتا لحليج الأقطان بالمحلة الكبرى بما يشمله من أرض ومنشآت وماكينات ومحتويات وتنفيذ الحكم المستعجل وعبر عن أسفه من عدم البت فى الدعوى إلى الآن. كما عبر محمد فتحى، أحد العمال بمحلج الدلتا، الذين تم تسريحهم عن حزنه من إغلاق محالج القطن بالمحلة وتدمير مبانيها لبيع أراضيها، مشيراً إلى أنه تم تشريد آلاف العمال وضياع صناعة كانت مصر رائدة فيها وتحقق منها دخلاً بالعملة الصعبة. وأكد أن كافة المسئولين الذين تولوا إدارة المحلج كان هدفهم زيادة الخسائر لإعلان إفلاس ومديونية المحلج لبيعها فى المزاد العلنى، ورغم وجود عشرات الأفكار التى كان من شأنها إنقاذ تلك المحالج من الإفلاس تم الضرب بها عرض الحائط. وحول بدء الحكومة تطوير المحالج، قال «فتحى»: إن القرار جاء متأخراً «بعد خراب مالطة» متسائلاً: بماذا يفيد أن يتم تطوير بضعة محالج من أصل مئات المحالج التى كانت تصدر شغلها إلى دول العالم أجمع؟ من جانبه، رحب حسن الحصرى، نقيب الفلاحين بالغربية بفكرة تطوير محالج القطن واصفاً إياها ب«القرار المتأخر جداً» لأن زراعة القطن ستشهد خلال الأعوام المقبلة تراجعاً كبيراً بسبب ارتفاع تكاليف زراعة الفدان الواحد إلى أكثر من 13 ألف جنيه، خاصة بعد ارتفاع أسعار الوقود التى أثرت على أسعار مستلزمات الإنتاج وأجور الأيدى العاملة، خاصة أن زراعة القطن تحتاج إلى أيدى عاملة كثيفة. وأشار الحصرى إلى تراجع إنتاجية الفدان من 10 قناطير إلى 4 أو 5 على الأكثر بسبب ضعف التقاوى وعدم مقاومتها للأمراض المختلفة وفى الوقت نفسه ضعف السعر الذى حددته الحكومة للقنطار والذى تراوح من 2100 إلى 2300 وهو ما لا يتناسب مع الإنتاجية العالية للمحصول. على الجانب الآخر، أكد المهندس عادل العتال، وكيل وزارة الزراعة بالغربية أهمية قرار الحكومة بتطوير محالج القطن، مضيفاً أن الوزارة وضعت خطة لزيادة الماسحة المزروعة من القطن، حيث تمت زراعة 9943 فداناً وتوزيع 1905 بذرة على المزارعين صنفى جيزة 86 و94 وقد احتل مركز المحلة المركز الأول فى زراعة القطن لهذا العام بواقع 6891 فداناً من الإجمالى المزروع. وأشار «العتال» إلى أن محصول القطن بحالة جيدة ومواصفات عالية الجودة، وأن إنتاج الفدان من القطن هذا العام بالحقول الإرشادية 10 قناطير ونصف القنطار، مقارنة بالحقول الأخرى والتى أنتجت 8 قناطير، لافتاً إلى أن المديرية اقترحت عودة الدورة الزراعية للقطن وزراعة القطن فى تجميعات مستقلة ودعم الدولة لمزارع القطن فى مستلزمات الإنتاج من سماد ومبيدات وأن يكون هناك رؤية مستقبلية الإنتاج وجودة القطن المصرى عن طريق حظر استيراد الأقطان الأجنبية وتوفير احتياجات المغازل وحظر تداول تقاوى البذرة الغريبة.