جروبات الغش تنشر امتحانات اللغة العربية لمحافظتي الجيزة والقاهرة    استقرار أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري .. وتراجع «اليورو» و«الاسترليني»    انخفاض أسعار الفراخ البيضاء اليوم الأربعاء 8-5-2024    توصيل المياه ل100 أسرة من الأولى بالرعاية في قرى ومراكز الشرقية مجانا    مؤشر مديري المشتريات في مصر ينكمش في أبريل عند 47.4 نقطة    عاجل| الأزهر الشريف يدعو المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف الحرب على غزة    إسرائيل تعيد فتح معبر كرم أبو سالم والشاحنات القادمة من مصر تخضع للتفتيش    «القاهرة الإخبارية»: إطلاق نار من زوارق الاحتلال الإسرائيلي باتجاه رفح الفلسطينية    موعد مباراة كلوب بروج ضد فيورنتينا في دوري المؤتمر الأوروبي    متى عيد الاضحى 2024 العد التنازلي.. وحكم الوقوف على جبل عرفة    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان «العربية» للصف الأول الثانوي عبر تليجرام    حريق شقة بشارع الغزالي بوسط الإسكندرية    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    «القناة الأولى» تعرض تقريرًا عن الفنان أحمد مظهر في ذكرى رحيله    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    هيئة الدواء تقدم 12 نصيحة لمرضى الربو    «الصحة»: خدمات طبية ل900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 30 يوما    توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 8 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العقرب» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    يوم مفتوح بثقافة حاجر العديسات بالأقصر    إفلاس فرع شركة فيسكر لصناعة السيارات الكهربائية في النمسا    اليوم.. الليلة الختامية لمولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي    يطالبون بصفقة رهائن|متظاهرون إسرائيليون يغلقون أهم الطرق في تل أبيب قبل وصول بيرنز    ياسمين عبد العزيز: فترة مرضي جعلتني أتقرب إلى الله    تعرف على المواعيد الجديدة لتخفيف أحمال الكهرباء    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    بعد رفض قضاة تعيينهم، كلية حقوق كولومبيا تدعم خريجيها الداعمين لغزة    لسبب غريب.. أم تلقي طفلها في نهر مليء بالتماسيح    حسن الرداد: مبعرفش اتخانق مع إيمي.. ردودها كوميدية    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد- 19 من جميع أنحاء العالم    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    نائب رئيس المصري: مش هنفرط في بالمشاركة الإفريقية    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    حسن مصطفى: الضغوط كثيرة على الأهلي محليًا وقاريًا    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب أولوية المرور بالقليوبية    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبده وازن يكتب : النازية... بلفور وفلسطين
نشر في الوفد يوم 13 - 11 - 2017

لا تحصى الروايات التي كتبت – وتكتب – في الغرب عن أوشفيتز والمحارق النازية التي سيق إليها بعض يهود أوروبا، وغالباً ما تحظى هذه الروايات برواج وترحاب وتحوز جوائز، حتى وإن كان كثير منها عادياً أو دون المعايير الروائية الراسخة. ولعل رواية «جدول الأعمال» التي فازت قبل أيام بجائزة غونكور الفرنسية الشهيرة خير مثال على «حمّى» النازية وأوشفيتز التي ما زالت تشيع في الوجدان الأوروبي العام والتي كلما أشرفت على الانطفاء تعمد «الآلة» الصهيونية العالمية إلى إذكائها وفتح الجرح الرهيب الذي أحدثته النازية في ذاكرة التاريخ الأوروبي. وليس مستهجناً أن تمثل آثام النازية، نتيجة الإلحاح الصهيوني واليهودي، عقدة ذنب في ضمير المثقفين الأوروبيين، وأن تصبح قضية أوشفيتز ضرباً من «التابو» الذي لا يمكن المس به.
فازت رواية «جدول الأعمال» (دار أكت سود) للكاتب إريك فويار بجائزة غونكور وفازت رواية أخرى عن النازية أيضاً ومحارقها عنوانها «اختفاء جوزف منغيل» (دار غراسيه) للكاتب أوليفييه غيز بجائزة رونودو التي لا تقل شأناً عن الجائزة الأولى... إنها «المصادفة» التي جعلت هاتين الروايتين النازيتين تحتلان واجهة باريس الأدبية، ويا لها من مصادفة. قبل إعلان اللوائح الطويلة ثم القصيرة لهاتين الجائزتين لم يكن متوقعاً فوز أيّ من هاتين الروايتين. فمعظم الصفحات الثقافية لم تولِ هاتين الروايتين اهتماماً بل هما غابتا عن ملفات «الموسم الروائي» في مجلات بارزة مثل «لو ماغازين ليتيرير» و «لير»، ولم يتناولهما النقد بصفتهما «حدثاً» روائياً بارزاً.
تسترجع رواية «جدول الأعمال» اليوم التاريخي، يوم العشرين من شباط (فبراير) 1933 الذي التقى فيه الفوهرر النازي جمعاً من رجال الصناعة الألمان داعياً إياهم إلى دعم نظامه وآلته العسكرية صناعياً، بغية تحقيق حلمه النازي وترسيخ قبضته الحديد. كان من بين الشركات الصناعية تلك شركات ما برحت حتى الآن تحتل الصدارة صناعياً: باير، أفغا، أوبل، سايمنس، تليفنكن... إلا أن الرواية لا تلبث أن تنتقل إلى صميم المشروع النازي، وخطوته الأولى حينذاك توحيد البلدان الناطقة بالألمانية في «ألمانيا الكبرى» التي يكون الفوهرر حاكمها المطلق. وفي العام 1936 يوقّع هتلر مع النمسا اتفاقاً ينصّ على ضمّه النمسا إلى ألمانيا. ثم لا يلبث أن يفرض، مدعوماً من النازيين النمسويين وبعض السياسيين المؤيدين له، على المستشار النمسوي، اتفاقاً آخر يرغمه على توقيعه، فتكون نتيجة الإرغام هذه اجتياح
الجيش النازي النمسا... في مثل هذه الأجواء التاريخية و «التوثيقية» تدور هذه الرواية التي تفضح شناعة النازية التي دمرت ألمانيا مثلما دمرت أوروبا واقترفت أرهب الجرائم. رواية تاريخية إذاً، واقعية لا تخلو من سخرية تفترضها شخصية هتلر نفسه. وغالب الظن أن الرواية لو لم تستحضر النازية لما بدت تستحق الجائزة، وهذا ما دل عليه الاستقبال الفاتر لها صحافياً ونقدياً.
الرواية الثانية التي تحتل واجهة الموسم الأدبي في باريس عقب فوزها بجائزة رونودو هي نازية جداً، ونجح صاحبها في اختيار أحد المجرمين النازيين الذي يدعى جوزف منغيل والذي سمي «ملاك الموت» بطلاً لها. كان منغيل هذا طبيباً يعمل في أوشفيتز، لكن مهمته لم تقم على مداواة المرضى أو الجرحى بل إجراء اختبارات رهيبة ووحشية على الأسرى اليهود، أطفالاً ونساء ورجالاً. تعذيب وتشريح وحرق الأسرى أحياء... عندما انتهت الحرب وهزمت النازية فرّ هذا المجرم إلى الأرجنتين. ولم يكن على الروائي أوليفييه غيز إلا أن يلاحقه في منفاه الأميركي اللاتيني ويسترجع جرائمه الراعبة.
هل هي مصادفة حقاً أن تفوز هاتان الروايتان النازيتان «العاديتان» بجائزتيين كبيرتين في لحظة تاريخية أليمة كان الفلسطينيون يحيون ذكراها المئة وهي «وعد بلفور»؟ ترى ألا يماثل هذا «الوعد» البريطاني والأوروبي، المشروع النازي في شؤمه وعنفه وجرائميته؟ ألا يستحق أن يمثل أيضاً عقدة في ضمير بريطانيا وأوروبا وأميركا؟ لقد أتاح هذا الوعد لصهاينة العالم فرصة ممارسة دور الجلاد الذي أدّاه هتلر ولكن ضد شعب فلسطين. كان هذا الوعد المريب هو الحافز «الشرعي» دولياً على مقاتلة الشعب واضطهاده وطرده من أرضه وتشريده. لم تكتب رواية غربية واحدة عن وعد بلفور ولا عن فلسطين والمجازر التي ارتكبها – ولا يزال - جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد أهل الأرض. لم يكتب روائي أوروبي أو أميركي رواية عن إحدى أشد مآسي القرن العشرين قهراً وظلماً وبؤساً. محارق النازية تفيض بها الروايات والأفلام والأعمال المسرحية في العالم أجمع. أما مأساة فلسطين فلم يروها سوى العرب. وقد يكون الكاتب الفرنسي «المنشق» جان جينيه هو الغربي الوحيد الذي كتب رواية فلسطين والفلسطينيين في كتابه البديع «أسير عاشق» الذي أثار حفيظة الإسرائيليين والصهاينة في العالم. ترى أليس معيباً جداً ألا تدفع المأساة الفلسطينية الروائيين الغربيين إلى استيحائها في أعمال تليق بها؟
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.