هل تساوى كمية الكراهية والعداء التى فى صدر نتنياهو تجاه العرب والمسلمين كمية الكراهية والعداء التى يحملها بعض السياسيين والإعلاميين لدينا تجاه التيار السياسي الإسلامى..؟ ما الفارق إذن بين اتهام نتنياهو للشيخ أمين الحسينى عليه رحمة الله(1897-1974م) بأنه هو من أقنع هتلر(1889 -1945م) بحرق اليهود فى الهولوكست.. وبين اتهام أولئك السياسيين بأن الإسلاميين هم سبب غرق مدينة الإسكندرية فى النوة الأخيرة أو أنهم سبب ارتفاع سعر الدولار.. هل أضيف أيضا أن قدر الاستباحة والشراسة فى معاملة القوات الإسرائيلية للفلسطينيين لا تقل عنها الاستباحة والشراسة فى التعامل مع فصيل سياسى معارض من فرقاء الوطن المختلفين ..؟ وما سمعنا أن القوات الإسرائيلية ألقت فلسطينىًا من الدور الخامس فى إسرائيل..بل سمعناه ورأيناه هنا.. وقبل أن نسمع عن (الإعدام الميداني) فى إسرائيل سمعنا عن (التصفية الجسدية) هنا .. الفضل كل الفضل فى نظرية استباحة دم وعرض المعارضين لسياسات الأنظمة والحكومات.. يعود الى البكباشى ج.ح.عبد الناصر.. وقد سار وراؤه الحكام العرب بعدها حذوك النعل بالنعل . على رغم أن كل التواريخ الرسمية للحرب العالمية الثانية وتواريخ الفظائع التي ارتكبتها الجيوش الألمانية تحت سلطة النازيين خلال تلك الحرب تحدثت عن أن ضحايا النازية من المدنيين خاصة في البلدان التي احتلتها جيوش هتلر كانوا من فئات عدة.. من ديمقراطيين إلى غجر ويهود إلى كاثوليكيين فإن ذلك كله تم محوه تماما خلال المرحلة التالية ليتركز الحديث فقط على اليهود الذين اضطهدهم هتلر وسرعان ما نسي كل الضحايا الآخرين لحساب التركيز على الهولوكوست (المحرقة اليهودية) وبالتالي تصوير الحرب العالمية الثانية كلها بصفتها مجزرة نازية ضد اليهود. اليهود عانوا كثيراً على أيدي النازيين نتيجة لتحولهم طابور خامس فى قلب الأمة الألمانية أثناء الحرب العالمية الأولى تنسيقا مع الإنجليز ووزير خارجيتهم (بلفور) وقتها الذى وعدهم وعده المشهور.. غير أن الواقع يقول لنا أنه كان هناك دائما ضحايا آخرون وأجناس أبيدت بكاملها وقد ونشرت دراسات عدة وبحوث وإحصائيات تؤكد هذه الحقيقة . غير أنها كلها لم تصل إلى القراء الذين كان ينبغي أن تصل إليهم لمجرد أنها كانت تركز على تنوع ضحايا هتلر وبالتالي أسدل ستار من الصمت على ملايين الضحايا الآخرين بل أن هناك بلدانا امتنعت عن الاحتفال بذكراهم على مستوى قومي كي لا تغضب إسرائيل أو اليهود حيث كانت تهمة (العداء للسامية) و(التفريط في حق اليهود) جاهزة دائماً.. ولأنها كانت بالنسبة إليهم أشبه بالالتفاف على حق (الضحايا الحقيقيين) رغم أن الكل كان من ضحايا هتلر ونازييه. رغم كل تلك التركيبة المعقدة لحدث تاريخى ملتبس.. لم يتورع نتنياهو أن يكذب كذبا بواحا على المجاهد أمين الحسيني مفتي القدس العربية المحتلة في القرن الماضي بأن هو من حرض الزعيم النازي هتلر على ارتكاب جريمة المحرقة اليهودية.. وحسب كذبة نتنياهو فإن هتلر لم يكن ينوي حرق اليهود بل كان سيكتفي بطردهم لكن الشيخ أمين حذره من ذلك خشية أن يذهبوا إلى فلسطين فسأله هتلر وماذا أفعل بهم؟ فأشار عليه بأن يحرقهم.. وإذا بهتلر ينفذ كلام الشيخ من فوره فيحرقهم ..!! هذه الكذبة جاءت قبل قيام نتنياهو بزيارة إلى ألمانيا في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الصهيوني بعد أن تحدث عن هجمات مزعومة شنها فلسطينيون على اليهود في فلسطين في العشرينيات وزعم أنها جاءت بناء على دعوة من الشيخ الحسيني. ولأنها كذبة خطيرة من حيث تبرئة هتلر من المحرقة ما يعني عمليا التهديد بتقويض جزء كبير من السردية الصهيونية القائمة على الاضطهاد التاريخى فقد كان الإسرائيليون أنفسهم ليس أول من سارع إلى نفيها. فخرج وزير الدفاع موشي يعلون قائلا (إن رئيس الوزراء أخطأ ولم يكن (الحسيني) بالقطع من ابتكر الحل النهائي.. بل كان من بنات أفكار هتلر الشيطانية). وكذلك أكدت دينا بورات الأستاذة بجامعة تل أبيب أن ما قاله نتنياهو لا يمت للحقيقة بصلة وذكرت بان (فكرة تخليص العالم من اليهود كانت فكرة محورية في عقيدة هتلر قبل أن يلتقي بالمفتي بفترة طويلة جدا قتل اليهود بدأ في يونيو 1941 م بينما التقى الحسيني مع هتلر في تشرين نوفمبر اي بعد خمسة شهور كاملة من بدء الجريمة). المتحدث باسم المستشارة الألمانية ذكر أن ( الألمان يعرفون تاريخ سعار القتل الإجرامي العرقي الذي قام به النازيون وأدى إلى الانفصال عن الحضارة ألا وهو المحارق النازية وأضاف هذا يدرس في المدارس الألمانية وعن حق ويجب عدم نسيانه أبدا. لا أجد مبررا لتغيير رؤيتنا للتاريخ بأي شكل. نعرف أن مسئولية هذه الجريمة ضد الإنسانية مسئولية ألمانية..هي مسؤوليتنا نحن). الناطق باسم البيت الأبيض لم يتردد في القول بأن ادعاء نتنياهو لا يجد تأييداً من المؤرخين والأكاديميين المتخصصين. ما قاله لنتنياهو ليست زلة لسان تحريضية في مواجهة تصاعد الغضب الفلسطيني فقد سبق له أن أشار لمثل هذه الأكذوبة من قبل.. إلقاء عبء الهولوكوست على عاتق الحركة الوطنية الفلسطينية وليس ألمانيا النازية يشير إلى أن هناك اليوم بين القيادات الإسرائيلية وأقلية أكاديمية صهيونية من وصلت به كراهية الفلسطينيين درجة إعفاء النازية من الكارثة ومحاولة إحلال الفلسطينيين محلها.. أغلب الردود على ادعاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية جاءت من مؤرخين يهود متخصصين في تاريخ ألمانيا النازية والهولوكوست. سيلفت انتباهك أن الشيخ أمين الحسيني الذي قاد الحركة الوطنية الفلسطينية خلال واحدة من أكثر مراحلها حرجاً جرى تغييبه بصورة متعمدة من السردية الوطنية الفلسطينية!! مثلما تم تغييب زعماء الحركة الوطنية المصرية بعد حركة العسكريين فى مصر 1952 م . شغل الشيخ أمين الحسيني منذ بداية الانتداب البريطاني الموقع الديني الأعلى في فلسطين باعتباره مفتي القدس ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى وفي 1931م عقد المفتي المؤتمر الإسلامي العام في مدينة القدس الذي اعتبر أول خطوات حشد التأييد الإسلامي والعربي للمسألة الفلسطينية. لم يكن الشيخ أمين الحسينى أبدا نازياً ولا فاشياً ولكنه حاول في تلك المرحلة المبكرة من الحرب الثانية(1939-1945م) الحصول على تعهدات من دول المحور بخصوص استقلال الدول العربية ووحدتها. ولكن مطالبه اصطدمت بأطماع إيطاليا في وشمال إفريقيا وسياسة ألمانيا النازية التي تجنبت استفزاز البريطانيين في مستعمراتهم ومناطق نفوذهم خارج القارة الأوروبية. الهولوكوست كانت محض سياسة ألمانية واسعة.. كانت معسكرات الإبادة بالغاز منذ 1943م آخر حلقاتها. بدأت هذه السياسة بسلسلة إجراءات قانونية وثقافية بعد وصول النازيين للحكم في 1933م بهدف تقليص دور اليهود الألمان في الحياة العامة والتضييق عليهم ودفعهم إلى الهجرة. وقد وصلت هذه الخطوات ذروتها بما عرف ب(ليلة البلور) حيث قام النازيون فى نوفمبر 1938م وقوات من الشرطة وقوى الأمن الألمانية بأعمال ضد اليهود أينما تواجدوا في ألمانيا فقاموا بالهجوم على المعابد اليهودية والمتاجر والمحلات التابعة لليهود ودمروها وأحرقوها وأطلق على هذه الليلة هذا الاسم لكثرة الزجاج الذي تكسر فيها. وبدأت السلطات النازية بإصدار قوانين لسلب ممتلكات اليهود وإبعادهم عن الوظائف والمناصب الحكومية والتعليمية وكذلك عمقت السلطات نفسها عمليات ملاحقة اليهود ومضايقتهم إلى أن بدأت بتنفيذ عمليات تجميع اليهود في معسكرات التكثيف ثم نقلهم إلى معسكرات للإبادة. اعتبرها الكثير من المؤرخين جزءا من السياسة النازية الأوسع وبداية ما عرف باسم (الحل الأخير) والهولوكوست . ستذكرك كذبة نتنياهو بأكاذيب مؤلف المسلسلات د.مدحت العدل فى مسلسل (حارة اليهود).. أملا أن ينظر له يهود العالم النافذين فيسلطون علية الضوء العالمى.. ويطفئ بعض ما نفسه من نار تجاه الروائى الموهوب د.علاء الأسوانى الذى تسجل ترجمة رواياته أعلى معدل ترجمه لروائى عربى ..