لاأعرف بالضبط متى أصبحنا صديقين حميمين نتقاسم أيام العمل الصحفى الشاق بجريدة الوفد منذ 26 عاما. عندما كنت محرراً بقسم الحوادث وأريد أن أحقق بعض الخبطات الصحفية " مجدى حنا "زميلى المصوّر المتحمس الذى كلما قابلنى فى ردهات الجريدة يطالبنى بأن يأتي معي فى تغطية القضايا الكبرى. سافرنا فى الثمانينات فى حوادث الإرهاب التى كانت تجتاح مدن الصعيد وفى أحداث الفتنة الطائفية كان حنا وكنت دوما أداعبة و أنادية باسم والدة "حنّا" ترتسم على وجهه علامات الحزن من تلك الأحداث المؤسفة ,ويقول لى:عمرنا ما اختلفنا "يا يسرى" ويتسآءل من له مصلحة فى التفريق بين نسيج الوطن الواحد ويجيب بسرعة : مايحدث ليس منا ، أنا واثق أن هناك من يلعب من وراء الستار!!! كان" حنا"يعشق عدسة الكاميرا فهى رفيقه الذي لايخذلة أبدا، فكان يعاملها برفق ويخاف عليها من ذرات التراب المتناثرة فى الجو فعندما ترى صورة حيّة ومعبرة فى الجريدة وكأنها جزء من الخبر المكتوب عنها تعرف أنها من تصوير مجدي حنا دون أن تقرأ اسمة فهناك كيمياء غريبة ومشتركة بينه وبين الكاميرا التي فى يده . أتذكر" مجدى حنّا" فى حادثة اصطدام قطار السويس بأتوبيس الأطفال فى مزلقان عين شمس وراح ضحيته العديد من التلاميذ وقد ضاعت ملامحهم وتم وضع جثث الضحايا فى مشرحة مستشفى هليوبوليس وأخذ زاوية والتقط لأحدى الأمهات التى تعرفت على ابنها عدة صور وهي تصرخ على فقدان فلذة كبدها، وفجأة أنقضّت على مجدى وأخذت تضربة ضربا مبرحا فما كان منه الا أن وضع الكاميرا فى حضنة وأخذ يربت على كتف الأم المكلومة ويبكي معها حتى تم إبعادها عنه وبعدها قلت لمجدي: معلهش أخذت علقة ساخنة وكان رده :المصيبة كبيرة ربنا يصبرها . وقد أخذ علي هذه الصورة بالفعل جائزة أحسن صورة صحفية معبّرة فى ذلك الوقت . كان "حنا" مخلصا جدا فى عملة لحد العبادة وطوال رحلة العمل لايكف عن التقاط الصور أثناء ذهابنا وعودتنا من المأمورية وترتسم على وجهه ابتسامة لاتفارقة أبدا . أتذكر" مجدى حنا" يوم زفافة عندما دعانى أنا وصديقى صلاح الدبركي فى إحدي الكنائس بمنطقة شبرا، وكان فى قمة السعادة لحضورنا واستقبلنا وأخذ يعرفنا أقاربة ويقول لهم إخوتى وأصدقائي فى الجريدة حضروا لمباركتي يوم زفافى". وأتذكر" حنا" فى شهر رمضان كان دائما مايسهر معنا ويقول لنا أعملوا حسابى على الأفطار لأنى لم اتناول الطعام طوال اليوم، وبعد تناول الإفطار يدعو لوالدتي قبل وفاتها ويقول: "ياخسارة رمضان قرّب يُخلص ونتحرَم من طعام الحاجّة" . عندما علمت بخبر وفاة صديقى وحبيبى "مجدى حنا " أصبت بصدمة قوية ..صوتة العالى الملىء بالدفء والأخوة مازال فى أذنى وتاريخنا المشترك من المحبة والعمل كل يوم يملأ عقلى وقلبي ولن أنسى لسنوات طويلة قادمة وحتى آخر العمر فليرحمك الله "ياحنّا" ويغفرالله لك بقدر طيبتك ونقائك الذى منحته لكل من حولك.