الطلاب المغتربون يعيشون حياة «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» رغم فرحة بعض الطلاب بعودة أيام الدراسة، ولقاء بعضهم البعض، فإنَّ المواصلات تعكر صفو الاحتفال بهذا اليوم، فأول يوم دراسة تكون القاهرة فى حالة شلل مرور، فحركة السلحفاة تكون أسرع من الميكروباص أو الأتوبيس أو حتى المينى باص (وسيلة الفقراء من الطلبة للوصول إلى الحرم الجامعى)، وهو ما يجعل المحاضرة الأولى التى تكون عادة عند الساعة 9 صباحاً مهمة صعبة. رحلة شقاء الوصول للجامعة، يعقبها شقاء الدخول للحرم الجامعى، حيث يتكدس الطلاب فى طابورين (أحدهما للشباب وآخر للبنات) أمام أبواب الجامعة للتأكد من هويتهم، سواء من خلال الكارنيه الموجود به اسم الطالب وكليته أو فرقته، أو ورقة ترشيح مكتب التنسيق للطلاب الجدد والمكتوب عليها تفاصيل عن هويته الشخصية وكليته، أما عاثرو الحظ ممن فقدوا هوياتهم الجامعية، فأحياناً يسمح لهم بالدخول بضمان بطاقتهم الشخصية، ويحصلون عليها فور خروجهم، وفى بعض الأوقات يرفض الأمن السماح لهم بالدخول. فى الداخل، تختلف تفاصيل أول يوم دراسة من طالب لآخر، فالطلبة الجدد يُقضونه فى التعرف على الجامعة ونظام الدراسة وكعب دائر لمعرفة جدول مواعيد المحاضرات والمدرجات. فهذا اليوم يبدو غير عادى بالنسبة لهم؛ لأنه مرحلة جديدة لم يعتدها الطلاب الجدد، أما طلاب الفرق الثانية والثالثة والرابعة، فلا يشغلهم سوى التقاط الصور «السيلفى» للاحتفال بتجمعهم مرة أخرى، وتبادل الأحضان والقبلات بين البنات. عالم «شباب شباب»، هذه المقولة ستخطر ببالك عندما تتجول داخل الحرم الجامعى حتى تصل للقبة، فهذا العالم يجسد جميع فئات وطوائف المجتمع من طالب فقير، وآخر من طبقة أرستقراطية، أما الطبقة الوسطى فتكاد تكون منعدمة فى الوسط الجامعى، فكلتا الطبقتين تكتسح بشكل كبير الوسط الجامعى، وهذا تجلى بوضوح من ملبس بعض الطلبة، بجانب اكتشاف هذا الفارق من خلال حديثنا معهم. شكل وحياة الطلبة تشبه المسارات المتقاطعة التى تختلف عن بعضها البعض، ولا يلتقى إلا قليل منها، فالطلاب المغتربون معظمهم يعيشون نفس نمط «خلف الدهشورى خلف»، ذلك الشاب الصعيدى الذى جاء للقاهرة للالتحاق بإحدى كليات القمة، واصطدام بطلاب الذوات والقاهريين (أى فئة الشباب التى تربت وعاشت بالقاهرة ونمط الحياة فيها يختلف بشكل كبير عن الحياة بالأقاليم)، ما يجعله يشعر بالاغتراب، ويحاول البحث عن شباب ينتمون لنفس محافظته، أو مغتربين مثله على الأقل. على زواية أخرى، الشباب «الروش» يعيش الحياة الجامعية بالطول والعرض، لا يفرق معه محاضرات أو دراسة أو حتى «نجاح ورسوب»، يومه الجامعى.. ضحك ولعب وحب، فبعضهم يحضر الجيتار للجامعة ويعزف عليه، كنوع من إضفاء الرومانسية للحياة الجامعية النمطية والمملة فى نظرهم. أما البنات، فمنهن الفتاة البسيطة، والمتفوقة فى الدراسة، وتأخذ الحياة الجامعية بجدية لدرجة أنها تخشى أن تبتسم فى وجه أى فرد خشية أن يعطلها عن محاضرتها، وهناك نمط ثانٍ من الفتيات، لا يشغلهن سوى أن تتخرج فى الجامعة ومعها «شهادة وعريس»، فبعضهن تترسخ فى أذهانهن مقولة للفنانة هالة فاخر فى فيلم «الثلاثة يشتغلونها» لابنتها ياسمين عبدالعزيز، تلك الطالبة المستجدة بكلية الآثار: «العريس يا نجيبة.. ركزى على العريس وسيبك من القبة أى من المحاضرات». ونوع ثالث، من الفتيات، وهن فريق المتدينات، يتميزن بالملبس الفضفاض الذى لا يكشف أو يجسم أى جزء من أجسادهن، وعادةً يكون هذا فريق أشبه بنمط الشلة، حيث لا يسمحن لبنات يختلفن عنهن بالانضمام أو الجلوس إليهن. كما يجلسن فى المحاضرات بجوار بعضهن البعض حتى لا يتجرأ طالب على الجلوس بجوارهن.