جنود من نوع خاص لا يحملون بندقية ولا يعتلون دبابة ولا يقودون طائرة حربية، فالكاميرا والورقة والقلم تلك هي اسلحتهم خلال حرب السادس من أكتوبر 1973، استطاعوا توثيق لحظات الحرب لحظة بلحظة، كانوا شهود العيان بالصوت والصورة والكلمة فشاركوا الجيش المصري الحرب من قلب الجبهة. عاشوا لحظات عصيبة لم تمحيها الذاكرة، وكانوا أحد العوامل الأساسية لرفع الروح المعنوية للجنود المصريين، هم المراسليين الصحفيين للعديد من الجرائد والوكالات المصرية منها والعالمية، فهم عيون الشعب من قلب الحدث، فعشقهم لعملهم وانتمائهم للوطن جعلهم يخاطروا بحياتهم دون خوف أو قلق. عبده مباشر لم يكن مجرد كاتب صحفي بل أنه شارك في الحرب ليكون بطل من أبطال حرب أكتوبر، كانت بدايته كمراسل حربي في وقت حرب الاستنزاف. مر البطل مباشر بالعديد من المواقف الصعبة خلال حرب أكتوبر، يروى منها وقوع هجوم إسرائيلي مدرع على أحدى مراكز العمليات، والتي كان متواجد فيها، وحينها بحركة لا إرادية وجد 2 من الجنود، تحركوا وقام إحداهما بربط لغما على صدره و نام تحت الدبابة الإسرائيلية فانفجرت بمن فيها و قدم روحه فداء للوطن. وعن بداية مشاركته كمحارب جاءت عندما وصل لقطاع الفرقة16 في منطقة مليئة بالألغام وحينها كان يعمل كمراسل عسكري، ولكنه فوجئ بالعدو يضغط على الجنود وتم حصارهم جميعا وبدأ الهجوم المضاد من هذه المنطقة ووقتها تخلى مباشرعن عمله كمراسل حربي وأمسك بالسلاح وحارب مع القوات. المصور "شوقي مصطفى" يعتبر برفيسور في التصوير العسكري، عمل كمصور عسكري منذ البداية بمؤسسة الأهرام، ثم انتقل لعدد من الجرائد والوكالات، وشارك في حرب أكتوبر 1973، واستطاع نقل الصورة بأمانة مهنية فائقة. سافر شوقي فجر يوم 7 أكتوبر للجبهة، وكان يعمل اثناء الحرب بدار الهلال، كان فخور بعمله ويعشقه وشعر بالسعادة لمشاركته في حرب أكتوبر المجيد. ظل المصور العسكري طوال حياته كتوم في عمله لا يتناقش مع أحد عما يدور فيه، ولا يكشف أي الأماكن التي سوف يقوم بتغطيتها في الحرب فيكتفي فقط بتوديع أهله وتبليغهم بأنه سيذهب للجبهة، حتى فتح باب أسراره بعد سنوات الحرب بعدة وأباح بعدد من المواقف التي وقعت أثناء الحرب. شارك في التصوير أثناء تسليم منطقة "رمانة" بشمال سيناء، وكان واقفا على "إكصدام" السيارة ليستطيع التصوير، وفجأة صدمت أحد السيارات تلك التي يقف عليها ليسقط شوقي ويصيب برجله بكسر، ولكنه أصر على الاستمرار في التصوير لأنه يعلم أن هذه اللحظات لا يمكن أن تتكرر وسوف يذكرها التاريخ. التقط ألاف من صور الحرب وكانت اقربها له صورة الجندي الذي رفع سلاحه عقب النصر والذي أطلق عليها "فرحة مصر"، ليتم طبع تلك الصورة كطابع بريد. الإذاعي حمدي الكنيسى "صوت المعركة" و"يوميات مراسل حربي"، تلك البرامج التي ذاع صيتها حتى وصل لإسرائيل، كانت للإذاعي الكبير حمدي الكنيسي رئيس الإذاعة الأسبق، الذي خلق حالة تواصل بين الجبهة والشارع المصري مما جعل كل مصري يشعر بأنه مشارك بالحرب. ودائما ما يذكر ذكرياته في الحرب، ومنها حين أسقط الدفاع الجوي المصري طائرة فأسرع مع أحد أصدقائه المراسلين وأمسكوا بأحد الطيارين وكانت جنسيته أمريكية واكتشفوا في بدلته بعض الأزرار التي تعطي إشارات للهليكوبتر لتعلم أماكنهم، وانفعلوا عليه، ثم أخذ جزء من البدلة كتذكار وإسورة يده وأعطاها كهدية ل "بابا شارو"، وكانت هذه الواقعة مثار فخر للعاملين فى قطاع الإذاعة والتليفزيون". عبر مع أحد أصدقائه المراسلين وأحد الجنود، بقارب مطاطي، بعد رفض أحد ضباط الشئون المعنوية عبور الجنود والمراسلين لحالة الجنون التي أصابت الإسرائليين وإطلاق المدافع على القناة والكباري التي من المفترض يعبروا منها، ولكن بعد تأخر الوقت، انطلقوا هم وغمروا في مانع مياه السويس، وشعروا بالخطر لكثرة دانات المدفعية من حولهم، ولكن هدفهم بالوصول للبر الشرقي وعبور الساتر الترابي لتغطية الحرب الحقيقة كان يغلب على هذا شعور الخوف، حتى وصلوا لأحد النقاط الحصينة وبدأ بعمل التسجيلات. "إذا حضرت الملائكة ذهبت الشياطين وانتهى الشوط الأول لمصر 2-0" هذه الجمل كانت أول تقرير بدأ يسجله الكنيسي من جهاز الإذاعة الخاص به لينقله للناس من قلب الجبهة والتي كتبها الجنود المصريين على الصخور بسيناء عقب تطهير أحد المناطق، ولأنه لم يكن يملك كاميرا لتوثيق اللحظة بالصورة، فلم يبخل على المصريين بتوثيق كل ما تقع عليه عينه ونقله بالصوت. كان ينوي الكنيسي استخدام رخصة الإفطار، ولكنه عقب العبور انغمر في اللقاءات والحوارات مع الأبطال وتفاجأ بأنه اكمل صيامه، وازدادت دهشته حين وجد الجنود المصريين يستعدوا للإفطار، مما جعله يعبر عن إعجابه الشديد بإيمانهم وشجاعتهم وإصرارهم، فلم تكن فكرة الإفطار موجودة للجميع. كرمه السادات لما قام به أثناء الحرب وللدور البارز التي لعبته برامجه اثناء الحرب وكانت مصدر هام لرفع الروح المعنوية للجنود، كما ساهم في توتر إسرائيل لما كان يذيعه على لسان قادة إسرائيل، مما جعلهم يهتموا بالإذاعة المصرية ومايدور في مصر، بجانب أن المخابرات المصرية قد أبلغته أن إسرائيل شكلت لجنة لبحث أسباب إنتشار البرنامج المصري المعادي "صوت المعركة" بين الإسرائيليين الذين يعرفون اللغة العربية. المصور "محمد لطفي" شارك بعدسته على خط النار في حرب أكتوبر، بلقطاته سجل بطولات وتاريخ كامل لجنود ضحوا بحياتهم فداء للوطن، كانت صوره حيه تنطق بالواقع فاستطاع نقل حالة الفزع والرعب المرسومة على وجوه الإسرائيلين عقب عبور الجيش المصري خط بارليف بصور حية وواقعية. كان يعمل بالأهرام وقت الحرب، هو رئيس قسم التصوير الأسبق محمد لطفي، واحد من أهم المصورين الحربيين المشارك في حرب أكتوبر 1973، وصل أسمه لإسرائيل عن طريق صورته الشهيرة للتوابيت الإسرائيلية. كاد يفقد حياته أثناء عبوره للقناة كمراسل بالحرب، لولا أحد جنود الصاعقة البواسل الذي قام بدفعه داخل المياه ليبعده عن حقل ألغام زرعه الإسرائليون والتقط حينها عدد من الصور . وجاءت مشاركته بحرب أكتوبر حين انضم للأهرام كمراسل حربي في حرب الاستنزاف، والتحق بالجنود على الجبهة وكان ضمن المجموعة 39 قتال بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى كفدائى عمليات خلف خطوط العدو. بعد لحظات من العبور التقط لطفي، صور لجنود يقبلون أرض سيناء بمجرد تطأها أقدامهم، وكان يريد العبور للبر الشرقي، ولكن رفض ضابط الشئون المعنوية ذلك لكثرة الضرب من جانب الإسرائيلين الذين أصابهم الجنون والتوتر من عبور المصريين، حتى اتفق مع زميله بالعبور على قارب مطاطي وتغمروا في قناة السويس والتقطت الأقمار الصناعية صورته. جمال الغيطاني كان جمال الغيطاني من ابرز الصحفيين والكتاب الذين قاموا تغطية حرب أكتوبر 1973، فكان المراسل الحربي لجريدة أخبار اليوم، والذي اعتبر الفريق سعد الدين الشاذلي القائد والمخطط العسكري الحقيقي للحرب. وكثيرًا ما ذكر الغيطاني قوة إحتمال الجنود المصريين الذين رفضوا الإفطار وكانوا يظلوا لأخر الليل لا يتذوقوا الطعام، وخاصة ما وقع في حصار "منطقة الكبريت"، الذي كان الأطول خلال الحرب الذى استمر 134 يومًا مات خلالها الناس جوعًا و رغم ذلك لم يسقط علم مصر، كما ذكر أن أحد الجنود ظل على جبل عتاقة طوال هذه الفترة و كان يتغذى على ورق الشجر.