لغز حقيقى يحاول المواطن المصرى حله الآن وذلك بعد الانخفاض الملحوظ فى أسعار الفراخ والتى وصلت فى بعض المناطق ل20 جنيهًا للكيلو بعد أن وصل سعرها من قبل إلى ما يزيد على 30 جنيهًا للكيلو.. المدهش أن على عكس «الفراخ» يواصل البيض جنونه ليتراوح سعر البيض بين 150 ة 2 جنيه فى بعض الأحياء! وارتفاع سعر البيض بهذا الشكل غير المسبوق دفع مجموعات من المستهلكين وخاصة الأمهات وربات البيوت لتدشين حملات مقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعى تحت عنوان «بلاها بيض» و«قاطعوا البيض» ومسميات أخرى عديدة تعكس أزمة حقيقية تواجه البيت المصرى الذى يعتبر البيض "بروتين على قد الأيد".. إلا أنه صار سلعة عزيزة و«باهظة الثمن» كونها مجرد «بيض».. «الوفد» تحاول حل هذا اللغز مع منتجى الدجاج وأصحاب مزارع الدواجن ومعامل البيض. مع إعلان أخبار عن انهيار أسعار الدواجن فى البورصة استبشر المواطن خيرًا.. وتوقع الجميع أن تهدأ موجة ارتفاع أسعار البيض التى أصبحت خارج السيطرة، ولكن ما حدث أن انخفضت أسعار الفراخ لدى تجار التجزئة بشكل ملحوظ حتى وصل فى بعض المناطق ل23 و20 جنيهًا للكيلو فيما احتفظت «الفراخ البلدية» بارتفاع أسعارها على 37 و38 جنيها، وكشفت أخبار بورصة الدواجن وصول سعرها فى البورصة إلى 19 جنيهًا والساسو 29 جنيها بعدما وصل ل32 جنيها. ارتفاع كبير وغير مبرر فى أسعار البيض شهدته الأسواق فى مختلف محافظات الجمهورية، حيث وصل سعر الكرتونة إلى ما يزيد على 60 جنيها على الرغم من انخفاض أسعار الدواجن بشكل أثار كثيرا من التساؤلات عن طبيعة العلاقة بينهما وهل سيستمر هذا الارتفاع الجنونى فى الأسعار وهل هناك حلول لمواجهة شبح ارتفاع سعر البيض «بروتين الغلابة». من داخل قرية برما مركز طنطا بمحافظة الغربية والتى تعتبر البورصة الرئيسية للدواجن على مستوى المحافظة التقت جريدة الوفد مع عدد من أصحاب المزارع لمعرفة سر ارتفاع أسعار البيض وإلى متى سيستمر هذا الارتفاع. قال عبدالخالق النويهى نائب رئيس الجمعية المصرية لمربى الدواجن، وصاحب مزرعة دواجن، إنه لا توجد بورصة لتسعير البيض حقيقية منذ 2006، وأن الذى يتحكم فى الأسعار حفنة من التجار والمحتكرين الذين يتلاعبون بأصحاب المزارع وكانوا سببا فى غلق الكثير من المزارع. وأكد رئيس رابطة الدواجن بالغربية أن أسعار البيض شهدت انخفاضا على مدار اليومين الماضيين لكن هذا الانخفاض سيعقبه صعود كبير يصعب التحكم فيه لأن المربى عندما تنخفض الأسعار يتخلص من الأمهات التى عنده لأن تكاليف الإنتاج عالية جدا، ولا يستطيع أحد تحمل الخسارة لفترة طويلة، خصوصا فى ظل الارتفاع الجنونى فى أسعار علف الدواجن، ومن ثم فلا يوجد سوى خيارين إما أن تدخل وتعمل ضوابط فى أسعار العلف ويعاود الانخفاض وإما ستستمر أسعار البيض فى الارتفاع لتغطية قيمة التكاليف التى يتكبدها صاحب المزرعة. وأكد «النويهى» أن التاجر الوسيط يلعب دورا كبيرا فى الأزمة، ففى الوقت الذى يأخذ فيه سعر كرتونة البيض ب35 جنيهًا من المزرعة يقوم ببيعها فى الأسواق ب60 جنيهًا ويأخذ كل المكسب وبالتالى فهو يضر بصاحب المزرعة والمستهلك على السواء فى ظل عدم وجود رقابة عليه ومن ثم فعلى الحكومة أن تتدخل لعمل منافذ للبيع من خلال الجمعية المصرية لمربى الدواجن. وأكد «النويهى» أن الأسعار ستشهد مزيدا من الارتفاع لأن نسبة الأمهات المنتجة فى انخفاض مستمر، وهبوط السعر 3 جنيهات سيدفع المربى للتخلص من دواجنه فيحدث فجوة أخرى، ومن ثم مزيد من الخسائر التى يتكبدها المربى وتدفعه للإغلاق، لافتا إلى أن الأيام المقبلة ستشهد عدة اجتماعات لإنشاء بورصة للبيض لضبط الأسعار وضمان تحقيق هامش للمربى وحماية للمستهلك بدلا من ذهاب الربح كله للتاجر الوسيط. حول الارتفاع الكبير فى أسعار البيض، يقول خالد أبوخضرة تاجر توريدات بيض إن الأسعار الفترة المقبلة ستشهد انخفاضا نسبيا ويعقبه ارتفاع وصعود فى الأسعار بشكل لا يمكن التحكم فيه وربما يصل سعر الكرتونة إلى 100 جنيه. ويرجع ذلك إلى أنه قبل قرار التعويم كانت تكلفة الدجاجة تتراوح بين 25 جنيهًا و 35 جنيهًا، وبعد قرار التعويم وصلت تكلفة الدجاجة من 75 إلى 85 جنيهًا، مشيرا إلى أن العلاقة عكسية بين ارتفاع سعر البيض وانخفاض سعر الدواجن لأن الفرخ البياض يكون عمره سنة والنصف أو سنتين بينما فراخ التسمين فدورته من 40 إلى 45 يوما، كما أن القوة الشرائية فى السوق تلك الآونة تشهد انخفاضا بسبب مصاريف المدارس والدروس. وحذر «أبوخضرة» من حدوث كارثة فى غضون شهر والنصف إذا استمرت الدولة فى تخليها عن المربى فى ظل استمرار الارتفاع الجنونى لأسعار الأعلاف وتحكم التاجر فى السعر قائلا «ستصل أسعار البيض لأرقام خيالية وربما نصل لمرحلة عدم وجود بيض على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن السياسات الحكومية المتعاقبة منذ حكومة «نظيف» فى 2005 كانت سببا فى إغلاق وإفلاس نصف مزارع الدواجن والباقى يتكبد خسائر فادحة كل يوم ولن يقوى على الصمود أكثر من ذلك. وأكد صاحب المزرعة عدم وجود بورصة حقيقية لتحديد سعر البيض وكلها بورصات وهمية يحركها مجموعة من التجار عبر شبكة الإنترنت، مشيرا إلى أن سعر كرتونة البيض الأحمر من المزرعة 35 جنيهًا والأبيض ب34 جنيهًا بينما سعر كيلو الفراخ البيضاء 18 جنيهًا والحمراء الساسو 31 جنيهًا وكل زيادة أخرى فى الأسعار هى لصالح التاجر على حساب المربى والمواطن. من جانبه، أكد الدكتور محمد عفيفى سيف، مدير المعمل المرجعى للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجنى، أنه لا يوجد علاقة بين أسعار البيض وانخفاض أسعار الدواجن، وذلك لعدة أمور يجب ان نضعها فى اعتبارنا فى مقدمتها دورة رأس المال القصيرة لدواجن التسمين فى حدود ال5 أسابيع ولكن طول دورة رأس المال فى البياض و خاصة ان هناك مدة تصل الى 22 أسبوعا يتم تغذية ورعاية ووقاية وعلاج القطيع قبل أن تبدأ فترة الانتاج وبالتالى هناك تكلفة مالية طويلة قبل أن يتم يبدأ فى استرداد تلك التكلفة مع بداية فترة الانتاج. وأكد أن هناك استقرارا فى انتاج البيض بالمقارنة بإنتاج دواجن التسمين واكتفاء ذاتيا فى انتاج البيض مما ينعكس على عدم الزيادة الحادة أو الانخفاض الحاد فى الأسعار. وأوضح عفيفى أن حوالى 35 -50% من مزارع التسمين مغلقة وخالية من الطيور مما يجعل تلك النسبة سببا فى زيادة أو انخفاض مطرد فى الانتاجية طوال العام مما ينعكس بالتغيرات الحادة سواء ارتفاعا أو انخفاضا فى أسعار دواجن التسمين. وأشار إلى ان الدواجن ليست سلعة تخزينية وخاصة مع السلوك الاستهلاكى المتعلق بالذبح الطازج وليس استهلاك المبرد والمجمد «حيث يضطر المربى للبيع فى نهاية مدة التربية أيا كان سعر السوق نظرا لأن أى بقاء للطيور بالعنبر يمثل خسارة مالية نتيجة زيادة التكلفة سواء "أعلاف أو رعاية أو علاج" دون أن ينعكس ذلك على فارق أوزان أو ربحية للمربى» مما يجعل السوق مرتبطة بممارسات احتكارية لعدد محدود من السماسرة والتجار يتحكمون فى الأسعار دون مراعاة التكلفة الفعلية للإنتاج مما يؤدى لانخفاض حاد فى أسعار الدواجن نتيجة زيادة المعروض فى بعض الأوقات والمواسم بغض النظر للتكلفة الفعلية للإنتاج مما يمثل خسارة على المربى. وتابع مدير المعمل المرجعى تفسيره لانخفاض سعر الدواجن وارتفاع سعر البيض فى ذات الوقت قائلا «ارتباط الانتاج بالتكلفة الأكبر المتعلقة بالاعلاف والتى تمثل حوالى 80% لإجمالى التكلفة والتى تأثرت بشكل اساسى بقرار تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى والتى وصل وقتها سعر الدولار لمتوسط 19 جنيهًا مقارنة ب17 جنيهًا تقريبا حاليا ومع قصر دورة رأس المال فى دورة التسمين فقد تستفيد حاليا بانخفاض سعر الدولار مع عكس ذلك مع انتاج البيض لأن لو افترضنا أن هناك قطيعا فى مرحلة الانتاج حاليا فقد بدأت تربيته فى بداية نوفمبر الماضى فقد تمت تربيتها بالكامل بأعلى سعر أعلاف فى تاريخ صناعة الأعلاف بمصر مع الأخذ فى الاعتبار استمرار هذه التكلفة الضخمة طيلة حوالى 5 - 6 شهور حتى بدأ انتاج البيض وهو ما يمثل عبئا ماديا على تكلفة انتاج البيض. ويحمل الخبير البيطرى السماسرة والتجار العاملين فى قطاع التسمين جزءا كبيرا من المسئولية مما يؤدى لخلخلة وتذبذب فى الأسعار يضاف اليها أن هناك عشوائية وقلة خبرة لكثير من مربى التسمين عكس مربى البياض الذى يتطلب استثمارات متوسطة وطويلة المدى وحماية للقطيع لفترة تربية وانتاج طويلة مع زيادة فى عشوائية التربية فى التسمين وعدم تحكم فى بيئة التربية بها ونوعية العنابر المفتوحة غير المتحكم فيها وعدم مراعاة الأمن الحيوى والوقائى والعلاجى لدى كثير من مربى التسمين والابتعاد عن الاسلوب العلمى فى اختيار العلاجات والتحصينات وهى كلها أسباب تؤدى لاضطراب فى سوق التسمين ونقص أو زيادة المعروض فى فترات مختلفة طوال العام مما يؤدى لتذبذب الأسعار انخفاضا وارتفاعا بطريقة أكثر مرونة واتساعا عكس انتاج البيض الذى يكون هناك خبرات أكبر للمربى وثبات نوعى لكميات الانتاج.