" أقول لمسئولى القنوات الفضائية اتقوا الله فأنتم تحرقون مصر".. هذه الرسالة الموجزة والخطيرة جاءت على لسان الداعية الكبير والشيخ الجليل محمد حسان فى احد البرامج التليفزيونية فى تعقيبه على تغطية الفضائيات للثورة المصرية والأحداث التى تلتها سواء أمام ماسبيرو أو شارع محمد محمود أو مجلس الوزراء أو مذبحة بور سعيد الاخيرة.. وقال: إن الفضائيات تزيد الاحتقان فى الشارع المصرى وتشوه صورة مصر فى الخارج من خلال تركيز الكاميرات على شارع واحد على مدار الأربع والعشرين ساعة وتصور للعالم أن مصر تغرق وتنهار وتسقط من خلال اختزال الدولة كلها فى هذا الشارع!! وإذا كان الشيخ حسان يتحدث عن «خطايا» القنوات الفضائية بشكل عام فإن البرامج الرياضية فى الفضائيات تتصدر هذا المشهد السيئ.. وقد كشفت أحداث بورسعيد المؤسفة عن الوجه القبيح لمعظم هذه البرامج، بعد أن تبارت فى إذكاء روح التعصب واشعال الفتنة بين ابناء الشعب الواحد سواء عن عمد او عن جهل!! وقد جاء تقرير لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب مؤكدا على تحمل البرامج الرياضية مسئولية ماحدث باستاد بورسعيد مع الأمن واتحاد الكرة والنادى المصرى وهيئة الاستاد. وهناك أسباب عديدة تدفع تلك البرامج لارتكاب هذه الخطايا فى مقدمتها قيام لاعبى الكرة السابقين بتقديم هذه البرامج وهؤلاء يفتقدون الخبرة والحنكة فى مخاطبة الجماهير ومعالجة الموضوعات محور النقاش، ويغلب عليهم التعصب للأندية التى كانوا يلعبون لها وتظهر تلك العصبية فى أسوأ صورها عند تحليل المباريات والتعقيب على أحداثها، حيث ينحاز هؤلاء لانديتهم بشكل فاضح ولا يتورعون عن لىَّ ذراع الحقيقة واحيانا يدخلون فى مهاترات مع ضيوفهم ومع من يتداخلون معهم هاتفيا تصل الى حد «الخناقات»!! والغريب أن هؤلاء يخالفون أبسط قواعد مقدمى البرامج وهو «الحياد» بل ويتباهون بانتماءاتهم للأندية ويعلنون ذلك صراحة بحجة ان هذا أمر واقع، وهم لا يعلمون أن ذلك مخالف للمهنية أو ربما يعلمون ويصرون على ارتكاب تلك الخطيئة.. ولا نجد حلقة من البرامج التى يقدمها أحمد شوبير ومصطفى يونس ومجدى عبد الغنى إلا ويتغنون فيها بانتمائهم للأهلى وعشقهم له وهيامهم به وهذا ما يكون فى الغالب من قبيل نفاق جماهير الأهلى ومسئوليه.. وينسى هؤلاء أنهم لا يقدمون برامجهم لجماهير الأهلى فقط وإنما للشعب المصرى بكافة اطيافه وانتماءاته!! ولا يمكن تجاهل النار التى اشعلها علاء صادق فى برامجه التليفزيونية من خلال هجومه الشرس على الحكام، ووصفهم بأقذع الصفات ومنها - على سبيل المثال – «الحكم الصرصار» و«الحشرة» و«الجرذان» وغيرها واتهامهم بمجاملة اندية بعينها، خاصة نادى الزمالك وهو مادفع لجنة الحكام لرفع أكثر من دعوى قضائية. ولا أحد منا ينسى تلك الأزمة الخطيرة بين مصر والجزائر بعد مباراة الفريقين الفاصلة بأم درمان فى تصفيات كأس العالم.. وهذه الأزمة صنعتها البرامج الرياضية فى الفضائيات ونفخ مقدموها فى النار حتى تأججت وكادت ان تتسبب فى حرب بين البلدين.. لولا ستر الله!! ومن الأسباب الأخرى أيضا غياب الرقابة على البرامج الرياضية التى تعمل «بلا ضابط ولا رابط» وكل مذيع يتحدث عما يحلو له وفى أى شىء يريده.. حتى أننا شاهدنا أحد مقدمى هذه البرامج يسرد «نكتة جنسية» على الهواء مباشرة!! بل وتحولت هذه البرامج الى «تصفية حسابات شخصية» بين مقدميها وبين شخصيات أخري. . والأدهى من ذلك ان البرامج المختلفة فى القناة الواحدة تشتبك معا و«تتخانق» بسبب تعارض المصالح الخاصة.. والخلاف الشديد و«التلاسن» بين قناتى «مودرن سبورت» و«مودرن كورة» بسبب اذاعة تقرير عن ضحايا بورسعيد يؤكد صدق كلامنا. ولا شك ان السباق المحموم بين الفضائيات لجلب الاعلانات ساعد بشكل كبير على انتشار برامج الاثارة التى يدعون أنها تعجب وتجذب المشاهدين.. وأصبح السباب والشتائم سمة أساسية فى معظم هذه البرامج بحجة الحرية ونشر ثقافة الرأى والرأى الآخر.. وهم لايدركون أنهم يحرقون مصر!!