«اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى، وقلة حيلتى وهوانى على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى، إلى من تكلنى؟ إلى عدو ملكته أمرى! أم بعيد يتجهمنى. فى الليالى الثقيلة الحزينة، وتحت وطأة الخوف والفزع، والإحساس بالقهر والذل، ارتفعت لا شك أكف عديدة فى المنازل المحترقة والمساجد المحاصرة تردد دعاء الرسول (ص) بعد صلوات ومناجاة طويلة مع الله تعالى، حفرت فيها الدموع مجرى للألم والحزن على الوجوه المتعبة المنكسرة، والأجساد القاحلة المرتجفة، تستصرخه وتتضرع إليه أن ينصرها ويرحم ضعفها أمام عدو ظالم متكبر لا يرحم، وتهتز السموات السبع، والقهار تعالى يقسم بعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين». ذهبت الأيدى للسماء، بعد أن خذلها أهل الأرض أخوة وغرباء، تواطؤ جميعاً بالصمت، أمام أبشع مجازر القرن الجديد. الروهينجا.. مأساة جديدة تضاف إلى سجل المآسى الممتدة من سقوط غرناطة وحتى احتلال القدس.. مأساة تصفع الإنسانية والمدنية والحضارة، وتفضح أدعياء الحرية والديمقراطية والسلام، تطفئ شمس المأساة والعدالة، لتدخل بنا إلى ظلمات القرون الوسطى وعصور الكراهية والأحقاد. على مدار 75 عاماً ومنذ المذبحة الأولى عام 1942 التى راح ضحيتها مائة ألف من مسلمى الروهينجا، لم تتوقف المذابح ولم يرتو أبناء بوذا بعد من شهوة الدم والقتل.. ترى أى تعاليم تبقت، وأى حكم عن التسامح يقولها الآن رهبانة أمام نيران المعابد المقدسة. أية كراهية تلك التى تدفع إنساناً إلى طعن طفل بالسكين، وهو يبكى للحصول على حليب أمه التى تتعرض للاعتداء الجنسى على يد قوات الأمن المسئولة أصلاً عن حمايتها، هكذا يتساءل -والعالم معه- المفوض السامى لحقوق الإنسان زيد بن الحسين. كيف يتشرب الأبناء من الآباء.. كل هذه الوحشية والقسوة على مدار عقود طويلة، وما الذى ترضعه الأمهات لهذه الأفواه المحملة بالغل والسواد، لتمتلك القدرة على الحرق والقتل بلا شفقة أو رحمة.. وليجيب طفل بوذى ببساطة حينما سأله أحد المراسلين الأجانب إذا التقيت بصديقك الروهينجى ماذا ستفعل فيرد: سأقتله!! «الوفد».. تناقش اليوم أزمة الروهينجا فى ميانمار وأبعادها التاريخية، وتكشف حجم المعاناة، والجرائم المرتكبة ضد شعب روهينجا.