الذين يدعون إلى العصيان المدني يوم 11 فبراير يجرون البلاد خطوات للخلف،هم إن كانوا يتوهمون أن هذه الدعوة لصالح البلاد فهم مخطئون وعليهم مراجعة أنفسهم، وإن كانوا يدركون أن دعوتهم ضد مصلحة البلاد فهم مخربون ، وعليهم اعتبار هذه الدعوة تحدياً لهم واستفتاءً على قوتهم وتأثيرهم فى الشارع المصرى عموماً، فإن نجح الإضراب عن العمل والعصيان فهم بالفعل أقوياء وأصحاب رؤية ويعبرون عن غالبية الشعب الذى يستجيب لهم، وإن فشلوا عليهم أن يتواروا وينسحبوا من الحياة العامة لأن الشعب يكون قد كشفهم على حقيقتهم . وأعتقد أن تلك الدعوة لن تجد من يستجيب لها ، ولن تجد من يشجع عليها، ولن تجد من يتحمسون لها .. فالجميع يعلم جيداً أن تلك الدعوة لن يكون وراءها خير للبلاد ، لأنها تأتى فى مرحلة صعبة وعصيبة جداً تكاتف فيها الأعداء مع الأبناء لهدم بلد بات أضعف مما شهده على مر تاريخه الطويل. وتلك الدعوة إلى تعطيل العمل تأتى فى وقت لابد أن تكون فيه دعوات للعمل وليس إلى تعطيله .. والذين يشجعون دون علم أو دراية على العصيان وتعطيل العمل عليهم أن يعلموا أن مصر تمر بمرحلة خطرة من تاريخها.. واقتصادها أوشك على الانهيار والإفلاس.. والعجز فى ميزانيتها تجاوز 100 مليار جنيها، ومتطلباتنا العاجلة تحتاج 60 مليار جنيه، والاحتياطي النقدي انخفض إلى 16 مليار دولار، ولم يعد أمامنا إلا الاستدانة والاقتراض، ومع ذلك تأتى تلك الدعوة المشبوهة التى يصر عليها أدعياء الوطنية وحب الوطن والمتاجرون بمصالح الشعب ، وينجرف فى ركبهم قطيع من المغرر بهم، وتبرزها إعلامياً مؤسسات تعتمد على التدليس وهى تعلن أن 13 حركة سياسية وائتلافا ثورىا ستشارك فى العصيان لتوحى للسذج بأن 13 حركة وائتلافا شيء كبير فى مصر، ولو أنك علمت أن مثل هذه الائتلافات جميعاً لا تضم إلا نفراً قليلاً لتأكدت أن أصحاب الدعوة يعملون ضد مصلحة الشعب ومصلحة الوطن. فلا يستقيم أبداً فى تلك الظروف أن يمتنع التلاميذ عن الذهاب للمدارس والجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة ، وأن تغلق المحال التجارية والأسواق أبوابها ، وأن تتوقف محطات البنزين عن العمل ، وأن تتوقف أتوبيسات النقل العام والميكروباص والأجرة عن نقل الركاب ، وأن يخرج الشعب كله مرتدياً السواد فى صمت جنائزى ، وأن يتوقف المواطنون عن سداد الضرائب وفواتير التليفونات والغاز والكهرباء والمياه ، ولا تستقيم أبداً أن نصيب مصر بشلل على الشلل الذى تعانيه. دعوة للعقلاء ألا ينساقوا دون وعى وراء أصحاب الدعوة لأنها تضر بالبلاد على خلاف مما يصورها الأدعياء والمزايدون.