تحتفل غدًا الأربعاء محافظة القاهرة بمرور 150 عامًا على تأسيسها، وتعد القاهرة الخديوية، هي منطقة قلب القاهرة في فترة الخديوي إسماعيل، وتبدأ من كوبري قصر النيل، حتى منطقة العتبة، بما حوته من دار للأوبرا التي احترقت في العام 1971، ومبني للبريد، ومقر لهيئة المطافئ، إلى جانب ما تفرع منها من شوارع وطرق. وحظيت محافظة القاهرة بالعديد من الألقاب منها "جوهرة الشرق ،مدينة الألف مئذنة، مصر المحروسة، قاهرة المعز" كونها واحدة من أكثر مدن الشرق التي استأثرت بالكتابة والتاريخ منذ تأسيسها عن عمر يزيد على الألف عام. محمد علي عرفت القاهرة في عهد "محمد علي" باشا التنظيم والتطوير من خلال تركيز الصناعات والحرف في منطقة السبتية، بشمال شرق بولاق، وإزالة الأنقاض والقمامة من حولها، وردم البرك والمستنقعات المنتشرة فيها، وتحويل مساحات شاسعة منها إلي حدائق ومتنزهات، حتى إن محمد علي أصدر قراراً عام 1831 أمر فيه بتعمير الخرائب، وتحديد مساحتها، كما أنشأ في العام 1843 مجلساً أوكل إليه مهمة تجميل القاهرة وتنظيفها، وفي العام 1846 تم توسعة شارع الموسكي، وترقيم الشوارع وإطلاق الأسماء عليها. وعمل علي تشييد القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا، مشترطاً عليهم أن يعلم كل خبير هندسي منهم، 4 مصريين، فنون العمارة والتشييد، وكان في مقدمة تلك القصور، قصر محمد علي باشا بحي شبرا الذي تم تجديده من قبل وزارة الثقافة، قصر الجوهرة بقلعة صلاح الدين الأيوبي، قصر النيل، قصر القبة. الخديوي أسماعيل رغم من أن التطوير عرف طريقه إلي قلب القاهرة الحديثة في عهد "محمد علي باشا"، إلا أن النهضة العمرانية الحقيقية، بدأت بها بشكل جدي ومدروس ومخطط له، في عهد "الخديوي إسماعيل"، "بن إبراهيم باشا"، وعند تولي "الخديوي إسماعيل" الحكم عام 1863 كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقاً، إلي مدافن الأزبكية وميدان العتبة غرباً، ويغلب عليها التدهور العمراني في أحيائها، ويفصلها عن النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر، بمساحة لا تتخطى 500 فدان ، وكان تعداد سكانها في ذلك الوقت حوالى 300 ألف نسمة. نابليون الثالث عند زيارة الخديوي إسماعيل لباريس عام 1867 لحضور المعرض العالمي، طلب شخصيًا من الإمبراطور "نابليون" الثالث أن يتولى المخطط الفرنسي "هاوسمان" الذي خطط باريس، تخطيط القاهرة الخديوية، وفي مقابلة التكليف بين الخديوي إسماعيل وهاوسمان، طلب منه أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه، وقال عبارته الشهيرة "من يشرب من ماء النيل، فسيعود له المرة تلو المرة". تحفة حضارية هاوسمان حول القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك "باريس الشرق"وأصبحت "القاهرة الخديوية" تمثل بداية العمران المصري في صورته الحديثة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي تعد من المشروعات العالمية البارزة التي تمت في ذلك القرن لما بني عليه تخطيطها من دراسات للتخطيط، والتعمير الشامل، وتحطيم عوائق التنفيذ لإخراجها سريعًا إلى حيز الوجود، وبالشكل الذي يجعلها تضاهي أجمل مدن العالم. القلعة و كوبري قصر النيل في عام 1872 افتتح إسماعيل شارع محمد علي بالقلعة بطول 2.5 كيلومتر، فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم، وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكي، وفي العام نفسه افتتح كوبري قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار، وكان يعد آنذاك من أجمل قناطر العالم، حيث زُيّن بتماثيل برونزية لأربعة من السباع "الأسود" نحتت خصيصًا في إيطاليا، كما افتتح أيضًا كوبري أبو العلا على النيل على بعد كيلو متر تقريبًا من الجسر الأول، والذي صممه المهندس الفرنسي الشهير «جوستاف إيفل»، صاحب تصميم تمثال الحرية بنيويورك. أشجار من الصين و الهند ثم تم شق شارع كلوت بك، وافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875، ثم أنشأ السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا، وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة، وتحويل مجرى النيل، حيث كان يمر ببولاق الدكرور وبمحاذاة شارع الدقي، حاليًا، وتزامن ذلك مع تنفيذ شبكة المياه والصرف الصحي، والإنارة، ورصف شوارع القاهرة بالبلاط، وعمل أرصفة، وأفاريز للمشاة، وتخطيط الحدائق التي جلبت أشجارها من الصين، والهند، والسودان، وأمريكا. قصر عابدين ميدان عابدين وقصره الملكي فهو يتوسط قلب القاهرة، وعابدين بك هو أمير اللواء السلطاني في عهد محمد علي باشا، وكان يسكن قصراً بناه مكان القصر الحالي، وبعد وفاته اشتراه الخديوي إسماعيل من أرملته وهدمه وبني مكانه قصره الذي لايزال قائماً حتي الآن، شاهداً علي العديد من الأحداث، فأمامه كانت مظاهرة عرابي ضد الخديو توفيق عام 1882، وفيه تم حصار الملك فاروق بدبابات الإنجليز في 4 فبراير 1942. وقد قام بتصميم القصر وتنفيذه المعماري دي كوريل ديل روسو وتكلف بناؤه 700 ألف جنيه مصري، بينما بلغ ثمن أثاثه 2 مليون جنيه، وظل القصر مقراً لحكم مصر حتي قيام ثورة يوليو 1952. حيث تم تغيير اسم الميدان من عابدين إلي الجمهورية، إلا أن اسمه الأول هو العالق في أذهان المصريين لارتباطه بالقصر الذي تعرض للإهمال عقب قيام الثورة وتحول لمركز للتطعيم ضد الملاريا، حتي تقرر ترميمه في السبعينيات.