شهدت مدينة القاهرة على مر العصور والعهود السابقة العديد من التحديثات والتطويرات إلا أن النهضة العمرانية الحقيقية، بدأت بها بشكل جدي ومدروس ومخطط له، في عهد الخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا أكبر أبناء محمد على باشا الكبير ، كأول مدينة مخططة عمرانيا بمحاكاة النظام الأوروبي في أفريقيا والمنطقة العربية، بُنيت أثناء حكم أسرة محمد على باشا لمصر، حيث أسسها الخديوي إسماعيل في بداية حكمه عام 1863 م، إذ تحمل شوارع القاهرة الخديوية وميادينها عبق التاريخ ونفحات الماضي العريق بمعماريتها الفريدة. حظيت مدينة القاهرة الكبرى بالعديد من الالقاب منها "جوهرة الشرق ،مدينة الألف مئذنة ،مصر المحروسة، قاهرة المعز " كونها واحدة من أكثر مدن الشرق التي استأثرت بالكتابة والتاريخ منذ تأسيسها عن عمر يزيد على الألف عام. عمل على تشييد القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا، مشترطاً عليهم أن يعلم كل خبير هندسي منهم، 4 مصريين، فنون العمارة والتشييد. وكان في مقدمة تلك القصور، قصر محمد علي باشا بحي شبرا الذي تم تجديده من قبل وزارة الثقافة منذ عدة سنوات، وقصر الجوهرة في قلعة صلاح الدين الأيوبي، وقصر النيل، وقصر القبة. أصدر محمد على باشا قرارا عام 1831 أمر فيه بتعمير الخرائب، وتحديد مساحتها، كما أنشأ في عام 1843م مجلساً أوكل إليه مهمة تجميل القاهرة وتنظيفها ، وفي عام 1846 تم توسعة شارع الموسكي، وترقيم الشوارع وإطلاق الأسماء عليها ، لافتا إلى أنه حرص كذلك علي تشييد القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا، مشترطا عليهم أن يعلم كل خبير هندسي منهم 4 مصريين فنون العمارة والتشييد ، وكان في مقدمة تلك القصور قصر محمد علي باشا بحي شبرا. وعلي الرغم من توالي ثلاثة خلفاء علي حكم مصر بعد محمد علي باشا، بدءا من إبراهيم باشا مرورا بعباس الأول ، وسعيد باشا ، إلا أن إسهاماتهم في مجال العمارة لم تكن بالشيء الملموس الذي يمكن التأريخ له إلا فيما ندر، مثل قصر الروضة في عهد إبراهيم، وإنشاء حي العباسية في عهد عباس الأول، وبداية حفر قناة السويس في عهد سعيد ، علي عكس عهد إسماعيل باشا الذي تميز بانفجار معماري علي المستويات كافة . وعند تولي الخديوي إسماعيل الحكم عام 1863 كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقاً، إلي مدافن الأزبكية وميدان العتبة غرباً، ويغلب عليها التدهور العمراني في أحيائها، ويفصلها عن النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر، بمساحة لا تتخطي 500 فدان ، وكان تعداد سكانها في ذلك الوقت حوالى 300 ألف نسمة. قام الخديوي إسماعيل بزيارة لباريس عام 1867 لحضور المعرض العالمي، طلب الخديوي إسماعيل شخصيا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يتولى المخطط الفرنسي "هاوسمان" الذي خطط باريس، تخطيط القاهرة الخديوية ، وفي مقابلة التكليف بين الخديوي إسماعيل وهاوسمان، طلب منه أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه، وقال عبارته الشهيرة "من يشرب من ماء النيل، فسيعود له المرة تلو المرة". أعلن الخديوي اسماعيل مشروعه في تخطيط القاهرة على الطراز الباريسي، واستقدم من أوروبا عمالقة التصميم المعماري، وبدأوا في تنفيذ حلم إسماعيل في جعل القاهرة "باريس الشرق"، مشيرا إلى أن تصميم وتنفيذ المشروع استغرق خمس سنوات، ونجح هاوسمان فى تحويل القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك "باريس الشرق" . وفي عام 1872 افتتح الخديوى إسماعيل شارع محمد علي بوسط البلد بطول 2.5 كيلومتر، فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم، وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكي ، وفي العام نفسه افتتح كوبري قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار، وكان يعد آنذاك من أجمل قناطر العالم، حيث زين بتماثيل برونزية لأربعة من السباع (الأسود) نحتت خصيصًا في إيطاليا ، كما افتتح أيضًا كوبري أبو العلا على النيل على بعد كيلومتر تقريبا من الجسر الأول، والذي صممه المهندس الفرنسي الشهير "جوستاف إيفل"، صاحب تصميم البرج الشهير. وشهد التطوير أيضًا شق شارع كلوت بك، وافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875 رسميا؛ ثم أنشأ العديد من خطوط السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا، وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة. اتخذ الخديوي اسماعيل ضمن خطة التطوير قرار بتغيير مسار النيل ومجرى المياه بدلا من مروره بمنطقة بولاق الدكرور وبمحاذاة إمبابة أصبح يسير في مجراه المعروف حاليًا. وتم ردم البرك والمستنقعات وفي مقدمتها بركة عابدين التي كانت تحتل موقع الميدان الحالي، وبركة الأزبكية التي تحولت لأهم حديقة في القاهرة تحفها المسارح ، بينما حلت الميادين محل باقي البرك مثل ميدان العتبة الخضراء وميدان الأوبرا، وميدان باب الحديد، وميدان سليمان باشا- طلعت حرب حاليا. من ميدان التحرير قاعدة القاهرة الخديوية كانت البداية، أول اسم للميدان كان الخديوي إسماعيل، الذي أراده رابطاً بين ثكنات قصر النيل، وقصر عابدين، ولكن الميدان الذي تحول اسمه في عهد الملك فؤاد إلى ميدان الإسماعيلية، تطور ليصبح واحدًا من أهم ميادين العاصمة المصرية، ليس فقط لأنه يؤدي إلى 18 وزارة، أو مبنى البرلمان، أو لأن غالبية المظاهرات السياسية تنطلق منه، ولكن أيضاً لأنه يتصل بعدد من الشوارع الرئيسية التي تمثل عمودا فقرياً للقاهرة منها شوارع قصر العيني، والجلاء، وطلعت حرب، وباب اللوق، ورمسيس، كما يوجد به أكبر مبني رسمي، يضم عددا من المصالح الحكومية. أما ميدان عابدين وقصره الملكي فهو يتوسط قلب القاهرة، وعابدين بك هو أمير اللواء السلطاني في عهد محمد علي باشا، وكان يسكن قصراً بناه مكان القصر الحالي، وبعد وفاته اشتراه الخديوي إسماعيل من أرملته وهدمه وبني مكانه قصره الذي لايزال قائماً حتي الآن، شاهداً علي العديد من الأحداث، فأمامه كانت مظاهرة عرابي ضد الخديو توفيق عام 1882، وفيه تم حصار الملك فاروق بدبابات الإنجليز في 4 فبراير 1942. وقد قام بتصميم القصر وتنفيذه المعماري دي كوريل ديل روسو وتكلف بناؤه 700 ألف جنيه مصري، بينما بلغ ثمن أثاثه 2 مليون جنيه، وظل القصر مقراً لحكم مصر حتي قيام ثورة يوليو 1952. حيث تم تغيير اسم الميدان من عابدين إلي الجمهورية، إلا أن اسمه الأول هو العالق في أذهان المصريين لارتباطه بالقصر الذي تعرض للإهمال عقب قيام الثورة وتحول لمركز للتطعيم ضد الملاريا، حتي تقرر ترميمه في السبعينيات. في 2009، أطلقت وزارة الثقافة المصرية خلال أيام المشروع الثقافي المشترك مع إسبانيا لتطوير القاهرة الخديوية أو قاهرة الخديوي إسماعيل، الذي حكم مصر من العام 1863 حتى العام 1879، وأراد أن يجعل من المدينة قطعة من أوروبا، خاصة باريس حيث أطلق عليها لقب "باريس الشرق يتم تنفيذ المشروع بالاستفادة من تجربة إسبانيا في الحفاظ على الأبنية التاريخية، وذلك للحفاظ على المباني ذات الطابع المميز وسط العاصمة المصرية، والتي تشكل مثلثا رأسه ميدان التحرير وقاعدته ميدانا الأوبرا ورمسيس وما يتفرع منهما من شوارع، تضم بنايات جميلة يبلغ عددها 421 بناية داخل مساحة لا تقل عن 700 فدان، يعود تاريخ بنائها إلى النصف الثاني للقرن ال 19، والعقدين الأولين للقرن ال 20، وتجمع بين طرازي الكلاسيكية وعصر النهضة. وكانت محافظة القاهرة نظمت اليوم احتفالية شارك عدد من المواطنين و شباب المحافظة ، فى ماراثون للجري ، فى إطار احتفالاتها بالعيد القومى للقاهرة، وذكرى مرور 150 عامًا على إنشاء القاهرة الخديوية، بالتنسيق مع رابطة كايرو رانرز، وشارك به نواب المحافظ والسكرتير العام، وعدد من قيادات المحافظة ورؤساء الأحياء، وعدد من أعضاء مجلس النواب، ونيل هوكينز سفير إستراليا بالقاهرة. وأطلق المحافظ، إشارة البدء، انطلاقاً من ميدان عابدين، مرواً بشارع محمد فريد، وصولاً إلى ميدان طلعت حرب، ثم العودة من شارع قصر النيل، ثم محمد فريد انتهائاً بميدان عابدين.