تعجبت من أولئك الذين وصفوا البلطجية الذين هاجموا مقر وزارة الداخلية وحاصروه عدة أيام بأنهم ثوار ومناضلون.. لقد أساء الاثنان إلى الثورة.. الذين هاجموا المقر، والذين وصفوهم بهذه الأوصاف الطاهرة النقية. ولهؤلاء أقول: عندما قامت الثورة التف الجميع حول شعار «سلمية.. سلمية»، ولم تسجل ميادين الثورة أى حالة عنف أو سرقة أو انفلات.. وكان لهذا الشعار فعل السحر فى نفوس الثوار.. ولا أنسى عندما اقتربنا من مقر رئاسة الجمهورية يوم سقوط الرئيس المخلوع عندما توجهت مجموعة من الشباب لنزع صورة كبيرة لمبارك كانت تعلو واجهة إحدى مدارس مصر الجديدة.. ففى تلك اللحظة ردد الجميع شعار «سلمية.. سلمية»، واستجاب الشباب للشعار وتركوا الصورة دون أى مساس. وقد كان لهذا السلوك أثر كبير فى رسم صورة مشرقة للثورة المصرية التى ألهمت العالم. وعلى هذا الأساس فإن ما حدث خلال الأيام الماضية من فوضى وعنف أمام مقر وزارة الداخلية لا يمت للثورة بصلة.. وما حدث فى شارع محمد محمود سواء فى الأحداث الحالية أو السابقة هو جزء من مؤامرة كبرى تهدف الى إسقاط الدولة من خلال إسقاط الجيش والشرطة ثم إجهاض الانتخابات لأنها جاءت بنواب ليسوا على هوى أمريكا وإسرائيل. إن الجريمة التى وقعت فى استاد بورسعيد لا يمكن أن تمر مرور الكرام، ولابد من محاسبة المسئولين عنها سواء فلول النظام السابق الذين دبروها أو المسئولين بمديرية أمن بورسعيد وقطاع الأمن المركزى الذين شاركوا فيها سواء بالقصد أو بالإهمال. ولا يمكن أن نتهاون فى حق الدماء الذكية التى سالت فى هذه المجزرة التى أدمت قلوبنا جميعاً، ولابد من القصاص العادل فى أسرع وقت.. ولكن لا يمكن أن تكون هذه الجريمة مبرراً لدفع البلاد إلى الهاوية. إن الذين يهاجمون مقر وزارة الداخلية بين الحين والآخر ويثيرون الذعر فى منطقة وسط البلد يرفعون دعوة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب.. فالظاهر هو الاعتراض على المجزرة والمطالبة بالقصاص.. أما الباطن فهو استكمال الجريمة وإسقاط الجيش والشرطة وهو ما يخطط له أعداء الوطن. وإذا كانت مجزرة بورسعيد من صنع فلول النظام البائد وحكومة طرة فإن استكمال خيوط المؤامرة من صنع الخارج.. والدليل ما فعله الإعلام المشبوه خلال الأيام الماضية من خلال النفخ فى الكير ودعوة الشعب لإسقاط المجلس العسكرى وإجباره على تسليم السلطة حتى تقع البلاد فريسة للفوضى.. وأعتقد أن الهدف من حكاية تسليم السلطة أصبح واضحاً وجلياً خاصة أن السيناريو الآمن لا يفصلنا عنه سوى شهر واحد فقط حيث يتم فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة أوائل مارس القادم. لقد سقط الإعلام المشبوه سواء المرئى أو المطبوع، وأدرك الشعب خطورة المؤامرة وأبعادها ولم يستجب لدعوة الإعلام المضلل وترك المتآمرين يتساقطون.. والآن وبعد أن هدأت العاصفة.. هناك أسئلة حائرة تبحث عن إجابات غائبة: أولها لماذا لم يتم إلغاء الدورى أو استكمال مبارياته بدون جمهور خاصة بعد موقعة الجلابية التى وقعت على أرض استاد القاهرة؟ ولماذا الإصرار على إقامة المباريات بعد أحداث الشغب والفوضى التى اندلعت في المباريات التى سبقت أحداث مباراة بورسعيد خاصة أحداث استاد المحلة؟ وإذا كانت الداخلية غير قادرة على تأمين أى تجمع يزيد على 500 شخص فلماذا سمحت بإقامة مثل هذه المباريات؟ والسؤال الثانى والأهم: لماذا لم يتم نقل مقر وزارة الداخلية إلى أكاديمية الشرطة حتى لا يكون فى مرمى النيران؟ ومن هو المسئول الذى يتمسك بالاستمرار فى المبنى الحالى خاصة أن أحداث محمد محمود الأولى والثانية تؤكد ضرورة تفويت الفرصة على المتربصين ونقل المقر الى القاهرةالجديدة؟ والسؤال الثالث وإذا كانت الحكومة مستمرة فى مبنى هيئة الاستثمار بشارع صلاح سالم فلماذا وقعت أحداث مجلس الوزراء؟ والسؤال الرابع متى يتم تحويل ميدان التحرير إلى هايد بارك ونقل الوزارات الى القاهرةالجديدة حتى نتفرغ للعمل؟