شعبة الذهب: نسجل أرقاما قياسية ونتوقع المزيد.. و2025 عام ذهبي    خبير في الشئون الإفريقية: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال يعيد خلط الأوراق    مورينيو يتحرك مبكرًا لإغلاق الباب أمام برشلونة ويمدد عقد أوتاميندي    دوناروما يكشف كواليس انتقاله إلى مانشستر سيتي ودور هالاند الحاسم    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    وزارة السياحة والآثار تغلق موقعًا إلكترونيًا مزورًا لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير وتحذر الزائرين    آية عبد الرحمن: دار القرآن الكريم رسالة مصر للعالم بأنها الراعي الأبدي للقرآن    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أمام وحدة مرور المحلة    الخريطة الكاملة لجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب 2025.. تنطلق السبت    العامة للاستعلامات: 250 وسيلة إعلام عالمية ترصد افتتاح المتحف الكبير وتحسن الاقتصاد المصري في نوفمبر    وفاء عامر تدعم ريهام عبد الغفور بعد أزمة الصور المسيئة وتوجه رسالة ل أشرف زكي    بإجمالي 36 قافلة.. الجيزة تستعد لإطلاق القوافل الطبية العلاجية بالمراكز والمدن    حملات تموينية مكثفة بالإسكندرية تضبط مخالفات بالمخابز والأسواق    الشدة تكشف الرجال    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الأسبق: حل الأزمة في البلاد بيد 3 دول رئيسية بالمنطقة    عمرو الخياط يكتب: السيرة والأسطورة    التعادل السلبي يحسم مواجهة زامبيا ضد جزر القمر    مستشفى كفر شكر التخصصي ينقذ حياة مريض    2025 عام الإنجازات | فى جميع الميادين والمجالات مصر فى 2025.. نجاحات ُمبهرة وفرص واعدة    وزير الرياضة: روح العزيمة والإصرار سر فوز منتخب مصر علي جنوب أفريقيا    شركة مياه الشرب بالقاهرة: عودة الخدمة للزيتون قبل موعدها ب 4 ساعات    الدفاع الروسية: إسقاط 77 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لميس الحديدى ووزير التعليم    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    المشير طنطاوي قال "أزمة وهتعدي".. نبيل نعيم يُفجر مفاجأة بشأن تهديدات أمريكا لمصر في 2012    جمارك السلوم تمنع تهريب أدوية بشرية أجنبية الصنع    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    أحدث تصوير ل مترو الخط الرابع يكشف آخر مستجدات الموقف التنفيذي للمشروع (صور)    تصعيد جوي إسرائيلي متواصل.. غارات تمتد من جنوب لبنان إلى الهرمل    أمم إفريقيا – التشكيل.. مشنجاما يقود هجوم حزر القمر وداكا أساسي مع زامبيا    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    من ميت غزال إلى عرش القلوب.. 47 عامًا على رحيل دولة التلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    وزير النقل الألماني: خفض ضريبة الطيران لا يعني بالضرورة تذاكر أرخص    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية طاغية
نشر في الوفد يوم 12 - 02 - 2011

حمدًا وشكرًا لك يا رب العالمين، أحييتنا لنري هذه النهاية التي لم نكن نظن في أكثر أحلامنا جنوناً وشططاً أن نراها في جيلنا، كما ندعوك في صلواتنا أن يري أبناؤنا أو أحفادنا هذا اليوم الخالد العظيم.
اللهم لا شماتة ولكن موعظة. اللهم لا تشفي ولكن رثاء ستكشف لنا الأيام القادمة أهوالا عن مستنقع الفساد الآسن الذي كان الطاغية يعوم فوق سطحه، تحيط به عصابته من الذئاب النهمة التي تنهش في لحم مصر وعظمها، بينما تتضور الأغلبية من شعب مصر جوعا لا تكاد تجد ما يسد رمقها أو يكسو جسدها. كل هذا بينما يعتصر الطاغية وذئابه الجائعة كل قطرة من دم مصر المنكوبة بهم. والتي يديرونها كما تدير عصابة مسلحة عزبة استولت عليها في غفلة من أصحابها.
ونعطي هنا مثلاً واحدًا عما يدور في المستنقع الآسن. كانت موارد الدولة خلال العهد الملكي عندما كان لمصر دستور وبرلمان يراقب حكومتها تدخل كلها في الميزانية العامة للدولة التي تقدم للبرلمان. أما تحت حكم الطاغية فلا تقدم لما يسمي بمجلس الشعب سوي عشرين في المائة من موارد الدولة التي تسمي بالمال العام، أما الثمانون في المائة الباقية فتودع في بضعة آلاف من الصناديق الخاصة. يتحكم فيها إيراداً ومصروفاً زبانية من لصوص المال العام الذين يضعون قواعد إدارتها ويغدقون من إيراداتها علي أنفسهم وعلي أتباعهم. يكفي أن نذكر هنا أن إيراد قناة السويس يزيد سنويا علي أربعة مليارات دولار. أي أكثر من اثنين وعشرين مليار جنيه. وحسب الأوامر التي وضعها الطاغية يحول هذا المبلغ الهائل كله إلي حساب خاص برئاسة الجمهورية لا يخضع لأي نوع من الرقابة حتي الرقابة الصورية من مجلس الشعب المزور. ويتم التصرف في هذا المبلغ الهائل حسب تعليمات مباشرة من الطاغية أو من يعينهم من زبانيته للإشراف عليه دون رقيب أو حسيب إذ لا يحق لديوان المحاسبة أو أي جهة رقابية أخري مجرد الاطلاع علي هذا الحساب وقس علي ذلك في باقي موارد الدولة المودعة في هذه الآلاف من الصناديق الخاصة.
ولا تلقي باقي مصادر الدولة من الثروات مثل البترول والغاز إلا نفس المصير من النهب وانعدام الرقابة.
أما باقي أركان الدولة فتدار كعزبة خاصة تدار لحساب رجل واحد وأسرة واحدة، فكل المشروعات العامة من كباري وأنفاق ومكتبات عامة ومستشفيات ومحطات مترو وغيرها من مئات المشروعات التي تقام من المال العام يطلق عليها اسم الطاغية أو زوجته ظنًا منه ومن بطانة النفاق حوله أن هذا هو طريق الخلود.
ولكن المنتقم الجبار الذي يمهل ولا يهمل كان للطاغية وذئابه المسعورة بالمرصاد. فمن المجهول الذي لم يكن أحد يتوقعه أو يتصوره تشرق علي مصر فجأة بضع آلاف من أطهر شبابها وأكثرهم علمًا وولاء لبلدهم. شباب رضعوا كل ما أفرزه مجتمع المعلومات الحديث من إمكانيات ووسائل تواصل فيما بينها، يقومون فجأة بتفجير أول وأروع ثورة الكترونية في العالم. وفجأة يصحو ملايين المصريين علي اعصار هائل يجتاح في بضعة أيام لا تصل إلي ثلاثة أسابيع عرش الطاغية الذي يسقط فجأة كبنيان من الرمال.
تصحو الملايين التي غيبتها الدكتاتورية حوالي ستين عامًا كانت أسوأها الأعوام الثلاثون الأخيرة منها. تخرج عشرات الملايين في كل أنحاء مصر في صلابة وإصرار لتسير خلف هذه الآلاف من الشباب الذي أشعل فيها إيمانًا بمصر وشجاعة لم تعرفها هذه الملايين من قبل نتيجة سنوات طويلة من القهر والإذلال الذي دفع اليأس في قلوبها.
فجأة ينهار الصرح الظالم فوق رأس الطاغية وذئابه المسعورة. وفجأة يتبخر الحزب الذي كان يزعم أن عدد أعضائه يقترب من الثلاثة ملايين. ينفضون كلهم من حول الطاغية الذي سقط. ويهربون كالفئران المذعورة من السفينة الغارقة، منهم من ينجح في الهرب بجلده من مصر محملا بما استطاع حمله من المال الحرام. ومنهم من لا يستطيع الفرار فينزوي متخفيا عن الأنظار، يعيش في رعب من يوم الحساب المحتوم الذي اقترب عندما يحين فتح ملفات الفساد. ومنهم من كان الأسوأ حظًا عندما حاول الطاغية قبل أيام من السقوط أن يجعل منهم كبش فداء لعل ذلك ينقذ عرشه المنهار فألقي بهم إلي أيدي العدالة التي حددت إقامتهم وتحفظت علي ما استطاعت العثور عليه من الثروات المنهوبة وبدأت التحقيق معهم.
يشاء المنتقم الجبار مرة أخري أن يجعل من الطاغية ورجاله عبرة لمن يعتبر، وإذا بوزير خارجية سويسرا يعلن أن حكومته قد تحفظت علي الحسابات السرية لعشرين مصريا بينهم الطاغية. وإذا بمجموعة قانونية من أبناء مصر المخلصين تكون فيما بينها جماعة هدفها ملاحقة الثروات المنهوبة التي هرب بها اللصوص لإعادتها لمصر.
عندما يدرس المؤرخون الثورة الرائعة التي فجرها شباب مصر الطاهر يوم 25 يناير ويكتبون تاريخها من كل جوانبه، كيف نشأت وكيف استطاع بضعة آلاف من الشباب بأقوي آليات العلم الحديث تفجير هذا الطوفان الهائل الذي اجتاح في فترة ثمانية عشر يومًا فقط هذا الركام الهائل من العفن الذي تراكم علي مر السنين الطويلة. عند ذلك سيري العالم تلك المعجزة التي تحققت بقدرة المولي تبارك وتعالي وبشجاعة ونقاء وصلابة هذا الشباب الطاهر الذي ستظل مصر مدينة له دائمًا وأبدًا.
ولا نملك في ختام هذه الكلمة إلا أن نعتذر أشد الاعتذار وحمرة الخجل تكسو وجوهنا لشبابنا الطاهر نيابة عن جيلنا الذي خنع وجبن عن مواجهة الطغيان سنينًا طويلة حتي استشري وعاث في مصر نهبًا وفسادًا حتي أحرق الأخضر واليابس. اغفروا لجيلنا أيها الأطهار الأبرار إننا نسلمكم اليوم مصرنا الحبيبة مهلهلة مفلسة ينهشها الفقر والجوع والمرض. ولكن الروح الهائلة التي فجرتها ثورتكم فيها كفيلة بإعادة بنائها علي يديكم ونحن وراءكم، فأنتم القادة ونحن الجنود التائبون.
ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حيث قال:
زمان الفرد يا فرعون ولي ودالت دولة المتجبرينا
وأصبحت الرعاة بكل أرض علي حكم الرعية نازلينا
*عضو الهيئة العليا للوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.