بينما عقارب الساعة تشير إلي الخامسة و45 دقيقة والمتظاهرون أمام مبني الإذاعة والتليفزيون يرددون »الجزيرة فين.. الكدابين اهم« في إشارة إلي تشويه الإعلام الرسمي للثورة، بثت وسائل الإعلام المصرية أول خبر صادق لها يفرح الجماهير وهو تنحي مبارك. بكاء هستيري وصراخ وتكبيرات وسجود لله وأحضان وقبلات بين أشخاص لا يعرفون بعضهم، هكذا تلخص المشهد الذي لم تشهده مصر منذ 37 عاماً، حيث انتصار أكتوبر المجيد. لم تدرك عقول ثوار التحرير نجاح ثورتها إلا بعد دقائق من الخطاب الأخير للنائب عمر سليمان، ليبدأوا في تكبيرات الإحرام »الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً« في مشهد حول ميدان التحرير إلي كعبة للثائرين. كثيرون رفعوا صور الشهداء بأياد تهتز من الحزن عليهم وعيون تبكي من فرحة الانتصار، الأعلام ترفرف علي أنغام الأغاني الوطنية التي تتخللها زغاريد النساء وضحكات الشباب، ورغم الزحام الشديد إلا أن الكل داخل الميدان مبتسم للتغيير وللمستقبل الأفضل الذي سيبني بسواعد شباب الثورة. وكما كانت اللافتات طوال أيام الثورة هي المعبر الرئيسي عن مطالب المصريين، برزت أمس الأول لتعبر هذه المرة عن فرحة الثوار بإنجازهم التاريخي بشكل يبرز خفة دمهم، فرفعت لافتات »باي باي حسني.. علي موبايلات بقي«، »كل ريس وأنتم طيبين«. يجوب محمد أمجد الميدان صارخاً »أنا مش مصدق نفسي يعني هو مشي بجد« ومع كل صرخة له يؤكد المحيطون به أن مبارك رحل والله مشي يابني خلاص، هكذا يرد علي محمد شاب آخر كان يتحدث عبر الهاتف قائلاً: »كنت هزعل أوي لو اتجوزت في عهده«. يعني هاروح الشغل بكرة مش هلاقي صورته، يسأل محمد أيمن زميله ياسين الذي أكد له أن مبارك تنحي يقول ياسين: أنا هنا في الميدان منذ 17 يوماً وأخيراً كلل الله تعبنا بزوال الحاكم الطاغية.