صدرت فى عدة عواصم عالمية العديد من التقارير عن مؤسسات ومراكز دراسات دولية مرموقة حول ما حققته سلطنة عُمان على الصعيدين السياسى والاقتصادى خلال نحو نصف قرن. توالى الإعلان عن نتائج هذه التقارير بينما تستعد السلطنة للاحتفال فى 23 من يوليو بيوم النهضة الذى يشهد اكتمال أربعة عقود وسبع سنوات منذ بدء تنفيذ استراتيجية متكاملة استهدفت إقامة دولة عصرية حديثة فى إطار خطط خمسية متتالية للتنمية المستدامة والشاملة. ففى المجال الاقتصادى، أعلنت وكالة التصنيف العالمية «فيتش» عن تبنيها نظرة إيجابية تثمن الأوضاع الاقتصادية العمانية فى ظل استمرار تصاعد معدلات النمو. وأوضحت الوكالة فى مذكرة بحثية أن السلطنة تتمتع باستقرار مالى يمكنها من دعم النمو على الرغم من تداعيات تراجع أسعار النفط عالمياً، كما أن السلطنة لديها استعداد تام لدعم القطاع المصرفى متى دعت الحاجة لذلك نظراً لدوره المهم فى النمو الاقتصادى. من جهة ثانية، أكدت منظمة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السلطنة وصل إلى نحو 18٫5 مليار دولار، مقارنة بمليارين و577 مليون دولار فى عام 2000. وأضافت فى تقرير الاستثمار فى العالم الذى نشرته على موقعها الإلكترونى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السلطنة ارتفع خلال السنوات الست الماضية حيث تجاوز نحو 15 مليار دولار. كما توقع تقرير جديد أن تصل قيمة قطاع البناء والتشييد فى السلطنة إلى نحو 20 مليار دولار، بمعدل نمو سنوى مركب يبلغ نحو 10%. وأكد التقرير الذى نشرته شبكة «نيوز ميكر» أن السلطنة تنفذ استراتيجية تستهدف تنويع اقتصادها عبر قطاعات أخرى مثل النقل والسياحة والعقارات بما يعزز من خطط التنويع الاقتصادى. وأضاف أن الاستثمارات الحكومية في المجالات الاستراتيجية البيئة والبنية الأساسية البحرية والتنمية الشاملة للسياحة والنقل تؤدى إلى إنعاش قطاع التشييد فى السلطنة، علاوة على أن الخطط الخاصة بشبكات السكك الحديدية الوطنية الجديدة تسير بخطى طموحة. وأشار إلى أن تنفيذ استثمارات ضخمة لتطوير الموانئ، إلى جانب ارتفاع الطلب على العقارات الخاصة مع العديد من المشاريع مثل مراكز التسوق والمجمعات السياحية المتكاملة وغيرها يدفع قطاع التشييد فى السلطنة قدماً. وقال التقرير الذى أعدته مؤسسة ريسيرش أوربس «Orbis Research» الأمريكية وهى مؤسسة بحثية تتخذ من مدينة دالاس بولاية تكساس مقراً لها، ونشر على موقعها الإلكترونى: إن قطاع البناء والتشييد فى السلطنة قد ارتفع إلى 5.6 مليار دولار فى عام 2015 فيما ينمو الآن بوتيرة متسارعة. وفى واشنطن، أشاد الكونجرس الأمريكى من جانبه بمواقف السلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، مثمناً أداء الدبلوماسية العمانية. فقد أكدت مؤسسة خدمة أبحاث الكونجرس أن السلطنة تمثل حليفاً استراتيجياً وتعد شريكاً مهماً فى مكافحة الإرهاب. وقالت المؤسسة فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى: إن السلطنة تنتهج فى عهد السلطان قابوس سياسة خارجية مستقلة، وتتجنب بصفة عامة التدخل فى الصراعات الإقليمية، وتحافظ على علاقات وثيقة مع مختلف الأطراف. ويرى المحللون أن إشادة مؤسسة دولية على هذا المستوى ذات أهمية بالغة، لا سيما أنها الذراع البحثية للكونجرس، الذى يعتبر واحدا من أهم مراكز ومعاقل صناعة القرار فى العالم، كما أن دلالة ذلك أن الكونجرس يعتبر عُمان مثالاً ونموذجاً يحتذي به. لقد وصف التقرير مسقط بأنها شريك استراتيجى وستستمر كذلك مستقبلاً، مما يؤكد على مكانة السلطنة كدولة لها قدراتها المتميزة، فى ظل محافظتها على الهوية الوطنية والخصوصية العمانية واستقلال القرار السياسى، مما يجنبها الكثير من اضطرابات هذه المرحلة من حروب ومشاكل اجتماعية. ويؤكد التقرير أن السلطنة حليف مهم فى مكافحة الإرهاب الذى يعتبر أحد معاقل الخطر، ولا شك أن جهودها فى هذا الإطار جلية، وقد انعكست فى نتائج عملية فى صورة سلام وأمان مع تقدمها المستمر فى مقاييس السلم والأمن الدوليين وخلوها من العمليات الإرهابية. وهذا ليس إلا حصادا لعقود من العمل الدؤوب الذى عكف عليه السلطان قابوس بمساندة الشعب العمانى الشقيق لتحويل السلطنة إلى واحة سلم، وقد استند ذلك أيضاً إلى التراث الوطنى والتاريخى فى التزام الشخصية العمانية بالقيم السمحة للإخاء والمحبة والتسامح مع شعوب العالم والتعامل مع الآخر بكل تقدير. وثمن التقرير مواقف السلطان قابوس التى تعبر عن رؤيته الثاقبة لاختيار سبل تحقيق الاستقرار ليعم السلطنة فى ظل الحياة الحديثة فى دولة عصرية، وفى الوقت نفسه تحافظ على جذورها الأصيلة والعميقة فى التاريخ. وقد تجلت أدوار السلطنة فى المساهمة الناجحة والإيجابية فى حل العديد من القضايا بالمنطقة وعلى مستوى العالم، من خلال جهود مكثفة أبرزها فى الملف النووى الإيرانى، وكذلك إطلاق سراح العديد من الرهائن الذين كانوا محتجزين فى بعض الدول. وكل ذلك لا يمكن أن يأتى إلا عبر خبرة متراكمة، وكذلك نتيجة الإيمان بأن أفضل السبل للحياة هو السلام، مما ينعكس على المسارات الاقتصادية والتعاون الشامل فى كافة أوجه الحياة مع دول العالم، بما يعود بالنفع على كل الشعوب.