بقلب ميت لا يعرف الرحمة.. تجرد من كل مشاعر الإنسانية.. لم يرحم كبر سنهما فبدلاً من أن يكافئهما على ما فعلاه له منذ أن رأت عيناه النور.. وقيامهما بتربيته حتى أصبح رجلاً، ظل يتشاجر معهما وينهرهما متناسياً قوله تعالى (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا). وقف الأب «علاء»، وزوجته «عزيزة»، بجانب نجلهما «محمد»، وساعداه حتى تزوج من الفتاة التى أحبها، فهو يعمل بائع متجول ولا يستطيع توفير متطلبات الزواج، فعرضا عليه أن يتزوج ويعيش برفقتهما فى المنزل فوافق الابن، ولكن مع مرور الوقت لم يتحمل «محمد» الأعباء المادية، خاصة بعد حمل زوجته فى جنينها الأول، ظل يعمل ليلاً ونهاراً كى يوفر لأسرته حياة كريمة، وبعد أن وضعت زوجته طفلتهما الأولى، لم يتمكن من تلبية احتياجاتهم، فقرر الهروب من ظروف الحياة الصعبة خاصة بعد أن تعرف على أصدقاء السوء، الذين جعلوه يدمن المواد المخدرة. لم يجد «محمد» طريقاً للهروب من الواقع المؤلم سوى ذلك الطريق، حتى أفقده الإدمان صوابه وجعله دائم التعدى على زوجته بالضرب، وعندما قام والداه بتعنيفه، وطالباه بالكف عن الاعتداء عليها كان يقوم بالتعدى عليهما بالضرب أيضاً، حتى تركت الزوجة المنزل وذهبت إلى أسرتها وطلبت الطلاق أكثر من مرة، إلا أنه كان يرفض ذلك ويتعهد لها كل مرة بأنه سيتغير، فكانت تعود من أجل طفلتها التى لا ذنب لها، إلا أن الزوج سرعان ما يعود إلى نفس أفعاله المشينة. حاول الوالدان أن يصلحا من نجلهما كثيراً باستعطافه تارة وبتهديده بطرده من الشقة تارة أخرى لكن دون جدوى، لم يكتف الابن العاق بالتعدى بالضرب على والديه بل اعتاد سرقة أموالهما عنوة مستغلاً شيخوختهما وكبر سنهما بعد أن ترك عمله. وفى ليلة مشئومة دخل على أبويه وطلب منهما مبلغاً مالياً لشراء المخدرات، ولكن أبلغاه بأنهما لا يملكان من حطام الدنيا شيئاً.. لم يصدق ذلك ودخل غرفتهما وقلبها رأساً على عقب ولم يجد ما يبحث عنه. جن جنونه وطلب منهما إخراج المبالغ المالية التى يخفيانها ولم يصدق توسلاتهما وأنهما لا يملكان شيئاً، وفوجئا به يحضر «جركن» من البنزين ويسكبه داخل الغرفة ويشعل النيران ويقوم بإغلاق الباب عليهما ويهرب إلى الشارع والتهمت النيران جسدى الأبوين المنهكين من مرارة الحياة ومرارة قسوة الابن، ماتا حرقاً.. ماتا بأيدى ابنهما الذى كان يحلمان أن يكون السند والعون لهما فى الحياة.. هرب الابن ولم يعد ليعرف أن جريمته أخذت فى طريقها كل شىء ضد رضا والديه.