هكذا يكون الانسان المصرى ، عندما يكون هناك قضية قومية او عدو خارجى تجد جميع المصريين يدا واحدا ،يتحدثون بلسان واحد ، لا يوجد فرق بين اى تيار او انتماء لحزب او حركة ، الكل يكون حزبا او حركة او ائتلافا واحدا ، وهذا ما حدث فى التاريخ المصرى كله ، عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى او خلال الحروب مع اسرائيل ، واخيرا عندما وقف الجميع فى ميدان التحرير فى هدف واحد للجميع ” الشعب يريد اسقاط النظام “، فى مشهد انبهر العالم كله فى التلاحم والتالف بين اطياف الشعب المصرى ، فهذه امرأة مسيحية تصب لوضوء لرجل مسلم ، وهذا قداس مسيحى فى حماية المسلمين ، وهذا هو الصليب مع الهلال ، فى ملحمة شعبية حققت نتائجها ، ولولا هذا التلاحم ما تحققت النتيجة وهى اسقاط النظام ، فى تلك الاثناء لم نسمع عن اصوات عالية للنخب والشخصيات السياسية ، لم نسمع عن اختلاف فى رؤية هولاء النخب فى الاعلام فالكل متفق على اسقاط وتغيير النظام وبناء دولة جديدة وفقا لمبدأ الدولة الديمقراطية وسيادة القانون وبناء دستور عصرى يساعد فى تحقيق تلك الاهداف ، لكن ...وبعد تحقيق الهدف الاسمى تحولت الثورة التى تحدث عنها العالم ، انها افضل ثورة فى التاريخ ، الى خلافات وصراعات سياسية بين الاحزاب والشخصيات ، ولم يتوافق هولاء المختلفون على مبدأ ” الرأى والرأى الاخر ” ، واحترام كافة الاراء وقبول الاخر ، وان من حق كل حزب او شخص ان يطرح رؤيته وان يتقبل رؤية الاخر ، تحولت الثورة الى محاولة تحقيق المكاسب قبل ان تنتهى الفترة الانتقالية التى سوف تكون فى النهاية حكومة مشكلة من اغلبية ورئيس منتخب فى وجود مجلس شعب منتخب بطريقة نزيهه ، واعتقد ان السبب فى ذلك الصراع هو تحقيق المصالح الشخصية وليس الدعوة الى تحقيق مصلحة الوطن . اعتقد ان الحملة الشرسة التى تستهدف الاخوان المسلمين فى مواقف اخيرة ليست فى محلها ، فنشر اخبار على ان الاخوان اتفقوا مع جهاز امن الدولة فى المشاركة فى المظاهرات المطالبة باسقاط النظام باعداد قليلة وان الاخوان قاموا بالتنسيق مع امن الدولة فى ذلك ثم انقلب الاخوان على الاتفاق وشاركوا بكثافة فى المظاهرات عندما ظهر ان المظاهرات والاعتصام بميدان التحرير سوف تؤدى الى اسقاط النظام ، تلك الاخبار لا تفيد تلك المرحلة ولا فائدة منها سوى زعزة الاستقرار الداخلى ونشر العداء بين كافة المصريين وانها تلك الحملة تستهدف تصوير الاخوان بالخائنيين للثورة ، وانهم استغلوا المواقف ، واضيف ايضا موقفا مدفوعا ولا يعبر عن رضا اى مصرى وهو محاولة منع الاخوان فى نصب منصبة فى ميدان التحرير فى مظاهرات الجمعة الاخيرة ومحاولة طردهم من الميدان ، كأن الاخوان اصبحوا من الفلول او من النظام السابق بل ان الفلول وبقايا النظام السابق يتواجدون فى الميدان فى وسط المتظاهرين ولم يستطيع احدا طردهم ، هذه المواقف يعبر عن الصراع السياسى الحقيقى ومحاولة بعض الاشخاص او الحركات اثارة الفوضى السياسية ونشر الاشائعات المغرضة التى لا تخدم سوى اعداء الثورة ، وتماسك الاخوان وعدم ردهم على تلك الاستفزازات والتعامل بعقلانية موقف يحسب لهم ويدل انهم اكثر حرصا على عدم الاحتكاك مع المعادين للاستقرار واكثر حرصا على التركيز فى تحقيق الخريطة السياسية المتفق عليها ، وحتى لا تتحول الثورة الى صراعات بين الاطراف مما قد تكون بداية لنهاية الثورة . بالتأكيد ان هناك شخصيات واطراف سياسية لها فائدة مباشرة من حالة الصراع السياسى وتحويل الوضع الى عدم الاستقرار ، لكن اعتقد ان هذا سوف ينتهى بانتخاب رئيس الجمهورية وانشاء الدستور وبالتالى يصبح الجميع امام القانون ، ومن سوف يخرج على القوانيين سوف يكون متهما وسوف يحاسب !! ولذلك هذا يتطلب سرعة فى انهاء حالة الاحتقان السياسيى بانتخاب رئيس الجمهورية وانشاء ووضع الدستور وانا من مؤيدى الدستور اولا ثم انتخابات الرئاسة ، حتى نسير وفقا للخط السير المتفق عليه من بداية الثورة ووفقا للاعلان الدستورى ، وينهى حالة الجدل فى الشارع المصرى . النخبة السياسية او الحركات السياسية لن تراع الظروف المعيشية الصعبة التى يمر بها غالبية الشعب المصرى ، وان الانتظار اصبح لا يطاق ، وان الحصول على متطلبات الحياة اصبحت اكثر صعوبة ، ومازال الغالبية تنتظر نتائج الثورة سواء الحصول على فرصة عمل ، او تحسن الدخل ، وهذا هو المطلب الرئيسى للثورة ويجب الا ينسى المسؤلين ان الثورة فى الاساس ثورة فقراء وليس ثورة النخب !! والسؤال المهم ماذا فعل المسؤلين للفقراء والعاطلين ؟ والاجابة بالطبع لاشىء !! لان تركيز المسؤلين فى تحقيق مطالب واراء النخب لان تلك الاصوات مرتفعة واصوات الفقراء والعاطلين لا يسمعها او ” يريدون عدم سماعها ” ، امرا غير مرضى ولن يحقق الاستقرار ايضا ، ولن يصل نتائج الثورة الى هولاء الفقراء والعاطلين الا بمحاربة الفساد وتغيير القيادات والقضاء على الفوارق الرهيبة فى الدخول وهو ما يتخازل المسؤلين فى الرغبة فيه حتى الان ،فكيف يعقل ان يكون مرتب موظف فى التليفزيون الحكومى ” بعد الثورة ” 9 ملايين جنيه فى السنه !! وكيف يعقل ان يكون مرتب مستشارين فى الوزارات ” بعد الثورة “ اكثر من 300 الف جنيه ، واذا كانت تلك الارقام غير حقيقة فيخرج علينا المسؤلين ليقولوا الشعب الحقيقة . توالت الحكومت بعد الثورة بنفس اسلوب الادارة ، فلم تحقق وزارة الجنزورى شيئا جوهريا يختلف عن حكومة شرف لان ذلك يتطلب الجرأة فى تغيير القيادات ومحاربة الفساد ، واصدار القرارات التى تحاول ايجاد طريقة لتحقيق مستوى معين من العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق الطبقية ، واعتقد هذا السيناريو سوف يستمر حتى خروج الحكومة الجديدة التى يشكلها الغالبية التى فازت فى انتخابات مجلس الشعب لانه سوف تمتلك القوة الشعبية والتأئييد ، وبالتالى سوف يكون لديها الصلاحية الكفيلة بتحقيق مطالب الشعب والقوة الرادعة ضد اى فوضى ، وتحقيق مطالب الثورة فى ايجاد حياة كريمة تحترم قيمة الشخص المصرى ، ولذلك انادى بان تكون الحكومة الحالية فقط تسيير اعمال وتسهل المطالب اليومية للمصريين دون اتخاذ قرارات تخص اختصاصات الحكومة القادمة ، ولذلك انادى بوقف قرار وزير الزراعة بتوزيع اراضى على الخريجيين ، ووقف تسليم اراضى المبانى التى اعلن عنها ، لنقص المعلومات عن تلك المواضيع وكيفية توزيعها ، ونرى ان يتوقف الوزراء الحاليين فى التصرف فى ممتلكات للدولة لفقد الثقة فى هولاء الوزراء ونقص الشفافية واتاحة الفرصة لكافة المصريين فى الحصول على تلك الممتلكات وفقا للمسواة والعدالة . هناك تصريحات كثيرة لبعض الوزراء ولرئيس الوزراء عن تحقيق اهداف فى فترة زمنية معينة ولم يتحقق منها شيئا دون محاسبة على تلك التصريحات والنتائج التى تحققت منها ، سابقا صرح شرف اننا سوف نحقق الاكتفاء الذاتى للقمح فى ستة اشهر وقد كتبت تعليقا على ذلك ان هذا مستحيلا وفقا لمعطيات معينة ، ولم يتحقق هذا الاكتفاء ولنم نصل الى جزء منه ، وايضا صرح الجنزورى انه سوف يقوم بتعيين نصف مليون مصرى ، وحتى الان ينتظر العاطلين عن تنفيذ هذا القرار !! وغيرها من تصريحات براقة لا تتفق مع الواقع ، فيجب على هولاء المسؤلين ان يحترموا عقل المصرى ، ويجب محاسبتهم على تصريحاتهم ، ايها المسؤلين احترموا عقول المصريين فى تصريحاتكم . على المصريين ان لا يتبعوا هولاء النخبة والحركات التى لا تريد الاستقرار لمصر ، وتسعى فقط لتحقيق مكاسب وشهرة شخصية على حساب الفقراء فى ظرف كان يجب على هولاء ان يكون على قدر المسؤلية بعيدا عن الشخصنة والصراع على تقسيم التورتة التى لم يتم اكتمالها بعد ، قاطعوا هولاء المتملقين والوصوليين والانتهازيون ، وارفضوهم ، حتى يعرفوا حجمهم الطبيعى ، ومن يريد السير فى هذا المركب لابد ان يعلموا ان مركبهم لن تصل الى الشاطىء وسوف تغرق بهم فى منتصف الطريق ، وسوف تصل مصر بفقراءها وشعبها البسيط الى بر الامان والى الشاطىء بعد استمرار تلك الفترة فى طريقها ، وبعد ان يكون هناك حكومة منتخبة ورئيس يعبر عن الغالبية ، ووقتها سوف يفرح المصريين جمعيا بنتائج الثورة بعيدا عن النخبة الانتهازية وسوف تنتج الثورة نخبة جديدة تعبر عن اراء ومطالب الشعب ولن يكون ضحية نخبة وحركات سياسية عقيمة تحاول الوصول الى المناصب دون مراعاة مصر .