نجوم تلألأت في سماء الثورة، وأخري خبت واختفي ذكرها أسماء لمعت سيظل يذكرها التاريخ، وأخري ظهرت علي حقيقتها، أسماء صعدت وأخري هبطت في بورصة الرأي العام، البعض لعب علي حبل النظام البائد، والبعض تلاعب بالثورة، وبين هؤلاء وهؤلاء اختفي النجوم الحقيقيون للثورة، الذين أقاموها علي أكتافهم والذين دفعوا أرواحهم ثمنا لها. قامت الثورة علي أكتاف شباب مصر، خططوا لها من خلال الفيس بوك، وخرجوا في كل الشوارع والميادين مطالبين بإسقاط النظام، وفي البداية قابل هذه الثورة رجال النظام البائد باستهانة ولم يكن الأمر قاصراً علي السياسيين الذين صوروا للرئيس المخلوع أنها مجرد زوبعة في فنجان سيمكن السيطرة عليها، ولكن خرج علينا الإعلام الرسمي للدولة بقيادة الوزير أنس الفقي ليبث للرأي العام سمومه، ففي البداية، أكدوا أنها ليست ثورة ولكنها مجرد حركة يقودها شباب من ذوي التوجهات الخارجية والتمويل الأجنبي، وجاء الإعلاميان تامر أمين وخيري رمضان في الأيام الأولي للثورة يهاجمانها بكل ما لديهم من قوة بل إن الإعلام الرسمي للدولة أخذ يردد علي مسامع المواطنين أموراً غير حقيقية خاصة بعد الانهيار الأمني في 28/1، وهروب قوات الشرطة كان التليفزيون المصري يذيع استغاثات من نساء من أماكن متعددة في الجمهورية بتهديد أرواحهن وممتلكاتهن من قبل البلطجية، ثم تبين بعد ذلك بعد حريق مقار أمن الدولة وتسريب بعض الملفات الموجودة بها، أن هذه الاستغاثات كانت وهمية بتدبير أمن الدولة لإثارة الرعب والفزع في قلوب المواطنين. كذلك خرجت الصحف القومية كلها تدافع عن النظام، وحينما تنحي مبارك واكتشف الجميع ان النظام إلي زوال، بدأوا في مغازلة الثورة، حتي إن جريدة الأهرام بعد أدائها السيئ طوال فترة الثورة، قررت تخصيص ملحق للثورة يعبر عن ميدان التحرير قبل التنحي بأيام قليلة، بعد ما زادت الضغوط من قبل المحررين علي إدارة المؤسسة، بينما ظل التليفزيون الرسمي للدولة علي أدائه السيئ وهو ما دفع الكثير من المواطنين إلي هجرته لصالح القنوات الخاصة والعربية. الغريب في الأمر أنه بعد الثورة انقلبت الأحوال وظهر علينا تامر أمين وخيري رمضان من خلال شاشات بعض القنوات الخاصة وكأنها من المدافعين عن الثورة، بل والمحركين لها!! وكما فعل هؤلاء فعل بعض النجوم الذين هاجموا الثورة في بدايتها وعلي رأسهم حسن يوسف وغادة عبدالرازق وعفاف شعيب، والأخوان حسام وإبراهيم حسن وغيرهم، ورغم أن الأول كان هو صاحب تهمة تلقي المتظاهرين وجبات كنتاكي ثمناً لمشاركتهم في المظاهرات، إلا أنهم جميعاً خرجوا يتبرأون من تهمة مهاجمة الثورة، مؤكدين أنها كانت أعظم ثورة في العالم كله. وإذا كان هؤلاء النجوم قد خبا ذكرهم الآن بعد أن انفضح أمرهم، وتم كشفهم علي حقيقتهم أمام الرأي العام، فإن النجم الحقيقي لهذه الثورة مازال متلألئا في سمائها وهو الشعب المصري، ذلك الشعب الذي صمد للظلم 30 عاماً كاملة، ثم هب فجأة كرجل واحد ضد هذا الظلم، ومن هنا أجمع الخبراء علي أن هذه الثورة ليست ككل الثورات الأخري التي يمكن أن يحدد لها نجم معين هو صاحبها وقائدها ومنظمها، وإذا كان هناك عدد من النشطاء السياسييين مثل وائل غنيم، إسراء عبدالفتاح، علاء عبدالفتاح، نوارة نجم، شادي الغزالي، مصطفي النجار، وغيرهم من شباب الثورة الكثيرون، يمكن أن نعتبرهم نجوماً، فإن الدكتور نبيل عبدالفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية يري أنه من الصعب إيجاد حد فاصل بين نجوم ما قبل الثورة وما بعدها لان الذين سقطوا هم الذين كانوا علي مقربة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وهؤلاء بالفعل تمت إزاحتهم ومعظمهم موجود الآن في سجن طرة ويحاكم علي جرائم الفساد السياسي التي شاركوا فيها. ولكن معظم نجوم الإعلام السابق المناهضين للثورة أصبحوا الآن من الثوار، رغم أنهم كانوا من الذين يعملون وفق توجيهات الأجهزة الأمنية، وبعض منافقي النظام السابق تحولوا إلي أبطال، ثم بعدأن تعرضوا لانتقادات حول التناقض في مسلكهم ما بين ما قبل الثورة وما بعدها، تحولوا إلي قنوات تليفزيونية جديدة، وكأن هذا سيجعل الناس تنسي ما كانوا يفعلون، حتي بعض رؤساء تحرير الصحف توجهوا للعمل في القنوات الخاصة الجديدة والتي يقوم بتمويلها عدد من أعمدة النظام السابق، وبعض المتواطئين مع النظام السابق من الجماعات الدينية فازوا في الانتخابات وأصبحوا من نجوم الثورة، ولكن النجوم الحقيقيين للثورة مازالوا في طي النسيان، وهؤلاء هم من سيقومون بالمرحلة الثانية من الثورة الذين لا يتحركون «بكتالوج» ولا أحد يعرف كيف سيتصرفون الآن، فهؤلاء هم النجوم الحقيقيون الذين يجب أن نفخر بهم جميعاً. وإذاكان التاريخ سيخلد أسماء شهداء الثورة والذين فاق عددهم ال 1200 شهيد حتي الآن، فسيظل التاريخ أيضاً يذكر اسم الدكتور أحمد حرارة أحد أشهر مصابي الثورة والذي فقد عينه في أحداث يناير الماضي ثم فقد الأخري في أحداث شارع محمد محمود في شهر نوفمبر الماضي، فالمجد للشهداء ومصابي الثورة النجوم الحقيقيين لثورتنا.