لدي أمل كبير أن مصر ستولد وردة بيضاء ناضرة وناضحة بالعبير الطيب.. رغم شلالات الدم التي سالت، وصرخات الفزع التي انطلقت وغلالات الظلام التي غطت سماواتنا الشهور الماضية. ستولد مصر نقية رائعة مبدعة رغم تحريضات المتعسكرين ضد الثورة، وصلف البيادات المأمورة، وزهو بيريهات الشرطة العسكرية في الوقوف أمام المظاهرات. رغم الكذب الرسمي ومقالات طمس الحقيقة وفضائيات منتصف العصا، وبلاغات الحسبة الأمنية.. رغم دسائس المخبرين ومواعظ أنصاف المثقفين وحملات العقلاء وببغاوات الرضا بالواقع.. رغم شطحات لميس جابر وصدامات مصطفي بكري وتهكمات خالد عبدالله وطلات توفيق عكاشة. رغم مساحات القبح المتسعة لن تبقي مصر في أحضان العسكر. لا هي لهم ولا هم لها. لا نقول ذلك تحقيرا وإنما تعظيما للمؤسسة العسكرية التي أسست لحماية الحدود لا لحلم البلاد. في كل الدنيا ما أفلح قوم ولوا عساكرهم ومنذ 1952 ومصر تتراجع وتنكسر تحت سطوة أصحاب الملابس الخضراء في الحريات والثقافة والفنون والحقوق الإنسانية. لا ينبغي لعاقل أن يتصور أن الرئيس القادم عسكري، فلو فعلوها ما حق عليهم إلا ما حق علي أسلافهم. فالعسكر لا يحكمون بدون دم، ولا يلعبون في ميدان السياسة دون استبداد ولا يترأسون بلادا دون ظلم وفساد. لا أحرض علي الفوضي لكن علي الحرية. لا أطالب بالشغب وإنما بالكرامة. لا أدعوكم للتخريب وإنما للنزول بعد غد لإعلانها صريحة: أن مصر ليست للعسكر. باسم دماء الشهداء التي سالت.. باسم 12 ألف مدني مقيد الحرية بأحكام استثنائية.. باسم متطوعي الأطباء والتمريض والخدمة في المستشفيات الميدانية.. باسم من ينكر بلسانه وقلبه وعقله أي ظلم أو قمع أو تجاوز.. باسم ابتسامة الشيخ عماد عفت وهو يودع الدنيا راضيا بما قدم.. باسم عيني أحمد حرارة، وحماسة أسماء محفوظ، وتهور نوارة نجم، وشجاعة نهي الزيني، وشهامة محمد هاشم. باسم تدين الشيخ مظهر شاهين وطيبة الفاجومي وبساطة إبراهيم عبدالمجيد ونبل عمرو عكاشة، وثقافة يسري فودة. باسم ذكاء وائل غنيم وواقعية أحمد ماهر وجرأة علاء الأسواني ونضارة علاء عبدالفتاح، وعقلانية زياد العليمي. باسم طلة كل صباح لنصف كلمة لأحمد رجب، واصطباحة بلال فضل وسخرية جلال عامر وابتسامة هشام مبارك. باسم قصائد عبدالرحمن الأبنودي وروايات يوسف زيدان وقصص محمد المخزنجي ودراسات محمد الجوادي وأغاني محمد منير وتراتيل الشيخ محمد جبريل، ومقالات وائل قنديل وخالد منتصر وسليمان جودة وعادل صبري. لا تتركوا مصر للعسكر.. فمصر تستحق مكانة أكبر