قرأت مقال الكاتبة فاطمة ناعوت الذى نشر يوم الإثنين الماضى بعنوان «مينا ساويرس موحد القطرين» فأصابنى الهلع من هول ما وصلنا إليه من سفه، بصراحة لم أكن أتصور أن يظهر فى بلادنا الحبيبة كل هذا الانحطاط الذى نشرته صحيفة اليوم السابع لكاتب لم تذكر الناعوت اسمه، وكان حرياً بها أن تنشره بالبنط الحيانى لعله يكون عبرة لمن يعتبر. هرعت إلى موقع اليوم السابع، مثلما فعل الملايين من قراء ناعوت، لكى أساهم فى لعن ذلك الكاتب الذى قام بتحطيم مجموعة من الثوابت الوطنية وارتكب أشياء تقشعر لها الأبدان، على رأسها كما قالت «إشارة غير مريحة لرجل أعمال مصرى جاد»، مع أنها لم توضح طبيعة تلك الإشارة ففهمها البعض خطأ، لكننى فوجئت كغيرى من المهرولين أن ناعوت كذبت علينا، فما اقتطعته من عبارات غير مريحة كانت أجزاء من حوار صحفى نُشر ضمن ملف (حوارات مع الساخرين) وأجراه الروائى الجميل محمد صلاح العزب مع الكاتب الغير مريح، وفى حين تقمص العزب شخصية مذيعة تليفزيونية تقمص الكاتب إياه شخصية مواطن عشوائى جعلته سياسات الحزب الوطنى المبارك غارقا فى بحور الجهل والفقر والبذاءة، وفى حين صورت الناعوت أن القارئ يمكن أن ينخدع بالأخطاء التاريخية التى قالها الكاتب ويفسد بفعل كلامه، كان العزب قد صدّر مقدمة وعناوين الحوار بأنه حوار متخيل مع مواطن عشوائى «يعمل موظفا فى شركة ألبان صباحا وموردا للحشيش فى قهوة مساء ولا يرفع عينيه من على رجل المذيعة»، مما يجعل كل ما ورد فى الحوار من كلام وإشارات غير مريحة معبرا عن تلك الشخصية المتخيلة وليس عن الكاتب الذى يتقمص دورها. تسألنى لماذا تكذب الأستاذة ناعوت على قرائها وهى تعلم أن الحوار الذى أنشبت أظافرها فيه ليس سوى عمل تخيلى تعبر جميع العبارات الواردة فيه عن شخصية العشوائى البذىء المنفلت المحشو بالأفكار المتعصبة والمرتبكة، ولا كيف افترضت ناعوت أن من بين قراء اليوم السابع بلهاء يمكن أن يتخيلوا أن موحد القطرين اسمه فعلا مينا ساويرس أو أنهم بمجرد قراءتهم لكلام العشوائى المغيب سيقومون بترديده كالببغاوات؟. الحكاية وما فيها أن الكاتب الذى تتحدث عنه الأستاذة ناعوت سبق له أن ارتكب جريمة الاختلاف معها لأنها نصبت نفسها متحدثة باسم المصريين لكى تتزلف إلى الرئيس مبارك بعد وفاة حفيده رحمه الله، فطلب منها ذلك الكاتب الذى هو محسوبك الفقير إلى الله أن تتحدث عن نفسها فقط، منتقدا تفاخرها بأنها شوفينية معتبرا أن ذلك لا يليق بمن تنسب نفسها إلى الشعراء، فرقى الشعر يتعارض بالضرورة مع انحطاط الشوفينية. ببساطة الأستاذة ناعوت تعلم محدودية مهاراتها ككاتبة، ولذلك لجأت إلى مهاراتها كأنثى، وقررت أن تحاول تجريسى بوصفى رجلا منفلتا يقوم بإشارات غير مريحة لرجال الأعمال الجادين، دون أن تقول لنا منذ متى دخل رجال الأعمال جادين كانوا أو عابثين فى حزام الثوابت الوطنية، ودون أن تدرك أن سلاح الخوف على الثوابت يمكن أن يستخدم بسهولة ضدها باقتطاع أى جمل من قصائدها، إلا إذا كانت مطمئنة إلى أنه لا أحد يقرأ ما تنعته بأنه شعر، لا أدرى هل نسيت الأستاذة ناعوت ما قام به البعض ظلما وعدوانا مع صديقها الشاعر حلمى سالم فى قصيدته «فى شرفة ليلى مراد» حيث اتهموه بالتطاول على الثوابت، ألم تكن الأستاذة فاطمة تحاجج عنه بأنه لا يصح اقتطاع النصوص من سياقها وتطبيق المعايير المتعسفة فى التعامل مع الشعر، أليس عيباً بالذمة أن نستخدم حرية الأستك التى نمطها على مقاس أصدقائنا وأنفسنا، فى حين نتحول وقت اللزوم إلى «ملالى» ورقباء نحدد قوائم للعيب والحرام وما يصح وما لا يصح، ونستخدم مع المختلفين معنا فى الرأى أساليب المخبرين الشتى عفا عليها الزمن «إمسك إشارة غير مريحة.. إلحق بيخبطوا فى الثوابت ياباشا». يا أستاذة فاطمة ناعوت، من حقك أن تهلعى على الثوابت كما تشائين، وأن تحددى المقدسات غير القابلة للسخرية حسب مزاجك، لكن ليس من حقك أن تكذبى على قرائك، إلا إذا كنت تظنين أن القارئ لن يبذل مجهودا فى التحقق مما كتبتيه، وأنه سيكتفى بتصديقك لمجرد أنك تظهرين فى الصورة المرفقة بعمودك متجهمة الملامح منكوشة الشعر. ختاما أشكرك على نصيحتك لى بأن أتعلم الكتابة الساخرة من مقالات شيخ الظرفاء محمد سلماوى، وأعدك أننى سأشرع فى ذلك فور قراءتك لهذا المقال الذى أرجو ألا تعتبريه إشارة غير مريحة. * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]