تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    "قومي المرأة" ينظم لقاء تعريفيا بمبادرة "معا بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    الشوارع غرقت.. كسر خط مياه شرب فى مدينة طور سيناء    انفجار عبوة ناسفة بآلية إسرائيلية وسط جنين    زيزو يكشف متى وقع للأهلي ويحسم الجدل حول قيمة عقده (فيديو)    12 مصابا في حادثين بطريق الواحات والعبور    تعليمات مهمة من " التعليم" لطلاب الثانوية العامة 2025.. تعرف عليها    الشركة المنفذة لحفل "هولوجرام العندليب" في موازين ترد على بيان أسرة المطرب الراحل    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    لموظفي العام والخاص.. موعد انتهاء إجازة في عيد الأضحى 2025؟    بسمة على وجوه المسنين    الربان عمر المختار صميدة رئيس حزب المؤتمر:الجمهورية الجديدة سمحت للأحزاب بممارسة دورها الحقيقى    مها الصغير: رفضت فرصة للتمثيل أمام أحمد زكي.. وأستعد لإقامة معرض فني للوحاتي    قوافل ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثاني أيام العيد.. صور    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    تقرير: ايران تكشف إحدى أكبر الضربات الاستخباراتية في التاريخ ضد إسرائيل    رئيس الوزراء الباكستاني يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع الولايات المتحدة    مصدر بالنقل: الأتوبيس الترددي أصبح واقعًا وعقوبات مرورية رادعة تنتظر المخالفات (خاص)    القاهرة الإخبارية: شرطة الاحتلال تعتدي على المتظاهرين وسط تل أبيب    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    سبورت: برشلونة يقدم عرضًا لشتيجن مقابل الرحيل هذا الصيف    استعدادات مكثفة لتأمين مركز أسئلة الثانوية الأزهرية في كفر الشيخ    لبنان يحذر مواطنيه من التواصل مع متحدثي الجيش الإسرائيلي بأي شكل    كل عام ومصر بخير    عيّد بصحة.. نصائح مهمة من وزارة الصحة للمواطنين حول أكل الفتة والرقاق    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    حركة فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية    سلمى صادق واندريا بيكيا وشريف السباعى فى أمسية ثقافية بالأكاديمية المصرية بروما    أحمد موسى: قالوا زيزو مش إمام عاشور ولن يبيع الزمالك.. وفي الآخر مع الأهلي بميامي    إعادة هيكلة قطاع الكرة داخل الزمالك بخطة تطويرية شاملة.. تعرف عليها    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار فى البحيرة    هدية العيد    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    اللحوم بين الفوائد والمخاطر.. كيف تتجنب الأمراض؟    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الكيمياء (فيديو)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اصطباحة
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 10 - 2009

عشت عدداً لا بأس به من السنين أحلم برؤية فضيلة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى ثائراً جريئاً مقتحماً عنيفاً لا يخشى فى الله لومة لائم، ويقول للأعور يا أعور فى عينه، كتبت كثيراً عن تلك الأحلام التى شاركنى فيها ملايين المصريين،
وعندما عشت لأشوف معهم تحقق ما حلمنا به، وجدنا فضيلته ثائراً جريئاً مقتحماً وعنيفاً ولكن بحق بنت من دور حفيداته، مارس فضيلته عليها ما دأبنا عليه جميعاً من اضطهاد للموصومات بالوحاشة وقلة الحظ من الجمال، وهو أمر إذا كان طبيعياً على أمثالنا الذين تربوا فى ظل مفاهيم مشوهة عن الجمال المستورد، فمن تمام المهزلة أن يشاركنا فيه رجل كان ينبغى أن نتعلم منه جميعاً معنى الجمال الإنسانى الحقيقى كما خلقه الله الجميل الذى يحب الجمال.
أشارك فضيلة شيخ الأزهر موقفه الرافض للنقاب الذى أعتبره ليس فقط إساءة للإسلام ولكن إساءة للإنسانية نفسها (مثله مثل العُرى الفاحش الذى يحول المرأة إلى دمية فى سوق النخاسة)، ولو كان فى مصر دولة تعرف ما تفعله لحسمت مثل هذه الملفات من زمان،
وأعلنت أن النقاب حرية شخصية لمن أرادت ولكن بعيداً عن المؤسسات التعليمية والحكومية، فلا نحن أفغان ولا خلايجة، حيث النقاب هناك سلو بلدهم أياً كان رأينا فيه، نحن فى مصر التى لم تكن العفة فيها أبداً مرتبطة بالشكل. لكننى أتمنى، وأنا أشارك فضيلته فى موقفه وأختلف معه فى شكل التعبير عنه، ألا ينسى فضيلته دوره الشخصى فى انتشار النقاب فى مصر،
فلو كان الأزهر فى عزه وعنفوانه وتوهجه لما وقع غالبية المصريين تحت سيطرة التفسير الواطئ للإسلام الذى ينزع عن الفضيلة كونها مفهوماً لتتحول إلى شكل، ولما زاد الحجاب بينما نقصت العفة، ولما كثرت المساجد بينما قلَّ المصلون الذين تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر.
حاشا لله أن أعظ شيخ الأزهر، أنا فقط أريد أن أهديه قصة جميلة قرأتها فى كتاب (مقهى الباب العالى) للكاتب التركى سرقان أوزبورن وترجمها المترجم السورى القدير عبدالقادر عبداللى، وهى تحكى عن استدعاء السلطان العثمانى سليمان القانونى لشيخ الإسلام فى عهده أبوالسعود أفندى قبل سفر السلطان إلى حملته العسكرية على النمسا.. كان السلطان السبعينى مريضاً ويشعر أنها ستكون حملته الأخيرة، وعندما مثل شيخ الإسلام فى حضرته وضع السلطان بيده صندوقاً صغيراً، وقال له: عندما أموت ادفن هذا الصندوق معى.
ما تبقى معلوم لمتابعى التاريخ العثمانى. جيش مؤلف من مائة ألف جندى انطلق فى طريق زيغاتفار، وهناك أسلم السلطان روحه لبارئها. بعد عودة الجنود من الحملة، اجتمع العلماء وتحدثوا عن وصية السلطان أكثر مما تحدثوا عن موته، فحسب الشريعة الإسلامية يَحْرُم دفن شىء مع الشخص عندما يموت، والتصرف على غير هذا الوجه لا يمكن تسميته بغير الوثنية، وحاشا «القانونى» أن يكون وثنياً،
دافع بعض علماء الحديث عن رغبة «القانونى» انطلاقاً من الحديث النبوى «يُحشر المرء مع من يحب»، وذكّر بعض الفقهاء أن حضرة السلطان شهيد، ويجب ألا يعتبر الشهداء كالموتى، وبينما كان علماء التفسير يناقشون أن كلمة «ادفن» لم تكن أمراً بل وصية، ناقش علماء الكلام أن كلمة صندوق هنا لا تعنى الصندوق بل التابوت،
وفى تلك اللحظة دخل خادم مكلف بضيافة العلماء، فذكّرهم بتساؤل نسوه فى غمرة المكلمة: «ترى ماذا يوجد بالصندوق؟»، وبعد نقاش طويل حول حكم فتح الصندوق قرروا فتحه، ليجدوا فيه كومة من الأوراق اتضح بعد قراءتها أنها ليست سوى جميع الفتاوى التى أخذها السلطان من شيخ الإسلام حول كل ما فعله منذ جلوسه على العرش وحتى آخر يوم فى حياته.
فى تلك اللحظة وقع شيخ الإسلام أبوالسعود أفندى فى حالة يأس شديد، وقرّب الصندوق منه، وبدأ ينظر فى أوراقه ليجد بها فرمانات إعدام شيخ ملامى إسماعيل المعشوقى، المعروف باسم «الشيخ الولد»، ومحيى الدين قرمانى، وحمزة بالى، والفتاوى التى أصدرها حول جواز قتل اليزيديين، وفتواه بتحريم الجلوس على المقاهى، وخرجت من فمه هذه الكلمات: «آه يا سليمان، أنت أنقذت نفسك، حسناً، ماذا سنفعل نحن؟».
انتهت القصة، ولست أدرى هل ينبغى أن نتعظ منها بالشيخ الذى أدرك بعد فوات الأوان جرم تحويله الدين مطية للسلطان، أم بالسلطان الذى رحل وهو مهموم بهول السؤال يوم الحساب.
* يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.