ستة عشر عاماً مرت على خصخصة مزرعة البط بقرية الخياطة محافظة دمياط، التى كانت مملوكة للشركة المتحدة للإنتاج الداجنى، والتى كانت تعد أحد أهم مشاريع قطاع الأعمال العام، بحجة الخسائر التى تكبدتها وقدرت ب500 ألف جنيه نهاية السنة المحاسبية 2002/2003. وتذرعت حكومة عاطف عبيد، رئيس الوزراء الأسبق فى ذلك الوقت، بالخسائر لبيع المزرعة عام 2003 لأحد المستثمرين بمبلغ 11 مليوناً و200 ألف جنيه. وتضمن عقد البيع المبرم بين الدولة والمستثمر بنوداً ملزمة للمشترى بأن يحافظ على نشاط المزرعة ولا يغيره، لكن المستثمر باع محتوياتها، وأوقف العمل بها لتصبح خرابة تسرح فيها الكلاب.. ولم يكتف بذلك، بل حاول مراراً وتكراراً تقسيم أرض المزرعة البالغة 15 فداناً لبيعها كأراضٍ للبناء بالمخالفة للقانون، مما يعنى إهدار 3 مليارات جنيه على الدولة. ورغم أن البيع تم عام 2003 فى عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد، إلا أن المستثمر لم يلتزم بالعقد المبرم مع الدولة بالتوسع فى المزرعة، بل اكتفى بسداد قسطين فقط من إجمالى ال 11٫2 مليون جنيه وحتى الآن لم يتم تسديد باقى المبلغ. ولم تستطع الدولة إجبار المستثمر على تطوير المزرعة وإعادتها إلى الإنتاج مرة أخرى أو اتخاذ أى إجراء قانونى ضده وسحب المزرعة منه لمخالفته شروط البيع. وكانت مزرعة الخياطة مخصصة لإنتاج أنواع البط الدمياطى بقوة تصل إلى 14 ألف بطة شهرياً، كما كانت متنفساً لأكثر من 200 أسرة فقيرة بالقرية، خصوصاً أن غالبية عمالها من الأرامل والسيدات، بخلاف الجهاز الإدارى للمزرعة، وهو ما أفقد هذه الأسر مصدر دخلها. كما تعد أيضاً «قناة البط» بمحافظة دمياط، أحد المشروعات التى تمثل انتعاشة للثروة السمكية وتنميتها بالمحافظة، خصوصاً أنها تساهم فى استصلاح نحو 9 آلاف فدان من المزارع السمكية كانت تعانى من ركود وملوحة المياه، وتراكم طبقات طينية بسطح المزارع بمثلث دمياط شمال غرب بحيرة المنزلة. فى البداية يقول مؤمن سعيد، مهندس: «كانت الشركة عام 2003 تسمى الشركة المتحدة للإنتاج الداجنى وحالياً شركة مختار إبراهيم فرع الإنتاج الداجنى، بمنطقة الجربى، وكانت الشركة تمتلك 3 محطات، الأولى بقرية الخياطة بمساحة 15 فداناً وتعد من أنجح المحطات فى إنتاج الدواجن وتحديداً البط والفراخ والبيض وتنتج 7 آلاف بطة كل أسبوعين، ومحطة شطا 21 فداناً وتنتج 10 آلاف بطة كل أسبوعين، ومحطة الجربى على مساحة 104 أفدنة، وبها 33 عنبراً لإنتاج الدواجن بطاقة تصل إلى 350 ألف طائر ومليون بيضة كل 35 يوماً». وأضاف أن المستثمرين الذين باعت لهم الحكومة المحطتين هدموا العنابر ولم يتبق سوى أرض فضاء ويتم تقسيمها لبيعها أراضى بناء. وكشف «سعيد» أن محطة الخياطة والتى تقع على مساحة 15 فداناً، تم بيعها عام 2003 فى عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد لأحد المستثمرين الذى لم يلتزم بالعقد المبرم مع الدولة بالتوسع فى المزرعة، وبلغت قيمة صفقة البيع التى أبرمت فى عام 2003 فى عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد 11 مليوناً و200 ألف جنيه تم تسديد قسطين فقط، وحتى الآن لم يتم تسديد باقى المبلغ. وأوضح «سعيد» أن الشركة المتحدة للإنتاج الداجنى تعتبر إحدى الشركات التى أنشأها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالقرار الجمهورى رقم 56 لسنة 1964، وكانت أكبر شركة لإنتاج الدواجن وبيض المائدة فى الشرق الأوسط، دخلت إلى طريق التخريب عام 2000، وتمتلك أصولاً تقدر ب 3 مليارات جنيه، بخلاف الودائع البنكية، ولديها محطات وعنابر للإنتاج الداجنى والبيض ومجازر الدواجن فى 5 محافظات، بعد أن كانت تغطى 17 محافظة. وأشار أحمد العبد، موظف، إلى أن مزرعة البط بالخياطة وشطا كانت من أكبر الأصول العامة التى كانت تدر ملايين الجنيهات لمحافظة دمياط، لكن تم بيعها لأحد المستثمرين الذى ضرب بكافة القوانين عرض الحائط، فلم يلتزم بالعقد المبرم مع الدولة بالإبقاء على المزرعة كما هى، وحتى الآن لم يتم معرفة الأسباب وراء بيع تلك الأصول، وتبلغ مساحتها حوالى 15 فداناً، وكانت مخصصة لإنتاج أنواع البط الدمياطى بمختلف الأحجام والأنواع، كما كانت تساعد أكثر من 200 أسرة فقيرة بالقرية، ومعظم العاملات فى هذه المزرعة كن من الأرامل والسيدات بخلاف الجهاز الإدارى لهذه المزرعة، كما كانت بها «قناة» أو ممر يخترقها ويربط ما بين نهر النيل من الناحية الغربية وبين بحيرة المنزلة من الناحية الشرقية، وما بينهما سياج شبكى للفتحتين يسمح بدخول الأسماك صغيرة الحجم لتتربى على مخلفات البط، وتنتج أطناناً من الأسماك كبيرة الحجم دون أى عناء، كما أن «القنال» كان يجدد المياه الراكدة ببحيرة المنزلة إذا علا أو انخفض منسوب المياه بنهر النيل. لكن مع تدمير هذه المزرعة وبيعها بالمزاد العلنى لأحد المستثمرين، وكان العقد ينص فى أحد بنوده على استخدام وتطوير المزرعة على ما كانت عليه قبل ذلك، إلا أن المستثمر ضرب بذلك عرض الحائط، وقام بداية بردم «القنال» وحرمان مزارعى الأسماك المستأجرين التاليين لهذه المزرعة من الحصول على ماء النيل، مما أثر سلباً على الإنتاج السمكى لهم وأصاب أسماكهم بالنفوق والاختناق لعدم تجديد المياه وزيادة الملوحة فى البحيرة، كما أن المحافظة لم تحرك ساكناً لاستعادة المزرعة حين حاول بيعها مخالفاً العقد المبرم معه. من جانبه، قال أحمد فعص، محام، نائب رئيس اللجنة العامة للوفد بدمياط: «إن اللجنة طالبت باستعادة هذه الأصول وتم تحرير محضر بمكتب المحامى العام أكثر من مرة ولكن دون جدوى». وأشار «فعص» إلى أن لجنة الوفد استنكرت ضياع ثروات تُقدر بملايين الجنيهات وبيعها لمستثمرين فى إطار خصخصة الشركات والمصانع العامة، إذ طالبت باستعادة هذه الأصول مرة أخرى. واعتبر هذا المشروع استغلالاً للنفوذ وإفساد الحياة الاقتصادية، بل وإفساد الثروة السمكية من حيث إغلاق المجرى المائى الذى كان من أهم وظائفه تغيير المياه بشكل دائم، فى الوقت الذى أصبحت ثروتنا السمكية مهددة بالتلوث، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسماك بشكل مخيف بدمياط، كما أصبحت لا تصلح للاستهلاك الآدمى من حيث تراكم الصرف الصحى وغيره من المخلفات البيئية التى أثرت فعلياً على نسبة عمالة كانت تعتمد بشكل كلى على الرزق من خلال مشروع قناة البط. وقال فعص: إن لجنة الوفد تستغيث بالنائب العام لاسترداد مزرعة البط من يد المستثمر، لتحويلها لمنفعة عامة للمحافظة بأكملها وليس للقرية فقط، إذ إن العمل متوقف الآن بالمزرعة منذ عدة سنوات وأصبحت خرابة ووكراً للخارجين على القانون والحيوانات. وأضاف: لا نمتلك فى القرية أى متر يصلح لإقامة منفعة عامة، سوى مساحة المزرعة، فالمزرعة هى الأمل الأخير لبلدنا. كما طالب أهالى قري الخياطة وشطا والجربى بمدينة رأس البر، النائب العام بالتدخل لاسترداد المحطات الثلاثة، لتحويلها لمنفعة عامة تخدم القرية، بعد توقف نشاطها، فتاريخ قطعة الأرض إدارياً يعود لعام 1954حينما أراد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تحقيق العدالة الاجتماعية، وخصص تلك الأرض التى تبلغ مساحتها 15 فداناً للمنفعة العامة، وفى عام 1983 تم إنشاء مزرعة للبط، توقف نشاطها منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى هدم 150 عنبر بط تمهيداً لبيع الأرض بالمتر، حيث يصل المتر الآن إلى أكثر من 20 ألف جنيه. وأشار لوجود معمل تفريغ ضخم على مساحة 2000 متر تم بناؤه على يد خبراء من إيطاليا عام 1985 وتكلف المعمل فى ذلك الوقت على الدولة 15 مليون جنيه، والآن يتم بيعه بمليون جنيه وهذا يعد إهداراً للمال العام، كما قام المستثمر بهدم كافة عنابر ومخازن الأعلاف وباع حديد «الكمرات» بأكثر من ربع مليون جنيه. ويوضح محمد كامل، أحد أهالى القرية، أن المزرعة أصبحت خرابة ووكراً للخارجين على القانون والحيوانات، إذ فوجئوا ببيع أرض شركة المتحدة للإنتاج الداجنى مقابل 10 جنيهات للمتر، وناشد أهالى دمياط الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل بعدم الموافقة على تغيير نشاط الشركة من زراعى لإنتاج داجنى إلى أى نشاط آخر، حتى لا يتم تقسيمها وبيعها مبانى، بعدما ترددت أنباء عن إنشاء قرية سياحية بها بمنطقة الجربى برأس البر، كما طالب بمحاكمة المتورطين فى إهدار المال العام، الذى يقدر بنحو 3 مليارات جنيه. وقال حسنى المتبولى، صاحب مطاعم المتبولى: بالفعل طالب العشرات من أصحاب المزارع السمكية فى منطقة قناة البط بقرية الخياطة بمحافظة دمياط، الحكومة بسرعة الانتهاء من المشروع السمكى الخاص بقناة البط، لمواجهة الطلب المتزايد على الأسماك، تزامناً مع الارتفاع الجنونى للأسعار، مؤكدين أنهم يعانون بسبب عدم اكتمال المشروع، وتوقف مشروع «قناة البط» فترة طويلة، إلى أن استؤنف العمل به مؤخراً قبل أن تعترضه بعض المشكلات الفنية، وهو معنى بتطوير بحيرة المنزلة لخدمة ما يقرب من 9 آلاف فدان، بإنشاء مجرى مائى يربط مياه النيل ببحيرة المنزلة بطول 800 متر. وأعرب محمد إسماعيل، رئيس مجلس إدارة أحد الأندية الرياضية بدمياط، أن هيئة الثروة السمكية بدمياط قامت بتسليم قناة البط بقرية الخياطة للشركة المنفذة التابعة لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، حيث تبلغ تكلفة المشروع 9.6 مليون جنيه لعمل القناة وكوبرى على طريق عزبة البرج وسحارة أسفل ترعة عزبة البرج لتوصيل مياه البحر إلى بحيرة المنزلة لتجديد حركة المياه بها، وخدمة مساحة 9000 فدان بمناطق الخياطة والرطمة وشطا ببحيرة المنزلة. وقال: هذه الخطوة تأتى لإنهاء المشكلة التى عانى منها أهالى قرية الخياطة منذ عدة سنوات بعد ردم القناة على يد مستثمر قام بشراء مزرعة الدواجن متضمنة قناة البط ما أدى لتصريف الصرف الصحى ببحيرة المنزلة وعدم تطهير البحيرة بعد ردم المجرى المائى. وأضاف أحمد الخياط، عضو مجلس الشعب السابق، أن الهيئة سلمت موقع قناة البط الواقعة بقرية الخياطة لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة لتوصيلها من النيل للبحيرة لإنعاش 9 آلاف فدان مخصصة للثروة السمكية والزراعة. وأشار إلى أن حفر القناة سينهى المشكلة التى عانى منها أهالى قرية الخياطة منذ أكثر من 15 عاماً بعد أن قام أحد المستثمرين بردم القناة بعد أن اشترى مزرعة البط ما أدى لتصريف الصرف الصحى ببحيرة المنزلة وعدم تطهير البحيرة بعد ردم المجرى المائى الواصل بين مياه النيل، كما ظهرت مجموعة من البلطجية حاملين الأسلحة الآلية وقاموا بالاستيلاء على أكثر من 10 أفدنة أرضاً زراعية وفى حالة عدم تقنين أوضاعهم، فسوف يتم وقف المشروع إلى الأبد، وما زال المشروع متوقفاً. من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل عبدالحميد طه، محافظ دمياط، أن العمل سيستأنف فوراً فى مشروع قناة البط بعد تواصله مع وزارة المالية والتخطيط وهيئة الثروة السمكية وإدراج 7.2 مليون جنيه لدفع العمل بالمشروع واستكمال إنهائه والذى ينفذه جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة. وأوضح أن المشروع عبارة عن إنشاء فتحة جديدة من نهر النيل على الموقع الجديد لمشروع قناة البط جنوب الرطمة لإنقاذ 9 آلاف فدان مزارع سمكية كانت تعانى زيادة فى نسبة ملوحة المياه غربى مثلث بحيرة المنزلة، كما تم عقد اجتماعاً موسعاً لمناقشة وبحث مشروع قناة البط ببحيرة المنزلة وذلك بحضور الدكتور حسام مغازى، وزير الرى والموارد المائية السابق واستشارى المشروع.