تصدير الغاز إلى إسرائيل.. خطأ تاريخى يجب عدم تكراره حقول الصحراء الغربية قادرة على سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك بدء الاستفادة من إنتاج حقل «ظهر» نهاية العام الحالى «تيران وصنافير» خاليتان من أى قيمة معدنية أو جيولوجية ترسيم الحدود مع السعودية يساعد على اكتشاف ثروات البحر الأحمر «سيوة» و«شرق العوينات» تعومان على ثروة من المياه الجوفية بدأت مصر مبكراً البحث عن البترول والغاز، وظهرت أولى المحاولات عام 1820، ورغم ذلك لم تسفر النتائج عن اكتشافات هائلة مقارنة بالدول العربية والخليجية، فما الأسباب وراء ذلك؟ الخبير الجيولوجى ماجد عبدالحليم، نائب رئيس هيئة البترول السابق، يرى أن مستقبل مصر فى هذا القطاع، مثمر جداً، خاصة فى الصحراء الغربية ودلتا النيل، مشيراً إلى أن الاكتفاء الذاتى فى مصر يتحقق بإنتاج مليون برميل من البترول و7 بلايين متر غاز يومياً. ويؤكد المهندس ماجد عبدالحليم فى حواره مع «الوفد» أنه مسح مصر جيولوجياً طولاً وعرضاً واكتشف جميع الحقول العملاقة التى وصلت إلى 50 حقلاً، مشيراً إلى أن هناك ثروات طبيعية أخرى لم يتم استغلالها، خاصة ثروة المياه الجوفية فى واحة «سيوة» و«شرق العوينات»، وإلى نص الحوار: متى بدأت مصر اكتشافاتها البترولية؟ - مصر كانت من أوائل الدول فى المنطقة العربية والأفريقية التى بدأت البحث عن البترول عام 1820، ولكن بدأ عصر البترول الذهبى فى مصر خلال الستينات مع المهندس على والى، وزير البترول فى رئاسة وزراء عزيز صدقى، وتم توقيع أول اتفاقيتين للبحث عن البترول فى 1962 مع أول شركتين أمريكيتين تعملان فى مصر، وهما «إسكو» و«فيلبس»، وكان أول إنتاج للبترول المصرى بكميات كبيرة فى حقول المرجان فى خليج السويس، ومن الصحراء الغربية بجانب حقل بلاعيم الذى اكتشفته شركة «إينى» الإيطالية فى السويس، واستمر بعد ذلك البحث إلى أن ازدهر العصر الذهبى لمصر فى البترول فى عهد وزير البترول عزالدين هلال فى عصر السادات الذى أوصل إنتاج مصر من البترول إلى 400 مليون برميل، ثم استمر فى عهد الكيميائى عبدالهادى قنديل، الذى استمر مع الرئيس مبارك. ما طبيعة الموارد الطبيعية فى مصر؟ - الموارد الطبيعية التى فى باطن أرض مصر هى بترول وغاز، وما فوق الأرض فهى معادن. متى يمكن لمصر الاكتفاء الذاتى من الغاز والبترول؟ - مصر تسعى حالياً للوصول إلى الاكتفاء الذاتى عندما تصل إلى إنتاج مليون برميل بترول يومياً لأننا ننتج حالياً 600 ألف برميل بترول، وعندما تصل إلى إنتاج 7 بلايين متر مكعب من الغاز، حيث ننتج حالياً 4 ملايين متر مكعب غاز، ومع اكتشافات الغاز العميقة فى البحر الأحمر تحتاج إلى 3 بلايين متر مكعب غاز. كم تمثل نسبة احتياطيات مصر فى مواردها الطبيعية؟ - الاحتياطى المتواجد فى مصر نوعان: احتياطى مؤكد تحت الأرض تم اكتشافه والتأكد منه واحتياطى يمكن أن يكتشف وهذا يطلق عليه احتياطى غير مؤكد، وحتى يتم اكتشافه يحتاج إلى استثمارات ضخمة جداً وحالياً ما هو موجود تحت الأرض وتم اكتشافه لا يكفى للاستهلاك المحلى. حتى بعد اكتشاف حقل «ظهر»؟ - نعم.. لأن حقل ظهر حسب تصريحات وزير البترول سينتج 1٫8 بليون متر مكعب أى سيصبح إنتاجنا من الغاز حوالى 6 بلايين متر مكعب، ونحن نحتاج أكثر من ذلك، أما البترول السائل، فإن مصر ليس لديها حقول كبيرة تم اكتشافها لتعوض فرق الاستهلاك عن الإنتاج. وما خريطة مصر المستقبلية فى الغاز والبترول؟ - خريطة مصر المستقبلية فى البترول والغاز مبشرة جداً خصوصاً أن الصحراء الغربية لم تفصح عن ثرواتها، والدراسات تقول إننا اكتشفنا 4 ملايين برميل بترول ويوجد 4 ملايين برميل أخرى لم تكتشف بعد، والصحراء الغربية ما زال البترول يشكل فيها احتياطيات كبيرة جداً، والغاز موجود بكثافة فى مناطق البحر الأحمر ولم يقترب منها أحد وأيضاً دلتا النيل مبشرة وواعدة فى البترول والغاز. وما مشاريع مصر فى الصحراء الغربية؟ - الهيئة العامة للبترول طرحت مزايدة عالمية ناجحة شارك فيها شركات عالمية كبرى ورش عليها بعض المناطق وسيتم توقيع العقود بينها وبين الهيئة العامة للبترول، وهذا سيظهر إنتاجية عالية جداً. ومتى نرى هذا الإنتاج؟ - خلال السنوات الخمس المقبلة لأن الصحراء الغربية تمتاز بوجود الغاز والبترول بها. وهل تختلف ثروات الصحراء الشرقية عن الصحراء الغربية؟ - نعم.. هذا حوض بمفرده وذاك حوض آخر، والصحراء الغربية تختلف فى تركيبتها الجيولوجية من الصحراء الشرقية والخليج، فالأحواض الترسيبية تختلف عن الأحواض الترسيبية الأخرى، لأن البترول فى الصحراء الشرقية داخل مياه خليج السويس، أما فى الصحراء الغربية، فالبترول فى الأحواض الترسيبية. ليبيا والسعودية جارتان لمصر فلماذا يوجد بهما بترول بينما ثروة مصر فقيرة؟ - نعم.. وبنظرة إلى خريطة مصر نجد أن البترول الموجود بها يأتى فى خليج السويس، أما الحدود مع ليبيا، ليس بها بترول، والبترول الليبى نجده فى طرابلس وبنغازى فى أحواض ترسيبية منعزلة. وما الحوض الترسيبى؟ - الحوض الترسيبى هو الذى يحدد وجود البترول، فهو عبارة عن حوض منفرد توالت عليه العوامل الجيولوجية ووجود حيوانات ونباتات تكونت وتعرضت لعوامل الحرارة والضغط فتحولت إلى بترول، وهذا ما ينطبق على الصحراء الغربية لكن فى شمالها فقط لأنها تعتمد على الأحواض الترسيبية ولهذا نجد بها بترولاً وغازاً، أما الصحراء الشرقية بها بترول فقط. وماذا عن الدراسات حول البحر الأحمر؟ - الدراسات أكدت أن الاستكشافات التى تمت فى البحر الأحمر كانت قليلة جداً، وأثناء عملى فى الهيئة العامة للبترول، كنا نريد عمل دراسات مشتركة مع السعودية ولكن السلطات السعودية رفضت وأعتقد أن ترسيم الحدود مع السعودية سيساعدنا كثيراً فى هذا الأمر، لنعرف إمكانياتنا فى الموارد الطبيعية، لأن مساحة البحر الأحمر صغيرة، ولهذا لا بد من ضبط الحدود بين الدولتين. ولماذا كان ترسيم الحدود بين مصر واليونان وقبرص سهلاً؟ - لأنه ترسيم دولى، وبالفعل كانت الحدود مرسومة طبقاً للقانون الدولى وكانت الاكتشافات هناك فى المياه الاقتصادية طبقاً للقانون الدولى الذى تنفذه وزارة الخارجية مع المساحة العسكرية، ولأن المياه الاقتصادية تكون مساحتها أكبر من المياه الإقليمية لكل دولة. هل لا توجد اكتشافات بترولية فى سيناء غير أبورديس وأبوزنيمة؟ - لا.. بل توجد حقول غاز فى سيناء، وحالياً توجد شركات أجنبية لاستخراج الغاز. كيف كانت تدار الموارد الطبيعية فى عهد مبارك؟ - فى السنوات الأولى لحكم مبارك كانت تدار بشكل جيد، لكن فى السنوات الأخيرة دخل فى قطاع البترول المحاباة لصهر مبارك، وهذا كان يساعد على تطفيش شركات أجنبية كبرى لأن بعض المقربين من مبارك كانوا يفرضون أنفسهم على الشركات حتى تكون لهم نسبة، وبالفعل حققوا فى ذلك أرباحاً كبيرة جداً. وهل هذه المحاباة انتهت بعد مبارك؟ - نعم.. وبعد تطوير قطاع البترول فى عهد المهندس شريف إسماعيل عندما عين وزيراً للبترول، حيث كان مركزاً على عودة الاستثمارات الأمريكية قد بدأ، لأن الاستثمار الأمريكى لا يعمل فى بيئة فساد ولو أن شركة أمريكية أعطت هدية أكثر من عشرين دولاراً يحاكم مدير الشركة ويتم فصله. هل قام الأمريكان بالتنقيب عن الغاز فى المياه الاقتصادية المصرية ونفوا وجوده، ثم جاءت شركة إينى الإيطالية وفجرت المفاجأة بوجود الغاز؟ - لم يكن الأمريكان، بل كانت شركة «شل» الإنجليزية لكن لا توجد شركة فى العالم يمكن لها أن تبحث عن غاز أو بترول وتجده، ثم تعلن عن عدم وجوده وأنا شخصياً فى شركتى حصلت على تصريح بالبحث عن البترول بعدما بحثت عنه شركة «شل» وشركة «أباتشى» ولم يجدا شيئاً، ولكننى وجدته وحالياً أنتج 10 آلاف برميل بترول يومياً. كيف تمكنت من ذلك؟ - لأنى دخلت فى الاستكشاف بفكر جديد، وبالطبع لا أحد يرى ماذا تحت الأرض ولكنه تخيل واستنتاج ودراسات وشركة «شل» دخلت بفكر معين، ولكن عندما جاء الإيطاليون دخلوا بفكر آخر جديد واكتسبوا الخبرة فوجدوا الغاز وأعلنوا عنه. بعيداً عن السياسة.. هل توجد اكتشافات بترولية أو غاز فى جزيرتى تيران وصنافير؟ - لا.. تيران وصنافير ليس بهما غاز أو بترول وجيولوجياً ليس بهما شىء والمنطقة الشرقية من ناحية خليج العقبة ليس بها أى أنشطة، وهما جزيرتان صغيرتان. ما حقيقة الغاز والبترول الذى أعلن عنهما فى حوض دلتا نهر النيل؟ - بالفعل يوجد البترول فى أحواض فى الدلتا ولكن المشكلة فى الدلتا هو البحث عن الغاز فى الأعماق السحيقة التى تصل إلى 20 ألف قدم، وهذا يحتاج استثمارات ضخمة جداً وتتكلف ما بين 30 إلى 40 مليون دولار، وحتى يتم الاستثمار لا بد من وجود ثقة لأن قطاع البترول به مخاطرة عالية، وتوجد شركات كثيرة جداً جاءت إلى مصر وأنفقت من 200 إلى 500 مليون دولار ولم تجد شيئاً وانصرفت. ماذا تقصد بالثقة؟ - أعنى عندما تجد الشركات بترولاً أو غازاً تتأكد أنها سوف تتعامل جيداً وتحصل على حقوقها والاحتياطيات عالية فى الدلتا، لأن البترول والغاز السهل اكتشافه تم بالفعل، ولكن والاحتياطى غير المؤكد موجود ولكنه صعب ويحتاج تكلفة عالية. ما مدى الاستفادة من حقل «ظهر» شرق البحر المتوسط؟ - الاستفادة من حقل ظهر ستتم نهاية هذا العام، وسيقل الاستيراد من الغاز مع الأخذ فى الاعتبار أننا سندفع نصف ما سيخرج من حقل ظهر للشركات المستخرجة وهو حقل ضخم وكبير ويعتبر من أكبر حقول الغاز فى العالم وليس أكبرها لأن به 30 تريليون قدم غاز، وهذا الحقل يضاهى جميع الحقول الإسرائيلية. إلى أى مدى استفادت مصر من ثرواتها الطبيعية؟ - استفادت بنسبة كبيرة، ولكن المسئولين أخطأوا خطأ كبيراً جداً عندما وافقوا على تصدير الغاز لإسرائيل والأردن مع أننا أنشأنا محطتين لإسالة الغاز إحداهما فى دمياط والأخرى فى رشيد بتكلفة عالية جداً فى عهد مبارك والآن توقفتا عن العمل بسبب عجز الإنتاج فى الغاز، ولهذا نرجو عدم تكرار خطأ تصدير الغاز مهما وجدنا فى حقول، لكن يمكن لنا أن نصدر المنتج، مثل البلاستيك، لأننا ما زلنا نستورد البترول فى السعودية ونستورد ثلاث شحنات غاز شهرياً، رغم توقفنا عن التصدير للغاز منذ 2010 بعد تصديره 5 سنوات كاملة، وأوقفنا تصدير البترول منذ عام 2000. معنى هذا.. هل تم تجريف ثروات مصر الطبيعية؟ - لا.. لم يجرف، ولكن بها هبوط وانخفاض طبيعى لأنها تستخرج من خزانات ترسيبية للبترول، وحقول غاز لها عمر افتراضى للإنتاج. ماذا يوجد فى منخفض القطارة؟ - منخفض القطارة به بترول وغاز ولكن النسب ليست كبيرة بل محدودة. وماذا عن واحة سيوة؟ - واحة سيوة بها مياه جوفية فقط، وقد حفرنا آباراً عديدة للبحث عن البترول أو الغاز ولم نجد بها غير المياه، ولهذا بها زراعة وسياحة. هل يمكن الاقتراب من المحميات الطبيعية فى مصر بحجة البحث عن البترول أو الغاز؟ - لا يمكن لقطاع البترول أن يقترب من المحميات الطبيعية فى مصر حتى لو كان بها بترول أو غاز لأن الحكومة من خلال وزارة البيئة تمنع ذلك، ودليل ذلك يوجد وادى الريان ووادى الحيتان بالقرب من بحيرة قارون ولا يمكن الاقتراب منهما مهما كان. ما أهم الاكتشافات التى شاركت فيها داخل مصر؟ - شاركت فى جميع الاكتشافات الأخيرة فى مصر، حيث توليت مسئولية استكشاف الموارد الطبيعية لمصر منذ 1990 وحتى 2000 لأننى كنت نائب رئيس هيئة البترول للاستكشافات وقد مسحت مصر بالكامل وفى هذه الفترة اكتشفت جميع الحقول العملاقة، مثل حقل التمساح وحقل رشيد وحقل بورفؤاد، وجميع حقول الغاز والذى أضيف إليها بعد 2000 حقل ظهر فقط ولكنى شاركت فى اكتشاف حوالى 50 حقلاً بجانب حقول أبوماضى حتى توجد أسماء حقول على اسم أولادى. كم نسبة حصص الشركات التى تستخرج الموارد الطبيعية؟ ولماذا تكون مرتفعة؟ - مصر تعمل بنظام المشاركة فى الإنتاج، أى تحدد جزءاً لاسترداد المصروفات للشركات التى نقبت عن الغاز أو البترول، ثم تحصل على هامش ربح وهذا الهامش عادة لا يصل إلى النصف لأن مصر تتقدم بمزايدة عالمية لتعرف الشروط الأفضل بالنسبة لها والتى تقدمها الشركات العالمية، وبالطبع إنفاق الشركات يكون ضخماً وعالياً وهذه من طبيعة التنقيب والاستكشاف ويحق لمصر أن تشترى حصة الشركات المنصوص عليها فى التعاقد بعد أن تدفع مصر لها ثمن هذه الحصة سواء كانت غازاً أو بترولاً. ماذا تمتلك مصر فى خزائنها من المياه الجوفية؟ - واحة سيوة وشرق العوينات على امتداد توشكى تعومان على المياه، والمياه فى هذه المناطق بلا حدود وعلى أعماق قريبة تصل إلى 30 متراً فقط أى أقل فى سيناء التى بها المياه أكثر من 30 متراً وبها مياه جوفية أيضاً.