أثارت الوثيقة التى وقعها البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، والبابا فرانسيس الأول، بابا الفاتيكان، حول عدم إعادة المعمودية للشخص الذي يرغب فى الانضمام للطائفة الأخرى، حالة من الجدل فى الأوساط الكنسية، واعتبر البعض أن الكنسية الأرثوذوكسية تحاول تحسين علاقتها مع الكاثوليكية على حساب العقيدة والايمان. ونفت الكنيسة الأرثوذوكسية الاتهامات التى وجهت لها فى تنويه نشره المركز الاعلامي للكنيسة قام فيه بتوضيح أن نص الوثيقة الموقع عليها بين البابا تواضروس والبابا فرانسيس مجرد بيان مشترك بين الطرفين ولا يعتبر اتفاقية بين الكنيستين. وأكدت الكنيسة أن «البيان المشترك» كان بمثابة تسجيل وتأريخ فقط للزيارة الثانية لرأس الكنيسة الكاثوليكية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأنه لم يتضمن أية إضافات على الصعيد الإيماني أو العقائدي أو غيرهما، سوى التمسك بالسعي الجاد في طريق الوحدة المؤسسة على الكتاب المقدس والرصيد الزاخر لآباء الكنيسة العامة من خلال الحوار اللاهوتي والتعاون المشترك. وأوضحت الكنيسة أن البيان المشترك للكنيستين ثمَّن رصيد خبرة الشركة التامة التي استمرت لقرونٍ قبل الانشقاق، آملًا استثمارها في دفع الجهود الحالية للحوار اللاهوتي. ولفتت الكنيسة إلى أن الحوار بين الكنيستين بدأه الراحل البابا شنودة بزيارته التاريخية للفاتيكان والتي نتج عنها تشكيل اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتي والمستمر عملها حتى الآن، موضحة أن ذلك الحوار فتح الطريق أمام حوار أوسع بين الكنيسة الكاثوليكية وكل أسر الكنائس الأرثوذوكسية الشرقية. وأشارت الكنيسة الأرثوذوكسية إلى أن البيان المشترك يؤكد على أن طريق سعي الكنيستين ما زال طويلًا وأنهم عازمون على اتَّباع خطوات سابقيهم، متابعة أن الوحدة بين الكنيستين تنمو فيما يسيران عليه معًا. ونوهت بأن البيان المشترك بين رأسي الكنيستين الأرثوذوكسية والكاثوليكية شدد على أن «ما يجمعنا هو أعظم كثيرًا مما يفرق بيننا ودعا إلى تعميق جذورنا المشتركة فى إيماننا الرسولى الأوحد عبر الصلاة المشتركة، والتعاون معًا في تقديم شهادة مشتركة عن القيم الأساسية، ومواجهة التحديات المعاصرة مرتكزين على قيم الإنجيل وعلى كنوز التقاليد الخاصة بكنيستينا وتعزيز التبادل المثمر فى الحياة الرعوية. وجاء بيان الكنيسة الأرثوذوكسية لفض الاشكالية التى كانت قد طرحت من البعض خلال الفترة الماضية بأن البيان عبارة عن توحيد للمعمودية ليغلق الباب حول ما يتم إثارته من إمكانية الزواج بين الأرثوذوكسي والكاثوليكي وتوحيد معمودية الطرفين، الذي ترفضه الكنيسة الأرثوذوكسية. وكان الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، أول من حاول توضيح صورة القرار بين الكنيستين قبل توقيعه بيوم واحد، حيث اعتبر أن كل من يروج لأن الوثيقة قرار بين الأرثوذوكس والكاثوليك يساهم فى نشر الاخبار الكاذبة والشائعات، وأن حقيقة الوثيقة هي سعي الكنيستين معًا فى عدم إعادة سر المعمودية للشخص الذي يريد الانضمام للكنيسة الأخرى حسب تعاليم الكتاب المقدس وإيمان المجامع المسكونية الثلاثة في نيقية والقسطنطينية وأفسس. وبالرغم من الجدل الدائر فى أوساط القبطية إلا أن الكنيسة الكاثوليكية رفضت التعليق على بيان الأرثوذوكسية أو حتى توضيح صيغة الوثيقة الموقعة بين البابا تواضروس والبابا فرانسيس، فيما إذا كانت تلغى إعادة المعمودة بين الكنيستين، أم أنها مجرد بيان مشترك للسعي ومحاولة التوحيد فقط. يذكر أن الكنيسة الأرثوذوكسية كانت تقوم بتعميد الكاثوليك مثلهم مثل أى شخص كان يدين بديانة أخرى عند انضمامه للطائفة الأرثوذوكسية، وذلك نظرًا لاختلاف العقيدة بين الطائفتين، وفى قرار للمجمع المقدس بتاريخ 3/6/1990 أوضح أن الكنيسة تقوم بتعميد الكاثوليك لاختلاف العقيدة بين الطائفتين فى أمور انبثاق الروح القدس والحبل بلا دنس وخلاص غير المؤمنين، لذلك فإن من يعتقد بغير ذلك فهو مخطئ. ويعتبر الخلاف الأول بين الكنيستين الأرثوذوكسية والكاثوليكية التى تتبع الفاتيكان، حول انبثاق الروح القدس، حيث تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بانبثاق الروح القدس من الأب والابن، بينما تؤمن الأرثوذوكسية بأن الروح القدس تنبثق من الاب فقط. وثاني أبرز الاختلافات بين الكنيستين هو اعتقاد الكنيسة الكاثوليكية بأن السيدة العذراء حبل بها دون دنس الخطية الأصلية مثلها مثل المسيح عيسى إلا أن الكنيسة الارثوذوكسية تنكر ذلك وتعتقد بأن السيدة العذراء مريم ولدت مثل أى انسان آخر مثل القديسين والانبياء وأن هذا الاعتقاد الكاثوليكي ساوى بين الخالق والمخلوق. ويأتى الاختلاف الثالث بين الطائفتين حول خلاص غير المؤمنين حيث تعتقد الكاثوليكية بوجود ما يسمى «المطهر» وهو أن يخضع الانسان لفترة تعذيب مؤقتة فى المطهر ثم ينعم بالحياة الأبدية، إلا أن الكنيسة الأرثوذوكسية لا تؤمن بذلك وتعتبره ضد إيمانها وضد تعاليم المسيح فى الفداء، معتبرين أنه لا فداء إلا بدم المسيح.