يعقد، اليوم، قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، مؤتمراً صحفياً؛ لعرض ملاحظاته على مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية. ومن المقرر أن يكشف قسم التشريع شبهات عدم الدستورية فى القانون الذى أقره مجلس النواب، متضمناً تغيير نظام اختيار رؤساء الهيئات القضائية. وكان القسم قد عكف 16 يوماً، وعلى مدار عدة جلسات، حضرها رئيس مجلس الدولة المستشار محمد مسعود، لوضع ملاحظاته، حول مشروع التعديلات، وهى إهدار مبدأ الفصل بين السلطات، والمساس باستقلال القضاء، موجهاً النظر لطريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا والنائب العام، باعتبارهما أفضل البدائل فى حالة العمل على إجراء تعديلات على طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية. وأكد قسم التشريع، أن مشروع التعديلات لم يعرض على الجهات والهيئات القضائية لأخذ رأيها، وذلك بالمخالفة لنص المادة 185 من الدستور التى أوجبت أخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمراً سابقاً بالضرورة على الخوض فى عيوبها الموضوعية، والأوضاع الشكلية هى من مقوماتها، ولا تقوم إلا بها. وأشار القسم إلى أن المشروع الحالى يختلف عن المشروع السابق تقديمه وعرضه على بعض الجهات القضائية، وبالتالى كان لا بد من عرضه على الهيئات القضائية. كما كشف عن مخالفة المشروع مبدأ الفصل بين السلطات المقرر فى المادة 5 من الدستور، والتى أكدت أن يقوم النظام السياسى على أساس الفصل بين السلطات والتوازن بينها، وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الدستور هو القانون الأساسى الذى يرسى قواعد وأصول نظام الحكم، وهو الذى يحدد قواعد الدستور العامة ووظائفها ويضع الحدود والقيود على نشاطها. أضاف قسم التشريع، أن الدستور الحالى نص على مبدأ الفصل بين السلطات مع التوازن بينها؛ درءاً للصراع بينها، وحرص على تطبيق هذا المبدأ فى سائر نصوصه، مبنياً حدود كل سلطة فلا تتعداها وتنفذ منها إلى غيرها، ومنع فى ذات الوقت تسليط أو تسلط سلطة على أخرى، فنص على استقلال السلطة القضائية قضاء وقضاة وأسند إليها إدارة شئونها مانعاً بذلك تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية فى هذا الشأن، ومن ثم فإن أى تشريع يسلط سلطة على أخرى يكون مشوباً بمخالفة الدستور. والمشروع المعروض يجعل لرئيس الجمهورية، وهو رئيس السلطة التنفيذية سلطة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، فإنه بذلك يسلط السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ويهدر مبدأ الفصل بين السلطات. وأضاف قسم التشريع، أن مشروع التعديلات، يخالف مبدأ استقلال السلطة القضائية، التى نصت عليها نصوص المادتين 184 و186 من الدستور، وقد استقر أحكام المحكمة الدستورية العليا فى تحديده لمفهوم استقلال السلطة القضائية على أن تنظيم العدالة وإدارتها مسألة وثيقة الصلة بالحرية وصون الحقوق على اختلافها». كما تعطى التعديلات لرئيس الجمهورية سلطة اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى وهو رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس التأديب الأعلى بموجب المادة 107 من قانون السلطة القضائية، ويعطيه كذلك سلطة اختيار رئيس مجلس الدولة الذى هو رئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس مجلس التأديب بموجب المادتين 4 و112 من قانون مجلس الدولة، وذلك هو عين التدخل فى شئون القضاء تدخلاً ينال من استقلاله، حيث لا يكون الاستقلال تاماً إلا بأن يكون اختيار رؤساء الهيئات القضائية بيد السلطة القضائية لا بيد السلطة التنفيذية، ومن ثم يكون المشروع المعروض مشوباً بشبهة عدم الدستورية. وقال قسم التشريع، إن مشروع التعديلات المقدمة ليست أنسب البدائل لاختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، حيث إن الطريقة التى نصت عليها التعديلات تتضمن شبهات عدم الدستورية السابق ذكرها، وقد كان أمام المشرع استعارة أحكام تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المنصوص عليها فى المادة 192 من الدستور، وهى إسناد سلطة اختيار رئيس المحكمة للجمعية العامة لها من بين نواب رئيس المحكمة، وإسناد سلطة إصدار القرار لرئيس الجمهورية، كما كان أمامه بمثل ما ورد بشأن تعيين النائب العام فى المادة 189 من الدستور التى أسندت سلطة اختياره لمجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، وأسندت سلطة التعيين لرئيس الجمهورية، وهو ما يعد أفضل البدائل، لكونها منصوصاً عليها دستورياً وتلقى قبولاً من كافة الجهات والهيئات القضائية، وتحقق الهدف المبتغى من المشروع الذى ورد بالمذكرة الإيضاحية، حيث لن تختار الجهة القضائية لرئاستها من لا يصلح للمنصب سواء لسبب المرض أو لغير ذلك من الأسباب باعتبار أنها أعلم بأحوال أعضائها.