كما أن هناك أسرًا مصرية تضع برامج لقضاء عطلة شم النسيم، سواء في المصايف أو النوادي أو الحدائق والمتنزهات، وينفقون آلاف الجنيهات لإسعاد أبنائهم.. في المقابل هناك أسر كثيرة لا تملك إلا البقاء في منازلهم، لا يملكون رفاهية شراء الفسيخ أو الرنجة أو حتي البيض الملون، وهناك أسر أخري فقيرة لجأت إلي حيل بسيطة لإسعاد أبنائهم في هذا اليوم. «الوفد» أجرت جولة ميدانية على عدد من منازل البسطاء في منطقة الدويقة، ورصدت حياة الأسر الفقيرة مع قدوم الأعياد المختلفة، ومع ارتفاع الأسعار هذه الأيام بشكل رهيب باتت معه كل حيل السيدات تزداد صعوبة في تحضير الطعام للأفواه الجائعة. «ما باليد حيلة أعمل إيه يعنى ما هو لازم أفرح العيال بأي حاجة حتى ولو ببيضة وبصلة».. بهذه الكلمات استهلت زينب محمود، ربة منزل، حديثها، وقالت إن سيدات منطقة الدويقة من الطبقة الكادحة، ويحاولن ابتكار أفكار جديدة للتغلب على ارتفاع أسعار السلع بالأسواق، وتوفير الوجبات الغذائية لأزواجهن وأبنائهن بأقل التكاليف لضيق ذات اليد. وتابعت: «يوم شم النسيم ده الست بتحاول تعمل المستحيل علشان تدخل البهجة على أولادها وجوزها وتهون عليهم قرف الدنيا وهمومها، في حين هي نفسها تبقى أكتر واحدة تعبانة فكريًا علشان بتحاول تعمل من المستحيل شيء، فمع الإمكانيات القليلة تقوم الست بتوفير الطعام المناسب للأسرة». وعن حيلة الست المصرية لتدبير أكلة شم النسيم بأبسط التكاليف قالت: «بحضر البيض وبحطه في الميه ومعاه قشر بصل أحمر وبسيبهم يغلوا في الميه لحد ما تعمل للبيض لون احمر وبعدين اطلعه مع كام عود بصل أخضر وعيش وكده يبقى تمام علينا أوي». فيما قالت سعاد عبدالقادر، ربة منزل فكرة أخرى لتحضير أكلة بسيطة للبيض الملون لإسعاد الأطفال: «بجيب الكركديه الأحمر وبحطه مع البيض في الميه وبسيبهم يغلوا على النار ولما البيض بيلون بطلعه، مع وجبة بسيطة من الجبن والبصل». وتشير صاحبة الأربعين عامًا إلى أن زوجها عاجز عن شراء السمك أو الرنجة أو الفسيخ لغلو ثمنها، وقالت إن الأسرة مكونة من 5 أفراد وحال شرائهم الفسيخ سيصرفون في الوجبة قيمة ما يصرفونه خلال الشهر بالكامل. وتابعت: «كنا زمان بناكل في الوجبة مش أقل من 12 بيضة دلوقتى اول عن آخر 6 بيضات علشان ارتفاع الأسعار، وفي شم النسيم البيض ده السبيل الوحيد علشان نعوض الحرمان من شراء الفسيخ». وقالت أسماء علام، ربة منزل فكرة أخري لتلوين البيض بدلاً من الألوان ذات الأسعار المكلفة، وقالت: «بحضر تفل الشاي، وبحطه في الغلاية ومعاه البيض لو حبيت أخليه يعنى لونه أصفر، أما لو أحمر بحط معاه قشر بصل أحمر أو كركديه، ولو أخضر معاه نعناع». وتابعت: «في شم النسيم كل الأهالي البسطاء بيقضوا الوقت إما في البيت أو الشغل عادى جوزي مثلاً الصبح بيفطر وجبة البيض الملون وبيخرج للشغل عادى يوم زي أي يوم، وده عشان ما حدش أصلاً معاه فلوس علشان يخرج يتفسح لأن أقل مشوار بياخد 300 جنيه طب نجيب منين». وعن الأماكن التي يلجأون لها حال رغبتهم في الخروج للتنزه، قالت عفاف جلال، ربة منزل، إن كل عام تخرج هى وأسرتها للحدائق العامة المتواجدة في الشوارع، وتحضر البيض الملون والجبن والبصل. وتابعت: «مش كل الناس الغلابة كمان يقدروا يعملوا ده فيه ناس بتقضى وقتها في اليوم ده شغل مش بتتفسح ولا حتى بتعمل بيض شايلين الهم علشان الأسعار. وفي سياق ما سبق قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن استهلاك مصر من الأسماك العام الحالي في شم النسيم يبلغ نحو 120 طنا ما يعادل3 مليارات جنيه، متوقعا ارتفاع الأسعار بنحو 50% عن العام الماضي نتيجة اختلاف سعر الدولار عن العام الماضي بسبب تحرير سعر الصرف، خاصة أن مصر تعد من الدول الأولي في استيراد الأسماك المرتبطة بشم النسيم، لارتباطها بعادات المصريين في تلك المناسبة. وأضاف عامر ل«الوفد»: «مصر تستورد هذه الأسماك من هولندا والنرويج، بالإضافة لإنتاج المصانع المحلية التي تبلغ نحو 30 مصنعا، مرتبطة بمناسبة شم النسيم بخروج الأسر المصرية للرحلات إلى المحافظات الساحلية أو المراكب النيلية والبواخر السياحية والمتنزهات والحدائق العامة والفنادق في المدن السياحية مع أكل هذه النوعية من الأسماك، والذي يعد أحد الطقوس الاجتماعية التي يحرص المصريون على الاحتفال بها دائما».