ترجع استعانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعناصر تنظيم إخوان مصر الموجودين في تركيا، والهاربين إليها عقب الإطاحة الشعبية بمحمد مرسي، للترويج للتعديلات الدستورية من خلال إلقاء خطب الجمعة بالمخالفة للقوانين التي تحظر اعتلاء أي أجنبي لأي منبر، إلى عمق العلاقات التاريخية بينهم. أردوغان ينتمي إلى حزب "التنمية والعدالة"، ومرسي ينتمي إلى حزب "الحرية والعدالة"، وكلاهما مؤمن بمنهج الحزب الإخواني الذي يعتمد على الولاء للحزب على حساب الوطن، وبقدر ما دمّر مرسي مصر ومقدراتها بسبب تفكيره الحزبي الضيّق فإن أردوغان يسير في نفس المسلك، وذلك من خلال جمع السلطات في يد الرئيس. كما يسير أردوغان نفس الأساليب التي اتبعها التنظيم الإرهابي في مصر خلال الانتخابات وتوزيع الهدايا والمواد الغذائية والبطاطين من خلال زيارات قام بها عناصر من أمانة الشباب في الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" للتصويت ب"نعم" للتعديلات الدستورية. البداية الأولى: تعود البدايات الأولى لظهور الإخوان المسلمين في تركيا إلى البدايات الأولى لحسن البنا مؤسس الجماعة، الذي كان له موقف محدد من الخلافة الإسلامية وضرورة عودتها إلى تركيا مرة أخرى، بعد إسقاطها على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة الحديثة التركية عام 1924، حيث يعتقد الإخوان أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، كما أنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها. تعالت الأصوات التي تنادي بعودة الخلافة الإسلامية في تركيا آنذاك، وأصبح هناك مكانة شعبية عريضة للإسلام، وولدت مجموعات إسلامية من بينها الحركة (النورسية) وهي جماعة دينية إسلامية أقرب في تكوينها إلى الطرق الصوفية منها إلى الحركات المنظمة، ركَّز مؤسسها الشيخ سعيد النورسي على الدعوة إلى حقائق الإيمان. كان للمجموعات الإسلامية دور واضح في ميلاد تنظيم الإخوان في تركيا، حيث تحالف نجم الدين أربكان سياسي تركي وصاحب توجه إسلامي ومؤيد للخلافة، مع حركة النورسي وقام بتكوين (حزب النظام الوطني) صاحب الهوية الإسلامية، وكان أول حزب سياسي إخواني تشهده تركيا عام 1970، وتطور النظام السياسي الإسلامي من حركات ومجموعات إلى أحزاب سياسية رسمية ذات توجه إسلامي، ضمت في طياتها العديد من الأعضاء الإسلاميين،الذين تمكنوا من الوصول إلى سدة الحكم. تبادل الزيارات: التواصل بين التنظيم في تركيا ومصر، مستمر حتى الآن، فمن الدعم المعنوي والسياسي لمواجهة العسكر في ظل عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى الدعم المادي واستضافتهم على أراضيها في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. تبلور التواصل أيضًا في تبادل الزيارات وحضور المناسبات، حيث شارك الإخوان مصر في احتفالات أحزاب أربكان الإخوانية، ففي عام 1998 شارك مصطفى مشهور ومحمد مهدي عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والشيخ محفوظ النحناح في احتفالات حزب الرفاه الإسلامي. مشاركة احتفالات: حرص الإخوان في يونيو عام 2006 على المشاركة في الاحتفال بمرور 553 عامًا على فتح القسطنطينية، وهو الاحتفال الذي نظمه حزب السعادة التركي، حيث شارك فيه الدكتور حسن هويدي نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والتقى المرشد العام، كما شارك في الاحتفال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان والدكتور محمد سعد الكتاتني - رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين آنذاك. تحقيق الزعامة: بعد ثورة 25يناير والتي انتهت بخلع الرئيس مبارك من الحكم وتولي محمد مرسي قيادة البلاد، توطدت العلاقات بين تركيا ومصر برئاسة أرودغان الذي ينتهج منهج الإخوان ويتبنى أفكار نجم الدين أربكان مؤسس أول حزب إخواني تركي يسمى "النظام الوطني" بالتعاون مع الحركة النورسية الإخوانية، بعد إسقاط الخلافة الإسلامية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924، وذلك لتوسيع قاعدته الشعبية التى تخطت حدود الدولة التركية آنذاك. بعد إطاحة الشعب المصري بالرئيس المخلوع مرسي، وانتهاء حكم الإخوان، ضاع حلم الزعامة التي كان يحلم بها أردوغان، فكشر عن أنيابه وأصبح النظام المصري الحالي عدوه اللدود.